الخميس، 02 ديسمبر 2021 - 07:24 م

نيرة عيد

تجلس تلك السيدة متربعة على أرض المحل تقول بصوت يخرق طبلة أذنى «بقولك يا أخويا هى الطرابيش دى تتحط فى النيش؟».

تقع تلك الجملة علىّ وقع الماء البارد، هل وصل بى الحال بلونى الأحمر القانى وشعيراتى التى تزيد من الهيبة إلى النيش، وما هو النيش على أية حال؟
إذا كنت لا تفهم فتعالَ أقص عليك الحكاية من أولها وأرجو أن يسمح وقتك الثمين بذلك.

موقعى المميز من شارع عتيق فى القاهرة القديمة يفرض عليَّ فرضًا الاحتكاك بكثير من البشر والآن أمسيت علامة مميزة فى الشارع، غير أنى والله أشعر حقًا بالإحراج من كونى علامة، أتتساءل لماذ؟ لأنى يا سيدى أقع فى وسط حالة من جهاز العروسين لا أفقه عنها شيئًا.

بالأمس كان هذا الفتى الذى يخط شنبه بصعوبة على وجهه يخاطب ذات السيدة قائلاً عنواننا ميتوهش ادام وكالة الطرابيشى، أتدرى ماذا كان يبيع هذا الفتى؟ أطنان من الأقمشة الملونة التى اتعجب كيف لانسان أن يحتاجها وهى لا تستر ولا تدفئ ناهيك عن الذوق.

يميز الفتى محله لبيع القطع المتناثرة من الملابس باسم الطرابيشى هل تفهم فحوى الجملة، انتقلت أنا من رمز للوجاهة وسمة مميزة لأصحاب المقام الرفيع، إلى سمة مميزة لبائعى الذوق الرقيع.

يقولون إنى لم أعد استخدم إلا لاجترار الماضى فى المناسبات التى تستدعى الحنين والبكاء على ما فقد الإنسان من شرف ووجاهة منذ أن مشى مكشوف الرأس أمام الجميع، لكن هناك استخداماً آخر عرفت عنه من بعض زملاء «بنك الصنايعى» وهو ستر رؤوس العلماء، وهو شرف آمل أنا ومن حولى أن نناله خاصة مع تلك النظرات المحملقة التى يرمقنى بها الجميع أثناء مرورهم فى الشارع للتسوق أو السياحة.

السيااااحة، كدت أن أنسى انى رمز للشرق الأوسط كذلك، لكنى فى الحقيقة لا أعرف على وجه التحديد هل هو رمز جيد أم غير ذلك؟ على أية حال مادام الوضع كذلك، لن أخشى أى شىء مادمت سأستخدم لغرض ما.

دعنا نعود لهذه المتربعة التى تشترى بالجملة تلك الملابس المكشوفة ويسمونها بكلمة أجنبية تحمل أحرفاً غير مفهومة بالنسبة لى لكنها تنتهى بمقطع.

«.. جيرى» وتقف أمامى مباشرة فى كل مرة تمر من الشارع قائلة «أيوووه هنا عند الطربوش الأحمر» لتبدأ رحلتها فى جمع ملابس العروس، وأحيانًا ترغب فى شراء بعض إخوتى كزينة ضمن ملابس العروس الجديدة التى لا تفقه تاريخ تلك القطعة من الأحمر القانى وما تمثله لتاريخ مصر.

إقرأ أيضاً|فرفش كده | أبو طربوش