اللبنانية‭ ‬مريام‭ ‬فارس‭
اللبنانية‭ ‬مريام‭ ‬فارس‭


إحنا فى زمن الصورة

على الهواء .. ليس هناك حياة خاصة

أخبار النجوم

الثلاثاء، 03 أغسطس 2021 - 10:01 ص

ريزان‭ ‬العرباوى

قديما‭ ‬كانوا‭ ‬يقولون‭ ‬ان‭ ‬الصورة‭ ‬بألف‭ ‬كلمة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬الصورة‭ ‬وتأثيرها‭ ‬،‭ ‬قديما‭ ‬كانوا‭ ‬يرون‭ ‬ان‭ ‬الصورة‭ ‬معبرة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬لكن‭ ‬الان‭ ‬الصورة‭ ‬تغيرت‭ ‬،‭ ‬والكلمات‭ ‬ايضا‭ ‬تغيرت‭ ‬،‭ ‬الان‭ ‬الصورة‭ ‬فى‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬ليس‭ ‬تعبيرا‭ ‬ولا‭ ‬أهمية‭ ‬،‭ ‬الصورة‭ ‬الان‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭ ‬،‭ ‬النجاح‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يأتى‭ ‬بصورة‭ ‬،‭ ‬التريند‭ ‬تصنعه‭ ‬صورة‭ ‬،‭ ‬البعض‭ ‬تخلى‭ ‬عن‭ ‬أساسيات‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الصورة‭ ‬والبعض‭ ‬يبحث‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬الصورة‭ ‬،‭ ‬نحن‭ ‬الان‭ ‬نعيش‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الصورة‭ ‬،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يجيد‭ ‬فن‭ ‬الصورة‭ ‬ويعرف‭ ‬جيدا‭ ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬صورته‭ ‬والبعض‭ ‬يصنع‭ ‬لنفسه‭ ‬صورة‭ ‬ترسخ‭ ‬لنجاح‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬وهمى‭ .. ‬فى‭ ‬الغناء‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الصوت‭ ‬هو‭ ‬تأشيرة‭ ‬النجاح‭ ‬،‭ ‬فى‭ ‬السينما‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الحكاية‭ ‬هى‭ ‬الأساس‭ .. ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬المسرح‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬صوت‭ ‬الجماهير‭ ‬ملهما‭ ‬ومشجعا‭ ‬وله‭ ‬رهبة‭ ‬،‭ ‬فى‭ ‬الغناء‭ ‬والسينما‭ ‬والتليفزيون‭ ‬اصبحت‭ ‬الصورة‭ ‬هى‭ ‬الأهم‭ ‬،‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬الشهرة‭ ‬والنجومية‭ ‬اصبحت‭ ‬الصورة‭ ‬هى‭ ‬الأولوية‭ .. ‬نحن‭ ‬الان‭ ‬نعيش‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الصورة‭ .. ‬اخبار‭ ‬النجوم‭ ‬فتحت‭ ‬ملف‭ ‬الصورة‭ ‬ونجوم‭ ‬الصورة‭ ‬فى‭ ‬المسرح‭ ‬والغناء‭ ‬والسينما‭ ‬وعالم‭ ‬النجومية‭ .‬

يعمل‭ ‬المحتوى‭ ‬الوثائقي‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬نوافذ‭ ‬الحياة‭ ‬الواقعية‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬ونخص‭ ‬هنا‭ ‬بالذكر‭ ‬المجال‭ ‬الفني‭ ‬وحياة‭ ‬المشاهير‭, ‬فهو‭ ‬يستخدم‭ ‬الواقع‭ ‬كمادة‭ ‬خام‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الدراما‭ ‬والخيال‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أبرز‭ ‬المحطات‭ ‬الهامة‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭, ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬هيمنة‭ ‬اللغة‭ ‬الرقمية‭ ‬والعالم‭ ‬الإفتراضي‭ ‬اختلف‭ ‬المفهوم‭ ‬الوثائقي‭ ‬لدى‭ ‬الفنانين‭, ‬ومؤخرا‭ ‬بدأت‭ ‬تغازلهم‭ ‬فكرة‭ ‬توثيق‭ ‬حياتهم‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬تلفزيون‭ ‬الواقع‭ ‬التي‭ ‬أشتهر‭ ‬بها‭ ‬نجوم‭ ‬الغرب‭ ‬مثل‭ ‬كيم‭ ‬كارداشيان‭ ‬وجينفر‭ ‬لوبيز،‭ ‬وهو‭ ‬ماقدمته‭ ‬اللبنانية‭ ‬مريام‭ ‬فارس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وثائقي‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الرحلة‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬أثار‭ ‬جدلا‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬رواد‭ ‬التواصل‭ ‬الإجتماعي‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬للسخرية‭ ‬من‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬عبرت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬عن‭ ‬معاناتها‭ ‬وقت‭ ‬الحظر‭ ‬المنزلي‭.. ‬فهل‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الوثائقيات‭ ‬عن‭ ‬النجوم‭ ‬مطلوبة‭ ‬لدى‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي؟،‭ ‬وما‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تدفعهم‭ ‬لنشر‭ ‬حياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬وثائقي؟‭ ‬

لطالما‭ ‬كانت‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية‭ ‬للفنان‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬الجمهور،في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬اعتبرها‭ ‬الفنان‭ ‬منطقة‭ ‬ممنوع‭ ‬الاقتراب‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬التصوير،‭ ‬وفرض‭ ‬أسوارا‭ ‬شائكة‭ ‬لمنع‭ ‬تسريب‭ ‬خبر‭ ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬خاصة،‭ ‬وكانت‭ ‬كارثة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬إن‭ ‬تجرأ‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬النشر‭, ‬لكن‭ ‬المفارقة‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬مقولة‭ ‬حياتنا‭ ‬الشخصية‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭ ‬أصبحوا‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬يكشفون‭ ‬عن‭ ‬خصوصياتهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬لنشر‭ ‬أدق‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتهم،‭ ‬ضاربين‭ ‬بالخصوصية‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭, ‬فبات‭ ‬الأمر‭ ‬مختلفا‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الإجتماعي‭ ‬والتطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬ومتابعة‭ ‬وتقليد‭ ‬الغرب،‭ ‬لتتسلل‭ ‬إليهم‭ ‬فكرة‭ ‬توثيق‭ ‬حياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬نجوم‭ ‬هوليود‭ ‬وتلفزيون‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬ينقل‭ ‬ممارسة‭ ‬حياتهم‭ ‬اليومية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬النطاق‭ ‬قدمت‭ ‬اللبنانية‭ ‬مريام‭ ‬فارس‭ ‬وثائقي‭ ‬عن‭ ‬حياتها‭ ‬الشخصيىة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الرحلة‮»‬،‭ ‬قامت‭ ‬بتصويره‭ ‬وإخراجه‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬تلفزيون‭ ‬الواقع،‭ ‬ورصدت‭ ‬معاناتها،وأبرز‭ ‬لحظاتها‭ ‬خلال‭ ‬الحجر‭ ‬المنزلي‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬تفشيه‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وحتى‭ ‬إطلاق‭ ‬ألبومها‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬تفاصيله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوثائقي‭,‬كما‭ ‬جسدت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬لحظات‭ ‬انكسار‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬وفقدانها‭ ‬لحملها‭ ‬الثاني،‭ ‬لتطرق‭ ‬لفترة‭ ‬حملها‭ ‬بإبنها‭ ‬‮«‬ديف‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬حملها‭ ‬الثالث‭, ‬وتطرقت‭ ‬أيضا‭ ‬لعلاقتها‭ ‬بإبنها‭ ‬‮«‬جايدن‮»‬،‭ ‬وزوجها،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬تصنيف‭ ‬العمل‭ ‬ضمن‭ ‬تلفزيون‭ ‬الواقع،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬هوية‭ ‬وشكل‭ ‬زوجها‭ ‬وإبنها‭, ‬وحاولت‭ ‬مزج‭ ‬حياتها‭ ‬الشخصية‭ ‬بحادث‭ ‬مرفأ‭ ‬بيروت‭ ‬وتداعياته‭ ‬السياسية‭ ‬والإقتصادية‭, ‬الفيلم‭ ‬تم‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬عالمية‭ ‬لتكون‭ ‬أول‭ ‬فنانة‭ ‬عربية‭ ‬يعرض‭ ‬لها‭ ‬عمل‭ ‬تروي‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتها‭ ‬الشخصية‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬أنتجت‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الوثائقيات‭ ‬لمغنيات‭ ‬عالميات‭, ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يحظى‭ ‬بقبول‭ ‬الجمهور،‭ ‬رافضا‭ ‬وصف‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬بالمعاناة‭ ‬مع‭ ‬إمتلاكها‭ ‬لوسائل‭ ‬ترفيه‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬قصرها‭ ‬الفخم‭.‬

كما‭ ‬قدمت‭ ‬اللبنانية‭ ‬نانسي‭ ‬عجرم‭ ‬فيلما‭ ‬وثائقيا‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الرواية‭ ‬الكاملة‮»‬،‭ ‬كشفت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المفاجأت‭ ‬والاعترافات‭ ‬بشأن‭ ‬حادث‭ ‬اقتحام‭ ‬منزلها‭ ‬وقضية‭ ‬مقتل‭ ‬الشاب‭ ‬السوري،‭ ‬والتي‭ ‬احدثت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬وتحولت‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬شغلت‭ ‬الإعلام‭ ‬والناس،ومازالت‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬احتمالات‭ ‬وتساؤلات‭ ‬كثيرة‭ ‬دون‭ ‬أجوبة‭ ‬حاسمة‭, ‬وتم‭ ‬عرضه‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬إلكترونية‭.‬

هنا‭ ‬سؤال‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه،‭ ‬هل‭ ‬سيلقى‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬طريقه‭ ‬لجذب‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النجوم؟،‭ ‬وإن‭ ‬وجد‭.. ‬ما‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بناء‭ ‬محتوى‭ ‬صادق‭ ‬واقعي‭ ‬دون‭ ‬تزييف‭ ‬أو‭ ‬تصنع‭ ‬ليستحق‭ ‬تصنيفه‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الأعمال‭ ‬الوثائقية؟

قيمة‭ ‬الفنان

الإجابة‭ ‬كانت‭ ‬للناقدة‭ ‬حنان‭ ‬شومان‭ ‬حيث‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬التحدي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬هو‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬اقناع‭ ‬المشاهد‭ ‬بأنه‭ ‬حاضر‭ ‬يشاهد‭ ‬عملا‭ ‬غير‭ ‬مصطنع‭ ‬وحقيقيا‭ ‬بلا‭ ‬منازع‭, ‬والواقعية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬تقديم‭ ‬للشخصيات‭ ‬المألوفة‭ ‬والشائعة‭ ‬وإنما‭ ‬تكشف‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬فردية‭ ‬البشر‭ ‬وتشابههم‭ ‬مع‭ ‬الجماهير‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭,‬‭ ‬ويستمد‭ ‬الاتجاه‭ ‬الواقعي‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬المباشر‭ ‬لحياة‭ ‬الفنان‭, ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لايحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الذوق‭ ‬السليم‭ ‬فحسب‭ ‬إنما‭ ‬يحتاج‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬الإلهام‭ ‬الفني‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جهد‭ ‬شاق‭ ‬ينفذ‭ ‬إلى‭ ‬الأعماق،‭ ‬كما‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬عميق‭, ‬فالأفلام‭ ‬الوثائقية‭ ‬أداة‭ ‬تواصل‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الواقع‭ ‬تخبر‭ ‬بشيء‭ ‬يستحق‭ ‬المعرفة‭, ‬والأمثلة‭ ‬لاحصر‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬إنتاج‭ ‬أفلام‭ ‬وثائقية‭ ‬عن‭ ‬شخصيات‭ ‬مهمة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬في‭ ‬مجالها،‭ ‬مثل‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وعبد‭ ‬الحليم‭ ‬حافظ‭,‬فقيمة‭ ‬العمل‭ ‬الوثائقي‭ ‬ترتبط‭ ‬بقيمة‭ ‬الفنان‭ ‬لدى‭ ‬الجمهوروبتاريخه‭ ‬ومسيرته‭ ‬التي‭ ‬تحكي‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬لكي‭ ‬تلهم‭ ‬الآخرين‭, ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬مريام‭ ‬فارس‭ ‬وغيرهالا‭ ‬يرتقي‭ ‬ولا‭ ‬يصح‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬وثائقي‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬عالمية،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬كامل‭ ‬إحترامي‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬بلا‭ ‬قيمة‭ ‬ولا‭ ‬يمت‭ ‬لطبيعة‭ ‬العمل‭ ‬الوثائقي‭ ‬بصلة‭, ‬فهو‭ ‬مجرد‭ ‬محتوى‭ ‬يعرض‭ ‬ممارستها‭ ‬لحياتها‭ ‬اليومية‭ ‬مع‭ ‬أبنها‭ ‬لايمكن‭ ‬وصفه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬محتوى‭ (‬يوتيوب‭) ‬أو‭ (‬تيك‭ ‬توك‭), ‬فالجمهور‭ ‬قد‭ ‬يتقبله‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية،‭ ‬لكن‭ ‬لن‭ ‬يتقبله‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬وثائقي‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬رحلة‭ ‬معاناة‭, ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬هو‭ ‬السعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬أرباح‭ ‬مادية‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬للتواجد‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬غياب‭ ‬مستغلةفيها‭ ‬حياتها‭ ‬الشخصية،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬تلك‭ ‬التجربة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬معاناة‭ ‬أو‭ ‬رحلة‭ ‬بحث‭ ‬عن‭ ‬الذات‭ ‬لاكتساب‭ ‬العمل‭ ‬صبغة‭ ‬عمق،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬عمل‭ ‬هش‭ ‬شحيح‭ ‬المحتوى‭ ‬ولا‭ ‬يستحق‭ ‬المشاهدة‮»‬‭.‬

وتضيف‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬يأتى‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬منافيا‭ ‬لشعار‭ ‬الفنانين‭ ‬الدائم‭ ‬بأن‭ ‬حياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭ ‬ممنوع‭ ‬الاقتراب‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬التصوير‭, ‬فملامح‭ ‬العصر‭ ‬اختلفت،‭ ‬واختلف‭ ‬معها‭ ‬مفهوم‭ ‬الخصوصية،‭ ‬وجعلت‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مشاع‭ ‬لكل‭ ‬البشر‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬صورة‭ ‬على‭ (‬إنستجرام‭)‬،‭ ‬وفيديو‭ ‬معروض‭ ‬على‭ (‬يوتيوب‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬أراء‭ ‬على‭ (‬تويتر‭)‬،‭ ‬بسبب‭ ‬سيطرة‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬على‭ ‬حياتنا،‭ ‬وبدأ‭ ‬معها‭ ‬منطق‭ ‬الخصوصية‭ ‬في‭ ‬التلاشي‭, ‬فالمشاهد‭ ‬العربي‭ ‬لم‭ ‬يعتاد‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬الفنان‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬قريبة‭ ‬لهذا‭ ‬الحد،‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬غرف‭ ‬نومهم‭ ‬الخاصة‭, ‬فهي‭ ‬أعمال‭ ‬تخالف‭ ‬مقومات‭ ‬الحكي‭ ‬الجدير‭ ‬بالثقة‭ ‬للواقع‮»‬‭.‬

كما‭ ‬انتقدت‭ ‬شومان‭ ‬اقبال‭ ‬منصة‭ ‬عالمية‭ ‬لعرض‭ ‬محتوى‭ ‬هش،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مئات‭ ‬الأعمال‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬الفنية‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬طريقها‭ ‬لتلك‭ ‬المنصات،‭ ‬وأردفت‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬رغبة‭ ‬تلك‭ ‬المنصات‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬محتوى‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬العالمية‭ ‬والمحلية‭ ‬لضمان‭ ‬جذب‭ ‬المشاهد‭ ‬العربي‭, ‬فنحن‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬المشاهدين‭, ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬المنصة‭ ‬غرضها‭ ‬الربح،‭ ‬فلن‭ ‬تؤول‭ ‬اهتمام‭ ‬بمعاناة‭ ‬أي‭ ‬شعب‭ ‬وتداعياته‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصادية‮»‬‭.‬

‮«‬تربة‭ ‬خصبة‮»‬

اختلف‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬الناقد‭ ‬طارق‭ ‬الشناوي،‭ ‬الذي‭ ‬رحب‭ ‬بالفكرة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أهمية‭ ‬العمل‭ ‬الوثائقي‭ ‬فيإمتداد‭ ‬سيرة‭ ‬الرموز‭ ‬والشخصيات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬ويقول‭: ‬‮«‬لدينا‭ ‬تاريخ‭ ‬فني‭ ‬كبير‭ ‬أندثر‭ ‬لأن‭ ‬الجيل‭ ‬الراحل‭ ‬لم‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬توثيقه‭, ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬المؤثرين‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬رحلوا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يدلوا‭ ‬بدلوهم‭ ‬بتسجيلات‭ ‬تخلد‭ ‬ذكراهم‭,‬فهي‭ ‬فكرة‭ ‬موفقة‭ ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬بتوثيق‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الفنانين،‭ ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬ليست‭ ‬جديدة،‭ ‬إنما‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يوثق‭ ‬الفنان‭ ‬بنفسه‭ ‬لسيرته‭ ‬وأرى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬حياة‭ ‬مهمة‭ ‬طالما‭ ‬كان‭ ‬بها‭ ‬محطات‭ ‬ومواقف‭ ‬جديرة‭ ‬بالذكر،‭ ‬فمن‭ ‬حق‭ ‬الفنان‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬نفسه‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬ظروفه‭ ‬ونشأته،‭ ‬فالحياة‭ ‬التي‭ ‬عاشتها‭ ‬مريام‭ ‬فارس‭ ‬ليست‭ ‬كالتي‭ ‬عاشتها‭ ‬شريهان‭ ‬أو‭ ‬سناء‭ ‬جميل‭ ‬أوعبد‭ ‬الحليم‭ ‬حافظ‭ ‬وغيرهم‭, ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬نشأ‭ ‬في‭ ‬ملجأ‭ ‬وآخر‭ ‬نشأفي‭ ‬عائلة‭ ‬ثرية‭, ‬واعتقاد‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬هي‭ ‬حياة‭ ‬بسيطة‭ ‬لاتستحق‭ ‬الرصد‭ ‬هو‭ ‬اعتقاد‭ ‬غير‭ ‬صحيح‮»‬‭.‬

والفنان‭ ‬له‭ ‬مطلق‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬مايتم‭ ‬توثيقه‭ ‬طالما‭ ‬يتم‭ ‬توظيفه‭ ‬ضمن‭ ‬معايير‭ ‬وضوابط‭ ‬أخلاقية،‭ ‬وحتى‭ ‬وأن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مهمة‭ ‬لشخص،‭ ‬فهي‭ ‬عند‭ ‬الآخر‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬لأن‭ ‬إمتاع‭ ‬المتلقي‭ ‬جانب‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬مجال‭ ‬صناعة‭ ‬الأفلام‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬الوثائقية‭, ‬وبظهور‭ ‬الاتجاه‭ ‬الوثائقى‭ ‬تمكن‭ ‬الفنان‭ ‬من‭ ‬تصوير‭ ‬ونقل‭ ‬مشكلاته‭ ‬وقضاياه‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الحياة‭ ‬العادية‭ ‬اليومية،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬أنقى‭ ‬درجات‭ ‬الواقعية‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬وثائقي‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬كونه‭ ‬فيلم‭ ‬يبرز‭ ‬سردا‭ ‬يروي‭ ‬بصوت‭ ‬جهوري‭ ‬عميق‭ ‬ومناقشة‭ ‬تحليلية،‭ ‬لكنه‭ ‬أيضا‭ ‬قصة‭ ‬ذات‭ ‬شخصيات‭ ‬تجذب‭ ‬وترفه‭ ‬عن‭ ‬المشاهد‭ ‬بأفضل‭ ‬الأدوات‭ ‬المجدية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭, ‬فالمفاهيم‭ ‬تتغير‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬بفعل‭ ‬الضغوط‭ ‬التجارية‭ ‬والتسويقية‭ ‬والتجديدات‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬ولأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يعرض‭ ‬على‭ ‬التلفزيون‭ ‬مرهون‭ ‬برغبة‭ ‬المشاهد‭ ‬في‭ ‬المتابعة،‭ ‬حيث‭ ‬يتخذ‭ ‬قرار‭ ‬بشأن‭ ‬المشاهدة‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ثانية،‭ ‬لذا‭ ‬يجاهد‭ ‬المنتجون‭ ‬لجعل‭ ‬كل‭ ‬ثانية‭ ‬جاذبة‭ ‬وحياة‭ ‬المشاهير‭ ‬تربة‭ ‬خصبة‭ ‬لجذب‭ ‬المستهلك،‭ ‬فمن‭ ‬قال‭ ‬أن‭ ‬حياتهم‭ ‬محاطة‭ ‬بأسوار‭ ‬ممنوع‭ ‬الاقتراب‭ ‬منها،‭ ‬فقد‭ ‬ثبت‭ ‬وقائعيا‭ ‬عكس‭ ‬ذلك‭.‬

ويتابع‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أرفض‭ ‬اعتبار‭ ‬هذه‭ ‬الوثائقيات‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬المتاجرة‭ ‬بالحياة‭ ‬الشخصية،لكنها‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬بعض‭ ‬الأرباح‭ ‬المادية،‭ ‬ولا‭ ‬أرى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أي‭ ‬عيب،‭ ‬فأي‭ ‬إنسان‭ ‬يؤدي‭ ‬وظيفته‭ ‬ومهنته‭ ‬بهدف‭ ‬الربح‭ ‬وجني‭ ‬المال‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬لزيادة‭ ‬اقبال‭ ‬الفنانين‭ ‬لخوض‭ ‬التجربة‭ ‬فهو‭ ‬متوقف‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬نجاح‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة،‭ ‬ففي‭ ‬حالة‭ ‬تحقيقها‭ ‬للمكاسب‭ ‬والأهداف‭ ‬المطلوبة‭ ‬ستجد‭ ‬طريقها‭ ‬للانتشار‭ ‬وستزيد‭ ‬شعبيتها،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬فقدت‭ ‬عنصر‭ ‬الربح‭ ‬فستنتهي‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة