د.أحمد الشرقاوى
د.أحمد الشرقاوى


الإمام والبابا والطريق الصعب

الأخبار

الخميس، 23 سبتمبر 2021 - 08:07 م

د. أحمد الشرقاوي رئيس قسم القانون الخاص  جامعة الأزهر

قليلةٌ هى الكتب الَّتى تنطلق من التَّركيز على قضيةٍ تَهمُّ الإنسانيَّةَ كلَّها، وتتناولُها بصدقٍ وموضوعيَّة، وإخلاص، وحُبٍّ، دون أدنى شُبهةٍ من تعصُّبٍ، أو لمحةٍ من تحيُّزٍ، أو بادرةٍ من عدم التَّدقيق والتَّحقيق.


ويأتى كتابُ (الإمام والبابا والطَّريق الصَّعب.. شهادة على ميلاد وثيقة الإخوَّة الإنسانيَّة)؛ ليتبوَّأ مكانًا بارزًا بين هذه الكتب وتلك؛ بما يضمُّه بين دفَّتيه من مناقشات فكريَّة، ومباحثَ إنسانيَّة، وقضايَا واقعيَّة، وسيرةٍ ذاتية.. فى هذا الكتاب يسرد المؤلف القاضى محمد عبد السلام الخطوات المتسارعة التى خطاها الإمام الطيب والبابا فرنسيس نحو التفاهم والحوار، ويتعمَّق كذلك فى تسجيل الوقائع والترتيبات للإعداد للوثيقة وللزيارة.. ويختم المؤلف كتابَه بالحديثِ عن جهود العمل مِن أجل تفعيل وثيقة الإخوة من خلال تشكيل اللجنة العليا للإخوة الإنسانية.


عنوان الكتاب حَوى عدَّة كلماتٍ مفتاحيَّةٍ تدلُّ دَلالة واضحةً على لُبِّه وهي: «الإمام- البابا- الطريق الصعب- شهادة». نركز على الطريق الصعب فيها حيث يقول :إنه حقًّا طريق صعب طريق حُفُّ بالصعاب والمكاره، على المستويين العام الإنسانى والخاص المتعلق بالأديان؛ العام فطالما أقضت الحروب والصراعات بين البشر عمومًا والأديان خصوصًا مضجع الكوكب الأرضى بأكمله، وذاقت كل الكائنات التى تحيا فوقه ويلات الحروب، وعذابات الصراعات والنزاعات العرقية والطائفية، أما آن الأوان للحرب أن تضع أوزارها، ويسود السلام والعدل دنيا الناس، وتعمُّ الأخوة الإنسانية البشرية جمعاء على نحو ما أراده الله من تحقيق مصالحهم فى الدنيا والآخرة، ومن ثَمَّ يتحقق المقصود من وجودهم، وهذا لا يتأتَّى إلَّا ببسط العدل، وتحقق الأمن؛ لأنَّ الناسَ إذا أمنوا فى أوطانهم ارتاحت نفوسهم واطمأنت قلوبهم، ومن ثَمَّ فيسلموا فى أنفسهم وأوطانهم.


وهكذا فاجأ الإمام الأكبر العالم كله بقراره بزيارة الفاتيكان، التى كانت أولى خطوات السير فى هذا الطريق الصعب، والتى استغرق الإعداد لها ما يقرب من عام.. ولَعَلَّ أفضلَ ما تميَّز به هذَا الكتاب دِقَّةُ القاضِى الكاتبِ الذِى جمع بين الشريعة والقانون، وما تمرَّس فيه مِن أعمال قضائية جعلتْ منه الشخص المُؤهَّل لتسجيل تلك الشهادة باقتدار حقيق، وجدارة مشهودة.. وَلْيَعْلَمْ مطالعُ هذه الشهادة أنها تاريخ محدود لمدة زمنية مخصوصة قد تركت صداها العميق فى نفس مؤلِّفها، فأحبَّ أن يخلِّدَها فى سِفرٍ لطيفٍ يبقى ذكره فخرًا للأنساب والأحساب، وتاجًا للأجيال والأعقاب.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة