خالد قنديل
خالد قنديل


قضية ورأى

النيل والفرات.. درع الوطن وقاطرة المستقبل

الأخبار

الإثنين، 09 أغسطس 2021 - 07:45 م

إن العلاقة بين مصر والعراق ممتدة عبر التاريخ والأزمان، وتصل إلى أوائل القرن الماضى، عندما حصل البلدان الشقيقان على استقلالهما، وظلت العلاقة راسخة فى جميع المواقف وعلى مستوى المجالات كافة، فقد وقفت العراق بجانب مصر فى حرب أكتوبر 1973 ووقفت مصر بجانب العراق فى حربها ضد إيران خلال الفترة 1980-1988، كما كانت مصر من أوائل الدول المستضيفة لمؤتمر دول جوار العراق فى شرم الشيخ، إضافة إلى التنسيق المستمر بين الدولتين فى سبيل إعادة العراق إلى مكانتها فى معادلة الأمن العربى، وقويت كذلك أواصر العلاقات الدبلوماسية فكان البلدان من المؤسسين لجامعة الدول العربية فى منتصف أربعينيات القرن الماضي، ثم عقد البلدان العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مثل السوق العربية المشتركة والاتفاقيات العسكرية مثل اتفاقية الدفاع العربي المشترك ومشروع الوحدة الثلاثية وتجسد هذا الترابط والتلاحم فى عدة لقاءات للتنسيق المشترك بين الدولتين وآخرها زيارة وزير الدفاع العراقى إلى مصر السبت الماضى، والتى أكد خلالها الرئيس السيسى حرص مصر على التعاون مع العراق الشقيق فى جميع المجالات، فى إطار ثوابت السياسة المصرية بدعم العراق الشقيق وتعزيز دوره القومى العربي، وتحقيق كل ما من شأنه أن يحقق مصالح العراق وشعبه على مختلف الأصعدة، ويساعده على تجاوز كل التحديات، ومكافحة الإرهاب، ويحافظ على أمنه واستقراره، ويحقق التقدم والازدهار لشعبه.
ودائماً ما تؤكد مصر هذا التفهم لأهمية دعم واستقرار الأشقاء سواء على المستوى الأفريقى أو العربى، فمنذ تولى الرئيس السيسى المسئولية عام 2014 وهو يولى أهمية كبيرة للعراق  ،حيث أعلن صراحة أن مصر تدعم بغداد وجيشه فى محاربة الإرهاب، ويوصى بسرعة تنفيذ المشروعات المشتركة مع العراق ودعم أمنه واستقراره.
ويعد العراق وطناً له خصوصية تاريخية وسياسية وجغرافية تؤهلها لأن تكون ساحة لتلاقى المصالح وليس لتعارضها، أو للتنافس الإقليمى والدولى، من هنا شهد اللقاء بين الرئيس والفريق جمعة عناد سعدون، وزير دفاع جمهورية العراق، والذي حضره الفريق أول محمد زكى وزير الدفاع والإنتاج الحربى، التباحث بشأن التعاون الثنائى العسكرى بين البلدين الشقيقين، بما فى ذلك برامج التدريب المشتركة وتبادل الخبرات ورفع القدرات، فضلاً عن استعراض عدد من القضايا والملفات العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفى تأكيد على تمازج وتفاهم البلدين الشقيقين كانت تلك الرسالة الخطية إلى الرئيس السيسى من السيد مصطفى الكاظمى رئيس الوزراء العراقى، التى تضمنت التأكيد على تقدير العراق للجهود المصرية الداعمة للشأن العراقى على الأصعدة كافة، والتطلع لتعزيز أطر التعاون مع مصر، والاستفادة من تجربة النجاح المصرية الملهمة بقيادة السيد الرئيس فى المجال التنموى ونقلها إلى العراق، مع تثمين الدور المصرى الداعم للعراق، ذلك الدور الذى يمثل عمقاً استراتيجياً للأمة العربية، خاصةً فيما يتعلق بمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية .
وكما تحرص مصر على هذا التعاون البنّاء الذى يرسخ لمستقبل آمن ومزدهر معًا لشعبى البلدين العريقين، فإن العراق دائما ًما يؤكد تطلعه لتعزيز أطر التعاون مع مصر، خصوصًا بعد نجاحه فى أن يصبح نموذجاً ملهماً يُحتذى فى منطقة تعانى من الأزمات والاضطرابات، رغم ما تفرضه تلك الظروف الضاغطة من تحديات جسيمة.
وقد أثمر هذا الترابط والتعاون بين مصر والعراق الكثير من الخطوات الإيجابية والفارقة فرأينا التنسيق الثلاثي بين مصر والأردن والعراق فى قمة عمان فى 25 أغسطس العام الماضى، وانعقاد اللجنة العليا المصرية العراقية فى بغداد فى الفترة من 28-31 أكتوبر 2020 برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولى ورئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، ودائماً ما تؤكد مصر مساندتها للعراق، فأعلنت بغداد استعدادها لدعم مصر وتوفير احتياجاتها من النفط وتطور الأمر لصيغة جيدة وهى النفط مقابل الإعمار وتقضى بإنجاز احتياجات العراق البنيوية مقابل شحنات نفط للشركات المصرية، فشهدنا إشادة رئيس الوزراء العراقى بالطفرة التى حدثت بمصر فى عدد من القطاعات، وعلى رأسها الكهرباء والطرق والإسكان وترحيبه بالتعاون بين البلدين فى هذه الملفات، وأبرم البلدان عدة اتفاقيات فى مجالات مختلفة كالبترول والثروة المعدنية، ومذكرة تفاهم للتعاون والتدريب وتبادل الخبرات فى مجال العدل والقضاء، ومذكرة تفاهم للتعاون فى مجال الموارد المائية والرى، ووقع مسئولو البلدين مذكرتى تفاهم فى مجال الطرق والجسور، ومشروع مذكرة تفاهم للتعاون فى مجال الإسكان والتشييد، كما تم توقيع مذكرة تفاهم فى مجال الاستثمار، وبروتوكول تعاون مشترك بين اتحاد الصناعات العراقى ونظيره المصرى، ولا يفوتنا التعاون فى المجال الصحى والذى على إثره تقدم الكاظمى بالشكر للشعب المصرى والرئيس عبد الفتاح السيسى على المساعدات الطبية، التي أرسلتها مصر إلى العراق، وتوفير مصر علاجاً مجانياً للعراقيين.
إن نمو العلاقات بين شعبى مصر والعراق حتمى وضرورى لما يربط بينهما من مصير مشترك وروابط تاريخية ودينية وعرقية، ويأتي التعاون فى المجال العسكرى والدفاع كصورة مشرفة ومطمئنة للتلاحم بين القاهرة وبغداد، فى مشهد يمثل درعاً قويًا ومتماسكًا ضد أى قوى تحاول السيطرة على المنطقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة