السنة‭ ‬النبوية‭
السنة‭ ‬النبوية‭


شبهات وردود .. تدوين السنّة ونهى النبى (صلي الله وعليه وسلم) عن كتابتها

اللواء الإسلامي

الجمعة، 12 نوفمبر 2021 - 03:25 م

حسين‭ ‬الطيب

 

يستند‭ ‬منكروا‭ ‬السنة‭ ‬النبوية‭ ‬إلى‭ ‬حديث‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تكتبوا‭ ‬عنى‭ ‬شيئاً‭ ‬إلا‭ ‬القرآن‭ ‬ومن‭ ‬كتب‭ ‬عنى‭ ‬شيئاً‭ ‬فليمحه‮»‬‭ ‬ويقولون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تدوين‭ ‬السنّة‭ ‬وأن‭ ‬التدوين‭ ‬كان‭ ‬للقرآن‭ ‬فقط‭ ‬كمصدر‭ ‬للتشريع‭.‬

ويرد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفرية‭ ‬ويفندها‭ ‬د‭. ‬عبدالعظيم‭ ‬المطعنى‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬الشبهات‭ ‬الثلاثون‭ ‬لإنكار‭ ‬السنّة‮»‬‭.. ‬فيقول‭:‬

هذه‭ ‬الشبهة‭ ‬التى‭ ‬يستند‭ ‬إليها‭ ‬خصوم‭ ‬السنة‭ ‬أوهن‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬العنكبوت،‭ ‬وهم‭ ‬يعلمون‭ ‬هذا،‭ ‬ولكن‭ ‬العناد‭ ‬هو‭ ‬المسيطر‭ ‬عليهم،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬الذى‭ ‬تمسكوا‭ ‬به‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هو‭ ‬الموقف‭ ‬الوحيد‭ ‬فى‭ ‬مسألة‭ ‬كتابة‭ ‬الحديث‭ ‬النبوى‭ ‬وروايته‭ ‬وجمعه‭.. ‬فقد‭ ‬وردت‭ ‬أحاديث‭ ‬أخرى‭ ‬أذن‭ ‬فيها‭ ‬النبى‭ ‬برواية‭ ‬الأحاديث‭ ‬عنه،‭ ‬وتدوينها‭ ‬وكتابتها‭ ‬أحاديث‭ ‬الإذن‭: ‬روى‭ ‬أبو‭ ‬داود‭ ‬والحاكم‭ ‬وغيرهما‭ ‬عن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عمرو‭ ‬بن‭ ‬العاص،‭ ‬قال‭: ‬قلت‭ ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭: ‬إنى‭ ‬أسمع‭ ‬منك‭ ‬الشيء‭ ‬فأكتبه‭. ‬قال‭: ‬نعم‭. ‬قلت‭: ‬فى‭ ‬الغضب‭ ‬والرضا؟‭ ‬قال‭: ‬نعم‭ ‬فإنى‭ ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬فيهما‭ ‬إلا‭ ‬حقاً‮»‬‭.. ‬وروى‭ ‬الترمذى‭ ‬عن‭ ‬أبى‭ ‬هريرة،‭ ‬قال‭: ‬كان‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬الأنصار‭ ‬يجلس‭ ‬إلى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬يسمع‭ ‬منه‭ ‬الحديث‭ ‬فيعجبه‭ ‬ولا‭ ‬يحفظه‭- ‬يعنى‭ ‬كان‭ ‬سريع‭ ‬النسيان‭-  ‬فقال‭ ‬له‭ ‬النبى‭: ‬استعن‭ ‬عليه‭ ‬بيمينك،‭ ‬وأومأ‭ ‬بيده‭ ‬إلى‭ ‬الخط‮»‬‭.. ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬شكا‭ ‬إلى‭ ‬النبى‭ ‬ضعف‭ ‬ذكراته‭ ‬عن‭ ‬حفظ‭ ‬الأحاديث‭. ‬فأرشده‭ ‬النبى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬ما‭ ‬يسمعه‭ ‬من‭ ‬أحاديثه‭ ‬ليسهل‭ ‬عليه‭ ‬الرجوع‭ ‬إليها‭ ‬إذا‭ ‬نسى‭ ‬شيئاً‭ ‬منها،‭ ‬وروى‭ ‬البخارى‭ ‬عن‭ ‬أبى‭ ‬هريرة‭ ‬أنه‭ ‬قال‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬أكثر‭ ‬حديثاً‭ ‬مني،‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عمرو‭ ‬بن‭ ‬العاص‭. ‬فإنه‭ ‬كان‭ ‬يكتب،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أكتب‮»‬‭ ‬ففى‭ ‬كلام‭ ‬أبى‭ ‬هريرة‭ ‬هنا‭ ‬توكيد‭ ‬لما‭ ‬رواه‭ ‬أبو‭ ‬داود‭ ‬والحاكم‭ ‬من‭ ‬اشتغال‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عمرو‭ ‬بكتابة‭ ‬حديث‭ ‬رسول‭ ‬الله،‭ ‬وإقرار‭ ‬النبى‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭.. ‬وروى‭ ‬الشيخان‭- ‬البخارى‭ ‬ومسلم‭- ‬أن‭ ‬رجلاً‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬اليمن،‭ ‬اسمه‭ ‬أبو‭ ‬شاه‭ ‬سمع‭ ‬خطبة‭ ‬النبى‭ ‬بمكة‭ ‬عام‭ ‬الفتح،‭ ‬وكان‭ ‬أمياً‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭ ‬ولا‭ ‬يكتب،‭ ‬فطلب‭ ‬من‭ ‬النبى‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬له‭ ‬شيئاً‭ ‬مما‭ ‬قال‭. ‬فقال‭ ‬لأصحابه‭ ‬‮«‬اكتبوا‭ ‬لأبى‭ ‬شاه‮»‬‭.‬

وعلماء‭ ‬الأمة‭ ‬لهم‭ ‬موقف‭ ‬سديد‭ ‬من‭ ‬حديث‭ ‬النهى‭ ‬عن‭ ‬كتابة‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي،‭ ‬الذى‭ ‬رواه‭ ‬أبو‭ ‬سعيد‭ ‬الخدرى،‭ ‬وأحاديث‭ ‬الإذن‭ ‬بكتابته‭ ‬وروايته،‭ ‬التى‭ ‬رواها‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬العاص‭ ‬وأبو‭ ‬هريرة‭. ‬وغيرهما‭.‬

وخلاصة‭ ‬موقفهم‭ ‬أن‭ ‬النهى‭ ‬كان‭ ‬أولاً،‭ ‬وأن‭ ‬السبب‭ ‬فيه‭ ‬كان‭ ‬خشية‭ ‬اختلاط‭ ‬الحديث‭ ‬بالقرآن،‭ ‬وبخاصة‭ ‬لأن‭ ‬الأمية‭ ‬كانت‭ ‬منتشرة،‭ ‬ولكى‭ ‬تتوفر‭ ‬عناية‭ ‬المسلمين‭ ‬بالقرآن‭ ‬أولاً،‭ ‬لأن‭ ‬الأصل،‭ ‬ولما‭ ‬حصل‭ ‬التمييز‭ ‬الكامل‭ ‬بين‭ ‬أسلوب‭ ‬القرآن‭ ‬وأسلوب‭ ‬الحديث‭ ‬النبوى‭ ‬ارتفع‭ ‬الحظر،‭ ‬فأذن‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬برواية‭ ‬أحاديثه‭ ‬وكتابتها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذى‭ ‬تقدم‭ ‬ذكره‭.. ‬ونضيف‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬علماؤنا،‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬يجب‭ ‬حفظه‭ ‬وتلاوته‭ ‬على‭ ‬الصورة‭ ‬التى‭ ‬أنزله‭ ‬عليها‭ ‬لفظاً‭ ‬ومعنى‭ ‬وتراكيب،‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬فيه‭ ‬إبدال‭ ‬حرف‭ ‬بحرف،‭ ‬ولا‭ ‬كلمة‭ ‬بكلمة،‭ ‬ولا‭ ‬الإخلال‭ ‬بنظم‭ ‬تراكيبه‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬الأمر،‭ ‬وأنه‭ ‬متعبد‭ ‬يتلاوته‭ ‬كما‭ ‬نزل‭.. ‬أما‭ ‬الحديث‭ ‬النبوى‭ ‬فيجوز‭ ‬عند‭ ‬الضرورة‭ ‬روايته‭ ‬بالمعنى‭ ‬دون‭ ‬اللفظ‭ ‬نطقاً‭ ‬لا‭ ‬كتابه،‭ ‬كما‭ ‬يجوز‭ ‬للراوى‭ ‬إذا‭ ‬نسى‭ ‬لفظاً،‭ ‬أو‭ ‬اشتبه‭ ‬عليه‭ ‬الأمر،‭ ‬أن‭ ‬يذكر‭ ‬لفظاً‭ ‬آخر‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬معنى‭ ‬اللفظ‭ ‬الذى‭ ‬نسيه‭ ‬مع‭ ‬التنبيه‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬لهذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الضرورى‭ ‬كتابة‭ ‬القرآن،‭ ‬والاكتفاء‭ ‬فى‭ ‬رواية‭ ‬الحديث‭ ‬بالحفظ‭.‬


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة