طريق الكباش
طريق الكباش


قصة محافظ غيَّر وجه «الأقصر» وحــــرر طــريــــق «الكبـــــاش»| حوار

أخبار اليوم

الجمعة، 19 نوفمبر 2021 - 10:13 م

لا يختلف أحد حول الإنجازات الكبيرة التى حققها اللواء د.سمير فرج حين تولى منصب أول محافظ للأقصر، فما تحقق خلال 7 سنوات لم يكن ليتحقق فى 70 سنة، إن لم يكن وراءه رجل حاسم شجاع لديه رؤية ورسالة عظيمة، تجعله قادراً على التصدى لأصعب مشاكل المحافظة، ووضع خطة طويلة الأمد حتى2030 تشمل تطوير وتنمية أهم مقصد سياحى فى العالم. أحد أهم الإنجازات التى حققها اللواء سمير فرج خلال تولى منصبه، إزالة التعديات والعشوائيات والعمارات السكنية، والأبنية الحكومية المقامة فوق بقايا «طريق الكباش»، طريق المواكب الملكية فى العصر الفرعونى، ذلك الطريق الذى تلاشى واختفى تحت وطأة النسيان، بعد أن كان يصل بين معبدى الكرنك والأقصر، وتقام فوقه الاحتفالات بعيد «الأوبت الجميل»، مع بداية قدوم فيضان نهر النيل ليمنح أرض مصر الخصوبة والرخاء.

الـــــــــــــلــواء د.سمير فرج:لم أستسلم رغم غضب الفرنسيين وتهديدات اليونسكو 

حصلنــــا على جـــوائــز عـــالميـــــة وعــــربـيــة بـــعــــد تنـــــفيــــذ خـطــــة الإزالة والتطوير 

فى هذا اللقاء يكشف محافظ الأقصر الأسبق اللواء د. سمير فرج كيف نجح فى تحرير واستعادة طريق الكباش، الممتد بطول 2.700 كيلو متر الذى ظل سجيناً تحت الركام والعشوائيات والأبنية طوال مئات السنين، وكيف استطاع تغيير وجه محافظة الأقصر التى تضم ثلث آثار العالم، والعاصمة الدينية والسياسية للبلاد لفترات طويلة من التاريخ المصرى القديم. 84 مشروعاً
يقول اللواء سمير فرج: أنجزت 84 مشروعاً خلال 7 سنوات، هى الفترة التى أمضيتها محافظاً لمدينة الأقصر، وأهم تلك المشروعات يتمثل فى استعادة «طريق الكباش»، حيث تم تقسيم المشروع إلى 7 مراحل تبدأ المرحلة الأولى من معبد الأقصر، وكانت تضم 3 جوامع، وقسم شرطة الأقصر، ومقامين لأولياء صالحين، وكنيسة، أما المرحلة الأصعب فهى المرحلة الثانية، وكانت تضم 700 بيت وعمارات سكنية، ومنازل عشوائية، وحظائر لتربية الحيوانات.

وواجهت معارضة كبيرة من أطراف عديدة عند تنفيذ تلك المرحلة، وحذرونى من خطورتها، وشككوا فى وجود آثار متبقية تحت المساكن فى تلك المنطقة، وإن وجدت فستكون فى حالة سيئة بسبب مياه الصرف الصحى الناتجة عن المساكن، ولكننا نجحنا فى تنفيذ الإزالة، وتعويض جميع السكان، وتنفيذ الإزالة وتسليم الأرض للمجلس الأعلى للآثار لاستكمال أعمال الحفائر والترميم فى طريق الكباش، واليوم تحتفل مصر بهذا الإنجاز الكبير الذى يبهر العالم أجمع.


وكيف أقنعت المواطنين بإخلاء بيوتهم رغم أن الدولة لم تكن تنتهج تعويض المتضررين فى ذلك الوقت؟

وما المسافة التى قمت بإخلائها وإزالة التعديات منها خلال وجودك؟
- قمت بعرض الخطة والتصميم عليهم، وتعويض المتضررين، سواء بمبالغ مالية أو منحهم عقود تمليك بيوت بديلة فى المدينة، قامت المحافظة بإنشائها فى منطقة قريبة، كما قمنا بإقامة قسم شرطة جديد، وجامع جديد خارج الطريق مجهز بتهوية وخدمات حديثة، وقمنا بتنفيذ جميع المراحل ماعدا المرحلة السابعة والأخيرة، وهى منطقة «نجع أبو عصبة»، وتم العمل على إزالتها فيما بعد.خطة التطوير

 

وهل عثر على آثار سليمة فى تلك المنطقة؟
- فى البداية كان الحفر على عمق 4 أمتار ولم نعثر على آثار، وحين وصلنا إلى عمق 6 أمتار فوجئنا بظهور تماثيل فى حالة جيدة جداً، وكأنها منحوتة حديثاً، حيث شاءت الأقدار أن تحفظ لمصر تراثها من خلال تكوين طبقات الطمى القادمة عبر الفيضان فوق الآثار، مما أدى إلى حفظها وعدم تأثرها بالمياه والصرف، سواء الناتج من المساكن أو الزراعات.


وكيف تعاملت مع مسجد أبو الحجاج المقام فوق معبد الأقصر والمولد السنوى الذى يقام هناك؟
- الجانب الدينى لدى أهالى الأقصر فى غاية التسامح والمحبة، والجامع أقيم على أطلال المعبد قبل اكتشافه، وإزالة الرمال من فوقه، وعلى الجانب الآخر من المعبد هناك الكنيسة المقدسة والمذبح، وهم يحيون مولد أبو الحجاج كل عام طبقاً للتقاليد والطقوس المصرية المتوارثة بين الأجيال منذ 4 آلاف عام، ومصر تحافظ على تقاليدها وقيمها، وهذا هو السر فى تقدم المصريين، وبعد تطوير الجامع والساحة المحيطة به، أدرك سكان الأقصر أهمية خطة التطوير، وأنها تهدف لخدمتهم وخدمة الحضارة المصرية.
لجنة عليا
كيف حصلت على التمويل لتنفيذ المشروع ؟
- منذ توليت مهام عملى وضعت خطة طويلة المدى حتى 2030 لتنمية محافظة الأقصر، وهذا ما تعلمته من بعثتى الدراسية فى أمريكا، وبعد 4 شهور جاء رئيس الوزراء وبصحبته 12 وزيراً للتصديق على الخطة، وهى المرة الأولى التى يزور الأقصر وفد بهذا المستوى الرفيع، وانطلقت لتنفيذ الخطة فى اتجاهين: طريق الكباش، ومعبد الكرنك، وهو أكبر وأقدم أثر دينى فى العالم، حيث تبلغ مساحته200 فدان

ويرجع تاريخه إلى 4 آلاف عام، وكان يمثل للمصريين القدماء بيت الإله «آمون»، ويكتب الملوك إنجازاتهم على جدرانه وصروحه عبر الزمن.
وخلال تنفيذ الخطة شكلت لجنة للإشراف على المشروع من د.أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، ود.فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى سابقاً، وفاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، ود.زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار آنذاك، وأحمد المغربى وزير الإسكان الأسبق.
واستطاعت د.فايزة أبو النجا أن تحصل على تمويل قدره نصف مليار جنيه من الاتحاد الأوروبى، وتم تسليم المبلغ لجهاز الخدمة الوطنية برئاسة اللواء حسين شفيق، وبدأنا العمل فوراً فى ساحة معبد الكرنك وطريق الكباش، وأشهد أنه بدونها لما استطعت إنجاز المشروع، ولا أنسى دور د.مصطفى مدبولى، وكان وقتها رئيس هيئة التخطيط العمرانى، وقبل ثورة يناير بعشرة أيام، شكلنا المجلس الأعلى للتخطيط العمرانى بالأقصر، للتصديق على تلك الأعمال.
شكوى وتهديد.
وما الأعمال التى تمت فى معبد الكرنك؟
- حين ذهبت للأقصر وجدت حالة ساحة معبد الكرنك محزنة للغاية، بسبب انتشار العشوائيات وبازارات تشوه المكان، والقمامة والحنطور ومواقف الاوتوبيسات، وسوء دورات المياه وأماكن خدمات السائحين، إلى جانب مبانٍ حديثة تحتل مساحات كبيرة أمام واجهة المعبد الرئيسية.


وأذكر حين بدأت فى تنفيذ إزالة تلك المبانى أن تلقت منظمة اليونسكو شكاوى عديدة ضدى، من بينها شكوى من البعثة الفرنسية التى تعمل فى الكرنك، بسبب نقل مقر إقامتها الموجود على النيل أمام الواجهة الرئيسية، وكذلك إزالة منزل عالم الآثار «لوجران»، وفوجئت بتهديد من اليونسكو بحذف المنطقة من قائمة التراث العالمى، إذا لم تتوقف عمليات الإزالة فوراً!!


وعلمت بوصول اثنين من علماء الآثار إلى الأقصر لدراسة الوضع على الطبيعة، وحين عرضت خطة التطوير اندهشوا وأعجبوا بالرؤية والهدف، وأقروا بأنها جديرة بالتنفيذ فى أى منطقة أثرية فى العالم، ووافقوا على الاستمرار فى تنفيذها.


وبعد الإزالة اكتشفنا تحت منزل عالم الآثار أكبر ميناء فى التاريخ، كان يستخدم فى نقل الأحجار من أسوان إلى الأقصر، وإلى جانب المنزل الآخر اكتشفنا الحمامات التى بناها الرومان حين وصلوا مصر، وكانت تستخدم فى عملية التطهر قبل دخول معبد الكرنك.  


وماذا كانت ردود الفعل العالمية بعد الانتهاء من المشروع؟
- حصلت على جائزة من الاتحاد الأوروبى، عن مشروع تطوير ساحة معبد الكرنك، وجائزة مركز التعاون الأوروبى للبيئة، و3 جوائز عربية: جائزة منظمة العواصم والمدن الإسلامية عن تطوير الأقصر، وجائزة منظمة العواصم الإسلامية عن تطوير ساحة الكرنك، وجائزة الشارقة للتراث عن تحول الأقصر لمتحف مفتوح.
مساكن القرنة
وماذا عن إزالة مساكن القرنة؟
- قمنا بنقل سكان مدينة القرنة بالكامل، إلى القرنة الجديدة، وهى أكبر عملية تهجير حدثت بعد تهجير أهل النوبة، وساعدنا فى ذلك د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والشيخ محمد الطيب، وبعد الإزالة عثر أسفل القرية على 950 مقبرة، ولكن للأسف المياه الناتجة عن سكان القرية أتلفتها. 

 


ماذا كنت تحلم أن تحققه قبل أن تغادر موقعك كمحافظ للأقصر؟
- كنت أتمنى الانتهاء من تطوير طريق الكورنيش، وتطوير مدينة «إسنا» التى كانت مركز التجارة فى جنوب مصر القديمة، وبها أجمل معبد فرعونى يضم 20 عموداً كل منها يحمل تاجاً بشكل مختلف عن الآخر، وبها معصرة زيتون ترجع إلى 100 عام ومازالت تعمل، وقد قمنا بتجهيز مشروع التطوير بالفعل، وجاءت ثورة 25 يناير وتوقف العمل. 

 أقرا ايضا | خدمات المتحف المصري الكبير مستوحاة من الحضارة| فيديو

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة