ببساطة أعلنت الحكومة الإثيوبية قبل أيام أنها ماضية فى بناء سد النهضة على الرافد الأهم لمنابع النيل وبغض النظر عن المفاوضات الثلاثية الجارية بين إثيوبيا وكل من دولتى المصب السودان ومصر، وبثقة من يعلم أن لا شيء سيحول بينه وتحقيق أهدافه أكدت الحكومة الإثيوبية أن العمل فى بناء السد سيكتمل بحلول العام المقبل 2017 !!
والحق أنى أجد التصريحات الإثيوبية طبيعية جداً ولاتخرج عن سياقات عملية التفاوض الجارية التى لم نر فيها موقفاً مصرياً واضحاً ضد الاستمرار فى بناء سد من شأنه حرمان مصر من جانب من حصتها الأساسية الثابتة فى مياه النيل، وإنما على العكس شاهدنا المفاوض المصرى وهو يطلب زيادة عدد فتحات تصريف المياه بجسم السد وهو مطلب لا يصدر إلا عمن استسلم وسلم بالأمر الواقع وعلى هذا فقد رفض.. !!
ويبدو أن المفاوض المصرى إن جاز أن نصف ما يجرى بالتفاوض، غير أنه فرط فى حقوق مصر الثابتة والأصلية بمياه النيل «الضامنة» لحق شعبها فى الحياة على هذه الأرض، أغفل ونسى ما سبق وحذرت منه تقارير رسمية عدة على مدى تجاوز ربع قرن من أن الهدف الحقيقى من بناء سد إثيوبيا، هو الضغط على مصر وإجبارها على نقل مياه النيل إلى الكيان الصهيونى (إسرائيل) عبر سيناء وإلا كان مصيرها العطش.
و لست هنا من مروجى نظريات المؤامرة وإنما من المؤمنين بأن المؤامرة على مصر فى مشروع بناء السد هى حقيقة واقعة تفضحها قائمة الدول التى ساهمت فى تمكين إثيوبيا من بناء هذا السد وأولها الدولة العبرانية عدوتنا الأزلية المحتلة لفلسطين، نعم سعت إسرائيل لعقود وباستماتة إلى الحصول على مياه النيل، وهو الهدف الذى تسجل مسارات علاقاتها مع مصر إنها كادت أن تحققه إبان حفر ترعة السلام فى سيناء خلال تسعينيات القرن الماضى والتى كان مقدراً لها أن تصل بمياه النيل إلى رفح وسط مناخ لوثته أباطيل سلام مبارك الاستراتيجى وخاصة بعد تسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية والذى روج بعده إلى عودة قطار الشرق السريع وتطبيع كلى للعلاقات مع العدو.
والثابت أنه لولا قيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى وانتباه رجال من المؤسسة الأمنية الأهم بالدولة لحقيقة ما يجرى لسلم مبارك ويوسف والى مهندس التطبيع مع الصهاينة مياهنا إلى العدو.
و أخيراً لم يعد هناك متسع من الوقت لمفاوضات خائبة، وليس صحيحاً أبداً أننا لا نملك منع بناء هذا السد.. ووفق حق الحياة والقانون الدولى وكل الأعراف من حقنا كدولة المصب اللجوء إلى كل الخيارات لتأمين احتياجاتنا وحقوقنا المائية.