جبور الدويهي
جبور الدويهي


وجوه فى حديقة «الدويهى»!

الأخبار

الأحد، 01 أغسطس 2021 - 06:30 م

«الموت بين الأهل نعاس» عنوان مجموعة قصصية بدأ بها الأديب اللبنانى الراحل جبور الدويهي مشواره الأدبي عام 1990، وبعد 72 عاما من التفرغ للأدب، غيبه الموت مؤخرا بعد مرض طويل، لكنه موت أشبه بالنعاس بين أهله، وقرائه، فى العالم العربي، حيث قدم الراحل 15 عملا بين الرواية والقصة القصيرة آخرهم رواية «سم فى الهواء» الصادرة هذا العام، وقد نال صاحب «طبع فى بيروت» عددا من الجوائز الأدبية المرموقة، من بينها جائزة سعيد عقل 2015 عن روايته «حيّ الأميركان»، وجائزة الأدب العربى عام 2013 عن روايته «شريد المنازل»، التى رشحت أيضا ضمن «القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، كما وصلت «مطر حزيران» (2006) التى تُرجمت إلى العديد من اللغات إلى القائمة القصيرة للجائزة نفسها عام 2008، وحاز على جائزة «سانت إكزوبيري» الفرنسية لأدب الشباب عن روايته «روح الغابة»، التى صدرت بالفرنسية عام 2001. كذلك حصلت «اعتدال الخريف» على جائزة أفضل عمل مترجم من جامعة أركنسو فى الولايات المتحدة

وكان الدويهى يحمل إجازة فى الأدب الفرنسى من كلية التربية فى بيروت، ودكتوراه فى الأدب المقارن من جامعة باريس الثالثة (السوربون الجديدة)، ونذر جزء من حياته فى كتابة النقد بالصحف، وكذلك فى التدريس، وأيضًا فى ورش الكتابة، التى شارك فيها عدد كبير من كتاب العالم العربي، من بينها عدد من الكتاب المصريين، الذين فجعهم موته، وتحدثوا مع الأخبار عن تجربتهم مع كاتب مخضرم لم يبخل على أجيال مختلفة بخبراته، حيث يقول الأديب أحمد مجدى همام الذى شارك فى ورشة مؤسسة آفاق الأولى عام 2015: «جبور فقيه فى السرد، كان يقول: «أنا لا أعلّم الكتابة، وإنما أرافق الكاتب الشاب وأتمشّى معه فى نزهة سردية فى ممر الكتابة، نتأبط أذرعة بعضنا البعض ونتنزّه»، لا يفرض ولا يتحجّر على وجهة نظر، عملية عصف ذهنى مشتركة بين الكاتب الشاب وجبور، وأحيانًا يشترك باقى زملاء الورشة. ما يميّز جبور الدويهى هو تمكّنه من ضبط (المعقولية والمنطق) فى نصوص الكتّاب الشباب، وأحيانًا يتراجع عن مقترحه إذا اقتنع بوجهة نظر الكاتب. قبل الموعد الأول فى الورشة، لم أقرأ له، لكن بعده أردت أن أرى كيف يكتب هذا «الأسطى»، فقرأت «طُبع فى بيروت» وقرأت «شريد المنازل».

جبور كاتب كبير، مصباح معلّق فى سقف الحياة يشرف عليها، يعرف لبنان وحياتها وزواياها الخفية. له إيقاع منتظم يشبه نبضات القلب. كان يقول لى عن كتابته: «أنا مثل عامل البناء، أضع نقطة بداية ونقطة نهاية وأصل بينهما خطًا مستويًا مستقيمًا محكمًا، تشاركه الأديبة أريج جمال نفس تجربته فى الورشة  فتقول:»عام 2015 كنت كاتبة شابة لم ينشر لى سوى مجموعة قصصية واحدة، وكان جبور كاتب كبير ومتحقق فى العالم العربي وخارجه على كل المستويات،  متعمقا فى الأدب العربى والفرنسى معا، لم يؤثر فى كل ذلك قدر تأثرى بإخلاصه للكتابة والأدب، وكيفية تعامله مع كتابته ومع كتابتنا، كمتدربين فى الورشة، كأنه يرقب نصوصا تنمو ليصبح هو قارىء مستقبلى لها، كان أشبه بمرشد روحي، لا يرشدك للكتابة بطريقة معينة، لكنه يرشدك إلى مناطق داخلك وفى العالم من حولك تخص نصك، يجعلك دون أن تشعر جزءا من نصك أنت كما يناسبك أنت، عبر أسئلة تقودك لكل ذلك، وحتى الآن أسأل نفسى نفس الأسئلة حين أكتب نصا جديدا، كأنه أثر على طريقة رؤيتى للحياة ولشخوصي وعالمى بالتبعية. جبور استثنائي فى ذلك، لأنه قادر أن يراك ولا يريد أن يرى أنعكاسه عليك، فلا يريد أن تكتبى مثله..

شاركت الأديبة هدى عمران فى ورشة آفاق االثانية التى أشرف عليها الدويهى أيضًا وتقول: فى تلك الورشة كان يختار مجموعة لا سوابق لها فى السرد، وكنت أريد التجريب فى فترة توقف عن الشعر، كان الأمر بالنسبة لى أشبه بلعبة هواة، لكنه مارس معى نوع من الضغط المنظم لضبط احساسى تجاه التجربة،، كأنه يواجهك بحقيقتك أمام مرآتك، فيورطك فى لعبة الاحتراف. كان انسانا مختلفا له خبرة كبيرة بالحياة والناس، بالمشاهدة دون أن يدخل فى حوارات كثيرة يفهم الشخصيات من حوله، وقارىء دؤوب، يعطيك بحس ساخر إشارة ما توجهك بلا إرشادات مباشرة، يكفى ما يمكن تعلمه من أسلوبه فى الحياة، فلديه طاقة جبارة وروتين شخصي، يكتب 200 كلمة كل يوم أثناء العمل على مشروع جديد، لذلك إنتاجه غزير رغم تعدد أدواره الأخرى. كان إنسانا حقيقيا، حتى بعد انتهاء الورشة، رغم فرق السن.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة