د. أيمن الحجار
د. أيمن الحجار


الحجار: «التسامح» أفضل وسائل مكافحة الجرائم والتفكك الاجتماعي

سنية عباس

الخميس، 18 نوفمبر 2021 - 07:43 م

تلاحقنا الأحداث والحوادث الغريبة والبشعة والتى تعد مؤشرًا خطرًا يجب الانتباه إليه فى ظل تراجع خلق التسامح الدال على الصفح الجميل والعفو عند المقدرة بين الناس، فكثرت المشاحنات فى معاملات الحياة، غافلين أهمية هذا الخلق الإسلامى العظيم الذى أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب أعظم وثيقة للتسامح أطلقها يوم فتح مكة وقال لمن طردوه وآذوه واتهموه (اذهبوا فأنتم الطلقاء).

وحث عليه لمكافحة الجرائم وقطع الأواصر الاجتماعية ليتحقق ترابط المجتمع، وفى شهر نوفمبر من كل عام يحتفل العالم بيوم التسامح الذى بدأت يتلاشى فعلياً معالمه فى المعاملات فلا أحد يعذر الآخر ولا يعتذر إذا أخطأ، وبرؤية دينية معاصرة يتناول د .أيمن الحجار الباحث الشرعى بمشيخة الأزهر أهمية التسامح فى الحياة وأنواعه وما يعود على المتسامح من ثواب فى الدنيا والآخرة.

يقول د. أيمن الحجار: التسامح قيمة عظيمة غابت عن كثير من الناس ليتعايشوا فيما بينهم بالمودة والتآلف والتكاتف بعيدا عن الشقاق والاختلافات والعنف، وعندما يتسامح الإنسان يتخلق بصفات حميدة كثيرة ينعكس أثرها على نفسه وغيره وعلى رأسها الصبر والاحتمال وسعة الصدر والعفو عمن ظلمه والصفح الجميل والإنصاف والتواضع والسخاء والعفة وضبط النفس، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(من يحرم الرفق يحرم الخير) وحتى فى الجدال مع المخالف قال تعالى: «ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم»، وحين يعيش المجتمع بهذه القيمة الأخلاقية العظيمة ستتراجع الأحداث الاجتماعية التى تفكك الترابط المجتمعى والحوادث البشعة وذلك لكى ينشأ الأبناء على خلق حميد بلا تنمر أو مشاحنات أو تصيد الأخطاء للآخرين ويعود اللين فنلتمس الأعذار للمخطئ ونمنحه الفرصة للاعتذار.

ويضيف: يخطئ من يعتقد أن التسامح دليل على ضعف صاحبه وعجزه بل هو رفعة له وعز لأهله وكما جاء فى الحديث:(ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب)، وها هو يعقوب عليه السلام عندما طلب منه أبناؤه أن يسامحهم ويستغفر لهم، ما دعا عليهم أو عنفهم أو زجرهم ولكن عاملهم بخلق العفو والصفح الجميل، خلق الكبار وعادة الأوفياء ومنهج أصحاب الهمم وعلينا أن نترجمه إلى واقع فى حياتنا اليومية ونفهم مقصده الدينى وهو التآلف والتماسك الذى يزيدنا قوة واستقرارا فرب كلمة طيبة فضت مشاكل وحلت عقدا متعاصية الحل، ورب تسامح فى أمر قليل حفظ الوقوع فى خطر كبير، فمن طبيعة النفس السمحة اللين وتقبل ما يجرى به القضاء والقدر بالرضا والتسليم.

ويتابع: مبدأ التسامح الإنسانى هو الحصن الذى يقينا ذوى الأطماع، فالمجتمع المتسامح يقبل الآخر ويتكاتف معه للبناء والعطاء، يؤمن بأمر الله للناس أن يتعارفوا لا أن يتخالفوا قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وهذه عظمة الإسلام فى تسامحه لتأكيد مبدأ السلام ونبذ العنف والكراهية وترويع الآمنين وهذه طاقة ربانية هائلة تدفعنا إلى عدم تذكر ما يضايقنا أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم فكان متسامحا فى كل مواقفه، والسؤال هل العفو دائما محمود حتى إذا استمر شخص فى الإساءة؟ والجواب: الهدف من العفو الإصلاح فإن لم يتحقق مع تكرار العفو وتمادى المسيء فهنا وجب أخذ الحق والمطالبة بعقوبة المسىء.

ويؤكد: لسماحة النفس عادات لا تفارق صاحبها منها طلاقة الوجه وحسن المحادثة ومبادرة الناس بالتحية والتغاضى عن الهفوات لكل من يخالطه وحسن المصاحبة فينال رضا الرب القائل (والعافين عن الناس) فتتحقق له الراحة والطمأنينة لعدم اشتغاله بالأحقاد والتجنى على الناس والتكبر عليهم فيحدث التفاهم وتتبسط المعاملات فإذا حدث الخطأ سهل الاعتذار وانزاح العنف ويكون ذلك سببا لتعميق الروابط وإخماد نار العداوات فيحسن التواصل المجتمعى بالكيفية التى يرضى عنها الله عز وجل دون ذل أو مهانة وفى كل ذلك رقى للمجتمع واستقراره قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من عادة الكريم إذا قدر غفر وإذا رأى ذلة ستر).


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة