علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب


انتباه

إعجاز.. لا معجزة!

علاء عبدالوهاب

الأربعاء، 06 أكتوبر 2021 - 07:53 م

بعد ٤٨ عامًا على نصر أكتوبر المجيد، مازال هذا الإنجاز العظيم جديراً ليس فقط بالحفاوة الاستثنائية فحسب، ولكن بالتأمل العميق فى جوهره ومغزاه..  يروق للبعض على مدى تلك العقود، أن يردد وصف ما حدث بأنه معجزة، فى غير عصر المعجزات، ينسى هؤلاء أو يفوتهم أن ذلك العصر قد ولى، فالمعجزة تظل أمراً خارقاً للعادة، يظهره الله على يد نبى تأييداً لنبوته، والأصوب أن نثمن نصر أكتوبر باعتباره إعجازاً بشرياً، لأمة أخذت بالأسباب، فكان أن حظيت بالتوفيق الإلهى..  كان إعجاز الإنسان المصرى فى أكتوبر ٧٣ حاصل تفاعل خلاق ومبدع للتخطيط البارع، والإرادة والعزم، والتمسك بالعلم وتجلياته مع تطويعها لمقتضيات معركة استرداد الكرامة والأرض، ثم امتلاك زمام المبادرة، والتشبث بالحق.
لم ينتظر المصريون ـ شعباً وجيشاً وقيادة ـ أن تحدث معجزة، بل سعوا حثيثا عبر شحذ همهم، واستدعاء مخزونهم الحضارى لكسر كل الحواجز، التى راهن العدو على أن تحول بين مصر وخوض معركة تثأر فيها، بعد أن تتخطى العوامل التى صنعت النكسة، باعتبارها مجرد جملة اعتراضية لوطن يضرب تاريخه الحضارى عميقاً، عبر سبعة آلاف سنة.
 إعجاز الجندى المصرى فى حرب التحرير لم يستند فقط إلى المقومات التى تضمن النصر لأى جيش يملكها، وإنما كان بامتلاكه جسارة نادرة، وشجاعة يدعمها إيمان بالله وبحق الوطن فى استرداد كل حبة رمل سُلبت فى يونيو ٧٦، من ثم كان الأداء القتالى على كل الأصعدة، وفى جميع مراحل حرب أكتوبر يحمل فى طياته إعجازا يرد عمليا على محاولات لم تهدأ منذ النكسة، هدفها تحطيم ثقة المصرى عموماً، والجندى خاصة فى قدراته التى تكفل له تحقيق الانتصار فى أصعب المواقف وأكثرها قسوة.
 بعد ما يقرب من نصف قرن على تحقيق النصر، يقود التقييم الموضوعى لهذا الإنجاز الكبير لوضعه فى خانة الإعجاز البشرى الاستثنائى، الذى نتج عن تجربة ست سنوات من المعاناة والاستعداد الجاد، والفهم لأبعاد الصراع الحضارى الشامل، والوعى بارتباط النتيجة النهائية للمعركة بالمستقبل الحضارى للوطن. من ثم فإن هذا الإعجاز الإنسانى الفريد لامس حدود المعجزة، ولو بمعناها المجازى، بعد أن استطاعت مصر حشد طاقاتها المادية والمعنوية الكامنة، فكان النصر الباهر.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة