الاجهاد المائي
الاجهاد المائي


مصر تواجه الإجهاد المائي.. مشاريع عملاقة واستراتيجية للترشيد

شاهندة أبو العز

السبت، 07 أغسطس 2021 - 11:34 ص

◄ مصر «التاسع» من أصل 22 دولة عربية في الإجهاد المائي

لم يكن هناك أسباب عديدة لدخول مصر مرحلة الفقر المائي سوى الزيادة السكانية الغير منضبطة مع ثبات حصة مصر من مياه نهرالنيل، ولكن التأخر كثيرًا في إيجاد حلول لمواجهة والتصدي لزيادة السكانية خلال السنوات الماضية، جعلت مصر تدخل مرحلة الندرة المائية، بسبب الزيادة بمعدل مليونَين ونصف المليون فرد في السنة، بما يعني مزيدًا من الضغط على الموارد المائية.

ولكن الآن تحاول مصر أن تسلك وتدشن العديد من المشروعات لإدارة الموارد المائية في ظل التحديات المائية، وكان من أهمها مشروع معالجة مياه الصرف الصحي وفقاً للموصفات العالمية ليتم استخدامها في العديد من المجالات، ويعتبر مشروع محطة المعالجة بالجبل الأصفر بمراحله الثلاثة، من أهم المشروعات العملاقة في مجال معالجة مياه الصرف الصحي، حيث استمر العمل بمرحلة الإنشاءات المدنية والتركيبات الإلكتروميكانيكية، 42 شهرًا، ليخدم أكثر من نصف سكان القاهرة.

ويقول المهندس عبدالوهاب حلمي لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن محطة معالجة مياه الصرف الصحي بالجبل الأصفر تخدم 12 مليون مواطن بالضفة الشرقية للنيل بالقاهرة الكبرى، واستيعاب معظم تصرفاتها من مياه الصرف الصحي والتي تقدر بحوالي 2.5 مليون متر مكعب يوميًا ويتم معالجتها لتكون صالحة لأغراض الري لحوالي 50 ألف فدان.

ويوضح «حلمي»، أنه يتم الاستفادة من مياه معالجة الصرف الصحي من خلال  خطة إستراتيجية لإعادة تدوير المياه عن طريق ربطها بمشروع محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر ليتم استخدامها في الزراعة بأراضي سيناء.

وتابع، أن الحاجة إلى محاولة إيجاد مصادر بديلة للمياه والأجهاد المائي يتم استخدام مياه الصرف المعالجة في الري دون الأضرار بمكونات البيئة من تربة وإنسان وحيوان، وكذلك توفير أقصى عائد مادي ممكن استرجاعه من نفقة معالجة مياه الصرف الصحي، حيث تم استخدام الكود المصري لمياه الصرف المعالج في الزراعة والمعتمد بالقرار الوزاري رقم 511 لسنة 2003.

ونوه «حلمي» أن المساحة الإجمالية للمناطق المزروعة التابعة لمحطة الجبل الأصفر تبلغ 443.5 فدان مقسمة على أربع مراحل، يتم ريها باستخدام مياه الصرف المعالجة ثانوياً الخارجة من محطة معالجة الجبل الأصفر وتحتوي على محاصيل متنوعة كالزيتون والليمون والمانجو والبرتقال.

أما محطة معالجة مياه الصرف الصحي بـ«بلقس» بمنطقة شبرا الخيمة، تركيز على معالجة مياة الصرف الصحى التى يمكن استغلالها فى رى المحاصيل الزراعية ما يوفر على الدولة جزء كبير من استهلاك المياه .

ويقول المهندس أحمد صابر مدير تشغيل محطة بلقس لمعالجة مياه الصرف الصحي، أن المحطة تخدم قطاع شبرا الخيمة بشمال شرق القاهرة، بطاقة تصل لـ 600 ألف متر مكعب على مساحة 83 فدان.

وتابع «صابر» أن المحطة تسعى إلى زيادة حجم المياه المعالجة من 440 ألف متر مكعب يومياً، إلى 550 متر مكعب يوميًا، من خلال رفع كفاءة المحطة وإحلال وتجديد بعض المعدات للوصول إلى الى أعلى قدر من المعالجة، لافتًا إن مياه الصرف التي يتم معالجتها بالمحطة تختص بالصرف المنزلي أو السكني والنشاط التجاري فقط.

وأشار «صابر» إن في كل مرحلة من مراحل المعالجة يتم أخذ عينة من المياه ويتم الكشف عليها من خلال المعمل الملحق بالمحطة للتأكد من كفاءة تلك العينة إلى أن تصل العينة الأخيرة  إلى أعلى مراحل النقاء قبل صرفها إلى مصرف شبين الذي يخدم وزارة الري. 

ويأتي مشروع تبطين الترع ومدى الاستفادة منه من خلال توفير كميات كبيرة من الماء، من أبرز مجهودات الدولة لمكافحة الإجهاد المائي الذي تعاني منه منطقة الشرق الأوسط ولتخفيف عبئ الخسائر المتوقعة بسبب ندرة المياه المتوقعة في مصر.

ووضعت وزارتي الزراعة والري خطة قومية لترشيد استهلاك المياه المخصصة للزراعة بكل محافظات الجمهورية والتي تستهلك أكبر حصة من مياه النيل، ومع تنفيذ آليات حديثة للري بطرق تقلل اهدار ملايين الأمتار من المياه سنويًا، نفذتا الوزارتين مخططًا موازيًا لتأهيل وتبطين الترع وكان مستهدف في المرحلة الأولى تنفيذ 7000 كيلو متر، لكن يتم العمل حاليًا في 8200 متر وهو ما يعنى أنه تم تجاوز المستهدف الذي تم التخطيط له.

وحتى الآن تم تبطين مساحة تجاوزت الـ2,000 كيلو متر من الترع المتعبة على مستوى الجمهورية، ويتم العمل فى 5444 كيلو متر وسيتم طرح 400 كيلو أخرى فى مناقصات عامة بعد توفير الاعتمادات المالية.

وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى منتصف العام القادم سيتم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية، فمن المستهدف تنفيذ 20000 كيلو متر من الترع على مستوى الجمهورية.

ويقول المهندس محمود السعدى مساعد وزير الرى والمشرف على مشروع تبطين الترع أن مشروع تبطين الترع يوفر من إهدار المياه فضلا عن تسهيل عملية توزيع المياه فى  ري الأرض خلال يوم أو يومين، ففى السابق كان يتم الرى خلال 5 أو 7 أيام والتى كانت لا تكفي نظرًا لكثرة التعديات على الترعه ووجود الحشائش بها، بجانب إهدار كميات كبيرة من المياه الري بسبب الري.

بينما يعلق دكتور عباس الشراقي، مدير مركز الموارد المائية بمعهد البحوث المائية إن  مصطلح الإجهاد المائي، يعبر عن نصيب الفرد من المياه، فيكون نصيب الفرد  الواحد من المياه تحت 500متر في السنة، وهذا ينتج بسبب الزيادة السكانية وثبات حصة البلاد من مياه نهر النيل، فكلما زاد عدد السكان كلما قل نصيب الفرد من المياه، ولكن المشروعات التي تعمل عليها الدولة تقلل من شعور الفرد بإنخفاض نصيبه من المياه.

أضاف أن الدولة ذات المخططات هي التي تحاول إدارة موردها بشكل يضمن التغلب على أزمة الإجهاد المائي، لافتاً أن ترتيب مصر يقع الـ9 مابين 22 دولة عربية دخلت نطاق الإجهاد المائي، حيث مازال نصيب المواطن المصري من مياه النيل 550 مترًا مكعبًا في السنة.

وينوه مدير مركز الموارد المائية بمعهد البحوث المائية، أن مصر لها جهود كثيرة في إدارة الأزمة، مثل مشروع تبطين الترع والتي تعد من المشروعات الهامة، حيث يعاني الفلاحين من عدم وصول مياه الرى لبعض المناطق، وبعض المزارعين كانوا يعانون من هذه المشكلة، وبالتالى يؤثر على الزراعة لديهم، فتعد الزراعة هي المستهلك الأكبر للمياه فى مصر، تستهلك طبقا لبيانات البنك المركزى المصري 62 مليار ونصف متر مكعب بالمقارنة بـ10 مليار للاستهلاك المنزلي و2.5 مليار لقطاع الصناعة.

وأشار إلى نسبة إهدار المياه فى الترع المصرية التي تتراوح ما بين 25 إلى 35٪ من إجمالى المياه المنصرفة من السد العالي لأنها ترع مسامية طينية طميية وأحيانا رملية، وبالتالى مشروع تبطين الترع بالأسمنت يمنع هذا الإهدار الكبير ومن الممكن يوفر 7 إلى 10 مليار متر مكعب.

ويضيف «شراقي» أن مصرف بحر البقر أيضًا من مشروعات الهامة في استغلال المياه المعالجة من الصرف الصحي في الزراعة حيث يصل طوله 190 كيلو مترًا ويمر بحوالي 6 محافظات ابتداءًا من القاهرة الكبرى إلى بورسعيد، وهى مسافة كبيرة، لذا ستكون أكبر محطة معالجة فى العالم، لأنها ستعالج حوالى 5 ملايين متر مكعب يوميًا، وبتكلفة قد تتعدى 20 أو 30 مليار جنيهًا مصريًا، فضلا عن محطة المحسمة التى تم افتتاحها في الإسماعيلية التي تعالج مليون متر مكعب يوميًا، هذه المياه سيتم استخدامها في الزراعة فى سيناء، ومياه بحر البقر سيتم استخدامها في مشروع ترعة السلام في الزراعة بسيناء، لري 400 ألف فدان.

وشدد على ضرورة تعظيم الاستفادة من المياه الجوفية في الوادى والدلتا وفى  الصحراء الغربية، خاصة فى مشروع المليون ونصف فدان لأنه يعتمد بنسبة 90% على المياه الجوفية.

ويقول دكتور ضياء الدين القوصي مستشار وزير الري الأسبق، وخبير المياه الدولي، أنه يوجد استراتيجتين للتعامل مع الأجهاد المائي، الأولى تنمية الموارد، والثانية ترشيد الاستخدامات ومنع الإهدار، موضحًا أن تعبير الإجهاد المائي يقال في حالات نصيب الفرد السنوي من المياه أقل من 500 متر مكعب، وهذا لا ينطبق على مصر حتى الآن، بسبب نصيب الفرد الذي يتخطى 500 متر مكعب، ولكننا دخلنا مرحلة الفقر المائي الحاد بسبب الزيادة السكانية و ثبات حصة مصر من مياه النيل، ونقترب جداً لِمرحلة الإجهاد المائي مع الزيادة المستمرة للسكان.

وتابع «القوصي» أن تنمية الموارد تشمل محطات التحلية مياه البحر، وهي إحدى الموارد للإستفادة من المياه، خاصة للمدن الساحلية، وهذا ما تعمل عليه الدولة من خلال إنشاء   7محطات لتحلية مياه البحر، ورفع الإنتاج إلى مليار متر مكعب بدلا من 100 مليون فقط، حيث ارتفع إلى 10 أضعاف، وتستهدف مصر فى 2030 الوصول إلى 3 مليار متر مكعب مياه تحلية، بينما في عام 2050 نستهدف الوصول إلى 5 مليار متر مكعب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة