عن عبدالله بن عمرو بن العاص إنه قال: لم يكن النبي صلي الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا.. إذا كان منع الخلاف عند مناقشة أمورنا الحياتية مستبعداً وغير مقدور عليه لأنه مغاير لفطرة الانسان فينبغي علينا ان نتعلم أدب الحوار ونتعلم كيف نختلف وكيف نتفق. وقد علمنا كتاب الله السلوك الرشيد عند الاختلاف قال تعالي: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) فلابد من تقبل الخلاف بصدر رحب ونفس متسامحة علي حد قول الإمام الشافعي «رأينا خطأ يحتمل الصواب ورأي غيرنا صواب يحتمل الخطأ» فالمسلم مطالب الا يتعصب لرأيه ويقر بالخطأ إذا وجد الصواب لإن انكار الحق وعدم قبوله والتمرد عليه أمر خطير يهدد كيان المجتمع.
فالموضوعية والامانة تفرضان علي الإنسان العاقل ان يكون منصفاً لا يحتكر الرأي فهو بشر يصيب ويخطئ في حواراته ومناقشاته مع غيره ولئن كان التسليم في بعض الاحيان صعب علي النفس الا ان خلق المروءة والمصلحة العامة أهم من التشدد لفرض الرأي.. ولكي يكون الحوار هادفاً ومثمراً وإيجابياً فلابد له من ضوابط حتي لا يضيع الوقت من أهمها اخلاص النية بعيداً عن الرياء والنفاق وحب الظهور والسمعة وعدم الاستعلاء علي الآخرين فالصدامات الكلامية والمعارك الحوارية التي تدار في أي مناقشات او لجان أو جلسات تفقد الهدف الاساسي وتفقد روح الاخلاص.
فهناك أربعة اشياء لا يمكن استعادتها: الرصاصة بعد ان تطلقها والكلمة بعد ان تنطقها وعمرنا بعد أن نعيشه والفرصة بعد ان نضيعها وطريقة الحوار وهدفه تحدد دائماً شخصية المحاور فالناجح يناقش بقوة ولغة لطيفة والفاشل يناقش بضعف ولغة فظة فالكيس الفطن من يظهر معدنه في التحاور مع الآخرين.