من أشهر المعالم الأثرية في العاصمة الإيطالية روما
مبني «الكوليزيوم» ذلك البناء الحجري الدائري الذي يقف شاهدا علي وحشية
أباطرة الرومان، والساحة التي جعلوا منها حلبة مصارعة يتقاتل بداخلها
العبيد مع بعضهم البعض حتي الموت، ومن ينجو من القتل علي يد أخيه الإنسان،
يصارع الأسود والسباع والوحوش الجائعة المفترسة التي تلتهم أجسادهم وهم علي
قيد الحياة !! وذلك بهدف اللهو والمتعة وإسعاد القياصرة ونسائهم ورجالهم
الأثرياء، حتي وإن ارتوت أرض الساحة الوحشية -أولو شئت قل المسرح – بدماء
الآلاف من المصارعين وتناثرت بقايا عظامهم في المكان !! ولم يكن هؤلاء
العبيد البيض الذين يلقون بهم في ساحة الاقتتال سوي رجال من أسري الحروب
التي خاضتها الإمبراطورية العظمي في ذلك الزمان!
ولأن
التاريخ حين يعيد نفسه يكون في المرة الأولي مأساة ، وفي الثانية مهزلة
عبثية ، فقد رأينا أباطرة العالم الحديث في الولايات المتحدة الأمريكية
يطالبون بقوات برية من المقاتلين السوريين والعرب لمنازلة المرتزقة من
أفراد تنظيم داعش ، ولكن حلبة المصارعة هذه المرة لن تكون داخل مسرح
«الكوليزيوم» الروماني ، وإنما فوق الأراضي السورية التي ارتوت بدماء
الآلاف من دماء العرب المتصارعين الذين وقعوا أسري المخططات الغربية، كما
أن المتفرجين لن يكونوا من القياصرة الرومان ونسائهم ورجالهم ، وإنما من
أباطرة الإدارة الأمريكية ورجالها ونسائها من قادة ورؤساء الدول الأوربية ،
الذين جعلوا من الوطن العربي مسرحا دمويا يتقاتل فيه أبناء الوطن الواحد
حتي الموت ، ومن ينجو من المصير المحتوم يطلقون عليه وحوشهم الداعشية
المفترسة التي تذبح وتدمر وتنتهك الأعراض!!
بالله
عليكم كيف يمكن أن نفسر تصريحات جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، الذي
يقول فيها إنهم يريدون قوات برية من السوريين والعرب لمحاربة تنظيم داعش ،
لأن المعركة لا يمكن حسمها من الجو فقط ! بالطبع لا يمكن حسمها إذا كانت
الطائرات الأمريكية تلقي بالسلاح والمواد الغذائية علي التنظيم بالخطأ !!
ولا يمكن حسمها طالما أن تركيا تشتري النفط من تنظيم داعش مقابل السلاح
والمال بدعم ومساندة أمريكية ، وطالما أن أرودغان وأسرته ورجال الطبقة
الحاكمة في تركيا متورطون في تلك الصفقات القذرة ، ويتربحون من تهريب النفط
من الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق ، ولا يمكن حسمها
أيضا إذا كانت عائدات «الدواعش» من الاتجار غير الشرعي بالنفط تصل إلي 3
ملايين دولار يوميا ، وحتي بعد الغارات الروسية التي استهدفت مراكز ومعامل
تكرير النفط والشاحنات ومحطات الضخ ، مازال التنظيم يحصل علي عائدات تقدر
بحوالي 1.5 مليون دولار يوميا من حجم تداول النفط !
هذا
بخلاف التدفقات المالية التي يجنيها رجال تركيا من الاتجار بالمشتقات
النفطية والتي توجه ليس إلي زيادة ثروة القيادة السياسية والعسكرية في
تركيا فحسب، بل يعود جزء كبير من تلك الأموال لشراء مرتزقة جدد من مختلف
الجنسيات، يجري تدريبهم في الأراضي التركية، وتمول بها جرائم الإرهاب التي
تضرب دول العالم!
وقد كشف الجنرال «أناتولي
أنتونوف» نائب وزير الدفاع الروسي أن قرابة 2000 إرهابي دخلوا سوريا من
الأراضي التركية للانضمام إلي صفوف «داعش»، وأن هناك 120 طنا من الذخيرة
والمعدات تم إرسالها عبر الحدود بشكل نظامي خلال الأسبوع الماضي فقط!
إن
التراجع في حجم الأرباح التي تجنيها حكومة إسطنبول من الاتجار في النفط،
وضلوع نجل الرئيس التركي في تلك العمليات غير الشرعية، وهو يترأس إحدي أكبر
شركات الطاقة في إسطنبول، إلي جانب صهره الذي يشغل منصب وزير الطاقة، كل
ذلك يفسر السبب الحقيقي وراء فقدان «الأردوغان» رشده ، واستهداف قواته
للطائرة الروسية «سوخوي- 24» فوق الحدود السورية .
الغريب
أن أمريكا التي ليس لديها رغبة جادة في القضاء علي داعش ، مازالت تعتبر
ما ذكرته وزارة الدفاع الروسية مجرد مزاعم ، وتري أنه لا دليل علي تواطؤ
تركيا مع داعش، بالرغم كل الأدلة والفيديوهات والصور الفضائية التي
التقطتها الأقمار الصناعية الروسية، وكشفت من خلالها عن 3 مسارات رئيسية
لشاحنات تهريب النفط من سوريا والعراق تعبر الحدود بالمئات وسط العمليات
القتالية الدائرة في المنطقة، ومع ذلك لا يجري تفتيش تلك الشحنات في الجانب
التركي عند الحدود !!
وللحديث بقية