هشام مبارك
هشام مبارك


يوميات الأخبار

مطلوب بصيرة لعالم فقد بصره

هشام مبارك

الإثنين، 25 أكتوبر 2021 - 06:17 م

أيضا استبعدت ان اكون حمارا. فالقرآن الكريم ذكر الحمار كصاحب أنكر الأصوات

قالت نملة
الجمعة :
سألت نفسى مرة لو خيرت أن أكون مكان حيوان أو حشرة ذكرت فى القرآن الكريم فماذا أختار؟ سرحت قليلا قبل أن أجيب وحاولت اتباع الأسلوب العلمى فى التفكير والاختيار فقررت أولا استبعاد بعض الحيوانات والحشرات وعلى رأسها الفيل.أولا لأنه ذلك الحيوان الضخم الذى حاول أن يستخدمه أبرهة الحبشى لهدم الكعبة المشرفة فناله هو وأصحابه ما ناله من الطير الأبابيل التى احالتهم إلى عصف مأكول.

هذا السبب كفيل وحده بأن أكره ذلك الفيل كما أننى لا أحب أن يكون لى هذا الجسم الضخم وتلك الزلومة الطويلة لأتباهى بها وسط ضيوفى من زوار حديقة الحيوان الذين يحلو لهم أن يرموا ببعض فضلات طعامهم أمام الفيل ليستمتعوا بمنظره وهو يلتقطها بتلك الزلومة. ربما أكون شبيها بذلك الفيل فى امتلاك حاسة شم قوية ممكن أتعرف بها على مواطن الخطر قبل الوصول إليها، لكننى لا أمتلك نفس حكمته وذكائه لتجنبها والبعد عنها.

كذلك قمت باستبعاد العنكبوت تماما والذى وصف القرآن بيته بأنه أوهن البيوت قاطبة. كنت أظن أن الموضوع يتعلق بضعف نسيج خيوط العنكبوت التى يستطيع ولو طفل صغير أن يقضى عليها بنفخة هواء ولكن عرفت فيما بعد أن الوهن لأن ذلك البيت لا يعرف معانى المودة والرحمة ، ذلك أن أنثاه تقضى على الذكر منه بمجرد إتمام عمليات التلقيح، أى خلصت حاجتى من جارتى ولم اعد فى حاجة إليها.لا لا لا هذا مستبعد تماما. فلا أحب أبدا أن اكون هذه الحشرة.

فكرت فى كلب أهل الكهف الذى ظل معهم فى الكهف طيلة تلك السنوات الثلاثمائة وازدادوا تسعا وهو باسط ذراعيه بالوصيد. كان موقفى من ذلك الكلب على الحياد فرغم أنه كان أنيسا لأهل الكهف وحارسا لهم طيلة تواجدهم داخل الكهف ووفيا لهم تماما، إلا أننى بشكل عام لا أعتبره كلبا إيجابيا رغم ذلك الوفاء النادر.حيث لم يحاول مثلا أن ينصح غيره من الكلاب بضرورة اعتزال المجتمع الخارجى الذى امتلأ بالفتن.

فإذا كان أهل الكف قد اعتزلوا بعد أن يئسوا من استجابة الناس لدعوتهم لهم لعمل الخيرات والانتهاء من المعاصى إلا أن ذلك الكلب اعتزل مع أهل الكهف وحده من جنس الكلاب ولم يحاول حتى أن ينصح خليلة له أو حتى احدا من اصدقائه وأنا لا أحب أبدا أن اكون أنانيا لهذه الدرجة.

أيضا استبعدت ان اكون حمارا. فالقرآن الكريم ذكر الحمار كصاحب أنكر الأصوات التى نصح سيدنا لقمان ابنه بألا يتشبه به. ربما اكون على قدر كبير من التشابه مع الحمار فى مستوى الذكاء الذى يجعلنى غير قادر على معرفة حقيقة الناس، وربما أشبهه كذلك فى العناد والصبر وقوة التحمل واحتمال رذالة البشر وتنمرهم، لكنى لا أحب أبدا أن أختار طواعية أن اكون حمارا حتى وإن كانت لى بعض صفاته الأخرى مثل كونه حيوانا اجتماعيا له روابط قوية بأصدقائه من الحمير الذين هم على شاكلته. حتى الخيل رغم ارتباطها بالفروسية والشجاعة فلا يستهوينى أن أكون حصانا يحافظون عليه طالما كان قادرا على الركض ويتخلصون منه إذا فقد تلك الميزة لمرض أو لكبر سن مثلا.

كما لا أحب أكون من البغال لعقدة صعيدية قديمة حيث كنا فى الصعيد-ولا يزال بعضنا كذلك-لا يسب الآخر إلا بكلمة يا بغل !.أما الغراب فرغم أننى أقدر الدور الذى لعبه عندما بعثه الله ليرى الاخ كيف يوارى سوأة أخيه بعد أن قتله إلا أنه يظل غرابا مرتبطا اسمه دائما بنذير الشؤم حيث يتطير الناس منه دائما كما ظلمته الأمثال الشعبية خاصة المثل القائل : «ياما جاب الغراب لأمه « كناية عن أنه لا يأتى بخير فى الوقت الذى كان سببا فى الخير للبشرية كلها عندما عرفنا منه أين نذهب بموتانا.

وهكذا بعد تفكير عميق حصرت اختيارى بين اثنين لا ثالث لهما، أن أكون مثل ذلك الهدهد الذى اختفى فجأة عن أنظار سيدنا سليمان ثم عاد له بخبر يقين من مملكة سبأ وقد أنقذ نفسه بهذا الخبر من الذبح أو التعذيب الشديد. ورغم حلاوة شكل الهدهد وألوانه الزاهية إلا أننى أردت أن اكون واقعيا حيث يصعب على الإنسان أن يطير بمثل تلك القدرات الرهيبة، خاصة أننى متأكد أننى لو أصبحت مكانه لتعاليت على اقرانى من الهداهيد ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه.أما الخيار الثانى فهو أن اكون مكان تلك النملة التى سمعها سيدنا سليمان تحذر أفراد قبيلتها من أن يلقوا حتفهم دهسا تحت أقدامه هو وجنوده.

ما أعظم تلك الإيجابية وأفيدها لمن حولك، أن تنبههم من خطر عظيم قادم، فهل أنتم منتبهون؟ ورغم أن القرآن الكريم لم يكشف لنا مدى استجابة بقية النمل لتحذير تلك النملة الموجوع قلبها على جنسها لكن ربما كشفت لنا ضحكة سيدنا سليمان، أن الغالبية العظمى منهم قد استجابوا للتحذير، وسواء استجابوا أم لا فمن المؤكد أن تلك النملة فعلت ما يرضى ضميرها. فعلت الشيء الصحيح دون انتظار جزاء ولا شكورا. ليتنى فعلا وليتنا جميعا بنى البشر نتحلى بمشاعر هذه النملة تجاه بنى جنسها من النمل.

العاشقة والمناضل
السبت:
لو كان الأمر بيدى لمنحت كل من يصدر كتاباً فى هذه الأيام وساما رفيعا جزاء وفاقا لهؤلاء الذين لا يزالون يراهنون على قيمة الكتاب وأهميته فى ظل تراجع كل شيء جميل له علاقة بالقيم والأخلاق.أصدار كتاب فى هذه الأيام هو بمثابة تلك الفسيلة التى أمرنا رسولنا الكريم بزرعها لو كانت فى يدنا وقد قامت القيامة. وبما أن كل الشواهد تؤكد أن الكلمة المكتوبة فى طريقها إلى زوال حيث قامت بالفعل قيامتها يأتى هؤلاء بالأمل ويزرعونه فى أحلك اللحظات التى تمر بها صناعة الكلمة. كنت مسافرا خارج مصر عندما أقيمت فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب مما حرمنى من استنشاق رائحة حبر طباعة الكتب فى أجنحة معرض الكتاب المختلفة بشكل عام مختلطة بعبق التراب الذى يعلو القديم منها فى جناح سور الازبكية. لكن فوجئت عندعودتى بأن مكتبى تحول إلى جناح من أجنحة معرض الكتاب بمجموعة كبيرة من الإصدارات التى أرسلها لى الاصدقاء من المؤلفين والناشرين. يا ما انت كريم يارب ولك الحمد كثيرا على تلك القوة التى تمنحها لكل هؤلاء الذين يكافحون ليظل للكتاب الحقيقى رونقه وجماله بعيدا عن منطق البيزنس والتجارة الذى افسد كثيرا من الأشياء الجميلة فى الثقافة وفى الرياضة وهما الجناحان اللذان يحلق بهما أى مجتمع يريد أن يرتقى بأهله وناسه بعيداعن السياسة ودهاليزها وحواراتها التى لم يجن منها العالم كله سوى الشرور والأثام. اخترت لكم فى هذه اليوميات الحديث بإيجاز عن كتابين من أهم الكتب التى تلقيتها فى الفترة الأخيرة، الكتاب الأول هو المجموعة القصصية عاشقة الظل للزميلة الكاتبة الصحفية والإديبة دعاء زكريا.

المجموعة «كسرت الدنيا» وتناولها الكثيرمن الصحف والمجلات والبرامج التليفزيونية بالعرض والتحليل وهى تستحق أكثر من ذلك ولعل من يستحق الشكر على هذا الكتاب هى تلك الصديقة التى دخلت مع المؤلفة فى نقاش طويل حتى تقنعها بالخروج من عالم الظل إلى النور والانطلاق فى الابداع. اعجبتنى جدا تلك اللحظة التى واجهت فيها صديقتها عاشقة الظل عندما هزمتها بحجتها وقالت لها إذا كنت تعشقين الظل فلملمى أراقك من عقول كل محبيك الذين صدقوا كلماتك واستقرت بوجدانهم وانسحبى حيث سجنك الاثير لتقيدى فيه حرية ابطال حكاياتك واكسرى فى الظلام أجنحة افكارك واتركى قلمك ليصدأ حتى ينزوى ويدفن معك. أما الكتاب الثانى فقد كان مفاجأة حقيقية لى على المستوى الشخصى حيث كثيرا ما شجعت العديد من الأصدقاء الفيسبوكيين المتميزين على تدوين بعض بوستاتهم لانها تصلح نواة لفكرة كتاب قيم.

عدد كبير من هؤلاء الأصدقاء لا يعملون بمهنة الكتابة أصلا ومنهم الصديق المهندس والمدون الساخر عمرو كمال الذى يهوى الكتابة ويحترف الهندسة والذى اصر على ان يقدم نفسه للناس قائلا: أنا مهندس معمارى حر افعل ما يحلو لى وقت ان يحلو لى.

المهندس عمرو سمع النصيحة وقام بجمع غير دقيق ليوميات مواطن وصف نفسه بأنه مناضل فيسبوكى. أهمية كتاب عمرو كمال «يوميات مناضل» أنه من الكتب الطليعية فى ذلك المجال وسيكون نواة مع غيره من الكتب لتشجيع العديد من نجوم الفيسبوك على أصداركتب مماثلة. ولكن أرجو من عمرو فى التجربة القادمة أن يراعى بعض النقاط، فعلى الرغم من الجهد الكبير الذى بذله إلا أنه استسهل جمع يومياته دون أن يتدخل بالشرح والتعليق وقد فاته أن بعض البوستات خاصة الساخر منها اكتسب هذه الصفة من ارتباطها بأحداث كانت مهمة فى توقيتها وكان يجب لفت نظر القراء لذلك.على كل حال شكرا جزيلا لدعاء زكريا ولعمرو كمال وكل الاعتذار للأصدقاء الذين أرسلوا بانتاجهم ولم أتمكن من الاشارة إليه،واتمنى باذن الله ان اتناوله بالعرض والتحليل فى يوميات مقبلة.ومرة اخرى احيى كل من لا يزال يحمل فى قلبه بذرة أمل فى قيمة الكتب والكتابة،وطوبى لكل هؤلاء الذين يمنحون البصيرة لعالم فقد بصره.

منى الشاذلي

الخميس:
لا أحد يختلف على موهبة المذيعة منى الشاذلى والتى حققت بسببها نجومية فائقة فى سنوات صغيرة نسبيا.ورغم انى قد أقلعت منذ فترة طويلة عن المتابعة الدقيقة لبرامج التليفزيون إلا أننى لو صادفت وأنا أتجول بين القنوات برنامجا لها أتوقف قليلا للمتابعة.الملاحظة التى لا أدرى كيف لم تتداركها منى حتى الآن أنها تتكلم أكثر من ضيوفها.شاهدتها مثلا تحاور النجم محمد هنيدى وحرصت أن احسب مدة كلامها وكلام هنيدى فوجدت أنها تسعة إلى واحد تقريبا.الغريب أيضا أنها تسأل الضيف السؤال ثم تتولى هى الإجابة بنفسها. لذا أرى أن تتوقف منى الشاذلى عن استضافة أى شخصيات وتتولى هى الكلام طوال الوقت واضمن لها أن متابعيها لن ينصرفوا عنها لأن أغلبهم يتابعونها لجمالها وحضورها الطاغى على الشاشة وليس للمادة الإعلامية التى تقدمها.

الخلاصة
سئل حكيم : هل صحيح أنك قلت عن فلان أنه انسان تافه؟ فأجاب: بل قلت تافه فقط !!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة