صالح الصالحى
صالح الصالحى


يوميات الاخبار

«بلبل» الثانوية حائر

صالح الصالحي

الإثنين، 09 أغسطس 2021 - 08:21 م

 مع أن «البلبل» مازال حائرًا بين مناهج وامتحانات الثانوية العامة.. إلا أن الجميع مستعد بأغنية «الناجح يرفع إيده»

هل يعقل أننا مازلنا نخوض نفس الحديث بنفس السلبيات والآهات والتوجعات على حال التعليم؟.. هل يعقل أننا مازلنا نتحدث عن امتحانات الثانوية العامة بنفس مفردات الأعوام السابقة، بل وبنفس التفاصيل؟ هذه الامتحانات التى استبشرنا خيرا بنظام جديد لها.. نظام حمل معه الوعود فى إنهاء بعبع الثانوية العامة.. وعود بالقضاء على الدروس الخصوصية.. وعود بطالب جديد وشهادة جديدة تقضى على كل سلبيات الأعوام السابقة.. هذه الأعوام الزاخرة بالرعب والانتحار والموت المفاجئ للطلبة واستنزاف أموال الأسر فى الدروس الخصوصية.. هذه الدروس التى يتساوى فيها الغنى والفقير.. فالكل يحلم بالالتحاق بالجامعة.. بل الالتحاق بكليات القمة والبرامج المميزة فى الجامعات المصرية باللغات الأجنبية، والتى تتوافق مع سوق العمل. ما علينا، كلنا لدينا أحلام وطموحات لأبنائنا.. فنحن نعيش من أجلهم ومن أجل سعادتهم.. وجميعنا فى مصر نقدس التعليم منذ الفراعنة ونلهث لتوفير مصروفات التعليم والدروس الخصوصية فى السناتر والمنازل.. هذه الدروس التى يبدأ حجز مقاعدها قبل دخول الطالب بعام تقريباً.. الكل يجرى وعينه على نهاية الطريق والذى تمثله هنا الثانوية العامة. للأسف الشديد لازالت حالة الجدل مستمرة حول الثانوية العامة.. والتى تمتد من بداية العام الدراسى والذى يبدأ فى الصيف وحتى الامتحانات والانتهاء منها وإعلان النتيجة. ولا يكف وزير التربية والتعليم عن إطلاق تصريحات فى مواجهة موجات الرعب والحزن التى تنتاب أولياء الأمور والطلاب.. والتى تزداد بسبب صعوبة الامتحانات من ناحية وتسريبها من ناحية أخرى.. فلايزال التسريب موجودا ويقاوم بكل قوة محاولات الوزارة فى القضاء عليه.. وبالطبع ينجح الغشاشون وإن رسب بعضهم، لكن الواقع يؤكد نجاح البعض الآخر، والذى يفلت من قبضة العقاب.. وفى وسط كل هذا تجد الوزارة لاتزال عاجزة عن وضع نظام واضح الملامح للتعليم.. وتكتفى بتقديم مواد دراسية معرفية واسعة غير محددة من خلال بنوك المعرفة ومنصة الوزارة.. ويأتى ذلك فى ظل عدم قدرة الوزارة على تحقيق حلمها برقمنة المادة العلمية والامتحانات.. وذلك باعتراف الوزير نفسه بأن الواى فاى فى المقاهى بجوار المدارس يؤجر أثناء الامتحانات مما يسهل تسريبها.. وعندما طلب أولياء الأمور من الوزير إلغاء تطبيق التلجرام.. رد الوزير بأن هذا الأمر ليس من اختصاص الوزارة، لكن الاختصاص ينعقد لوزارة الاتصالات. فى الوقت الذى تؤثر التسريبات على نتيجة الامتحان بالسلب وتخلق نظاما مشوها، لاتزال الوزارة غير قادرة على إيجاد نظام لتأمين الامتحانات تجدها ترى فى صعوبة المنهج الدراسى غير المحدد الملامح هو التطوير المنشود. ويأتى موعد الامتحان الذى سبقته تصريحات من الوزير عن أن الأسئلة هذا العام فنية تقيس مهارة الفهم عند الطالب والقدرة على التطبيق والتحليل. ولكن الواقع أكد أن الامتحانات كانت تعجيزية فوق مستوى الطالب المتوسط.. وكان الشكل الفنى لها غير متوقع وأربك الطلاب فى ظل اختيارات متشابهة. المحزن أن طلاب الثانوية العامة فى مقتبل العمر تضع أسرهم على عاتقهم تحقيق أحلامهم والالتحاق بكليات القمة، وفى نفس الوقت لا تلتفت الوزارة لهم ولا ترعى الظروف التى يمرون بها.. مما قد يصيبهم بالإحباط وهز الثقة بالنفس خاصة فى ظل عام استثنائى أغلقت الكورونا أبواب المدارس فى العالم كله وليس فى مصر فقط.. وذلك بشهادة الأمم المتحدة التى اعتبرت هذا الأمر كارثة أدى إلى تدنٍ فى عمليات التنمية التعليمية وإهدار للقدرات البشرية.


الواقع يؤكد أن الامتحانات هى الأمر الوحيد الذى خضع للتطوير فى تقديم شكل جديد لم يدرب عليه الطلاب فى ظل مدارس مغلقة وسناتر تتحسس الطريق لفك شفرة الامتحان لاجتيازه ودخول الجامعة.. ونظام غير عادل غاب عنه تكافؤ الفرص فزادت الدروس الخصوصية وزادت الأعباء المادية على الأسر والنفسية على الطلاب.  لم تعد قضية التسريبات أو الطرق الجديدة التى يتبناها وزير التعليم للامتحان من كتاب مفتوح وتابلت هى المشكلة، ولكن الأمر أصبح أكبر من ذلك بكثير. القضية قضية تعليم أبنائنا الذين أصبحوا حقل تجارب للعديد من عمليات التطوير، فكان منتجا رديئا لا حيلة للطالب فيه.


وأصبحنا حائرين ومتخبطين ما بين قرار وتأجيله أو عدم تطبيقه وأتساءل لماذا لا يكون نظاما واضحا للتعليم ونموذجا لشهادة الثانوية العامة المصرية يحقق تعليما جيدا وفرصة لائقة متكافئة لكل طالب الحق فى دخول الجامعة.. فنحن لازلنا نتمسك بدخول أبنائنا للجامعة مهما حاولنا إقناع المصريين بغير ذلك.. وأتصور أنه لا ضغط على سوق العمل بخريجين مؤهلين بشكل جيد. ومع اقتراب إعلان نتيجة الثانوية العامة. ولازلنا ننتظر أن يغرد البلبل بنجاح أبنائنا، على الرغم أنه لايزال حائراً بشكل أجهد كل أطراف العملية التعليمية.. فكل بيت ينتظر سماع أغنية عبد الحليم حافظ الناجح يرفع إيده.


وفاض النيل

وفاض النيل الذى لا يخلف موعده مع المصريين.. خالف الفيضان كل التوقعات بتوقفه عن الجريان على أرض مصر هذا العام.. وأكد ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة أن «نهر النيل والمياه بيجرو فى مصر بأمر من الله من آلاف السنين واللى عمله ربنا مش هيغيره البشر».

ورغم كل المخاوف والهواجس ووسط التصريحات الإثيوبية التى تؤكد أنها ستبنى ١٠٠ سد وسد.. يأتى تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن قضية المياه لمصر خط أحمر ولا يمكن المساس بحقوق  مصر المائية.

النيل هدية الله للمصريين ولن يحرمنا الله من هذه الهدية مهما تدخلت أياد بشرية قذرة وعاجزة حاولت أن تخفى عجزها بإتمام وعدها فى بناء السد وتوليد الطاقة الكهربائية بتحرشات ضد مصر والسودان.. وأخذت تلوح بأنها ستتصدى لأى عمل عسكرى وكأنها تتمنى أن يحدث هذا العمل العسكرى، حتى تقول إنه لولا هذا العمل العسكرى لأتممنا السد فى موعده.. وكأنه الشماعة التى تعلق عليها فشلها فى بناء السد وفى مواجهة شعبها.

طوال الفترة الماضية وحتى وقتنا الحالى تؤكد مصر والسودان على الالتزام بتوقيع اتفاق ملزم.. بل أكثر من ذلك أصحبنا نخشى انهيار السد.. لأن انهيار السد سيؤدى إلى كارثة لن تتوقف آثارها عند إثيوبيا وحدها بل سيمتد الأثر للسودان أيضاً.. وذلك بعدما انكشفت العشوائية التى يتم بها بناء مثل هذا السد والتى تقلل من عوامل الأمان فيه.. حيث توقع الخبراء والمتخصصون انهيار أجزاء من الخرسانة الأخيرة التى تم وضعها فى وسط السد نتيجة شدة الفيضان.. وهو ما وصفوه بأنه أمر هندسى غير مطمئن لدولتى المصب.. خاصة مع استقبال المرتفعات الإثيوبية أمطارا تصل لأكثر من ٦٠٠٠ متر مكعب فى الثانية الواحدة. وأصبح الأمر يزيد من مخاوف مصر والسودان.. ليس فقط للملء الآحادى ولكن للبناء الآحادى.

وسط هذا يأتى النيل ببشراه وعيده كل عام.. هذا العيد الذى لم يخلف موعده أبداً بزيادة منسوب بحيرة السد العالى بداية السنة المائية.

مبروك الفيضان الجديد الذى استعدت له وزارة الرى المصرية.. واستقبلته بتنفيذ أعمال الصيانة اللازمة لمنشآت السد العالى ومفيضات الطوارئ والبوابات كإجراءات روتينية.. تأخذ فى الاعتبار كل السيناريوهات المتوقعة لحجم الفيضان. بشائر الفيضان بدأت تصل للسد العالى.. ارتفعت المياه فى بحيرة ناصر بمقدار ١٦ سنتيمترا.. والأسبوع القادم ستعبر مياه النيل الأزرق الممر الأوسط للسد الإثيوبى الذى فشلت فى إكمال بنائه فى ظل توقعات بأمطار أعلى من المتوسط.

كل عيد فيضان ومصر طيبة.. ومصر هبة النيل.  

عندما رفرف العلم

لم يعد يهتم المصريون بمباريات كرة القدم وحدها، ولكن أصبح المصريون يهتمون بتمثيل مصر ودعمها فى كل الألعاب وفى كل المحافل الرياضية العالمية.. صحيح كرة القدم هى اللعبة الشعبية الأولى والانتصار فيها له فرحة خاصة.. ولكن فى ظل السموات المفتوحة تجد المصريين يحرصون على متابعة كل اللاعبين فى مختلف اللعبات الفردية والجماعية.. فتجدهم يستيقظون مبكراً يجلسون أمام الشاشات، ويستمعون للراديو فى أى مكان فى السيارة أو فى العمل لمتابعة من يمثل مصر ويرفع علم بلاده ويشرفها.
 ما قدمه اللاعبون فى مختلف اللعبات صورة وطنية رائعة.. توجها اللاعبون الذين حصلوا على ميداليات ذهب وفضة وبرونز فأقشعرت أبداننا ونحن نتابعهم والعلم المصرى يرفرف فى طوكيو.. إنها مصر يا سادة التى يفخر بها أبناؤها فى كل مكان وكل زمان.

اللافت للنظر أن تصريحات اللاعبين كانت على مستوى عال تنم عن وعيهم التام وفهمهم لحجم ما حققوه.. فهم يؤكدون أنهم يمثلون مصر والعرب وأفريقيا.. على فكرة وراء كل بطل من أبطالنا الستة الذين حصلوا على ميداليات فى أوليمبياد طوكيو ٢٠٢٠ حكاية وقصة.. حكاية بطل صنع لنفسه مجدا وتاريخا وحوله أسرة ساعدته وشجعته ومدرب اقتنع به وبإصراره فلم يحبطه أو يعجزه بل أخذ بيده وبنى فيه الطموح والحلم حتى أصبح حقيقة.

لدينا من الأبطال ما نبنى عليهم ونعدهم للأوليمبياد القادمة فى باريس عام ٢٠٢٤.. وعلى الدولة أن تعد خطة واضحة لرعاية هؤلاء الأبطال يساهم فيها ويشارك فيها بشكل أساسى رجال الأعمال والبنوك والشركات الكبرى بتوفير الموارد المالية وإعداد اللاعبين للحصول على ميداليات ذهبية فى المنافسات القادمة.

وأنا أناشد الدولة ورجال الأعمال والبنوك والشركات الكبرى أن تتبنى الأبطال الستة الذين حصلوا على ميداليات وأن يقدموا لهم ولأسرهم الدعم اللازم وأن ينهالوا عليهم بالمكافآت والهدايا تكريما لهم فهم يستحقون.

إن ما قدمه هؤلاء الأبطال من تضحيات وعمل واجتهاد يؤكد أن شبابنا جميل ومصرنا جميلة تستحق منا كل خير.. وشبابها دائما ما يحقق المعادلة الصعبة فى الظروف الصعبة. حمى الله مصر وأبناءها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة