محمد التابعى
محمد التابعى


كنوز| النظافة وغلاء المساكن!

عاطف النمر

الأربعاء، 18 أغسطس 2021 - 08:24 م

محمد التابعى

أقدم هذا الخطاب على ما عداه من خطابات وصلتنى، وهو من حضرة محمود الحكيم بوزارة الداخلية، ويقول فيه: «كتبتم فى عدد سابق من مجلة « أخر ساعة » مقالا عن السياحة فى مصر، وتحدثتم فى هذا المقال فى موضوع عدم اعتناء الشعب المصرى بالنظافة فى الشوارع، وقد شرحتم الداء ولكنكم لم تصفوا الدواء وإنى أعتقد أن العهد الجديد خير فرصة لكى نتخلص من هذه الوصمة، فالدول الأخرى لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بفضل توجيه حكوماتها السديد، لأن الشعوب كالأطفال تحتاج إلى نصح وإرشاد والإنسان قد يضيق بالعادة الحسنة فى مبدأ الأمر ولكنه يألفها بعد ذلك، والتربية الصحيحة يلزم لها الصبر والحزم، وقد جربناها فى مصر فنجحت التجربة ولله الحمد والدليل على ذلك ما يأتى:


1- منعت الحكومة الوقوف على سلالم عربات الترام ونفذت الأمر بحزم، فأمتنع ذلك بتاتا.


2- حرمت الحكومة استعمال كلاكسات السيارات فى بعض الشوارع فهدأت الضوضاء فيها، بينما لا يزال الضجيج موجودا فى الشوارع الأخرى.


3- عندما شددت الحكومة فى المحافظة على النظافة وقت انتشار الكوليرا، أطيعت الأوامر، ولما تهاونت فيها بعد زوالها عادت القذارة إلى ما كانت عليه.


إذن فالشعب المصرى ينقصه التوجيه الحسن، وإذن فحل مشكلة النظافة ميسور وهو لا يحتاج إلى اعتمادات مالية ولا إلى قوانين ولوائح جديدة، وكل ما يلزم هو أن تحمل وزارة البلديات حملة صادقة على القذارة، على أن تبدأ مصلحتا التنظيم والمجارى بنفسهما فتحاسب موظفيهما والشركات الأخرى التى تتسبب فى تراكم الأنقاض والأتربة والمياه القذرة فى الشوارع وفى الوقت نفسه يقوم مفتشو النظافة فى البلديات بتحرير محاضر المخالفات والحكم سريعا على كل من يلقى قمامة أو قاذورات فى الشوارع، فلو صدر الحكم على شخص واحد فى كل شارع أو حارة لارتدع الباقون من تلقاء أنفسهم، على أنه لابد أن تستمر هذه الحملة مدة طويلة حتى يتعود الأهالى على النظافة، فهل لكم أن تعاودوا الكتابة فى هذا الموضوع، عسى أن تأخذ وزارة البلديات بهذا الرأى.


غلاء المساكن:  


وبينما يشكو الجمهور من ارتفاع أجور المساكن الجديدة ، يشكو أصحاب الأملاك القديمة من بخس الأجور وتقييدها إلى حد أنهم أصبحوا عاجزين عن ترميمها وإصلاحها..

وهذا خطاب يشكو من الملاك «المسعورين» جاءنى من حضرة أحمد حنفى القوصى بشركة سباهى الصناعية - القاهرة، يقول فيه: « لقد قضت حكومة الثورة على الفساد وأذنابه وصارعت غول الغلاء بعد أن قلمت أظفاره وجعلت من هيكله المرعب حطاما باليا يعالج سكرات الموت، وقد حمد الشعب لها هذا الجهد الذى تقطعت دونه أعناق الفحول، ولكن بقى للغلاء حصن منيع ما يزال شامخا يتحدى الحكومة وتتكسرعلى أسواره الصماء نصالها      المرهفة النفاذة ؟!..

أجور المساكن ما تزال زاحفة نحو الصعود دون أن تجرؤ على الحد من علوها القوانين!  

والمسكن ذو الثلاث غرف «فى حجم علب الكبريت» لا يؤجر بأقل من عشرة جنيهات فى الشهر، وما على الموظف المحدود الدخل سوى أن يبحث له عن وظيفة جديدة بخمسين جنيها حتى يستطيع أن يحصل على جواز المرور إلى هذه الفردوس المفقودة!؟ ففى الأرصفة والأكواخ و«عزبة الصفيح» متسع للجميع. 


إن هذا حال لا يطاق، وجشع أصحاب الأملاك يشبه إلى حد بعيد جشع «القائمين بالأمر» فى العهد البائد البغيض، ولكى تقاوم الحكومة هذا الإجرام السافر يتعين عليها أن تحدد إيجار المساكن الجديدة بعدد حجراتها ومواقعها أيضا بحيث لا يتعدى إيجار الحجرة الواحدة من المسكن الجديد «جنيهين» مثلا فى حى شبرا، و«ثلاثة جنيهات» في مصر الجديدة، و«أربعة» فى الزمالك، وهكذا، أما ترك الحبل على الغارب لهؤلاء الملاك المسعورين فسيؤدى حتما إلى شنق المؤجرين بهذا الحبل الملعون! 


«  أخر ساعة » - 11 مارس 1953
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة