عبدالله البقالى
عبدالله البقالى


حديث الأسبوع

حالة ضبط بصدد إنتاج طغيان رقمي عالمي

الأخبار

السبت، 09 أكتوبر 2021 - 07:39 م

اليوم.. تحتمل الأوضاع العالمية السائدة قراءات متعددة ومختلفة ومتضاربة، فمنذ ما يناهز السنتين يعيش العالم أوضاع شك وارتياب غير مسبوقة، وفى أحسن الحالات فإنه يعيش زمن الحقائق العلمية المؤقتة، إذ ما يكاد يقتنع الرأى العام بحقيقة علمية واحدة حتى تدحضها التطورات اللاحقة وتفندها الأسس العلمية التى استندت إليها، والسبب فى كل هذه الرجات العنيفة التى هزت المفاهيم والحقائق العلمية والمثل، مجرد فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة.


من المجازفة الاقتناع بقراءة معينة ومحددة من ركام القراءات التى يزيدها مرور الوقت تضخما، ومن المغامرة ترجيح تفسير ما، من كومة التفسيرات العلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التى يزيدها عامل الزمن ارتفاعا، ولكن مع كل ما تستوجبه شروط الحيطة والحذر، فإن أفول توهج الفيروس اللعين، وضعف شراهته المتواصل، وتراجع قوته فى الفتك، وبعدما بدأت دماء الحياة تضخ فى جسد الكون، فإن كل ذلك يوفر ظروف تخفيف مهمة تتيح لحظات تفكير فيما جرى بهدوء.


وهكذا، توحى تطورات الأحداث كما جرت منذ الإعلان عن أول حالة إصابة بالفيروس قبل حوالى سنتين من اليوم، أن العالم بأسره يتعرض إلى محاولة ضبط كبيرة وعظمى، من خلال فرض الامتثال للتعليمات التى تم تقديمها أول مرة كوصفات علاجية فعالة، التى حدت من حرية الفرد والجماعة.


ومهم أن نلاحظ أن إرادة الضبط التى يتعرض لها العالم منذ خروج هذا الفيروس إلى الكون يمتثل لها الأفراد و الجماعات طواعية وباقتناع مطلق وكامل، لأن الفهم الجماعى لهذه المحاولة يتأسس على حماية الحياة والسلامة الصحية، علما بأن نفس الشروط التى بررت بها التدابير والإجراءات أول مرة، هى نفس الشروط التى لا تزال سائدة، بل إن حجم التكاليف فى الأرواح وفى الاقتصاد هى اليوم أكثر من فترة البداية. وبذلك فإن محاولة الضبط تبدو متحررة من أية مقاومة شعبية، مما تطلبه تلك المقاومة من تكاليف فى المواجهة على المستويات الأمنية والسياسية واللوجستيكية والمادية، وبالتالى فإن محاولة الضبط هذه تنجز فى ظروف يسر غير مسبوقة ولا متوقعة فى مثل هذه الحالات، ويتم إخراجها إلى الوجود برضى وطواعية، بل وبحماس من ملايين الأشخاص فى كثير من الأحيان.


لنا أن نحتمل أن الأمر يتعلق بمحاولة ضبط رقمى يعيد النظر فى أنماط السلوك والإنتاج ، وليس خافيا اليوم على أحد التعديلات الجوهرية التى اقتحمت بنية الأنماط الاستهلاكية للأفراد والجماعات، والتغييرات الجوهرية التى خضعت لها علاقة الأشخاص والمجموعات بمختلف المنتوجات. فمن جهة تخلص المنتج من العديد من تكاليف الإنتاج، وأضحى العمل عن بعد مظهرا من مظاهر الإنتاج الفعال، وتخلصت الشركات بذلك من تبعات العديد من تكاليف الإنتاج من كهرباء ومياه وصيانة ونقل للمستخدمين ومن الأخطار المحدقة بالعمل الحضورى. ومن جهة ثانية تغيرت مجارى وسبل وسلاسل التسويق والترويج التجارى.

ولذلك لم يكن غريبا أن تراكم بعض الشركات الاقتصادية العملاقة أرباحا مالية خيالية، فى نفس الوقت الذى كانت فيه البشرية جمعاء تعيش ظروفا إنسانية فى غاية القسوة، ولم يكن مثيرا للدهشة أن تعلن شركة رقمية أمريكية واحدة عن خسارة تجاوزت سبعة ملايين دولار بمجرد أنها تعرضت لعطل لم يتجاوز أمده خمس ساعات فقط.

إننا ربما فى مواجهة طغيان رقمى بصدد إنتاج نظام عالمى اقتصادى جديد يدمر البنية الاقتصادية التقليدية العالمية، و يفرض نظاما اقتصاديا عالميا جديدا يضمن تكريس المصالح المالية والتجارية لكبريات الشركات القابضة بأنفاس الأوضاع الاقتصادية العالمية .
 

نقيب الصحفيين المغاربة

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة