الأفلام الرومانسية
الأفلام الرومانسية


الأفلام الرومانسية أصبحت بين الأطلال

أخبار النجوم

السبت، 30 أكتوبر 2021 - 01:29 م

ريزان العرباوى

“عاش الأمير مع الأميرة فى تبات ونبات.. وتوتة توتة خلصت الحدوتة”.. نهايات سعيدة مفعمة بالمشاعر والأحاسيس الممتزجة بالعاطفة المتأججة بعد صراح من أجل انتصار وخلود حب البطل للبطلة, ارتبطت تلك النهايات -وإن اختلفت فى بعض الأحيان لتختلط بالدموع والفراق- بالأفلام الرومانسية, التى أسدل عليها الستار بعد أن جف “نهر الحب” لنعيش “بين أطلال” ما قُدم سابقا وتبقى فى ذاكرة الجمهور يستدعيها ليقضى “يوما من عمره” مع “سيدة القصر” فهل نضبطت حواديت العشق, وهل من الممكن أن تعود مجددا “بأمر الحب” لتنافس أفلام الأكشن والكوميديا لنجد “الحب الضائع” مع “حبيبى دائما”.

فى السطور التالية طرحنا عدة تساؤلات لمعرفة أسباب اختفاء الرومانسية من السينما المصرية؟ هل يرجع لاختلاف مزاج الجمهور, أم أن السبب اختلاف سمة العصر وسيادة اللغة الاستهلاكية على المشاعر؟.

لم تعد الأفلام الرومانسية تشغل مساحة كبيرة في السينما العالمية أو العربية وحلت مكانها أفلام الكوميديا بمواقفها المثيرة ومفارقتها, هكذا بدأ المؤلف أيمن سلامة حديثه موضحا الأسباب الأساسية لاختفاء الطابع الرومانسى من الأفلام ويقول: “هي ظاهرة تعبر عن طبيعة العصر الذي نعيش فيه, فقد أصبحنا نفتقد الرومانسية حتى فى حياتنا، والفن هو انعكاس لحالة المجتمع لتتغير نظرة الصناع لهذه التيمة، ويتم تطويعها بشكل يتماشى مع رومانسية هذه الأيام, فحالات الحب التى جسدها محمود ياسين وعمر الشريف وفاتن حمامة على سبيل المثال أصبحت غير موجودة وإن حاول البعض إعادة تقديمها ستثير سخيرية الشباب بعد أن اختلفت أساليب تعاطية مع تلك المشاعر ولم تصبح على طريقة أفلام الأبيض والأسود بل أصبحت على طريقة اللمبى, وأنا ككاتب ملتحم مع هموم ومشاكل الجمهور لا يعقل أن أقدم له تيمة الحب بمنظور “أذكرينى مع غروب الشمس ويا ملكة الفؤاد وأنا والليل والقمر”, لن يتقبلها الجمهور الآن, فسمة العصر تغيرت واندثرت كلمات الغزل لتحل محلها صور كارتونية على الواتسآب, وافتقد الجمهور لحالة الحب التى كان يستمدها من الأفلام الرومانسية والتى ارتبطت بشكل كبير بأفلام الأبيض والأسود وفترة السبعينيات وتضاءلت مساحة المشاعر الحقيقية لتصبح أكثر خشونة حتى الألفاظ ووسائل التعبير عن الحب تغيرت فابتدع الأحبة ألفاظ غير راقية.

ويضيف: بالرغم من ذلك ستظل في تراثنا السينمائي تحظى بمكانة خاصة في قلوبنا وأتمنى أن نعيد صياغة تيمة الأفلام الرومانسية من جديد وزيادة الجرعة منها لما لها من تأثير كبير على المجتمع, ليصبح أكثر هدوءا ويبتعد عن العنف وتقل معدلات الجريمة التى زادت مؤخرا خاصة بين الأزواج, فهى تلعب دور كبير فى ترقيق المشاعر وتساعد على نفض الغبار عن أسلوب حياة سيطر علية اللغة الاستهلاكية على المشاعر, ولتحقيق ذلك نرجع للقضية الأساسة وهى بناء الإنسان وكيفية العمل على ذلك لنبدأ من الأول وكأننا نقوم بعملية “ريستارت” للعقول وطرق التفكير مع ضرورة الابتعاد عن الصخب الذى انتشر فى الأفلام والأغانى العاطفية”.

«ايقاع سريع»

ويؤكد المخرج محمود كامل أن غياب الأعمال الرومانسية عن السينما يعود إلى أن طبيعة الزمن والمجتمع فرضت واقعا جديدا وقضايا أخرى أكثر سخونة, ويقول: “اختفت الأفلام الرومانسية عن الساحة منذ أكثر من 40 عاما ويرجع السبب أنه بعد حرب 67 حدث اختلافا كبيرا فى الوجدان والعقل الجمعى للشعب المصرى, وبالتالى كان له تأثير كبير على سلوكيات لها علاقة بالقيم ومفاهيم الحب, إلى جانب مرور مراحل كثيرة صعبة بعد الانفتاح وسيطرة رأس المال وفكرة المنافسة الحرة, فأصبح إيقاع المجتمع والحراك المجتمعى نفسه أسرع واختلفت آلياته, وأصل المسألة أن جزء كبير جدا من السينما له علاقة بالمصداقية وفكرة المحاكة للحقيقة شئ مهم جدا بالنسبة للجمهور والرومانسية نفسها بحاجة إلى إعادة تعريف لأن المقصود بها المثالية وليس الحب بمعناه القاصر على الرجل والمرأة, الرومانسية مرتبطة بفكرة الإنسانية، وهى مرتبطة أيضا بفكرة الجمال وكل ما له علاقة بالحق والخير والجمال وابتغاء الكمال مهما كان شكل العلاقة فهى موجودة فى الأمومة والأبوة والصداقة كذلك فى الإخلاص فى العبودية وعلاقة الإنسان بربه وفى الصوفية التى تعمق مفهوم الحب الأبدى.

فالحياة أصبحت عملية بشكل كبير وخاصة فى ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعى الذى طوى المسافات, فأفقد الرومانسة بريقها الذى كنا نلمسه فى أفلام الأبيض والأسود فى ذلك الوقت كان الحب هو اللمسة السحرية لتحقيق نجاح العمل الفنى, حتى فكرة النوستالجيا نفسها لم تعد موجودة فبلمسة أصبع على الشاشات الرقمية يقوم الإنسان باستدعاء كل ما يخطر على باله من برامج وأعمال مرتبطة بمرحلة الطفولة.

ويتابع: طبقا للتغير الحاصل تغير أيضا مفهوم الرومانسية بالنسبة لصناع الفن لتقدم بأشكال ومنظور يواكب لغة العصر حتى لا ينظر إلى الأعمال الحديثة على أنها “دقة قديمة” فعندما قدمت فيلم “ميكانو” الذى يعتبر من الأفلام الرومانسية المهمة من وجهة نظرى غيرت فى أسلوب التعامل مع المشاعر والعاطفة ليكون المنتج رومانسى بطابع عصرى, وأتمنى تكرار التجربة وعندى أفكار كثيرة فى هذا الإطار، ولكن المسألة مرتبطة بالتوقيت وطريقة الطرح, مرتبطة أيضا بآليات الإنتاج تحتاج إلى جرأة من رأس المال وجرأة من الفنانين حتى نتمكن من صناعة تراث نورثه للأجيال القادمة، كما فعل السابقون, فالأفلام القديمة بها قدر كبيير من الرومانسية وأصبحت هى البديل التعويضى لاسترجاع تلك المشاعر فالسينما تاريخ وتوثيق وتلك هى عظمة السينما أهم من مجرد كونها بورصة أو سباق لتحقيق أعلى الايرادات, وللأسف الحاصل من جانب التوزيع بالذات حول الحقل السينمائى إلى ساحة سباق ومراهنات حتى الحكم على النجاح أصبح مرتبطا بالنجاح المادى أكثر من كونه نجاحا فنيا.

«لغة العصرى»

ومن جانبها ترى الناقدة الفنية ماجدة موريس وجود عوامل كثيرة ساعدت على قلة إنتاج الأعمال الرومانسية في وقتنا هذا, أهمها خوف المنتجين وصناع السينما عموما لإنتاج أعمال رومانسية حيث أصبح تقديمها الآن يشكل مغامرة كبيرة فى ظل سيادة لغة المادة, وتقول: “الأسباب واضحة وهى تغير نمط المعيشة والحياة بشكل عام والمفترض أن السينما تقدم المجتمع فهى إحدى صور الضمير الجمعي العام والمعبر عنه بصورة وأشكال فنية مختلفة, وأول ما يتعلمه الكاتب, هو أكتب عما تعرفه حولك, وفى هذه الأيام اختلف شكل العلاقات والمشاعر والود والتواصل لتشكل أفلام الواقعية الغالبية العظمى من جمهور السينما, فنحن فى عصر يعلو فيه صوت الخلافات على الحب داخل الأسرة الواحدة وكثرت أخبار الحوادث والمصائب, وبالتالى فإن المنتج لن يجازف بتقديم عمل فنى لا يتماشى مع المزاج العام للجهمور الذى قد يرى الأفلام الرومانسية شئ مضحك, فمن الصعب تقديم فيلم على طريقة “بين الأطلال” على سبيل المثال فلن يتقبله وقد يصف صناعة بالجنون, فأدى ذلك إلى تراجع الرومانسية في الأعمال السينمائية, وإن وجدت يكون ذلك خطا دراميا داخل العمل وليس رومانسيا بشكل كامل, وتعود أيضا أسباب غياب هذه النوعية إلى أن السينما المصرية اعتمدت على الأعمال الأدبية فى العديد من الأفلام لكتاب كبار مثل إحسان عبد القدوس, يوسف السباعى ونجيب محفوظ, وبعد رحيلهم, تحولت السينما إلى العنف والبلطجة والاقتباس من أفلام الدرجة الثالثة الأمريكية التي لا يعرفها أحد ونقلها كما هي, أو الاعتماد على جرائم الواقع ونقلها إلى السينما, فنحن بحاجة إلى كتاب ومخرجين ومنتجين بارعين مؤمنين بالفكرة أولا وقادرين على تقديمها بشكل راقى يبتعد عن الفجاجة”.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة