أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

الغزاة لا يصنعون الحرية !

د. أسامة السعيد

الثلاثاء، 17 أغسطس 2021 - 07:49 م

لا تصدق تلك الدموع التى يذرفها الغزاة وهم يلملمون أذيالهم ويرحلون عن الأوطان التى خربوها بوجودهم غير المشروع فيها.. لا تصدق أنهم حقاً نادمون على تلك السنوات التى عاشوها يعيثون فى الأرض فساداً، ويصطنعون جيوشاً من العملاء والمتعاونين، وعندما تحين لحظة الرحيل، يتركون خلفهم أولئك «الأزلام» كالأيتام.
تأمل ذلك المشهد البائس، وتلك الصور الصادمة القادمة من أفغانستان، وهى تنتقل من ظلمة الاحتلال الأمريكى إلى ظلام حكم طالبان، لتعرف أن الغزاة مهما طال بقاؤهم، لابد يوماً راحلون، وأن الأوطان لا يرثها إلا أهلها، ولا يحميها إلا أبناؤها، وأن الجيوش الوطنية لا تقاس بحجم ما تملكه من تسليح وعتاد، بل بقيمة ما تمتلكه من عقيدة وطنية وروح قتالية، تتمسك بالأرض، وتعرف معنى الوطن فلا تُفرط فيه، حتى لو كان الثمن هو الحياة نفسها.
لا تنخدع بالكلمات المنمقة التى يلقيها ساسة الدول الكبرى والإمبراطوريات الغازية، فليست كلماتهم سوى قناع خادع يخفى وراءه أنيابهم الطويلة التى غرسوها فى لحم شعوب بائسة ليمتصوا دماءهم، بعدما خدعوها يوماً بأوهام الخبز والحرية، فلم تجن تلك الشعوب سوى اليأس والفقر والشتات فى الأرض.
فعلوها من قبل فى العراق، دمروا واحدة من أغنى دول العرب، واعتذروا بكلمات باردة، «آسفين اعتمدنا على تقارير غير دقيقة حول أسلحته للدمار الشامل»، ولم يكن الدمار الشامل فى العراق سوى ما جلبته جيوش الغزاة، وأعادوا الكَرة فى ليبيا وسوريا وغيرهما.
زعموا أنهم يبنون فى العراق جيشاً وطنياً، لكن أرتال الأسلحة الأمريكية لم تصنع روحاً قتالية، وفرت القوات من القتال أمام «داعش» عام 2014، فكانت النتيجة أنها ذهبت غنيمة لمرتزقة وإرهابيين، وها هو المشهد يتكرر فى أفغانستان، التى يقدمها الأمريكان على طبق من فضة لطالبان.
حكمة التاريخ تتكرر أمام أعيننا: الغزاة لا يصنعون الحرية، ولا يأتى على يدهم سوى الخراب، والمثل الشعبى العبقرى يحسم مصير من يتعاون معهم «آخر خدمة الغز علقة».. فالحمد لله على نعمة الجيوش الوطنية حقاً، التى لا تتردد فى اقتحام الموت كى يبقى الوطن.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة