جلال دويدار
جلال دويدار


خواطر

أفغانستان .. التطرف والتدخلات «١»

جلال دويدار

الإثنين، 16 أغسطس 2021 - 05:58 م

التطورات المأساوية المتلاحقة والمتسارعة التى تشهدها دولة أفغانستان المسلمة.. ليست إلا نتيجة للصراعات الداخلية ونزعات التطرف وما أدت إليه من تدخلات أجنبية. كانت البداية من واقع هذه الصراعات.. التدخل العسكرى الروسى والذى انتهى بالاحتلال. هذا الاحتلال تولد عنه ظهور الحركات الإسلامية المتطرفة حاملة شعار الجهاد ضد الشيوعية الإلحادية.  

تحت هذه الدعوات برز على الساحة تنظيم القاعدة بقيادة بن لادن السعودى بدعم وتأييد أبواق التطرف من أمثال الشيخ المصرى عمر عبد الرحمن. ساندت الولايات المتحدة هذه النزعات وزودتها بالسلاح. جاء ذلك فى إطار عدائها للشيوعية والاتحاد السوفييتى. كانت نتيجته اتساع المقاومة وجلاء القوات السوفيتية.

فى أعقاب ذلك وبعد سيطرة قوى التطرف على الدولة الأفغانية.. تعرضت نيويورك للهجوم الإرهابى المروع يوم ١١ سبتمبر ٢٠٠١. أشارت أصابع الاتهام  إلى مسئولية تنظيم القاعدة بقيادة بن لادن ومقرها أفغانستان.. عن هذا الهجوم. ترتب على ذلك انتقاماً ودرءاً للخطر.. غزو أمريكى لأفغانستان واحتلالها بدعم ومساندة عسكرية من حلفائها. رفضاً لهذا الوجود الأمريكى وحلفائه.. خرجت إلى الوجود حركة طالبان الأكثر تطرفاً رافعة لواء الصراع المسلح ضد الاحتلال الغربى وبالتالى ضد النظام الحاكم  الأفغانى الذى عينه هذا الاحتلال.

وعلى مدى سنوات واجه هذا الاحتلال والنظام المدعوم بوجوده العسكرى والمادى واللوجيستى.. حرب عصابات لا هوادة فيها.. عظم تأثيرها دعوياً مناهضة هذا الاحتلال للأرض الأفغانية. ورغم الخسائر البشرية الفادحة فى صفوف طالبان إلا أنها واصلت عملياتها واستطاعت الاستيلاء على معظم  الولايات. كمحصلة لتواصل هذه الحرب لسنوات طويلة وعدم قدرة أمريكا على حسمها. اضطرت إلى التفاوض مع طالبان إبان ولاية إدارة الرئيس الأمريكى السابق ترامب.. من أجل إيجاد نهاية لهذا الوضع.

فى ضوء نتائج هذه المفاوضات أقدمت إدارة بايدن بعد توليها السلطة فى واشنطن إلى اتخاذ قرار إنهاء الاحتلال الأمريكى وحلفائه من أفغانستان وبالتالى سحب قواتها. فى أعقاب تفعيل هذا القرار تسارعت وتيرة تقدم  مسلحى طالبان مصحوباً بسقوط واستسلام الولايات الواحدة تلو الأخرى إلى أن انتهت أخيراً بمحاصرة العاصمة كابول.

دفع ذلك الرئيس الأفغانى أشرف غنى إلى الهرب  بعد فشل محاولات للتفاوض لوقف القتال والتوصل إلى تسوية سياسية. ارتباطاً أعلنت الرئاسة الأفغانية استقالة الرئيس الأفغانى ومغادرته للبلاد.

وهكذا انتهت حلقة من حلقات  محنة أفغانستان.. لتبدأ حلقة جديدة تحت حكم طالبان وهو ما يؤشر بغموض المصير.
 فى النهاية يحق القول بأن كل ما تعرضت له هذه  الدولة وما ينتظرها ما هو إلا نتيجة الصراعات الداخلية والتطرف الذى كان سبوبة للتدخل الخارجى المدمر لمقدراتها. اتصالاً فإن ما جرى ويجرى فى أفغانستان ليس إلا واحدة من السلسلة المؤلمة التى تعرضت لها وتشهدها الساحة الأفغانية والتى تضم دولاً عربية. إنها جميعاً وليدة للصراعات والتمزق والتآمر، بالإضافة إلى الجهل والتخلف وعدم الوعى بقدسية الأوطان وغياب نزعة النهوض والتقدم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة