هانى شمس
هانى شمس


سيكولوجى

مترو «الأنفاس»

هاني شمس

السبت، 20 نوفمبر 2021 - 05:24 م

فى مترو الأنفاق، اذا لم تسمح تذكرة الفتاة الجميلة لها بالمرور عبر الماكينات، يبتسم لها الموظف، يعبر عن إعجابه بها، ثم يتركها تمر ويودعها بحنان، واذا كانت الفتاة عادية يبتسم لها ابتسامة روتينية، ويدعها تمر، أما فى حالة مستويات الجمال الأقل، يتركها تمر وهو ينظر فى الاتجاه الآخر، مع إيماءة تحمل معنى «عدى الجمايل» .


أما انت أيها الشاب المسكين، فإياك أن تفضحك التذكرة فى مترو الأنفاق، سيتداعى عليك الموظفون كما يتداعى الأكلة إلى القصعة، يمسك أحدهم بالتذكرة ويسألك عن محطتك وسكنك وعنوانك، ويطلب آخر بطاقتك بينما يراقب ثالث المكان، ويتبرع الرابع بإعطائك درسا فى سلوكيات ركوب المترو وهو يسطر لك قسيمة بغرامة قاسية.


هذه الفقرات الشيقة الممتعة ما هى إلا جزء صغير من برنامج ترفيهى أعده «مترو الأنفاس» لركابه، فقرات متلاحقة، يطلق عليها «مش هاتقدر تاخد نفسك»، تبدأ عادة من أمام شبابيك التذاكر المغلقة، الا واحداً يقف المواطنون أمامه فى طابور طويل حتى يحصلوا على صك دخول البرنامج الترفيهى..

ما أن يتحرك المترو حتى يظهر أصحاب الفقرات، أربعة أو خمسة من الباعة الجائلين يتحركون ذهاباً واياباً فى حركات رشيقة تضاهى أبطال فرقة رضا للفنون الشعبية فى عصرها الذهبى، مع شعارات رنانة مقنعة، ومع وصول المترو الى المحطة، تهبط هذه المجموعة وتصعد مجموعة أخرى، تحمل سلعاً جديدة بأداء فنى جديد وحركات رشيقة حتى لا يشعر الركاب بالملل..

مع صعود وهبوط البائعين فى المحطات تظهر فقرة جديدة مختلفة شيقة، شعارها «إلهى ما يعريلك جتة ولا قطعلك جاكتة» ، يتفنن فيها المتسولون فى إقناع الركاب بحاجتهم الى المال، بعضهم يروى قصصا بأداء درامى بارع، وخيال يتفوق على مسلسلات أسامة أنور عكاشة وأفلام وحيد حامد، والبعض الآخر يلعب بخطة بص بعينك وارحم بقلبك ويمنحك ورقة بها قصة قصيرة تروى معاناته تستحق الفوز بجائزة «البوكر» عن جدارة. 


تأتى فى النهاية محطتك فتنزل، لا تتعجب عندما تسمع صوت الاذاعة الداخلية وهى تحذر الركاب من دفع غرامة فى حالة عدم ارتداء الكمامة، ثم تطالب الأخوة من الباعة الجائلين أن يراعوا التنسيق فيما بينهم، فلا يتزاحموا ليعرضوا بضاعتهم على الركاب حفاظاً على المظهر الحضارى لمترو الأنفاس.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة