جنون الأسعار
جنون الأسعار


جنون الأسعار يضرب سوق الترفيه.. تذاكر فى متناول الطبقة الغنية

آخر ساعة

الأحد، 12 سبتمبر 2021 - 02:10 م

عادت وسائل الترفيه مجددا للحياة, وفتحت دور السينما والمسارح والحفلات الغنائية أبوابها للجمهور ليشهد الموسم الصيفى لهذا العام انفراجة مشهودة، أدت إلى حراك فنى بعد فترة قاحلة استمرت لأشهر طويلة من الإغلاق؛ بسب تداعيات فيروس كورونا الذى أصابها بشلل تام خلال العام الماضى.. ولكن بعد أن ضرب جنون الأسعار سوق الترفيه, فأدى إلى ارتفاع أسعار تذاكر تلك الوسائل بشكل مبالغ فيه خاصة الحفلات الغنائية, مما أثارت غضب الجمهور، واستنكره المواطن البسيط ونقاد الفن لتصبح “وسائل ترفيه للمرفهين” من وجهة نظرهم.

تتراوح أسعار تذاكر السينما لهذا العام ما بين 40 جنيها الفترة الصباحية وتبدأ من 70 جنيها للفترة المسائية وتصل إلى 150 وأحيانا 250 جنيها للفئة المميزة فى بعض المولات التجارية، وبالنسبة للمسرح, فمن العروض المسرحية التى تم عرضها خلال الفترة الماضية, مسرحية “أبو العربى” التى تمثل عودة لهانى رمزى لخشبة المسرح بعد فترة غياب 18 عاما وتبدأ أسعار التذاكر من 150 لتصل إلى 750 جنيها, والمسرحية من إخراج تامر كرم وتأليف محسن رزق. نفس الأمر لمسرحية “شمسية وأربع كراسى” بطولة أشرف عبد الباقى.


بينما تراوحت أسعار التذكرة لمسرحية “علاء الدين” بطولة أحمد عز, ما بين 200 و300 لتصل إلى 1500 جنيه والمسرحية من إخراج مجدى الهوارى، أما الشركة المنتجة لمسرحية “يا ما فى الجراب يا حاوى” حددت أسعار التذاكر الخاصة بالعرض المسرحى لتبلغ تكلفة التذكرة للفئة الأولى 500 جنيه وتصل إلى 1500 جنيه للفئة المميزة، المسرحية بطولة يحيى الفخرانى ومن إخراج مجدى الهوارى، ومع ارتفاع تلك الأسعار حاول مسرح الدولة والبيت الفنى للمسرح أن يحافظ على دوره فى تقديم مادة ترفيهية فى متناول الجميع, حيث قدم مجموعة من العروض المسرحية على مسرح الطليعة بأسعار بدأت من 25 لتصل إلى 35 جنيها.


وشهدت الفترة الماضية أيضا إقامة مجموعة من الحفلات الغنائية لنجوم الغناء, ومنها على سبيل المثال حفل “باند كايروكي” وبدأت تكلفة التذكرة من 300 جنيه لتصل إلى  750 جنيه, أما تكلفة أسعار تذاكر الحفلات الغنائية التى أحيتها روبى فقد بدأت من 500 لتصل إلى 2000 جنيه للفئة المميزة، وارتفعت تكلفة حفل “مسار اجبارى “ الذى أقيم في الإسكندرية ليصل إلى 280 جنيها بما يعادل 4 أضعاف سعرها المعتاد مما أثار استنكار الجمهور، فهل أصبح مشاهدة فيلم سينمائى لأسرة كاملة يشكل عبئا ماديا على كاهل رب الأسرة؟، وهل اقتصر المسرح الخاص والحفلات الغنائية لنجوم الغناء للطبقة المخملية وذوى الدخل المرتفع فى ظل الزيادة المستمرة لأسعار تذاكر الدخول؟ وما تأثير تلك الزيادة على الصناعة نفسها خاصة وأنها مهددة من قبل القرصنة وسرقات الإنترنت؟

يرى المسئولون عن المنظومة والصناعة أنها زيادة طبيعية وتتناسب طرديا مع زيادة التكلفة والأعباء الإنتاجية,  بينما يرى النقاد أنها أسعار مبالغ فيها لا تتناسب مع محددي الدخل مبدين تخاوفهم من اقتصار تلك الحفلات ووسائل الترفيه على الأثرياء فى المستقبل بالإضافة الى تأثيرها على الصناعة ومدى رواجها.

ويؤكد الناقد الفنى طارق الشناوى ضرورة استجابة المسئولين لتخفيض أسعار التذاكر وتشديد الرقابة عليها للحد من جشع البعض ورغبتهم فى رفع التكلفة دون النظر إلى خدمة المجتمع وتلبية متطلباته, ويقول: ليس من المنطقى بعد تراجع الاقتصاد فى شتى المجالات وخاصة فى المجال الفنى, بسبب تداعيات فيروس كورونا ومع الخوف الذى لا يزال يسيطر على البعض من التجمعات, أن يكون رد الفعل مع عودة الحياة بشكل تدريجى زيادة أسعار التذاكر.. فلابد من تخفيض الهامش لتشجيع الجمهور على العودة مجددا للسينما وإعادة علاقته بالمسرح, فطبقا للإحصائيات فإن الواقع الاقتصادى يؤكد أن الطبقة المتوسطة أضيرت بشكل كبير فى الفترة الأخيرة فهذه الطبقة المضارة اقتصاديا يجب تشجيعها للعودة للسينما والمسرح, ولكن عندما يصل سعر التذكرة لـ 2000 جنيه فهى أرقام مخيفة للجمهور, مع العلم أنه لايوجد مشكلة فى مخاطبة طبقة الأثرياء وتنظيم حفلات ودور عرض تتناسب مع مستواهم الاجتماعى, ولكن أيضا يجب أن توضع الطبقة المتوسطة فى الاعتبار, وأتذكر أن حفلات أم كلثوم كان يخصص فيها كراسى بأسعار زهيدة, فالترفيه حق للجميع والمطرب شعبيته تأتى من اقبال الجمهور وليس بسعر التكت.

ويضيف قائلا: هناك ما يسمى فى قانون الاقتصاد بمعدل الربح وهامش الدوران, وهى نظرية بديلة لرفع الأسعار, فكلما قل معدل الربح زاد معدل الدوران, بمعنى أن يقل مكسب التذكرة من 10 إلى 5 جنيهات على سبيل المثال وفى هذه الحالة يزداد معدل الدوران, وهامش الدوران يعنى زيادة البيع الذى يتحقق بناء على تخفيض السعر, فهى نظرية اقتصادية يغفلها البعض. فالمطلوب من الدولة وضع حد أقصى للأسعار وتطبيق ذلك لفتح الباب لشرائح مختلفة, ومطلوب أيضا من المسئولين وبالأخص غرفة صناعة السينما فهى تمتلك ولاية مباشرة على صناعة السينما فى مصر أن تضع آليات لتنظيم وضبط السوق.


دور الدولة

وتقول الناقدة ماجدة موريس: للأسف أصبح سعر تذاكر السينما حاليا مبالغ فيها, بالرغم من أنها تعد واحدة من أهم وسائل الترفيه المحببة للجمهور وتمثل الجزء الأهم من صناعة الترفيه, وقد يرجع ذلك اقتصار تواجد دور العرض السينمائية فى المولات التجارية الفاخرة بعد أن تم هدم دور العرض القديمة من قبل سماسرة اشتروها لاستبدالها بأبراج سكنية, حتى سينما فاتن حمامة والتى كانت تعتبر نوارة منطقة المنيل, فعندما تقل الخيارات وتهدم سينما الأحياء تقل فرص محدد الدخل فى الحصول على حقه فى الترفيه وتصبح زيارة السينما عبئا ماديا عليه, فيجب بناء دور عرض سينمائية بالأحياء الشعبية والأماكن البسيطة والمحافظات لإحداث توازن بين نسبة جمهور الأماكن الراقية والأماكن البسيطة، منوه إلى أن هذا الغلاء سيساهم فى اتجاه البعض لتصوير الأفلام بهواتفهم, وبالتالى ستزداد السرقات والقرصنة على الإنترنت لتكون بديلا لثمن التذكرة المرتفعة.


وتتابع: بالنسبة للمسرح, فقد عوضت مسارح الدولة بما فيها مسرح الطليعة والمسرح القومى الجمهور بعض الشئ عن أسعار تذاكر المسرح الخاص المرتفعة, أما المعضلة الكبرى فأرى أنها فى الحفلا ت الغنائية وأقولها باختصار شديد أن تلك الحفلات أدت إلى تقسيم مصر لشعبين, من يرتاد الساحل الشمالى ولايجد أدنى غضاضة فى دفع آلاف الجنيهات للاستمتاع بحفل غنائى, وشعب آخر يقبل على الحفلات التى تنظمها مؤسسات الدولة ولايدفع أكثر من 20 جنيها نظير استمتاعه بالحفل, وهنا أوجه الشكر للدكتورة إيناس عبد الدايم ومن معها للتأكيد على ألا تزيد تكلفة تذاكر حفلات مهرجان القلعة الذى اقيم مؤخرا عن 20 جنيها, ليشعر الجمهور بأنه قادرا على الاستمتاع والترفيه عن نفسه دون أن يحمل عبء التكلفة المالية المبالغ فيها, فأرى أنه لايليق بنا وبدولة تحترم الفن والثقافة أن يتواجد بها حفلات بهذه الأسعار التى تحول وسائل الترفيه للمرفهين وسكان الساحل.


وبالنسبة لتفاوت الأسعار من مكان لآخر تقول: أرى أنه خطأ كبيرا، فليس من حق أى جهة تحديد أسعارها وفقا لأهوائها, فأين دور الدولة والنقابات, فهذه الوسائل لابد وأن تتاح للناس بأسعار مناسبة وعلى الدولة أن تضع فى اعتبارها القدرات المادية المختلفة, ومع الأسف حياتنا أصبحت مرتبطة بالبورصة وسعر الدولار, فتشتعل الأسعار مع كل ارتفاع لسعر الدولار ولا تنخفض بإنخفاضه والفرق يدفعه المواطن البسيط من قرارات متخبطة لا تستطيع كبح جماح الأسعار أو التصدى لجشع التجار مع انعدام الرقابة. 

زيادة منطقية

ويعقب سيد فتحى، مدير عام غرفة صناعة السينما، على رأى النقاد، ويؤكد أن الغرفة لا تتوانى عن مناقشة أى أمر يخص صناعة السينما ويصب فى مصلحة الجمهور ومن ضمنها ارتفاع الأسعار, فالمطالبة فى النظر لتلك الأسعار الموضوعة حق من حقوق المجتمع وهناك أسعار معقولة وآخرى يجب أن يعاد النظر فيها, ويقول: نسبة الزيادة المقررة على أسعار تذاكر السينما لهذا العام هى نسبة معقولة ومنطقية تتناسب مع ارتفاع التكلفة الإنتاجية وأيضا سد تكلفة تشغيل السينما نفسها من فواتير مياه وكهرباء ونظافة, لذلك تتفاوت أسعار التذاكر من مكان لآخر, فمسألة تحديد الحد الأعلى والأدنى لسعر التذكرة المتحكم فيها ظروف السوق وطبيعة ومكان كل دور عرض, والبدائل لمحدود الدخل كثيرة ومتاحة وبأسعار أقل من 40 جنيها، وعن احتمال زيادة الأسعار مرة أخرى الفترة القادمة يقول: لا أعتقد أنها ستزيد خاصة وأن نسبة التشغيل 70% وعلينا الحفاظ على تلك النسبة وتشجيعها على العودة للسينما, فلن تتم أى زيادات أخرى لتجنب أى اجراء من شأنه تحريك الشارع الكتوى بنيران الأسعار ويئن ويشكو من غلاء المعيشة.


وفيما يخص الحفلات الغنائية, يقول ناصر بجاتو المسئول عن تنظيم الحفلات الغنائية بشركة روتانا: العائد المادى من الحفلات الغنائية ليس كما يتوفعه البعض والأرباح ليست خيالية وزيادة أسعار التكت هى نسبة لمواكبة ارتفاع المؤشرات الاقتصادية وتكاليف تجهيز الحفل واستخراج التصاريح وأجر الفنان والفرقة الموسيقية كلها مكلفة وعليه فإن تحديد قيمة التذكرة يتم من بناء على وجهة نظر المنتج أو المسئول عن الحفل, فهو ادرى بقيمة المصروفات والعائد المطلوب لسدها وتحقيق هامش ربحى, كما أن هناك نقطة يجهلها البعض وهى أن 99% من تلك الحفلات دعوات وليست تذاكر مدفوعة الثمن.


ويتابع قائلا: لقد شهد الموسم الصيفى تنوع فى الحفلات للوصل لصيغة مثلى فى محاربة الأسعار, فكان هناك الحفلات العامة كالتى تقام فى المسرح الرومانى وأسعار التكت فيها فى متناول الجميع, أما حفلات الفئة المميزة والمخصصة لناس وأماكن معينة فلها أرباح وأسعار خاصة تتناسب مع سكان الساحل على سبيل المثال ولا تشكل عبء مادى لهم, فهذا التنوع مطلوب لدوران عجلة الإنتاج من جديد وكسر حدة الركود التى عانينا منها العام الماضى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة