مرض الهيموفيليا
مرض الهيموفيليا


الموت يطارد مرضى الهيموفـيـليا

آخر ساعة

السبت، 20 نوفمبر 2021 - 10:32 ص

إيثار حمدى

حسب وزارة الصحة فإن "الهيموفيليا" مرض ناتج عن اضطراب وراثى نادر ناجم عن نقص أو غياب أحد عوامل التجلط فى الدم (البروتينات) وغالبا ما يحدث فى الذكور، وينزف الشخص المصاب به أكثر من الشخص الطبيعي، وقد يؤدى إلى تلف الأعضاء والأنسجة، ويسبب تورما وألما وحرارة فى المفاصل، أو كدمات (نزيف داخلي) أو داخل الفم والأذن والأنف، ولا يوجد علاج نهائى له، ولكن يوجد دواء يمنع حدوث المضاعفات، خاصة نزيف المخ والمفاصل.

أعداد مرضى الهيموفيليا المسجلة فى جمعية أصدقاء مرضى النزف10 آلاف حالة، إضافة إلى 4 آلاف حالة غير مسجلة، أما أطفال الهيموفيليا فقد أصبحوا معاقين بنسبة 70 % وعلى قائمة انتظار جراحات العظام لإجراء عمليات على أمل أن يعيشوا حياة شبه طبيعية، عدد كبير منهم تضررت مفاصلهم ونظرا لعدم توفر العلاج بصورة سريعة يستمر النزيف والآلام المبرحة، ما يجبرهم على استعمال المسكنات ليتحولوا إلى مدمنين.

 أخطر أنواع النزيف فى مرض الهيموفيليا يحدث فى المخ ما يؤدى إلى تليف أجزاء منه، ويعرض أصحابه إلى الإعاقة الذهنية إضافة إلى الإعاقة الحركية وقد ينهى حياتهم.. كل هذه الحالات كان من الممكن إنقاذها إذا حصلوا على العلاج فى الوقت المناسب!

"آخر ساعة" تفتح ملف "الهيموفيليا" وهى تنقل إلى المسئولين معاناة المرضى على أمل إنقاذ حياتهم بأدوية يتأخر التأمين الصحى فى صرفها دائما، وبالتالى استمرار النزيف الذى يؤدى إلى حدوث إعاقات جسدية وذهنية ووفاة. 

دينا سامح: ابنى بلا أصدقاء.. والنزيف رفيقه الوحيد

أولى القصص بطلها شاب صاحب 14 عاما، يعانى من هيموفيليا A (نقص عامل التجلط الثامن فى الدم) حيث تنقسم عوامل التجلط إلى 13 عاملا، الأكثر شيوعا منها فى مصر الثامن والتاسع.

تقول دينا سامح: ابنى مصاب بالعامل الثامن الذى يكوّن فيه الجسم أجساما مضادة للعلاج، ما يزيد من نسبة النزيف وحدوثه فى أى وقت، وبالتالى يجب أن يحصل فورا على العلاج الوقائى الذى قد يصل ثمن الجرعة الواحدة منه إلى 40 ألف جنيه، وقد يحتاج لأكثر من جرعة وفقا لشدة النزف!

تحبس دينا دموعها وتواصل: مرضى الهيموفيليا معرضون للنزيف فى أى وقت دون الحاجة لبذل أى مجهود، ومشكلة النزيف أنه لا يكون خارجيا فقط، ولكنه للأسف داخلى حول المفاصل وهو الأصعب لأنه يتسبب فى تآكلها، وشل حركتها إضافة إلى الألم الرهيب أثناء النزيف، والذى لا يقدرون على تحمله، فيضطرون لتناول المسكنات التى تدخل ضمن جدول المخدرات.

وتابعت: حتى الأطفال يصف لهم الطبيب هذه المسكنات لتخفيف آلامهم بعض الشيء، خاصة مع نزيف البطن أو المخ وهو الأخطر على الإطلاق والذى تعرض له ابنى منذ سنوات، وتسبب بحجزه فى العناية المركزة، ولكن الله كتب له عمرا جديدا.

تؤكد دينا أن عامل الوقت هو الأهم فى علاج مرضى الهيموفيليا، فلابد أن يأخذ ابنها العلاج خلال ساعتين من حدوث النزيف للحفاظ على سلامة المفاصل، ولكن ما يحدث فى التأمين الصحى يضرب بكل هذا عرض الحائط، من يحدث له نزيف مساء لا يمكنه الذهاب للمستشفى لأن الصيدلية ستكون مغلقة ولن يتمكن من صرف العلاج اللازم، فيضطر للانتظار لليوم التالى ما يتسبب فى تكوين الدم حول المفاصل، وإعاقة للمريض.

وتستطرد: عندما نصل إلى المستشفى فى اليوم التالى لا نحصل على الدواء مباشرة، ننتظر بالساعات حتى تنتهى الإجراءات ونحصل على الجرعة المطلوبة وتقول: ذات مرة انتظرت من الساعة الثامنة صباحا وحتى السادسة مساء!.

كما تشكو دينا من لجان العلاج قائلة: مريض الهيموفيليا يعانى من مرض مزمن إلا أنه يجب أن يعرض على لجنة طبية كل 3 أشهر، فى حين أن نتائج التحاليل لا تتغير مطلقا، وتقول إنهم يصعبون علينا الحياة وكأننا فى حاجة إلى معاناة أكبر من التى نعيشها.

وتختتم حديثها قائلة: اأمهات المرضى تعبن من القلق والتوتر الذى يعشن فيه طوال الوقت، والرعب من حدوث النزيف لأبنائهن، وتقول: ابنى لا يذهب لمدرسته وليس لديه أصدقاء فقط يجلس على سريره ولا يتحرك، ورغم كل هذا يحدث له النزيف وهو نائم، الخروجة الوحيدة التى يقوم بها هى الذهاب للمستشفى، وهناك أسر دمرت لأن الأب لم يتقبل أبناءه بهذا المرض نظرا لأنه وراثى من الأم فيطلقها ويتركها تعانى وحدهاب.

شيماء محمدين: نحلم بعـــــلاج أبنائنا فى المنزل حتى لا يموتوا فى طريقهم للمستشفى

تعمل شيماء محمدين أخصائى تحاليل، وتقيم فى محافظة سوهاج، فى بداية زواجها لم تستطع الإنجاب بشكل طبيعى فلجأت لعملية حقن مجهري، رزقها الله بولدين توأم (أنس وعمر) ، لم تصدق نفسها من الفرحة، ولم تكن تعلم ما يخفيه لها القدر.

عندما قررت أن تجرى لهما عملية االختانب فى عمر الشهرين أصيبا بنزيف حاد وتم حجزهما فى المستشفى 15 يوما لتنقل إليهما البلازما صباحا ومساء، ولم يستطع خلالها الأطباء الوصول إلى تشخيص لحالتهما، وبعد فترة علمت بأنهما مريضان بالهيموفيليا.

تقول شيماء: حمدت الله على نعمة الابتلاء وقررت أن أكرس حياتى لتربيتهما والحفاظ عليهما، حصلت على إجازة بدون مرتب، فى حين اضطر زوجها (مراجع حسابات) أن يسافر إلى الخارج ليوفر لهما ثمن الحقن التى يحتاجان إليها باستمرار ولكى لا يعرض أبنيه لخطر طول مدة الانتظار فى التأمين الصحى.

تقول شيماء والدة أنس وعمر: اعلى الرغم من توفير العلاج فى مصر وبكميات كبيرة، إلا أن الكارثة الحقيقية هى المسئولون عن هيئة التأمين الصحى وكيفية تحكمهم فى صرف الدواء، ورفضهم غير المبرر إعطاءه للمرضى فى المنزل، رغم أنه مرض طارئ، وقد يصاب الطفل بالنزيف فى أى وقت من الليل أو النهار، إضافة إلى أن هناك مركزية فى العلاج بمعنى أنه متوفر فى مستشفى واحد أو اثنين على الأكثر فى المحافظة، والكثيرون من المرضى لا يسكنون بالقرب من هذه المستشفيات، ما يضطرهم للسفر إلى مسافة ساعة ونصف على الأقل، فإذا كان هناك طفل كل ما يحمله جسده من دماء لا يتعدى 3 لترات سينزفهم فى طريقه للمستشفى.

وأضافت: خلال الأسبوعين الماضيين توفى 4 حالات أغلبهم يعانون من نزيف فى المخ، بسبب تأخير الإجراءات التى تعرض حياتهم للخطر ومن لا يتعرض لخطر الوفاة فهو معرض لمخاطر الإعاقة بسبب نزيف المفاصل والتجمع الدموى الذى بدوره يسبب جلطة حول المفصل ولتذويبها يحتاج المريض أن يحصل على علاج معين بطريقة خاصة وحقن كورتيزون، فى حين لا تهتم مستشفيات التأمين الصحى بتوابع النزيف لفترات طويلة ويكتفون بمنح المريض حقنة لوقفه فقط، وهنا تحدث مضاعفات تؤدى إلى حدوث حالات بتر للأطراف لا حصر لهاب.

وقالت: انطالب بتوفير العلاج بشكل شهرى فى المنزل حتى لا نضطر للانتظارب، موضحة أن ألم المفاصل لا يمكن تحمله، أبنائى سنهم 4 سنوات ونصف، أراهم يبكون ويصرخون، وعندما أسأل الأشخاص البالغين عن إحساسهم بالألم يقولون إنهم يبكون من شدة هذا الألم، وهناك الكثير من الشباب تحولوا لمدمنين بسبب تناولهم مسكنات الترامادول وغيرها لعدم قدرتهم على تحمل الألم، فلماذا لا نوفر لهم العلاج بالمنزل وفور حدوث النزيف يحصلون على الحقنة اللازمة، كل مشكلاتنا حلها فى توفير العلاج بالمنزلب؟.

وتشرح: عندما نطالب بهذا الحق لا نجد سوى رد واحد، أن هناك من يحصل على العلاج ليبيعه خارج المستشفى.

لم تنف شيماء احتمالية حدوث هذا من بعض الأشخاص، وتقول: إذا تخيلنا أن كل المرضى حصلوا على جرعتهم من الدواء لن يحتاجوا لشراء الدواء من خارج المستشفى، ووفقا للاتحاد العالمى للهيموفيليا فلكل مريض حقنتين فى الأسبوع أى 8 حقن فى الشهر إما علاجية أو وقائية، ونحن لا نطالب بأكثر من هذا، وإذا حصل لأى منا ظرف طارئ وتعرض ابنه لنزيف شديد نحن نتبرع بالعلاج لبعضنا البعض، والأمر سهل نظرا لأن مرضى الهيموفيليا معروفون وهناك حصر بأعدادهم فى التأمين الصحى ولكن للأسف هناك سوء توزيع وسوء تصرف.

وتابعت: أغلبنا يقوم بشراء حقنتين أو ثلاث يحتفظ بها فى المنزل للظروف الطارئة، وسعر الحقنة فى السوق السوداء عشرة آلاف جنيه فى حين أن ثمنها فى الصيدلية 5630 جنيها! ونحن نقوم بشرائها مضطرين من الذين يحلصون عليها بطريقة غير شرعية لأننا لا نقدر على شرائها بسعر الصيدلية.

وتضيف: االعالم كله يعتمد حاليا على العلاج الوقائي، إضافة إلى زرع الجينات، والأمر متوفر فى أغلب البلدان، فلماذا لا يتوفر فى مصر، ورغم انطباق شروط الجرعة الوقائية على ولديها تم رفض الطلب مرتين دون توضيح أى سبب، ولابد من وضع بروتوكول واضح لهذا العلاج.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة