اللواء محمد مختار قنديل
اللواء محمد مختار قنديل


رجال صنعوا النصر| اللواء محمد مختار قنديل

سما صالح

الخميس، 07 أكتوبر 2021 - 03:09 م

 

في السادس من أكتوبر عام 1973، نجح  الجيش المصري في هزيمة القوات الإسرائيلية المحتلة واسترداد اراضي سيناء، بعد معركة لقن فيها الجيش المصري جنود إسرائيل درسًا لا يُنسى، تحت قيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

ويروى احد أبطال الملحمة التاريخية  تفاصيل وكواليس الحرب المشهودة وهو اللواء «مهندس محمد مختار قنديل»، أحد أبطال سلاح المهندسين في حرب أكتوبر..

حيث قال الخبير الاستراتيجى والعسكرى، إن حرب أكتوبر 1973 كانت ملحمة تاريخية كبرى، سيظل يفخر بها المصريون والعرب لعقود طويلة، نظرًا لما حققه الجندى المصرى من شجاعة وبسالة فى استعادة الأرض والعرض، وتحرير تراب سيناء الطاهر من الاحتلال الغاشم الذى ظن أن الجيش المصرى لن يتمكن أبدًا من عبور قناة السويس  وتحرير أرضه، لافتًا إلى أن ما قام به رجال القوات المسلحة فى حرب رمضان المجيدة غيّر كل نظريات العلوم العسكرية، فى مختلف الدول  وأثبت أن الفرد المقاتل هو الأساس وليس المعدات المتطورة ووسائل التسليح الحديثة.

ومن الضروري استغلال ذكرى حرب أكتوبر كي يعرف الشباب ما صنعه، رجال مصر الأوفياء لتحرير وطنهم من أيدي العدو الصهيوني من خلال تدريبات مكثفة استمرت 6 سنوات، تكللت بمفاجأة العدو برجال القوات المسلحة تحاصره من كل مكان، حتى تمكنت من عبور القناة وتحطيم كافة الموانع.

وأدعو أبناء الشعب المصري إلى ضرورة اليقظة للمؤامرات التي تحاك ضد الوطن، وخاصة أن معظم جنود الجيش الأن لم يحضروا حرب أكتوبر لكنهم لا ينقصوا وطنية وإخلاص عن جنود 1973، والجيش المصري لديه طاقة جبارة ليحارب العدو الداخلي والخارجي والانتصار عليهم.

ففي أكتوبر 73 دخلنا الحرب ونحن مستعدون إيمانا وتدريبا وروحا معنوية عالية، كنا قد عرفنا كل مشكلة ستواجهنا عند اقتحام قناة السويس وأعددنا لها الخطط والعدة اللازمة، وعادت لنا عزيمة الإصرار على تحدى الصعاب مهما كانت بما في أيدينا من إمكانيات ذاتية وأسلحة ومعدات ووسائل.

وروى اللواء مختار قنديل ذكرياته عن حرب أكتوبر المجيدة قائلًا: « التحقت بالقوات المسلحة عام 1964 بعدما تخرجت فى كلية الهندسة جامعة عين شمس وعملت بسلاح المهندسين، فى أحد المواقع بمدينة شرم الشيخ فى ذلك الوقت، حتى جاء يوم 5 يونيو 1967 وجاءنا إنذار مبكر بغارة جوية معادية، الأمر الذى جعلنا نحتمى بأحد الملاجئ، إلا أن طائرات العدو لم تأت إلينا بعد فشلها فى ضرب مطار الغردقة العسكرى، غطائنا الجوى القريب، وفى هذه الأثناء علمنا أن القوات الإسرائيلية هاجمت المطارات الحربية ودمرت الطائرات على الأرض، نتيجة لعدم وجود دشم تحتمى بها تلك الطائرات، وكذلك تمكنت من الزحف إلى سيناء والتقدم نحو قناة السويس».

وتابع: «كنا نعرف أن سلاح المهندسين بضباطه وجنوده سوف يقتحم القناة والعدو هناك محصن على الساتر الترابى «22 م» شرق القناة، وهذا الساتر عليه دبابات كل واحدة تبعد عن الأخرى 100 متر، وهناك 31 قلعة حصينة تسمى النقط القوية كل منها بمساحة 4000 م2 أي فدان في بطن الساتر مكونة من طوابق سقوفها من الخرسانة المسلحة التي تتحمل 1000 رطل من قنابل الطائرات».

ويضيف: « كنت برتبة رائد في سلاح المهندسين التابع للجيش الثاني الميداني وبدأنا في التجهيز للحرب وتدربنا كثيرا على إقامة الكباري العائمة وعبورها، وكنا في البداية نتدرب بمفردنا ثم انضمت إلينا الأسلحة المشتركة للتدريب على كيفية عبور الدبابات والمدرعات من فوق الكوبري العائم».

وأستكمل: « أثناء العبور كنت على شاطئ القنال ورأيت بعيني أسراب الطائرات وهي تعبر القناة لاستهداف مواقع العدو، بعدها قامت المدفعية المصرية بعمل تمهيد نيراني استمر 35 دقيقة، ثم انطلقت أكثر من 7 موجات من القوارب المطاطية المحملة بجنود المشاة والصاعقة إلى الشاطئ الشرقي من القناة، تبعه عبور جنود المشاة».

وواصل: «كانت التوجيهات من القيادة تصدر بتوزيع الأدوار على كل الضباط والأفراد ليعرف كل فرد مهمته بشكل دقيق، إذ حملت إحدى موجات القوارب المطاطية طلمبات المياه النفاثة لفتح ثغرة في جسم خط بارليف، وبالفعل حدثت المعجزة وأحدثنا ثقوبًا كبيرة فيه، وقمنا ببناء الكباري بطول قناة السويس في 6 ساعات وانتهينا منها في تمام العاشرة مساء، ثم بدأت الدبابات في العبور».

وأضاف: «كثرة التدريبات ساعدت على عدم غرق أي دبابة أو مدرعة في مياه قناة السويس أثناء العبور فى حرب أكتوبر، انتظرنا 6 سنوات تحت الأرض فى الملاجئ دون تكييف أو مروحة أو كهرباء أو تليفون محمول، كان التليفون المنفلة هو وسيلة الاتصال الوحيدة بنا».

واستطرد «قنديل» وصلت إلى غرب قناة السويس، وعسكرت فى إحدى الوحدات القريبة من مدينة نصر، ومكثت فيها لأيام فى انتظار تحركات جديدة من القيادة التى بدأت تفكر وترتب لحرب طويلة تنتهى حتمًا باقتحام قناة السويس، وبالفعل تم تكليف سلاح المهندسين العسكريين بضرورة إنشاء وحدات للكبارى العائمة، والتدريب عليها بشكل مكثف، استعدادًا لمعركة العبور التى استمر التجهيز والإعداد لها 6 سنوات متواصلة، شنت خلالها القوات المسلحة حرب استنزاف طويلة للعدو وموارده منذ عام 1967 وحتى عام 1970، وتكبد العدو خلالها خسائر فادحة فى معداته وأفراده على أيدى رجال القوات الخاصة المصرية والمجموعات القتالية، التى كانت تنفذ مهام على درجة كبيرة من الاحترافية وفق توجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة».

أقرأ أيضا : رجال صنعوا النصر | الإعلام شارك في الخداع الاستراتيجي واسترداد الثقة المفقودة 

وتابع اللواء «قنديل»: «طوال سنوات الحرب الدائرة مع العدو الصهيونى ونحن نعيش فى خنادق تحت الأرض، يتم تمييزها من الخارج ، حتى يتمكنوا من الوصول إليها، وفى عام  1972  عملت وسط زملاء جدد من مختلف أسلحة وأفرع القوات المسلحة، وكان مقر قيادة اللواء فى ذلك الوقت بلا أسماء أو أرقام ويقع تحت سطح الأرض، ولا توجد عليه أى علامات مميزة، ثم التحقت بالجيش الثانى الميدانى فى شهر يوليو 1973 بعدما صدرت نشرة تنقلات الضباط الدورية».

وأضاف اللواء «قنديل»: «عدت من آخر إجازة ميدانية قصيرة قبل الحرب ووجدت زملائى فى الفرع بمركز قيادة الجيش الثانى يستعدون للمشروع التدريبى الكبير، وكان ذلك يوم 25 سبتمبر 1973، فقد كانت قيادة الجيش تعد لمشروع تدريبى كبير تشترك فيه جميع وحدات الجيش وعناصر للتدريب على مهام العبور، وعلمت حينها أن بعض وحدات الكبارى قد تحركت من التل الكبير للمنطقة المركزية بعد أن أنهت تدريبها بالجيش، واستمر العمل على قدم وساق حتى يوم 5 أكتوبر 1973، حيث انتقلنا فى صباح ذلك اليوم من مجموعة الملاجئ المخصصة للفرع الهندسى بمركز قيادة الجيش الرئيسى إلى مركز إدارة هذه القيادة، حيث يوجد رئيس أركان الجيش وضباط العمليات، وتم تخصيص حجرة للوجود فيها بصفة مستمرة لإطلاع القيادة على الموقف الهندسى أولًا بأول».

وواصل اللواء «قنديل» روايته عن حرب أكتوبر: فى صباح يوم 6 أكتوبر تم إعلامنا بأن التمهيد النيرانى للعملية الهجومية سوف يبدأ الساعة 2 ظهرًا، وعلى الرغم من أن التكليفات الرسمية قد صدرت من القيادة العامة للقوات المسلحة، فإن البعض لم يكن يصدق أن ساعة الصفر قد حانت فعلًا، وأيام التدريب الطويلة سوف تنتهى إلى بيان عملى حقيقى على عبور قناة السويس، وقد كان الجميع فى حالة من الفرح الشديد والترقب والخوف فى ذات الوقت، وكنت أشعر وكأنى طالب سيدخل الامتحان وهو يعتقد أنه نسى كل ما ذاكره، أو أن الامتحان سيحمل ألغازًا لا يستطيع حلها، وفى ذلك الوقت كانت جميع وحدات المهندسين المكلفة بمهام فتح الممرات فى الساتر الترابى، وكذلك وحدات العبور فى أماكنها طبقًا للبرنامج الزمنى للفتح والتمركز فى أوضاع الهجوم، وأخذ الجميع التمام بالتليفون من جميع الوحدات الهندسية بالجيش التى بلغت قوتها حوالى 15 ألف رجل.

أقرأ أيضا : رجال صنعوا النصر| الشهيد الرائد حسين العجمى.. بطل عشق تراب مصر 

وأشار الخبير العسكرى إلى أن قائد الجيش الثانى الميدانى أمر بقيام الضباط المهندسين، ومعهم الأفراد اللازمون ومهندسو الرى، بإغلاق مدخلى ترعة السويس، وترعة بورسعيد المتفرعتين من ترعة الإسماعيلية خوفًا من ضرب العدو لهاتين الترعتين وإغراق مدقات التحرك للقناة، بينما قطع ترعة بورسعيد سيغرق القوات فى القنطرة وإعاقتها أيضًا عن العبور، وسيمنع مياه الشرب عن بورسعيد.. وفى تمام الساعة الثانية وخمس دقائق بدأت تصلنا أصوات المدفعية رغم أننا خلف القناة بنحو 45 كيلومترًا، وبدأت الطائرات تعبر فوق رؤوسنا صوب سيناء تشد من أزرنا، ودارت المعركة، وفى تمام الساعة الثانية والنصف تم عبور الموجة الأولى لجميع قوات المشاة للجيش الثانى، وفى الساعة الثالثة إلا الربع تم رفع علم مصر على طول الجبهة من السويس حتى القنطرة، ثم بدأت تصلنا أنباء تهاوى قلاع العدو الحصينة، وفرار من فيها واستسلامهم، وانسحبت نقطة التمساح فرارًا من قواتنا الزاحفة نحو الشرق، وكذلك العديد من النقاط فى القنطرة شرق، وتم عبور 4 كتائب مشاة من الفرقة 16، وكان قادة هذه الكتائب قد عبروا الموجة الأولى وكانوا أول من وطئ أرض سيناء وفى تمام الساعة الرابعة و20 دقيقة بدأ العمل فى حوالى 50 ممرًا فى الساتر الترابى فى الجيش الثانى باستخدام طلمبات المياه النفاثة بعدما أصبح معظم الشاطئ الشرقى تحت قبضتنا، وتم إنشاء كوبرى مشاية لعبور المشاة، وبدأنا فى التحرك من قيادة الجيش، كل إلى نطاق عمله لمتابعة الموقف على الطبيعة، وتذليل أى صعاب قد تظهر فجأة، وتحركت من شمال ترعة الإسماعيلية إلى نطاق الفرقة 16 بين الإسماعيلية والدفرسوار، حتى وصلت إلى كوبرى سرابيوم الذى تم إسقاطه وتجميعه فى أقل من ساعتين تقريبًا.

وأضاف اللواء «قنديل» وفى يوم 7 أكتوبر توقعت القيادة ضربة جوية من العدو الإسرائيلى للرد على عملية العبور العظيمة التى قادها الجيش المصرى، وبالفعل تم هجوم جوى مكثف على معابر الفرقة 16، لكن العدو لم يتمكن من تنفيذ ضربة جوية شاملة على الجبهة، وتم التركيز على المعابر فقط التى كانت كثيرًا ما تتعرض للإصابة، ثم نعيد إصلاحها مرة أخرى تحت نيران العدو المكثفة، وظل الأمر على تلك الحالة حتى وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر 1973، وتنفيذ القرار بشكل فعلى بعد وصول القوات الدولية على مشارف السويس يوم 28 أكتوبر.

وكشف اللواء مختار قنديل أن «شارون»، قائد المنطقة الجنوبية العسكرية خلال حرب أكتوبر، تمكن من إحداث ثغرة فى منطقة الدفرسوار، عند مدخل البحيرات المرة الشمالى، وضرب قواعد الدفاع الجوى المصرية بالدبابات البرمائية.

أقرأ أيضا : رجال صنعوا النصر| سيد زكريا قصه بطل اكتشفت بعد 22 عام

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة