أ.د.إلهام سيف الدولة حمدان
أ.د.إلهام سيف الدولة حمدان


لا صوت يعلو فوق .. صوت الموسيقا

أخبار النجوم

الخميس، 02 ديسمبر 2021 - 02:37 م

حقيقة‭ ‬لامراء‭ ‬فيها‭ ‬أنه‭ ‬لاصوت‭ ‬يعلو‭ ‬فوق‭ ‬صوت‭ ‬الموسيقا‭ ‬التي‭ ‬تتبع‭ ‬الأصول‭ ‬والأعراف‭ ‬الشعبية‭ ‬المتوارثة‭ ‬عبر‭ ‬الأحقاب‭ ‬الطويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وقد‭ ‬ترك‭ ‬الأجداد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬والتماثيل‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬المعابد‭ ‬بقيثاراتهم‭ ‬وأراغيلهم‭ ‬ومزاميرهم؛‭ ‬ليؤكدوا‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭ ‬الراسخة‭ ‬بأن‭ ‬الموسيقا‭ ‬هي‭ ‬الشفاء‭ ‬والدواء‭ ‬الناجع‭ ‬لكل‭ ‬أمراض‭ ‬الجسد‭ ‬والروح،‭ ‬وعصب‭ ‬التغني‭ ‬والغناء‭ ‬حيث‭ ‬تضفي‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬البهجة‭ ‬والسرور‭ ‬فتعيننا‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬لما‭ ‬نستمده‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬الصدور‭ ‬زفرات‭ ‬الارتياح‭ ‬وتشحن‭ ‬الروح‭ ‬بالأشجان‭ ‬والمشاعر‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الكلمة‭ ‬فالموسيقا‭ ‬المحضة‭ ‬وحدها‭ ‬تستطيع‭ .‬

لذلك‭ ‬ستظل‭ ‬الموسيقا‭  ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عمَّا‭ ‬يختلج‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬من‭ ‬عواطف،‭ ‬ومايعتري‭ ‬عقولنا‭ ‬من‭ ‬خيالات،‭ ‬وماتستشعره‭ ‬نفوسنا‭ ‬من‭ ‬انفعالات،‭ ‬ويتم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬بسلاسة‭ ‬تختص‭ ‬بها‭ ‬أداء‭ ‬وقدرة‭ ‬ومهارة‭ ‬دون‭ ‬منازع‭ ‬ولا‭ ‬منافس‭ ‬تضاهيها‭ ‬فيه‭ ‬مهارة‭ ‬أي‭ ‬لغة‭ ‬إلاّها‭ ! ‬فهي‭ ‬بحق‭ ‬أنقى‭ ‬لغة‭ ‬تفيض‭ ‬الروح‭ ‬الإنسانية‭ ‬هيامًا‭ ‬بها،‭ ‬وألصق‭ ‬الفنون‭ ‬بأعماق‭ ‬الذات‭ ‬الإنسانية‭.‬

‭  ‬والمتابع‭ ‬لاهتمام‭ ‬الإنسان‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬عن‭ ‬وسيلة‭ ‬مُثلى‭ ‬للتخاطب‭ ‬والتفاهم‭ ‬مع‭ ‬بني‭ ‬جنسه؛‭ ‬أو‭ ‬مع‭ ‬شتى‭ ‬الكائنات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬الكون‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬يجد‭ ‬ان‭ ‬الباحثين‭ ‬وعلماء‭ ‬الاجتماع‭ ‬قد‭ ‬تطرقوا‭ ‬إلى‭ ‬نظرية‭ ‬محاكاة‭ ‬الأصوات‭ ‬الطبيعية‭  ‬لكون‭ ‬اللغة‭ ‬البشرية‭ ‬نشأت‭ ‬من‭ ‬الصرخات‭ ‬غير‭ ‬المبينة‭ ‬للحيوانات‭  ‬؛‭ ‬ويقول‭ ‬أحد‭ ‬الباحثين‭ : ‬“‭ ‬إن‭ ‬البشر‭ ‬منحدرون‭ ‬إلى‭ ‬فئة‭ ‬الطيور‭ ‬مثبتًـا‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬الطيور‭ ‬تسعى‭ ‬على‭ ‬ساقين‭ ‬كالبشر،‭ ‬ولا‭ ‬نغفل‭ ‬عن‭ ‬الإيحاءات‭ ‬والأصوات‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬الطيور،‭ ‬فأصبح‭ ‬يقلدها‭ ‬الإنسان‭ ‬عندما‭ ‬وجد‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬كالبكاء‭ ‬والصراخ‭ ‬لرغبة‭ ‬الأشياء‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬خرجت‭ ‬لغة‭ ‬تفرد‭ ‬بها‭ ‬البشر‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الطيور‭ ‬“‭ .‬

واغلب‭ ‬الظن‭ ‬أنه‭  ‬ــ‭ ‬بالفطرة‭ ‬ــ‭  ‬تحول‭ ‬الصراخ‭ ‬والعواء‭ ‬والبكاء‭ ‬إلى‭ ‬دقاتٍ‭ ‬ذات‭ ‬إيقاع‭ ‬معين‭ ‬على‭ ‬الصخور‭ ‬أو‭ ‬النقر‭ ‬على‭ ‬قطع‭ ‬الخشب؛‭ ‬فواحدة‭ ‬للتحذير‭ ‬من‭ ‬اقتراب‭ ‬عدو‭ ‬؛‭ ‬وأخرى‭ ‬للنداء‭ ‬على‭ ‬الطعام‭ ‬؛‭ ‬وثالثة‭  ‬للدعوة‭ ‬للحب‭ ‬وتلبية‭ ‬نداء‭ ‬الطبيعة؛‭ ‬حتى‭ ‬تحولت‭ ‬تلك‭ ‬الدقات‭ ‬والنداءات‭ ‬إلى‭ ‬مايشبه‭ ‬دقات‭ ‬ونغمات‭ ‬الموسيقا‭  ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬عصرنا؛‭ ‬وتشير‭ ‬بعض‭ ‬المعتقدات‭ ‬الصينية‭ ‬القديمة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الموسيقا‭ ‬نشأت‭ ‬قبل‭ ‬وجود‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وهي‭ ‬أولى‭ ‬مخلوقات‭ ‬الآلهة‭ ‬وإبداعاتها،‭ ‬فيما‭ ‬يرى‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬أصلها‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬نشأة‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬عندما‭ ‬حاول‭ ‬الإنسان‭ ‬البدائي‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬أقدم‭ ‬آلة‭ ‬موسيقية‭ ‬عرفها‭ ‬العالم‭ ‬وهي‭ ‬“‭ ‬حنجرة‭ ‬الإنسان‭ ‬“‭ .  ‬

ثم‭ ‬تطورت‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإنسانية‭ ‬تطورًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬ومنطقيًا‭ ‬عبر‭ ‬الزمن؛‭ ‬ليتم‭ ‬تضفير‭ ‬الموسيقا‭ ‬ببعض‭ ‬الكلمات‭ ‬وتلحينها‭ ‬بألحانٍ‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الحالة‭ ‬المراد‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬أغانٍ‭ ‬شعبية‭ ‬بمصاحبة‭ ‬الدفوف‭ ‬والكفوف‭ ‬والنغمات‭ ‬الصادرة‭ ‬ـ‭ ‬على‭ ‬استحياء‭ ‬ـ‭ ‬من‭ ‬الآلات‭ ‬الموسيقية‭ ‬المستحدثة‭ ‬؛‭  ‬وتنطوي‭ ‬كلمات‭ ‬مناسبات‭ ‬الأفراح‭ ‬والأحزان‭ ‬والانتصارات‭ ‬والانكسارات‭ ‬؛‭ ‬لتبقى‭ ‬ــ‭ ‬فقط‭ ‬ــ‭ ‬إيقاعات‭ ‬الموسيقا‭  ‬في‭ ‬الأذهان‭ ‬ولا‭ ‬تندثر؛‭ ‬وربما‭ ‬يتم‭ ‬تركيب‭ ‬كلمات‭ ‬أخرى‭ ‬جديدة‭ ‬عليها؛‭ ‬لتعطيها‭ ‬استمرارية‭ ‬البقاء‭ ‬والخلود‭ ‬؛‭ ‬ربما‭ ‬لتجيب‭ ‬على‭ ‬أسئلة‭ ‬أهل‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحالي‭ :  ‬ما‭ ‬عناصر‭ ‬نجاح‭ ‬الأغنية‭ ‬؟‭ ‬وأين‭ ‬يكمُن‭ ‬السر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الثالوث‭ ‬الذي‭ ‬يتشكل‭ ‬منه‭ ‬جسد‭ ‬الأغنية‭ ‬؛‭ ‬وهل‭ ‬هو‭ ‬في‭  ‬“‭ ‬الكلمات‭ ‬“‭ ‬أم‭ ‬“‭ ‬اللحن‭ ‬“‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بمحاولة‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬مكنون‭ ‬ومضمون‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭  ‬أم‭ ‬أن‭ ‬“‭ ‬الموسيقا‭ ‬“‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭  ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬كل‭ ‬أسرار‭ ‬النجاح‭ ‬؟‭! ‬

ومما‭ ‬لاشك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬“‭ ‬الموسيقا‭ ‬“‭  ‬تمثل‭ ‬العمود‭ ‬الفِقَري‭ ‬لجسد‭ ‬وقوام‭ ‬الأغنية‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها‭ ‬ومشاربها‭ ‬وفروعها‭ ‬التي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬آفاق‭ ‬العاطفي‭ ‬والوطني‭ ‬والديني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العصور؛‭ ‬ويُعتقد‭ ‬بأن‭ ‬المصريين‭ ‬هم‭ ‬أول‭ ‬شعب‭ ‬ابتكر‭ ‬الأغنية‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬الفراعنة‭ ‬الأولين‭ ‬،‭ ‬ولكننا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬لاننكر‭ ‬مدى‭ ‬تأثير‭ ‬الكلمة‭ ‬المنتقاة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬بالموسيقا‭ ‬عن‭ ‬مضمون‭ ‬“الكلمة”‭ ‬وما‭ ‬تشير‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬نبرة‭ ‬حزنٍ‭ ‬أو‭ ‬فرح‭ ‬أو‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬البهجة‭ ‬والانتصار؛‭ ‬فتأتي‭ ‬النغمات‭ ‬الموسيقية‭ ‬لتقوم‭ ‬بالترجمة‭ ‬والتجسيد‭ ‬للمعاني‭ ‬والأهداف‭ ‬التي‭ ‬يهدف‭ ‬إليها‭ ‬الشاعر‭ ‬الذي‭ ‬صاغ‭ ‬أغنيته‭ ‬بلغة‭ ‬أهل‭ ‬وطنه‭ ‬وبلاده؛‭ ‬ويجد‭ ‬“الموسيقار”‭ ‬أن‭  ‬موسيقاه‭ ‬مصبوغة‭ ‬ــ‭ ‬تلقائيًا‭ ‬ــ‭  ‬بلون‭ ‬تراث‭ ‬شعبه‭ ‬وقبيلته‭ ‬ووطنه‭ ‬؛‭ ‬وللوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬نقول‭ : ‬تلك‭ ‬موسيقا‭ ‬أمازيغية‭ ‬أو‭ ‬تركية‭ ‬أو‭ ‬مصرية‭ ‬أو‭ ‬آتية‭ ‬من‭ ‬أعماق‭ ‬قارة‭ ‬آسيا‭ ‬أوشبه‭ ‬القارة‭ ‬الهندية‭ .‬

ولعلنا‭ ‬نعرف‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬“‭ ‬الموسيقار”‭ ‬مايُعرف‭ ‬بـ‭ ‬“‭ ‬التوزيع‭ ‬الموسيقي‭ ‬“‭ ‬والقائم‭ ‬على‭ ‬تنفيذه‭ ‬من‭ ‬يُسمَّى‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭  ‬الحالي‭ ‬بلقب‭ ‬“الموزِّع‭ ‬الموسيقي”؛‭ ‬وهو‭ ‬التوزيع‭ ‬الذي‭  ‬يُعد‭ ‬ــ‭ ‬بحسب‭ ‬رأي‭ ‬المتخصصين‭ ‬ــ‭ ‬“‭ ... ‬إحدى‭ ‬المحطات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأغنية،‭ ‬حيث‭ ‬يرسم‭ ‬الموزع‭  ‬“خريطة‭ ‬طريق”‭ ‬للأغنية،‭ ‬تبدأ‭ ‬حدودها‭ ‬مع‭ ‬الكلمات،‭ ‬وتنتهي‭ ‬ألحانًا‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬آذان‭ ‬المستمعين،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬ألحانًا‭ ‬راقصة‭ ‬أو‭ ‬حزينة،‭ ‬أو‭ ‬طربًا‭ ‬أصيلاً،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬يرسم‭ ‬الموزع‭ ‬الموسيقي‭ ‬الخريطة‭ ‬التي‭ ‬يسير‭ ‬عليها‭ ‬المطرب‭ ‬والملحن‭ ‬وتحديد‭ ‬الآلات‭ ‬المصاحبة،‭ ‬ومعها‭ ‬يكتسب‭ ‬التوزيع‭ ‬الموسيقي‭ ‬أهميته‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الأغنية‭ ... ‬“‭ .‬

وتأتي‭ ‬المرحلة‭ ‬التالية‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬الموزع‭ ‬الموسيقي‭ ‬ــ‭ ‬بتصرف‭ ‬ــ‭ ‬بتوليف‭ ‬وتطبيع‭ ‬اللحن‭ ‬الأساسي‭ ‬ليتم‭ ‬عزفه‭ ‬بواسطة‭ ‬مجموعة‭ ‬آلات‭ ‬موسيقية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الآلات‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬في‭ ‬التوزيع،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تقسيم‭ ‬اللحن‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬على‭ ‬العود‭ ‬أو‭ ‬الجيتار‭ ‬وعمل‭ ‬توليفة‭ ‬بعد‭ ‬إجراء‭ ‬التعديلات‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬النوتة‭ ‬لنقلها‭ ‬إلى‭ ‬أجهزة‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬البيانو‭ ‬أو‭ ‬الكمان‭ ‬أو‭ ‬القانون‭ ‬مع‭ ‬كتابة‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فيما‭ ‬يشبه‭ ‬تحويل‭ ‬القصة‭ ‬إلى‭ ‬سيناريو‭ ‬وحوار‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬التأليف‭ .‬

أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬مهمة‭ ‬الموزع‭ ‬الموسيقي‭ ‬فتنتهي‭ ‬بالتوزيع‭ ‬النهائي‭ ‬للحن‭ ‬وإعداده‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نوتة‭ ‬موسيقية‭ ‬مكتوبة‭ ‬ومدوَّن‭ ‬بها‭ ‬المقامات‭ ‬والجُمَل‭ ‬اللحنية،‭ ‬وتتوقف‭ ‬جودتها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تفوق‭ ‬الموزع‭ ‬الموسيقي؛‭ ‬وخبرته‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭ ‬وتوصيف‭ ‬اللحن‭ ‬وكتابة‭ ‬هارموني‭ ‬يتضمن‭ ‬التركيبات‭ ‬والتعبيرات‭ ‬لتعريف‭ ‬كل‭ ‬عازف‭ ‬تكنيك‭ ‬وديناميكية‭ ‬العزف‭ ‬ونقل‭ ‬إحساس‭ ‬الموزع‭ ‬أو‭ ‬مؤلف‭ ‬الجملة‭ ‬الموسيقية‭ ‬إلى‭ ‬العازف،‭ ‬ووضع‭ ‬تصوير‭ ‬لحني‭ ‬مناسب‭ ‬لكل‭ ‬آلة‭ ‬على‭ ‬حدة‭ . ‬

إذن‭ .. ‬في‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬“الأغنية‭ ‬“‭  ‬منذ‭ ‬عصر”‭ ‬زرياب‭ ‬“‭  ‬و‭  ‬“‭ ‬ولاَّدة‭ ‬بنت‭ ‬المستكفي”‭ ‬حبيبة‭ ‬الشاعر‭ ‬“‭ ‬ابن‭ ‬زيدون‭ ‬“وهي‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنشد‭ ‬الشعر‭ ‬وتلعب‭ ‬ببراعة‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير‭ ‬على‭ ‬الآلات‭ ‬الموسيقية؛‭  ‬من‭ ‬يومها‭ ‬أصبحت‭ ‬“‭ ‬الموسيقا‭ ‬“‭  ‬هي‭ ‬العصب‭ ‬المحرِّك‭ ‬لكل‭ ‬العازفين‭ ‬على‭ ‬آلاتهم‭ ‬بشتى‭ ‬صنوفها‭ ‬وأنواعها‭ ‬ومشاربها‭ ‬واتجاهاتها؛‭ ‬لتترك‭ ‬الأثر‭ ‬الفعال‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬الروح‭ ‬والقلب‭ ‬والوجدان‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يستمع‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬الصفاء‭ ‬الروحي؛‭ ‬ومحاولة‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬ضجيج‭ ‬الحياة‭ ‬وآلاتها‭ ‬الميكانيكية‭ ‬الصاخبة‭ . ‬

ولعل‭ ‬مايؤكد‭ ‬ويدعم‭ ‬رأيي‭ ‬في‭ ‬الانحياز‭ ‬إلى‭ ‬“الموسيقا”‭ ‬كعامل‭ ‬أساس‭ ‬ومؤثر‭ ‬في‭ ‬عصب‭ ‬الأغنية‭ ‬الشعبية‭ ‬الوطنية‭ ‬والدينية‭ ‬والعاطفية؛‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الموسيقا‭ ‬والغناء‭ ‬هما‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬الفنون‭ ‬عهدًا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الإنسان،‭ ‬وقد‭ ‬قيل‭ ‬إن‭ ‬الإنسان‭ ‬قام‭ ‬بـ‭ ‬“الغناء‭ ‬“‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتكلم‭ ‬،‭ ‬فكان‭ ‬يقلّد‭ ‬العاصفة‭ ‬في‭ ‬صخبها‭ ‬والجدول‭ ‬في‭ ‬انسيابه‭ ‬وهدوئه‭ ‬؛‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬عواطف‭ ‬القلب‭ ‬بالألحان‭ ‬الغزليَّة‭ ‬وعن‭ ‬وَرَعِه‭ ‬بالتراتيل‭ ‬الدينية‭ ‬وعن‭ ‬قوّته‭ ‬بالأناشيد‭ ‬الحماسية‭ ‬؛‭  ‬ولعلنا‭ ‬نستند‭ |‬لى‭ ‬ماذكره‭ ‬علماء‭ ‬الاجتماع‭ ‬ومؤرخي‭ ‬حقبة‭ ‬الفنون‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬اللفظة‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬يوناني‭ : ‬”موزيس”‭ ‬و‭ ‬ترجع‭ ‬هذه‭ ‬اللفظة‭ ‬بالأصل‭ ‬إلى‭ ( ‬ميز‭ ) ‬وهو‭ ‬إله‭ ‬من‭ ‬آلهة‭ ‬الفنون‭ ‬عند‭ ‬الإغريق‭ .. ‬ولعل‭ ‬السبق‭ ‬عن‭ ‬الإغريق‭ ‬ماجاء‭ ‬في‭ ‬سفر‭ ‬التكوين‭  ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الأب‭ ‬“‭ ‬جورج‭ ‬بيروتي‭ ‬“‭ ‬في‭ ‬مقالاته‭ ‬عن‭ ‬الطقس‭ ‬القبطي‭ ( ‬صفحة‭  ‬كنيسة‭ ‬الاسكندرية‭ ‬للاقباط‭ ‬الكاثوليك‭ ‬بمصر‭ )  ‬يقول‭ : ‬“‭ ... ‬إن‭ ‬“يوبال‭ ‬“‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬سلالة‭ ‬قايين‭ ‬ابن‭ ‬آدم‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬قبل‭ ‬الطوفان‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬سنة‭ ‬ق‭.‬م‭. ‬أنه‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬عزف‭ ‬على‭ ‬العود‭ ‬والمزمار‭ . ‬وكانت‭ ‬الموسيقى‭ ‬عند‭ ‬العبرانيين‭ ‬مزيجًا‭ ‬من‭ ‬الغناء‭ ‬والرقص‭ ‬والمرافقة‭ ‬الآلية،‭ ‬وسُمي‭ ‬الشعر‭ ‬الغنائي‭ ‬عندهم‭ ‬بالمزامير‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬أناشيد‭ ‬وقصائد‭ ‬وتسابيح‭ ‬كتبت‭ ‬بوحي‭ ‬من‭ ‬الله‭ . ‬وكان‭ ‬للشعب‭ ‬العبراني‭ ‬ملك‭ ‬يُدعى‭ ‬داود‭ ‬وكان‭ ‬ذا‭ ‬صوت‭ ‬جميل‭ ‬وعازفاً‭ ‬على‭ ‬العود‭ ‬و‭ ‬القيثارة‭ ... ‬“‭ ‬

إذن‭ .. ‬لاصوت‭ ‬يعلو‭ ‬فوق‭ ‬صوت‭   ‬الموسيقا‭...‬كانت‭..‬وأصبحت‭..‬وستظل‭ ‬تحتل‭ ‬هكذا‭ ‬مكانة‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬الأزمنة‭ ‬والأحقاب‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة