داعش خراسان
داعش خراسان


بعد وصول طالبان إلى الحكم

ظهور داعش خراسان واختفاء الظواهرى

آخر ساعة

الأحد، 05 سبتمبر 2021 - 10:27 ص

دينا توفيق

بعد أيام من سقوط كابول، لم يتعاف العالم بعد من صدمة سرعة انهيار نظام الرئيس الأفغانى «أشرف غنى» وفراره مع استمرار القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسى «الناتو» فى عمليات الإجلاء ومحاولات الأفغان لمغادرة البلاد خوفًا من طالبان وعودة تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى إلى أفغانستان، خاصة أن الحركة تبقى روابط وثيقة مع التنظيم الجهادى، يثير تساؤلات حول حقيقة وجود زعيم القاعدة «أيمن الظواهرى»، الذى لم يخرج برسالة بشأن التطورات، وماذا يعنى هذا بالنسبة لمستقبل القاعدة وما هو تهديد الدولة الإسلامية فى أفغانستان؟
 

يشكل صعود طالبان السياسى تحديًا كبيرًا فى مكافحة الإرهاب حيث يمكن للجماعات الإرهابية ذات التوجه العالمى مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أن تخلق بيئة مواتية فى أفغانستان التى تسيطر عليها طالبان لتكثيف أنشطتها، خاصة أن الأمر بدأ مبكرًا وبات واضحًا مع هجومى داعش على مطار كابول الذى أودى بحياة 12 عسكريًا أمريكيًا ونفذه انتحاريان من مقاتلى التنظيم خلال الأسبوع الماضى. 


وكان تنظيم القاعدة من بين البنود التى تمت مناقشتها فى اتفاق سلام المشكوك فيه مع إدارة الرئيس الأمريكى السابق «دونالد ترامب» فى الدوحة فبراير 2020 أثناء المفاوضات حول الانسحاب الأمريكى من أفغانستان، حيث تعهدت حركة طالبان وقتها بقطع الروابط مع القاعدة وإبقاء المتطرفين الإسلاميين الآخرين، بما فى ذلك داعش، خارج البلاد كجزء من اتفاقها الذى فقدت مصداقيته الآن مع الولايات المتحدة، ولا يكاد يوجد أى دليل على استعدادهم لاحترام كلمتهم وقد أشادت القاعدة بطالبان لانتصارهم. ووفقًا  لقناة «فرانس 24» الإخبارية الفرنسية، ويقول المحللون إن طالبان ستقدم الدعم للقاعدة فى أفغانستان بشكل أكثر تكتمًا مما كانت عليه خلال الفترة الأولى فى السلطة عندما احتضنت علانية التنظيم الإرهابي.


شهدت فترة حكم طالبان التى استمرت خمس سنوات بين عامى 1996 و2001 قيام الحركة بتشكيل علاقات مع تنظيم القاعدة الذى كان يتزعمه وقتها «أسامة بن لادن»، وهو ما وفر مركزًا يمكنهم من خلاله تدبير هجماتهم. 


وفى الآونة الأخيرة، خلال يونيو الماضى، وفقًا لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية نشر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تقريرًا يستند إلى معلومات استخباراتية وردت من الدول الأعضاء فيه، تشير إلى أن القاعدة تتواجد فى 15 مقاطعة أفغانية على الأقل وأن جناحها فى شبه القارة الهندية، يعمل تحت حماية طالبان من قندهار وهلمند ونمروز . فيما تعلن مؤسسة «السحاب»، الذراع الإعلامية لتنظيم «القاعدة»، بشكل دائم عن عمليات مقاتليها التى تبدو منتظمة فى أفغانستان ويعتقد أن زعيمها، «أيمن الظواهري»، مازال مختبئاً فى أفغانستان رغم أنه أصبح أقل خطورة مما مضى، بافتراض عدم تصديق شائعات وفاته العام الماضى. وما يعد غريبا حتى الآن، وسط كل هذه الأحداث لم يصدر أى تعليق من الظواهرى على سيطرة طالبان واستعادة الحكم مرة أخرى فى أفغانستان وفرار الرئيس غنى. حيث يرى العديد من المحللين أن غيابه حتى الآن يثير العديد من الشكوك كبقائه على قيد الحياة وفرضيات مرضه أو عجزه.


وفى سبتمبر الماضي، بدأت الشائعات تدور حول وفاة الظواهرى لأسباب طبيعية؛ دون أى تأكيد، ما دفع العديد من محللى مكافحة الإرهاب ومراقبى القاعدة لتقييم مختلف لما سيعنيه للمنظمة الإرهابية إذا فقدت زعيمها بالفعل، فإذا مات الظواهرى، سيكون بمثابة ضربة أخرى للقيادة العليا المتضائلة للقاعدة، والتى تضاءلت بشكل مطرد على مدار السنوات العديدة الماضية. وخلال مارس المنصرم، أصدرت مؤسسة السحاب، مقطع فيديو ربما كان يهدف إلى إخماد التقارير عن وفاة الظواهرى، مع مقاطع صوتية أخرى له تتناول محنة مسلمى الروهينجا فى ميانمار. ولكن نظرًا لأن هذه الرسائل فشلت فى الإشارة إلى أى أحداث جارية على وجه التحديد، حيث يمكن أن تنطبق تعليقاته الغامضة حول مسلمى الروهينجا فى ميانمار على أحداث ماضية على مدار سنوات، ما أثار المزيد من التكهنات بأن الزعيم الإرهابى الذى يبلغ من العمر سبعين عامًا قد مات بالفعل، وفقًا لموقع التحليل السياسى العالمى «World political review» ولم تستبعد صحيفة «التايمز» البريطانية أن يكون الظواهرى أو عدد كبير من رجاله قد فروا من أفغانستان، حيث إن بعض أعضاء التنظيم الذين فروا من وكالة الاستخبارات المركزية والقوات الخاصة الأمريكية يتواجدون الآن فى إيران، وفقاً لوكالة استخبارات الدفاع. وتشير فرضية أخرى إلى اضطرار الظواهرى إلى القيام بهجمات محدودة، على الأرجح حول الحدود الأفغانية الباكستانية، من أجل إبقاء القاعدة على قيد الحياة فقط. ومع ربط العلاقات التى تجمع بين قادة طالبان والظواهرى، توضح التقارير، وفقًا لقناة «يورو نيوز» الإخبارية العالمية بالتعاون مع وكالة الأنباء الفرنسية، تعهد زعيم الحركة «هيبة الله أخوندزادة» بالولاء لزعيم القاعدة، الذى بايعه واصفا إياه بـ «أمير المؤمنين»، بعد أن قتلت غارة أمريكية سلفه الملا  محمد منصور عام 2016.


وبينما يحتشد الأفغان اليائسون فى مطار كابول فى محاولة للفرار من طالبان، وقبل ساعات من الهجوم الانتحارى الذى استهدف مطار كابول، حذر مسئولون أمريكيون من تهديد جهادى آخر لتنظيم الدولة الإسلامية، الفرع الإقليمى للتنظيم، المسمى داعش خراسان، نسبة إلى «خراسان» الاسم التاريخى للمنطقة، الذى يشمل أجزاء مما يعرف اليوم بباكستان وإيران وأفغانستان وآسيا الوسطى. وبعد أشهر من إعلان الدولة الإسلامية الخلافة فى العراق وسوريا عام 2014، انضم مقاتلون منشقون من طالبان الباكستانية إلى المسلحين فى أفغانستان لتشكيل إقليمى، وتعهدوا بالولاء لزعيم داعش «أبو بكر البغدادى». واعترفت القيادة المركزية للدولة الإسلامية بالتنظيم رسميًا فى العام التالى، حيث ترسخت جذورها فى شمال شرق أفغانستان، ولا سيما مقاطعات كونار وننكرهار ونورستان. كما تمكنت من تكوين خلايا نائمة فى أجزاء أخرى من باكستان وأفغانستان، بما فى ذلك كابول ، وفقًا لمراقبى الأمم المتحدة.


ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة والجيش الأمريكي، بعد مرحلة الهزائم الشديدة، يعمل تنظيم الدولة الإسلامية فى خرسان الآن من خلال خلايا سرية متمركزة فى المدن أو بالقرب منها لتنفيذ هجمات كبيرة. فى حين أن كليهما من المتشددين الإسلاميين السنة، ترى داعش خرسان طالبان على أنها مرتدة، لقد اختلفوا فى تفاصيل الاستراتيجية والدين، يدعى كل منهما أنه حامل الراية الحقيقية للجهاد. وأدى هذا الصراع إلى قتال دموى بين الاثنين، حيث خرجت حركة طالبان منتصرة عام 2019 عندما فشل تنظيم الدولة الإسلامية فى خرسان فى تأمين الأراضى كما فعلت الجماعة الأم فى الشرق الأوسط. وقد انتقد تنظيم الدولة الإسلامية اتفاق العام الماضى بين واشنطن وطالبان الذى أدى إلى اتفاق لسحب القوات الأجنبية، متهمًا الأخيرة بالتخلى عن القضية الجهادية.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة