اللحظات الأخيرة في حياة عباس العقاد
اللحظات الأخيرة في حياة عباس العقاد


«اتركوني أنام».. اللحظات الأخيرة في حياة عباس العقاد

حاتم نعام

الإثنين، 08 نوفمبر 2021 - 11:56 ص

اتركوني أنام .. فأنا أشعر الآن بتحسن في صحتي ، قالها عباس محمود العقاد وهو يتمدد في سريره والضوء الخافت ينعكس على وجهه ثم أغمض جفنيه لحظات وقبل أن ينصرف أقاربه من غرفة نومه انطلقت حشرجة من فمه ثم هدأ من جديد واطفأ أقاربه نور الغرفة وخرجوا واحدا بعد الآخر.

مضت دقائق قليلة سمعوا بعدها صوت العقاد لم يتبينوا جيدا ماذا يقول، وكان عبد العزيز الشريف ابن خاله أول من دخل غرفته ويكمل بنفسه الحديث فيقول: أسرعت إلى غرفته فوجدته يتقلب فوق سريره بعصبيه وقلق وأسرعت الخطى نحوه حتى أمنعه من الوقوع على الأرض ولكني وصلت إليه متأخرا لحظات كان قد مال برأسه على المقعد الكبير الملاصق لسريره وأسرعت أرفع جسده بكل قوتي وتحسست يده كان نبضه ضعيفا جدا.


وأسرع عامر العقاد ابن شقيقه والذي يعيش معه في منزله بصفة دائمة واتصل بطبيبه الخاص محمد يس عليان وطلب الطبيب إعداد حقنة كورايين حتى يصل ومضت دقائق قصيرة والعقاد يتمدد على السرير وملاءة بيضاء تغطي جسده ، حضر الطبيب وهو يلهث وخلع الجاكت وهو في طريقه لغرفة العقاد وازاح الملاءة البيضاء ونظر إلى عينيه وأمسك يده والتفت إلى شقيق العقاد قائلا البقية في حياتكم.


وخرج من الغرفة ليتهاوى هو الآخر ووقف وسط غرفة مكتب العقاد كان على مكتبه آخر كتابين طالعهما الكتاب الأول في أعقاب الثورة المصرية تأليف عبدالرحمن الرافعي ولكن قد توقف عند الصفحة 55 . 


أما الكتاب الثاني فهو شعر من المهجر تأليف محمد قرة علي ولم يكن يقرأ صفحاته بطريقة منتظمة وبين صفحات الكتابين كتب على ورقتين منفصلتين بالحبر الأسود ملاحظاته، بحسب ما نشرته جريدة أخبار اليوم في مارس 1964.


بعد ساعة كاملة انتهى الطبيب من تكفينه وامتدت يد شقيقه لتخرج شيئا ما من تحت المنضدة التي تحمل جثمان العقاد ذلك الشيء هو الصندوق الذي أعدوه وتم تبطينه بالصاج ليرقد فيه العقاد خلال رحلته الطويلة من منزله رقم 13 بشارع السلطان حسن بمصر الجديدة حتى نهاية الرحلة في أسوان لقد طلب العاقد أن يدفن في أسوان إلى جانب والده ووالدته وشقيقيه مصطفى ومحمد وشقيقته في المقابر التي تعود العقاد زيارتها.


يقول الطبيب: لقد كان العقاد يشكو في أيامه الأخيرة من مرض القلب إلى جانب المصران الغليظ وعندما أجرى له رسما للقلب وطلب نقله إلى المستشفى لكن العقاد رفض فاستعان بأصدقائه ومن بينهم الأديب ماهر الجبلاوي ولكنه رفض أيضا وقال إذا كنت سأموت فلن أموت إلا هنا في منزلي على فراشي وبين كتبي.


أما طباخ العقاد الذي يعمل معه منذ ربع قرن فقال : لقد أعددت له بيدي آخر وجبة تناولها كانت طبقا من الكفتة التي صنعتها له بالماء وطبق جيلي تفاح وبعد أن تناول العشاء قلت له أنني أحس انك متعب وأريد أن أمضي الليلة في غرفتك بجوار سريرك ورفض العقاد قائلا: أنت غلطان فأنا أشعر بتحسن في صحتي وغدا ستجدني سليما جدا ثم طلب مني أن أسارع بترك الغرفة ونبه علي بضرورة المجيء إليه مبكرا كما تعودت منذ 25 عاما لأقدم له فنجان الشاي..وقد نزلت إليه في الصباح لكنه لأول مرة أخلف وعده معي .

أما بواب العمارة الذي يعيش مع العقاد منذ عام 1924 يقول: لقد سألني العقاد مرة عن رأيي فيه وقلت استغفر الله أنا مين.. فقال: أنت صديق.. وعندما علم أنني اقرأ الجرائد أحيانا قدم لي كتاب «الله» .

وتحرك الجثمان من أمام  المنزل الذي عاش فيه العقاد عمره يفكر ويكتب ويقرأ حتى جاءت نهايته قبل أن يضع هو النهاية لكتابين كان يكتبهما في وقت واحد هما « أسرار الإعجاب في الشعر» وعبقرية الغزالي.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم

في ذكرى ميلاد العقاد.. معاركه الأدبية وضعته على «قمة الأدباء»


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة