القوات الأمريكية فى العراق
القوات الأمريكية فى العراق


العالم بين يديك | التواجد الأمريكى فى الشرق الأوسط بين الدوافع والمبررات

الأخبار

السبت، 07 أغسطس 2021 - 09:53 م

فى إطار سعى الولايات المتحدة لوضع حد لما يسميه الرئيس بايدن بـ «الحروب اللانهائية» فى العالم والشرق الأوسط، والتى كان نتيجتها الانسحاب المتسارع للقوات الأمريكية من أفغانستان، حيث توجه الولايات المتحدة وحلفاؤها اهتمامهم بشكل متزايد نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي.


بعد الانسحاب الأمريكى من أفغانستان جاء دور العراق. وأعلنت واشنطن عن اتفاق جديد مع العراق ، يقضى بانسحاب جميع القوات القتالية الأمريكية من العراق بحلول نهاية هذا العام، واستبدال العلاقة الأمنية بالكامل إلى دور خاص بالتدريب وتقديم المشورة والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية. وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية الاتفاق الجديد بانه «مسرحية دبلوماسية»، وقالت قناة «صابرين نيوز» التابعة للحشد الشعبى «لن يتم سحب أى جندى أمريكي...

سوف يتم تغيير توصيفهم على الورق !». تفضل حكومة الكاظمي، إلى جانب العديد من كبار المسؤولين العسكريين العراقيين، بقاء حوالى 2500 جندى أمريكى فى العراق فى شكلهم الحالي. فيما يدعو الكاظمى إلى سحب القوات الأمريكية إرضاء للقوى السياسية المناهضة للولايات المتحدة التى تعتبر أن الهدف الحقيقى للوجود الأمريكى فى البلاد هو مواجهة إيران.

الكاظمى فى موقف صعب فبين مواجهة جائحة كوفيد-19 وأزمة الميزانية وانتشار الميليشيات المدعومة من إيران والتى خرجت عن السيطرة إلى حد كبير، لم ينجز سوى القليل منذ توليه منصبه قبل عامين..

ويريد عدد قليل من القادة العراقيين انسحاب الولايات المتحدة من العراق بشكل كامل وقطع العلاقات، على رأسهم قادة الميليشيات المدعومة من إيران التى يعتقد أنها وراء الهجمات بطائرات مسيرة أستهدفت قواعد قوات أمريكية بالعراق وكذلك قوافل إمدادات أمريكية.

حيث توفر الولايات المتحدة غطاءً للتمثيل الغربى فى العراق بمعنى إذا غادرت الولايات المتحدة بشكل كامل، فمن المحتمل أن تحذو دول أخرى حذوها مثل بريطانيا وألمانيا.

وفى هذه الحالة، يصبح العراق بلدا منبوذا ومنغلقا على العالم. وهذا السيناريو ربما لا ترغب الأطراف الدولية فى حدوثه بما فى ذلك إيران- خصم أمريكا اللدود فى العراق، إذ أن طهران لا تريد هذا الانسحاب الكامل بالضرورة.

فإيران نفسها تستفيد من أن حدود العراق فى جوارها لا تزال مفتوحة على العالم الخارجى فى الوقت الذى تجد فيه طهران نفسها محاصرة بالعقوبات ومنبوذة من الكثير من أعضاء المجتمع الدولي.

من جانب أخر يُنظرللقوات الأمريكية على أنها تحقق توازنا وردعا لإيران.. ولان النظام السياسى فى العراق يقوم على أساس التوازن بين مكوناته السكانية الثلاثة وهم الشيعة والسنة والأكرد. يخشى المكونان السنى والكردى من أنه فى حالة الانسحاب الأمريكى الكامل فإن المليشيات الشيعية المدعومة من إيران ستملأ أى فراغ أمني..

قد لا يحتاج العراق لقوات قتالية أمريكية، لكن من الناحية العملية، لا تزال فى حاجة إلى القوات الأمريكية فى العراق خاصة عندما يتطرق الأمر إلى المقاتلات العسكرية والغطاء الجوي.

فالسلاح الجوى العراقى ضعيف بشكل نسبى ومن غير القوات الجوية الأمريكية، لكان العراق أكثر عرضة..

للهجمات الطائرات المسيرة الخارجية وأيضا سيواجه صعوبات فى شن هجمات جوية ضد داعش.

وإذا تراجعت قدراته ، فإن هذا سيصب مرة أخرى فى صالح التنظيمات شبه العسكرية الموالية لإيران..

أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فإن الانسحاب الكامل من العراق سيضر أيضا بمصالحها، حيث يرى بعض المراقبون أن التواجد الأمريكى طويل الأمد سيحافظ أيضا على النفوذ الأمريكى بالعراق وتخفيف النفوذ الإيرانى والروسى وأشكال أخرى من النفوذ..

ولهذا يرى البعض إعلان بايدن بسحب القوات الامريكية هو مجرد خطوة شكلية تسمح بتعزيز موقف رئيس الحكومة العراقية، الذى أُضعفته مواجهة الميليشيات القوية، ، قبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية التى ما يزال إجراؤها غير مؤكد..

كما إن انسحابا عسكريا أمريكيا كاملا من العراق، من شأنه أن يطرح مشكلة الإبقاء على القوات فى سوريا المجاورة.

فحتى، إن كان العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى قد طلب من الرئيس الأمريكى جو بايدن، بذل جهود لتحقيق الاستقرار فى سوريا، فإنه من المستبعد، حتى الآن، حصول انسحاب عسكرى أمريكى من شمال شرق سوريا ومن قاعدة التنف، بالقرب من الحدود الأردنية.

حتى وإن كان بايدن يتفاوض مع إيران حول العودة إلى الاتفاق النووي، الذى انسحب منه سلفه دونالد ترامب، فإن الرئيس الأمريكى لا يريد أن يترك مجال سوريا لطهران ، حيث تمتلك دعامات سياسية وعسكرية قوية..

سيظل ما يقرب من 900 جندى أمريكى فى سوريا لمواصلة الدعم وتقديم الاستشارات لقوات سوريا الديمقراطية التى تقاتل تنظيم داعش..

وفى خضم تعدد المصالح الأجنبية فى سوريا، فإن المهمة العسكرية الأمريكية هناك «تتجاوز بكثير قتال داعش، إلى الرقابة على المصالح الروسية والإيرانية. فوجود القوات الأمريكية يحول دون وصول الحكومة السورية المدعومة من روسيا إلى حقول النفط والموارد الزراعية فى شمال شرقى سوريا، ويعمل على إعاقة هدف إيران المتمثل فى إنشاء ممر جغرافى يربط بين طهران ولبنان والبحر الأبيض المتوسط، على عرقلة الجهود الإيرانية لنقل الأسلحة إلى سوريا..

هناك فرقاً مهماً بين العراق وسوريا يتمثل فى أن الشريك السورى المحلي، وهى قوات سوريا الديمقراطية، تريد بقاء الولايات المتحدة، كضامن ضد هجمات الروس. أما فى العراق، فإن الوجود الأمريكى يشكل مأزقاً سياسياً للكاظمي، الذى يواجه ضغوطاً من الفصائل المرتبطة بإيران فى حكومته، لإجبار الأمريكيين على المغادرة. ومع ذلك يقول الخبراء إن أى تغيير كبير فى الموقف العسكرى الأمريكى بالعراق، من المرجح أن يعقد الوضع فى سوريا، لا سيما أن طريق الولايات المتحدة الأساسى للوصول إلى قواتها فى شرق سوريا يمر عبر الحدود مع العراق.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة