الرئيس عبدالفتاح السيسى والسيدة قرينته خلال استقبالهما الأمير تشارلز وزوجته كاميلا
الرئيس عبدالفتاح السيسى والسيدة قرينته خلال استقبالهما الأمير تشارلز وزوجته كاميلا


تشارلز وكاميلا فى زيارة تاريخية لمصر

رسالة أمان واستقرار من أرض السلام

آخر ساعة

الإثنين، 22 نوفمبر 2021 - 07:39 م

دينا توفيق

من أرض السلام، رسالة محبة وتآخٍ.. من بلد الأمن، رسالة استقرار وأمان.. من مصر فى أول جولة خارجية لأحد أفراد العائلة الملكية البريطانية منذ جائحة كورونا، اختتم ولى العهد البريطانى، الأمير تشارلز، وزوجته دوقة كورنوال، «كاميلا»، زيارتهما التاريخية التى استمرت لمدة يومين؛ بعد عقد ونصف تقريبًا، منذ آخر زيارة قام بها تشارلز عام 2006.. زيارة حملت فى طياتها رسائل سلام وخير للعالم أجمع؛ وتهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة سبل مكافحة تغير المناخ.

كان فى استقبال الأمير تشارلز وزوجته كاميلا لدى وصولهما إلى مطار القاهرة على متن طائرة ملكية خاصة، وزير السياحة والآثار الدكتور «خالد العنانى» ومسئولون من السفارة البريطانية فى القاهرة. 
واستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، والسيدة قرينته، بقصر الاتحادية، الأمير تشارلز، ولى عهد بريطانيا والسيدة قرينته، حيث رحب الرئيس السيسى بولى العهد البريطانى فى زيارته لمصر، طالبًا نقل تحياته إلى جلالة الملكة إليزابيث، ومعربًا عن التطلع لأن تمثل هذه الزيارة محطة جديدة داعمة للعلاقات التاريخية بين البلدين، أخذاً فى الاعتبار ما تمثله دوماً الزيارات الملكية البريطانية من علامات بارزة تظل ماثلة فى الذاكرة السياسية والشعبية لكلٍ من مصر وبريطانيا.
ووفقًا للمتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، السفير بسام راضى، فقد أعرب الأمير تشارلز عن التقدير والامتنان لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التى لاقاها فى مصر، ناقلاً إلى الرئيس تحيات الملكة إليزابيث، مؤكدًا سعادته بالتواجد فى مصر مجددًا، وحرصه على زيارتها فى إطار الجولة الرسمية الأولى له خارج البلاد بالإنابة عن الملكة منذ بدء جائحة كورونا، وذلك فى ضوء خصوصية العلاقات التقليدية بين البلدين، إضافة للدور المحورى والمتوازن الذى تضطلع به مصر فى التعامل مع العديد من القضايا الدولية بقيادة السيد الرئيس، وكذا صون الأمن والاستقرار فى المنطقة.
وشهد اللقاء التباحث حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصةً ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث أكد الرئيس فى هذا الصدد تضامن مصر مع بريطانيا وشعبها فى مواجهة الإرهاب الأسود عقب الحادث الإرهابى الأخير الذى وقع بمدينة ليفربول، ولتكثيف التعاون المشترك لتعزيز قيم التسامح والسلام وقبول الآخر، بما يقوض من التفسيرات المتطرفة التى تتبناها جماعات الإرهاب، فضلاً عن العمل على تبنى المجتمع الدولى استراتيجية متعددة المستويات تشمل التعامل مع كافة العناصر والأطراف الداعمة للتنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة وتعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك.
وفيما يتعلق بقضايا المنطقة، أكد الرئيس أهمية ترسيخ المؤسسات الوطنية فى دول المنطقة التى تعانى من أزمات، بهدف ملء الفراغ الذى يتيح الفرصة لنمو الإرهاب وانتشاره إلى باقى دول العالم، وهى محددات تمثل فى مجملها ثوابت ومبادئ سياسة مصر فى التعامل مع الأزمات القائمة بالمنطقة.
وقد ثمن الأمير تشارلز الجهود التى قامت بها مصر خلال السنوات الماضية على صعيد التصدى للأفكار المتطرفة ومكافحة الإرهاب، حيث أوضح الرئيس فى هذا السياق أن هناك نهجا فعليا ترسخ فى تعامل الدولة مع حرية ممارسة الشعائر الدينية، وكذا إعلاء مبادئ المواطنة والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين على أية أسس دينية أو طائفية أو غيرها، فضلاً عن ترسيخ ثقافة التعددية وقبول الآخر. 
وقد أكد الأمير تشارلز اهتمام بريطانيا بتعزيز التعاون المشترك مع مصر فى هذا الإطار للاستفادة من تجربتها فى ترسيخ دور الأديان كحاضنة للتطور الاجتماعى الإيجابى الذى ينمى وعى الفرد بدوره وواجباته تجاه مجتمعه واستقراره وتنميته.
كما شهد اللقاء التباحث بشأن سبل تعزيز التعاون الثنائى فى عدد من المجالات، خاصةً على مستوى التعليم الجامعى والصحة، بالإضافة إلى التنسيق فى موضوعات تغير المناخ، فى ضوء المبادرات المتعددة التى يرعاها الأمير تشارلز فى هذا المجال، إلى جانب استضافة مصر عام 2022 للدورة القادمة الـ٢٧ لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ وذلك بهدف تأمين تحقيق نتائج إيجابية للوصول إلى الأهداف التى وضعها المجتمع الدولى للتعامل مع هذا الملف الهام الذى يمس مصالح الإنسانية بأسرها، لاسيما ما يتعلق بتفعيل دور القطاع الخاص بإمكاناته الضخمة للمساهمة فى الحد من الانبعاثات.
وأعرب الجانبان عن الارتياح للتطور الإيجابى الملموس الذى تشهده علاقات التعاون بين البلدين الصديقين فى الفترة الحالية، والتشاور المستمر فى كافة المجالات سواء على مستوى القيادة السياسية أو المستويات التنفيذية، بما فى ذلك التنسيق لمواجهة التحديات المستجدة والتى تهدد الإنسانية بشكل مشترك.
مصر الجديدة
لم تكن مصر التى رآها تشارلز هى نفسها التى رآها قبل 15 عامًا؛ وبحسب ما ذكره الحساب الرسمى للسفارة البريطانية فى القاهرة، عبر موقع التواصل الإجتماعى «تويتر»، عن الزيارة الملكية لولى العهد البريطانى وزوجته، إلى منطقة الأهرامات الأثرية، مؤكدين أنها لحظة استثنائية فى أحد أعظم مواقع التاريخ القديم فى مصر.
ومن ناحية أخرى، قالت وكالة «رويترز» إن الأمير تشارلز دعا إلى جهود مشتركة للحفاظ على البيئة خلال زيارته معالم القاهرة التاريخية وأهرامات الجيزة، وأبرزت الوكالة قول ولى العهد البريطانى بأن الأهرامات، مثل الدوائر الحجرية القديمة الأكثر تواضعا فى إنجلترا تذكرنا بصلة كوكبنا التى نسيناها بمرور الزمن.
واستقبل الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الأمير تشارلز، وزوجته دوقة كورنوال، بالجامع الأزهر لمناقشة سبل تعزيز التعاون الثقافى والعلمى بين بريطانيا والأزهر، وتعزيز الحوار بين أتباع الديانات والحديث عن الأزمات المعاصرة. 
وقال الأمير تشارلز، خلال لقائه مع شيخ الأزهر وعدد من الطلاب والمدرسين بأقدم جامعة فى العالم، إنه تم تذكيره بالعديد من الآيات القرآنية التى تتحدث عن أهمية الحفاظ على الكوكب، مُضيفًا أنه يجب أن ننتبه إلى هذه الحكمة ونعيد اكتشف الشعور المقدس بالتعلم العيش فى حدود لطبيعة بدلا من التفكير فى أن يمكننا الاستمرار فى تجاهلها، وأكد ولى العهد أن بريطانيا ستكون مع مصر، التى من المقرر أن تستضيف قمة المناخ العام المقبل، فى حماية واستعادة البيئة. 
كما التقى، قداسة البابا تواضروس الثانى، وأجرى حوارات تناول فيها تبادل الثقافات ودور الدين فى الحفاظ على البيئة، ما تعزز الروابط الدينية بين المملكة المتحدة ومصر.
وزار أمير ويلز ورشة بيت الرزاز للحرف التقليدية بحى الدرب الأحمر، حيث تسلط الزيارة الضوء على العلاقة التعاونية بين بيت جميل فى القاهرة والمؤسسة المصرية لإنقاذ التراث. وألتقى الأمير بمجموعة من الطلاب وخريجى المنحة المقدمة من مؤسسة الأمير للفنون التقليدية فى لندن. فيما زارت دوقة كورنوول عزبة خير الله لتفقد مشاريع تمكين المرأة، حيث نجحت النساء فى هذه المنطقة فى دعم مجتمعاتهن وأسرهن وحققن نجاحا كبيرا من خلال إعادة تدوير وصناعة منتجات يمكن بيعها. واستمعت الدوقة عن المزيد حول دعم تمكين المرأة وكيفية ابتكار النساء المعيلات لعائلاتهن وطرق دعم أنفسهن. كما حضرا حفل استقبال بين المملكة المتحدة ومصر للاحتفال بالعلاقة بين البلدين، والذى أقيم على هضبة أهرامات الجيزة.
وتابع الأمير تشارلز فى الحرم اليونانى بميدان التحرير فعالية «مبادرة الأسواق المستدامة»، التى تضم رواد الأعمال من الشباب، حيث كان فى استقباله «ياسمين فؤاد» وزيرة البيئة، و«أحمد الألفى»، رئيس ومؤسس الحرم اليونانى. والتقى الأمير تشارلز بمجموعة من رواد الأعمال المصريين للاستماع إلى تجاربهم ومناقشة فرص تنمية الأعمال الخضراء والمبتكرة فى مصر. كما ناقش مع الحاضرين من الشركات البريطانية العاملة فى مصر مبادراتهم البيئية التى تساعد على التكيف مع تغير المناخ وزيادة الوعى فى هذا المجال. خلال زيارته إلى الحرم اليونانى، حضر الأمير تشارلز أيضًا مبادرة  Flat6Labs لدعم رواد الأعمال الشباب؛ الممولة من السفارة البريطانية، والتى أسهمت على مدار السنوات الماضية فى نجاح العديد من المشاريع الشبابية، حيث استثمرت فى أكثر من 100 شركة ناشئة مبتكرة وقائمة على التكنولوجيا فى منطقة الشرق الأوسط. فيما زارت دوقة كورنوال مستشفى بروك للحيوانات فى القاهرة حيث قامت بقص الشريط لفتح المستشفى الذى تم تجديده، وزارت العيادة الخارجية، وتحدثت إلى الطبيب البيطرى عن عمله والتقطت صورة مع الموظفين ووقعت كتاب الزوار.
وفى اليوم التالى، سافر الضيوف إلى مدينة الإسكندرية حيث زاروا مركز الجزويت الثقافى والتقوا بمجموعة من الفنانين وصانعى الأفلام، وقدم القائمين على العمل بالمركز هدية تذكارية لهم عبارة مفتاح الحياة المصنوع من التين الصعيدى. وبدأت الزيارة بجولة داخل كنيسة المركز أعرب خلالها الأمير عن إعجابه بها واستمع إلى شرح من خادم الكنيسة عن تاريخ الكنيسة ودورها المجتمعى والدينى. وقام ولى العهد البريطانى بالتجول فى معرض تحت عنوان «بورتوريه إسكندراني» يروى تاريخ شخصيات جذورها إسكندرانى مثل هند رستم وتوفيق الحكيم، حيث صمم المعرض مجموعة من الأطفال السودانيين اللاجئين الذين رسموا بروفايلات للأشخاص مستخدمين فن الموزايك.
وأخيرًا، تمت زيارة مكتبة الإسكندرية ورافقهم مدير المكتبة الدكتور «مصطفى الفقى»، وقاموا بجولة فى متحف الآثار والمعارض فى منطقة المحمل حيث أتيحت الفرصة للأمير تشارلز لمشاهدة بعض المخطوطات النادرة والمهمة، بينما قامت الدوقة بالقراءة للأطفال، وشاركت فى محادثة مع الكتاب الشباب. وغادر الأمير تشارلز أمير ويلز ودوقة كورنوال، مصر فى ختام زيارتهما، التى استمرت لمدة يومين. وقال السفير «جاريث بايلى» سفير بريطانيا بالقاهرة، فى تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»: «أصحاب السمو الملكي: أشكركم على زيارة مصر.. مصر شكرًا على الترحيب الرائع بأصحاب السمو الملكي.»

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة