نعم أتذكرها ولا انساها ومن منا ينسي أمه. فهي الدفء والحنان هي روح الأسرة عندما كانت تفرح تملأ الدنيا بهجة.. سعادتها في أشياء بسيطة ربما نراها نحن كبيرة.. تسعد عندما كانت تتدخر جزءا من المال تشتري به حليا تتزين بها. هي في داخلها تعلم أن قيمته لا تضيع مهما طال الزمن فربما يميل الزمان فيباع وتشتري به أشياء تساعدها علي الحياة.. وربما يحتاجه أبي فهي تعطيه له بطيب خاطر. والفرحة الأخري عندما كان يدخل الذهب الأبيض »‬القطن» إلي بيتنا وهو لا يدخل إلا بدخول الأفراح وأحيانا التبديل والتغيير فكلاهما بالنسبة لنا فرح، يأتينا فنان يصنع منه الأوسدة التي نتمتع بها. هذا هو حالنا فما بالك بحال فلاح ينتظر قدوم هذا الذهب كل عام لتملأ الأفراح بيته فهو دائما يرتب شئون بيته وأولاده عليه فالبنات والأولاد زواجهم دائما كان مرهونا ببيعه فإذا أتاه المال وضعه في بيته فأصبح مسمارا يمسك زمام البيت. يشتري منه بعض الحلي لزوجته ليدخر جزءا من المال يعينه وقت الحاجة. فبلدي تعيش حالة جميلة من الأفراح تدق كل الأبواب بداية بتشوينه في أشهر الميادين الذي سمي بعد ذلك بميدان »‬الشون» وتنطلق الأفراح إلي أصحاب الأنوال والغزول ومنها لأصحاب المصانع والمصابغ فتنتعش الأيدي العاملة ومن هنا أدرك طلعت حرب باشا قيمة هذا الذهب فأقام اشهر مصانعها وشركاتها علي الاطلاق. لذلك أصابني الحزن عندما قرأت آخر أخبار وزارة الزراعة بأنها قررت عدم زراعة هذا الذهب لانه يحتاج إلي وفرة مياه فأنا لا أعرف كيف بنت قرارها هذا، اكيد هي لا تدرك ان هناك ايدي عاملة ربما تتوقف ويصيبها ركود وتزداد البطالة ونحن في غني عنها فمن لم يدرك قيمته لا يعرف من أين يأتيه كساؤه.