محمد سعد
محمد سعد


أمنية

«عرفات يشتاق»

محمد سعد

الأحد، 18 يوليه 2021 - 06:01 م

لم تخبرنا أسرار الجائحة أن المستقبل سيصل بنا إلى هذا الحد من الشوق والحرمان، لم تتفوه للحظة أن الحجيج محرومون من الزيارة والطواف، ربما ألمحت إلى مستقبلنا معها وكيف تحرمنا من الأهل والأحباب، وتفرض علينا قواعد جديدة كالتباعد الاجتماعي والحديث من خلف كمامات لا تغني ولا تسمن من جوع.


في مثل هذه الأيام المباركات وحتى قبل عامين بالضبط كان يقف ضيوف الرحمن منذ البزوغ على صعيد عرفات يناجون ربهم بأعذب الدعوات، ويرفعون أكف الضراعة إلى الله أن يتمم عليهم نعمته، ويبتهلون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك.

وعند أفول شمس ذلك اليوم -التاسع من ذى الحجة- ينفر الحجيج من أطهر بقاع الأرض بعد أداء الركن الأعظم من الحج إلى مشعر مزدلفة عملا بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويبيتون فيها ويجمعون الجمرات، وعند فجر أول أيام العيد يتوجهون إلى مشعر منى لإلقاء الجمرات والتحلل والاقامة هناك حتى ظهر ثالث أيام التشريق -رابع أيام عيد الأضحي- فيعودون إلى مكة لأداء طواف الإفاضة ووداع البيت.

في أم القري، يأتى الناس من كل فج عميق يرفعون أكف الضراعة إلى صاحب البيت، إلى من يغفر الذنوب جميعا، يتوسلون إليه ان تغتسل نفوسهم الصافية من ذنوب الدنيا وهموم الحياة فيعودون كيوم ولدتهم أمهاتهم، وتصبح صحفهم بيضاء للناظرين، ويكتب العلى القدير فى لوحه المحفوظ أنه غفر لهم كل ذنب عظيم فهو بارئهم ويعلم ما توسوس به النفس، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، ويمنح عباده المغفرة بغير حساب.

بهذه المشاعر الفياضة وبعد أن أتم الحجيج المناسك يتوجهون إلى المدينة المنورة، فهم على موعد مع زيارة طه خير خلق الله، فهنا يحيا الحبيب هنا يحيا من حمل الرسالة وأدى الأمانة هنا يحيا من أضاء الدنيا بنور لا يأفل بعد ظلام الجهل هنا يحيا سيد البشر وسيد المرسلين، هنا يحيا الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم-، فصلوا عليه.

يتعلق الزائرون بالمقام يسلمون على سيد الخلق فيرد السلام، يتمنون على الله أن يفتح لهم أبواب المغفرة لعله يلج منها فيغفر لهم وهو الغفور الرحيم ويفتح لهم النوافذ الموصدة فيرون نور الله ويهتدون سواء السبيل، فهي أيام جعلها الله للإنسان كي يتطهر فيها من دنس الذنوب ويغتسل فيها من الخطايا، يركعون ويسجدون في الروضة اناء الليل وأطراف النهار، ويهرعون إلى البقيع يترحمون على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذه الأيام المباركات اختصها الله واصطفها وجعلها خير أيامه وأقسم بها في محكم التنزيل،  جعل فيها البركة والخير الوفير والرحمة وانشراح الصدور جعل فيها النور وجلاء الهموم، والدعاء المستجاب، هي أيام تتوحد فيها القلوب وتأتلف المشاعر وتتعلق فيها الأبصار بعنان السماء.

كل عام وأنتم فيض عطاء بالرحمة من رب العباد وصفحة بيضاء تسر الناظرين، وأنتم أهل دعاء مستجاب به تنشرح الصدور وتنجلى الهموم، كل عام وأنتم على درب المغفرة تظلكم رحمات السماء فى رحاب الله يفيض عليكم عطاء بسخاء.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة