الشعب التونسى
الشعب التونسى


إحباط مشروعهم فى مصر قاد لسقوط أفرع التنظيم

الشعوب العربية تتخلص من نكبات الإخوان

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 08 أغسطس 2021 - 11:07 ص

كتب: أحمد جما

عبرت الاحتجاجات الواسعة، التي انطلقت في مدن تونسية عديدة في 25 يوليو الماضي تزامنًا مع ذكرى تأسيس الجمهورية التونسية ضد منظومة الإخوان الفاسدة في البلاد بعد عشر سنوات على وجود حركة النهضة في السلطة بأشكال وأساليب، عن أن هناك مناخا عربيا عاما يدعم التخلص من نكبات تنظيم الإخوان.


ما أكد على ذلك أن تجاوب الرئيس قيس سعيد مع هذه الاحتجاجات واتخاذه قرارات حاسمة بتجميد عمل البرلمان لمدة ثلاثين يومًا ورفع الحصانة عن أعضائه وإقالة الحكومة حظى برضاء شعبى واسع ليس على مستوى الداخل التونسى فحسب لكن على مستوى الشعوب العربية التى تعرضت لأزمات اقتصادية وأمنية وسياسية منذ أن أضحى التنظيم رقمَا مؤثراً فى معادلة الحكم.

 

لم يستطع تنظيم الإخوان أن يحقق أى نجاحات سياسية أو اقتصادية تذكر في البلدان التي شهدت حضوراً فاعلاً للجماعة الإرهابية منذ اندلاع ما يُسمى بـ"الربيع العربي"، بل إن خطابه الذي وظّف الدين لخدمة أغراضه السياسية سرعان ما انكشف أمام المواطنين بفعل الممارسات والأفعال التي ظهر فيها التنظيم باحثًا عن هيمنة سياسية تخدم مشروعات إقليمية معادية للأمن القومي العربي.


وتعرض التنظيم الإرهابى في مصر للسقوط سريعًا بعد عام واحد فقط من وصول الجماعة إلى السلطة، وعُدَّ تحرك المصريين في مواجهة "حكم المرشد" بمثابة ضربة قاصمة تعرضت لها الجماعة وأثرت في أفرعها المنتشرة فى عدد من البلدان العربية، ولم تتمكن من فرض رؤيتها على الشعب المصرى حتى بعد أن لجأت إلى استخدام العنف وأضحت محاصرة من جميع الجهات إلى أن تلاشى تأثيرها بفعل تماسك ملايين المصريين مع قيادتهم السياسية.


إذا انتقلنا إلى سوريا التى شكل فيها تنظيم الإخوان جزءاً مهمًا من المعارضة ضد الرئيس بشار الأسد، واستطاعت أن تسيطر على ربع مقاعد "المجلس الوطنى السوري" فى أعقاب حراك العام 2011، إلا أنها انخرطت فى التحالفات مع التنظيمات الإرهابية واختارت العمل العسكرى بحثَا عن تواجد فاعل فى السلطة بعد أن أدركت أن الشارع لن يكون فى صفها، وأضحت فى نظر المواطنين تنظيما يسعى لتفتيت البلاد حتى يتمكن من الحصول على تركة مناسبة فى السلطة.


الوضع ذاته لم يختلف كثيراً فى ليبيا، باعتبارها إحدى الدول التى تعرضت لمؤامرة الربيع العربي، إذ إن تنظيم الإخوان الذى قدم نفسه للغرب باعتباره صاحب الشعبية الأكبر على الأرض عرقل جميع المحاولات التى استهدفت إنهاء الانقسام الذى أدى لوجود مؤسستين للحكم فى ليبيا ومازال يمضى فى طريق التقسيم عبر محاولته إفساد خارطة الطريق الحالية التى بمقتضاها من المفترض إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بنهاية العام الجارى.


يستمد التنظيم الإرهابى فى ليبيا قوته من دعم الميليشيات التركية المتواجدة فى الغرب الليبى دون أن يكون لديه ظهير شعبى فعلى على الأرض، وهو ما يُفسر إصرار أنقرة على بقاء المرتزقة فى العاصمة طرابلس وأطرافها ومازالت ترفض كافة المساعى الدولية التى تنادى بضرورة ترحيلها.


فى السودان لفظت ثورة ديسمبر المجيدة تنظيم الإخوان الإرهابى بعد 30 عاماً من سيطرة "نظام الإنقاذ" الذى يقوده الرئيس السابق عمر البشير على السلطة، وذلك بعد أن تسبب فى عزلة دولية للسودان تمكن من الخروج منها مؤخراً بعد نجاح الثورة الشعبية فى ظل محاولات حثيثة من التنظيم للعودة مجدداً إلى السلطة هناك مستخدمًا كافة الأدوات السياسية والأمنية والاقتصادية لعقاب المواطنين على إزاحتهم.


أكد منير أديب الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، أن سقوط الإخوان فى مصر يقود لسقوط كل أفرع التنظيم فى البلدان العربية أو غير العربية، لأن مصر كانت بلد المنشأ ومنها تدار أفرع التنظيم فى كل دول العالم عبر مكتب الإرشاد، وهو ما ترك أثراً بالغًا على الجماعة التى بدأت تتهاوى فى البلدان المختلفة يومًا بعد الآخر.


وأضاف فى تصريحات لـ"آخرساعة"، أن سقوط التنظيم فى تونس لا يقل عن التأثير الذى تركه سقوط الإخوان فى مصر لأسباب مختلفة، منها أن حركة النهضة تعدُّ رقمًا مهمًا فى التنظيم الدولى ورئيسها راشد الغنوشى لديه ثقل كبير فى التنظيم، وبالتالى فإن سقوطه يؤكد أنه ستكون هناك هزة كبيرة فى البناء الهيكلى للتنظيم تحديداً بعد سقوط مكتب الإرشاد في مصر.


وأوضح أن سقوط الإخوان فى تونس كان معلومًا لكن السؤال الذى يطرح نفسه، لماذا تأخر هذا السقوط كل هذه السنوات؟ والإجابة عليه قد تكون بسبب مناورات حركة النهضة التي أظهرت نفسها طرفًا يبحث عن التوافق بخلاف الحقيقة وحاولت تأجيل الصدام مع مؤسسات الدولة والمواطنين أطول فترة ممكنة.


وتابع قائلاً: "أو قد يكون ذلك بسبب انخداع الشعوب العربية فى التنظيم الإرهابى الذى لجأ إلى حيلة السيطرة على مراكز صنع القرار من خلال التجمعات الشعبية التى يأتى البرلمان فى مقدمتها دون أن يُظهر صورته الحقيقية الساعية إلى اختطاف السلطة، وهو ما يؤكد على أنه مهما حاول التنظيم تحصين نفسه للتشبث بالسلطة فإن الشعوب تدرك الحقيقة عاجلاً أم آجلاً".


ويتوقع مراقبون أن يقود التغيير الأخير الذي حدث فى تونس إلى تغيير موازٍ فى بلدان المغرب العربى التى ينشط فيها تنظيم الإخوان على مستوى السلطة التشريعية، وأن المد الإخوانى فى المنطقة العربية سيتوقف لسنوات طويلة لأن التجربة التونسية هى التى مثلت الإلهام لصعود الإخوان والإسلام السياسى فى ليبيا المجاورة إلى جانب أنها ألهمت الإخوان فى الجزائر للحصول على نسبة كبيرة فى آخر انتخابات برلمانية جرت هناك قبل شهور. 


وأشار محمد فتحى الشريف الخبير فى الشأن الليبي، إلى أن مشروع راشد الغنوشى فى تونس استهدف بالأساس سيطرة التنظيم الإرهابى على دول المغرب العربى وجعل النموذج التونسى قابلاً للتطبيق فى باقى البلدان، ما يجعل سقوطه بمثابة تأسيس لخريطة جديدة للعالم العربى لن يكون ضمنها تنظيم الإخوان.


وأضاف فى تصريحات لـ"آخرساعة"، أن الدعم التركى لإخوان ليبيا يعوِّل بالأساس على وجود بيئة جغرافية حاضنة للتنظيم فى تونس، وأن سقوط حركة النهضة قد يدفع إخوان ليبيا والقوى المحسوبة عليها لعرقلة إجراء الانتخابات المقبلة لأنها تدرك أنها لن تحقق أى مكاسب فى ظل حالة السخط الشعبى التى أفرزها سقوط التنظيم فى تونس، وبالتالى فإن عملاء أنقرة يتخوفون من الخروج بأى مناصب تدعم الحضور التركى فى الغرب.


يرى فتحى أن الشعوب العربية وفى القلب منها الشعب الليبى ملّ الشعارات التى ترفعها الجماعة الإرهابية وهى تبحث الآن عمن يقدم لها الدعم للتعامل مع الصعوبات الاقتصادية والسياسية والأمنية التى تسبب فيها التنظيم منذ "الربيع العربي"، كما أن المعلومات التى يجرى تداولها حول فساد قادة حركة النهضة يجعل هناك صعوبات كبيرة فى الوثوق فيها مستقبلاً حتى وإن لجأت إلى تغيير اسمها أو الأشخاص القائمين عليها مثلما الحال فى ليبيا.


وأشار إلى أن النموذج المصرى الذى أنهى قوة تنظيم الإخوان بالرغم من التأييد المتهاوى الذى حصلت عليه الجماعة فى أعقاب ثورة 30 يونيو أكد أنه لا شيء يضاهى قوة الرغبة السياسية والشعبية فى التخلص من تنظيم الإخوان، وأن بناء دولة حديثة متطورة فى مصر أعطى الأمل لباقى الشعوب العربية فى إمكانية إحراز تقدم سياسى واقتصادى وتنموى بعيداً عن التنظيم الإرهابي.


يذهب متابعون للتأكيد أن تصرفات تنظيم الإخوان فى التعامل مع الرفض الشعبى لوجودها على رأس السلطة سواء كان ذلك فى مصر أو تونس أو ليبيا أو فى دولة أخرى تجعل هناك إصراراً على ضرورة إنهاء تواجدها والتخلص من شرورها، وهو ما جسده خطاب جماعة الإخوان التى "توعّدت تونس بدمار وخراب ودماء إذا لم يتراجع الرئيس عن قراراته الأخيرة، وطالبته بالعودة للحوار وإعادة البرلمان المعطل"، وهو نفس ما ذهبت إليه حينما قامت ثورة 30 يونيو المجيدة.


وأكد السفير حسن هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن التنبؤ بمستقبل تنظيم الإخوان فى تونس مازال بحاجة بعض الوقت للتعرف على التفاعلات المستقبلية مع قرارات الرئيس قيس سعيد، لكن الأكيد أن وضع التنظيم بعد هذه الهزة العنيفة أصبح على المحك أمام العالم أجمع وعلى وجه التحديد أمام الشعوب العربية لأنه أثبت أنه جماعة فاشلة فى ممارسات الحكم وأنها تقامر بمستقبل الأوطان لصالح الجماعة.


وشدد فى تصريحات خاصة، على أن ما حدث فى تونس يُهمِّش دور الجماعة فى السياسة، وأن اعتقاد المواطنين فى أعقاب "الربيع العربي" بأنهم قوة لديها شعبية وتؤمن بمبادئ الديمقراطية تبدد الآن، وأن ما جرى فى تونس أثبت أن ما حدث فى مصر بالعام 2013 كان ثورة متكاملة الأركان ضد استئثار التنظيم بالسلطة وتوظيفها لخدمة مصالحه.


وهو ما لوح به رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذى أشار فى حديثه لصحيفة "كوريارى ديلا سيرا" الإيطالية، إلى "أن التهديدات الإرهابية قد تتصاعد فى تونس وعندها تسود حالة من عدم الاستقرار تجبر الناس على الرحيل، وأن هناك أكثر من 500 ألف مهاجر محتمل سيتوجهون إلى السواحل الإيطالية فى وقت سريع"!!.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة