يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى


فنجان قهوة

أيامنا الحلوة

أخبار اليوم

الجمعة، 23 يوليه 2021 - 06:36 م

قرطاس فلافل ( سُخنة مقرمشة ) وطبق الفول ( محبش بالطماطم والفلفل والطحينة ) وعيش بلدى ( مقمر وطازة )، الفطار يوم الجمعة وكل يوم جمعة، بخور له رائحة المسك والحبهان وشيش أوض البيت مواربة على شمس ناعمة يتسلل منها هواء لطيف يلمس أيادينا وهى تتسابق تُغمس فى ألذ وأشهى وأطعم فطار.. صباح كل يوم جمعة فى بيوتنا تتجلى البهجة فى أبهى صورها، تفاصيل قديمة لا نعرف من أرسى قواعدها وأصولها، أتذكر نفس الطقوس فى طفولتى كل يوم جمعة، لا تحلو صباحات الجمعة مهما مر من عُمر إلا برائحة البخور الغنى بخلطة العطارين وطبق الفول وقرطاس الفلافل والمَعصفر وأهرام الجمعة وخليط من أصوات تحمل ما تيسر من آيات الذكر الحكيم تأتى من راديوهات البيوت فيبدو كل شىء مثل نغم متكامل مريح.. فى السبعينيات.. كانت بيوتنا متشابهة فى نفس الباب والشُراعة المصنوعة بيد حَدّاد شاطر على شكل أقرب لزهرة اللوتس ونفس الصالون الفرنسى المُغطى بكسوة بيضاء مُحكمة وأجزاخانة خشب بُنى تُعلق على أصابعها مفاتيح البيت وبالطو أمى الرمادى الداكن وطاولة السفرة الضخمة التى تَسَع من الحبايب ألفا، سجادة أوضة الضيوف نفسها وصورة الطفل الباكى شُغل أمى بالكنفاه فى برواز ذهبى سميك وصور عائلية يبدو عليها أثر السنين أكثر مما يجب ألتقطت فى ستوديو قريب من البيت فى يوم عيد، غالبا فى يوم عيد وقد ارتدينا ثيابا جديدة كأنها توثيق لتلك الأوقات الحلوة، والتليفزيون الضخم وقد صُنع له صندوق من خشب الأرو وضلفة مُضلعة تُغلق عليه آخر الليل بعد أن يعزف محمد عبد الوهاب السلام الجمهورى وفوقه مفرش ذهبى من الدانتيلا البيضاء الناصعة يجلس عليه الراديو بفخامة تناسب قَدر العُلبة الضخمة التى تُضىء باللمبات الصفراء الصغيرة فتحمل صوت الشيخ عبدالباسط ومسلسلة الساعة خمسة فى الراديو وحكايات أبلة فضيلة فى الصباح الرائق وأغانى عبد الحليم ليلة شم النسيم وعلى الناصية لآمال فهمى بعد الصلاة كل يوم جمعة.. يوم الجمعة هو الضَنى الطيب وسط اخوته، هو المتفرد بعيدا عن الصف فى كل أيام الأسبوع، نفقد من تفاصيل بيوتنا ما نفقد : كِسوة الصالون وصندوق التليفزيون ووجاهة الراديو الفخم والسُفرة الفخمة، لمة الفطار والشاى باللبن وموعد الغداء المُقدس الساعة تلاتة، قزقزة لب البطيخ فى البلكونة ساعة المغربية وثرثرة الجيران لبعضه من الشبابيك فى تواصل اجتماعى يحمل حواديت البيوت وأخبارها الحلوة والمُرة، لكن أبدًا لا نفقد طقوس الجمعة ولذائذ الصباح من طعام مصرى خالص وأصيل محبوس بأبو نعناعه ثقيل وسكر زيادة . 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة