السفير رامون خيل كاساريس
السفير رامون خيل كاساريس


حوار| السفير الإسباني: تربطنا بمصر علاقات متميزة.. والتوافق أساس حل أزمة سد النهضة

فاطمة بدوي

الثلاثاء، 12 أكتوبر 2021 - 06:58 م

مصر وإسبانيا تجمعهما منذ عقود علاقات تعاون وصداقة تتسم بالعمق وتوافق الرؤى، خاصة فيما يتعلق بتعزيز التنسيق بين دول جنوب المتوسط وشماله، في ضوء ما تتعرض له منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط من تحديات نتيجة الأزمات القائمة بعدد من دول المنطقة.


ولا يمكن انكار العمق التاريخي للعلاقات المصرية الإسبانية، لذا كانت ولا زالت الإسهامات التي قدمتها الأندلس ومصر في مختلف المجالات وخاصة المجال الفكري والفلسفي وامتدادها إلى المتوسط. في الفترة ما بين القرن الثامن والقرن الرابع عشر خير شاهد علي ذلك. ومن هذه الإسهامات الفكرية لبعض المؤرخين أمثال : المقريزي والقلقشندي والرحالة ابن الزبير المنتمي إلى مدينة بالينسيا الاسبانية والرحالة المصري لدى بلاط حاكم مدينة غرناطة عبد الباسط والشاعر والعالم الشامل ابن الخطيب. ومن الاسهامات التي ارتبطت بالمدن المصرية والاسبانية الرئيسية التي تألقت خلال حوالي سبع قرون من التاريخ ومن بين المدن المصرية تأتى القاهرة والإسكندرية حيث قضى ابن خلدون سنواته الأخيرة قبل وفاته. أما عن المدن الأسبانية فهي غرناطة، المدينة التابعة لحكم بني نصر والتي زارها هذا المؤرخ العظيم، إلى جانب قرطبة و بالينسيا أو مورثيا - مسقط رأس ابن عربي - الذي كان له تأثير عميق على الفكر الصوفي في ذلك الوقت.

 

وترتبط الدولتان بعلاقات ثنائية متميزة يسودها تفاهم متبادل حول قضايا المنطقة وبما أسهم فى متانة العلاقات الدبلوماسية وارتكازها على قاعدة من الشفافية والوضوح والتنسيق المستمر، وقد أعطى هذا الإطار السياسى دفعة قوية منذ تولى حكومة "خوسيه لويس ثاباتيرو" السلطة إثر فوز الحزب الاشتراكى فى الانتخابات التشريعية فى مارس 2004، والذى تجددت ولايته فترة تشريعية ثانية إثر فوز الحزب فى الانتخابات العامة الأخيرة فى مارس 2008.


ولنزيد من المعلومات عن العلاقات بين مصر وإسبانيا، أجرينا حوار مع السفير الإسباني بمصر رامون خيل كاساريس.. وإلى نص الحوار:

 

سعادة السفير نريد أن نعرف تقييمك للعلاقات بين مصر وإسبانيا الآن؟

تمر العلاقات بين البلدين حاليًا بمرحلة جيدة للغاية. فقد أجريت اتصالات رفيعة المستوى بين بلدينا وانعكس ذلك في زيادة التعاون الثنائي في الجوانب الاستراتيجية، وفي زيادة معدلات الاستثمار. من الواضح أن فيروس كورونا لم يساعد تبادلاتنا، خاصة قدوم الإسبان إلى مصر. ولكن نظرًا لحقيقة أن كلا البلدين ينتمي إلى حوض البحر المتوسط، ولأن هناك اهتمام متجدد من الشركات الإسبانية بالسياسة الجديدة لهذا البلد، ولأننا يبدو بالفعل أننا نسيطر على الفيروس، فإن التوقعات جيدة جدًا.

 

ما هي آخر تطورات العلاقات بين مصر وإسبانيا على المستوى السياسي؟

في أكتوبر 2020، زارت وزيرة الخارجية آنذاك، السيدة أرانتشا جونزاليس لايا، القاهرة. وبهذه المناسبة، تم التوقيع على آلية التشاور التي أدت إلى اجتماعات حضورية وافتراضية على مستويات مختلفة. كان آخرها زيارة وزير النقل كامل الوزير لإسبانيا قبل أسبوعين فقط. خلال تلك الزيارة، تم التوصل إلى اتفاقيات مع شركات إسبانية مختلفة. كما استمرت الاجتماعات وخطط التعاون في مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر. واتخذت مواقف مشتركة في تطوير المبادرات في إطار التعاون الأورومتوسطي ونوقشت المبادرات حول الأزمات في ليبيا والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

 

ما حجم التبادل الاقتصادي والاستثماري بين مصر وإسبانيا؟

على الرغم من أننا حققنا في عام 2019 نموًا على صعيد التجارة الثنائية بلغ أكثر من 3 مليار دولار، بعد فيروس كورونا انخفض هذا الحجم إلى 2.3 مليار دولار.

لقد استمرت استثماراتنا في القطاعات الإستراتيجية مثل المياه والطاقة المتجددة والبناء والنقل وخاصة قطاع السكك الحديدية أو قطاع الصحة أو الزراعة، باستثمارات متراكمة في عام 2020 بقيمة 720 مليون يورو.

 

ما هي أهم مجالات التعاون الاقتصادي بين مصر وإسبانيا ؟

كما تعلمون، يتم تنفيذ التعاون الاقتصادي بشكل رئيسي من قبل الشركات. تساعد الدول من خلال توفير التسهيلات لرواد الأعمال لتحقيق هذا التقارب، وفي الوقت الراهن، هناك اهتمام خاص للغاية من جانب الشركات وحكومتي البلدين بقطاع الطاقة، وخاصة الطاقة النظيفة. من ناحية أخرى، كانت هناك شركات إسبانية عالية التقنية تستثمر منذ سنوات في قطاع المياه بجميع جوانبه (تنقية، تحلية، ري...). ولإسبانيا أيضًا وجود في قطاع السكك الحديدية مع العديد من الشركات المشاركة في تحسين وتجديد هذا القطاع وفقًا لوزارة النقل. وبالمثل، فإن التعاون يشهد نموا، وإن كان بصورة أقل، في قطاعات مثل الصحة والبناء والزراعة.  

 

ما هي آخر تطورات العلاقات الثقافية والتعاون الثقافي بين مصر وإسبانيا؟ 

هناك أساس متين لعلاقاتنا الثنائية مستمد من تاريخنا وثقافتنا المشتركة. يوجد في مصر أكثر من اثنتي عشرة جامعة تقدم دراسات حتى درجة الدكتوراه في علوم اللغة والأدب الأسبان. من ناحية أخرى، يدرس أكثر من 400 مصري كل عام في كليات إدارة الأعمال وجامعات إسبانية. كما سبق أن ذكرت، فإن فيروس كورونا تسبب لمدة عام في خفض التبادل الثقافي بشكل كبير من حيث الأنشطة الفنية والبعثات البحثية. لكن كلاً من مركز ثربانتيس الثقافي في مدريد ومركز الدراسات الإسلامية في مدريد يقومان بعمل رائع بخيال طموح وقد تم الحفاظ على هذا التواصل الحالي بين ممثلينا الثقافيين على الرغم من الصعوبات.

 

 

هل هناك تعاون بين مصر وإسبانيا في مجال مكافحة كورونا؟ 

تعاونت مصر وإسبانيا في إطار المؤسسات الدولية. وبالمثل، ساهمت إسبانيا كعضو في الاتحاد الأوروبي وثنائيًا في وصول اللقاحات في إطار برنامج COVAX. من ناحية أخرى، في أصعب اللحظات في منتصف العام الماضي، كان هناك تعاون مثمر للغاية بين شركات الطيران لدينا وسلطات الطيران المدني، بحيث كان كل من المصريين العالقين في إسبانيا والإسبان الذين بقوا كذلك في مصر يتمتعون بكل التسهيلات، سواء مرافق للعودة إلى بلدانهم الأصلية أو إقامتهم وتجنب العزلة.

 

هل من المتوقع أن تكون هناك زيارات رسمية قريبة بين الجانبين؟

كما سبق أن ذكرت، تم التوقيع على آلية التشاور منذ عام، ونتج عنها اجتماعات مختلفة افتراضيا، ومؤخراً بصورة حضورية بين مختلف قطاعات إداراتنا. وخلال العام الجاري، زار وزيرا النقل والسياحة إسبانيا، وزارت وزيرة الخارجية ومؤخراً وزير الدولة للبيئة إلى القاهرة كما أشرت سابقاً. نحن نعد لزيارات أخرى رفيعة المستوى، لكن حتى يتم تأكيدها، أفضل عدم التعليق على ذلك. 

 

ما موقف إسبانيا من أزمة سد النهضة؟

تدرك إسبانيا تمامًا الأهمية الحيوية لهذه القضية بالنسبة لمصر. نعتقد أن توصل الأطراف الثلاثة لاتفاق مقبول فيما بينها يعد هو الحل الوحيد، بحيث يتضمن أيضًا الإمكانات الهائلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول حوض النيل. 

ونظرا لأن بلدي عضو في الاتحاد الأوروبي، فهي تتبنى موقف الممثل السامي للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي صرح في يوليو الماضي بأن الإجراءات الأحادية، من قبل أي من الأطراف، لا تساعد على إيجاد حل تفاوضي، كما أن هناك حاجة عاجلة لخارطة طريق واضحة ومشتركة، تحدد جدولاً زمنياً وأهدافاً محددة للمفاوضات حتى يمكن استئناف المحادثات في أقرب وقت ممكن. ويؤيد الإعلان الرئاسي الأخير الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذا الموقف.

 

هل هناك تعاون في مجال الطاقة بين البلدين؟

يعد قطاع الطاقة محوريا لتنمية اقتصادات كلا من مصر وإسبانيا، حيث يلعب دورًا بارزًا بشكل متزايد. لهذا السبب، أعتقد أن هناك إمكانيات هائلة للتعاون بين شركات بلدينا، وأن هذا التعاون سيعود بالنفع على الجانبين. 

 

شركات إسبانية كبيرة، مثل أكسيونا Acciona وجاميسا Gamesa ، تستثمر في مصر منذ سنوات، ومؤخراً تم الإعلان عن توصل Vortex Energy ، وهو صندوق تديره المجموعة المالية المصرية العملاقة EFG Hermes، إلى اتفاق لضخ أكثر من 625 مليون يورو في Ignis Energy Holdings ، وهي شركة إسبانية مهمة متخصصة في الطاقة المتجددة. سيسمح دخول رأس المال المصري لهذه الشركة الإسبانية بتمويل خطط النمو الخاصة بها. هذا ما أعنيه عندما أتحدث عن الفوائد المشتركة لزيادة التعاون في مجال الطاقة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة