‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬هيكل
‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬هيكل


فى ذكرى رحيله l هيكل.. طلق المحاماة من أجل الأدب والفكر

آخر ساعة

السبت، 11 ديسمبر 2021 - 10:54 ص

حسن‭ ‬حافظ

شهد‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬ثورة‭ ‬معرفية‭ ‬هائلة،‭ ‬وميلاد‭ ‬أسماء‭ ‬زينت‭ ‬سماء‭ ‬الأدب‭ ‬والفكر،‭ ‬ضربت‭ ‬بسهم‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬مناحى‭ ‬الحياة‭ ‬الثقافية‭ ‬فتركت‭ ‬معالم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نسيانها،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬طليعة‭ ‬هذه‭ ‬الأسماء‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬هيكل،‭ ‬الذى‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬نجوم‭ ‬الثقافة‭ ‬فى‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬والذى‭ ‬يقارن‭ ‬بأسماء‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬وعباس‭ ‬العقاد،‭ ‬والذى‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬مجالا‭ ‬إلا‭ ‬ووضع‭ ‬فيها‭ ‬علامات‭ ‬كالنجوم‭.‬

فى‭ ‬مجال‭ ‬الرواية‭ ‬كتب‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬هيكل‭ (‬زينب‭) ‬التى‭ ‬ضمنت‭ ‬لها‭ ‬ريادة‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬الروائي،‭ ‬كأول‭ ‬رواية‭ ‬فنية‭ ‬متكاملة،‭ ‬وفى‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامى‭ ‬كتب‭ ‬رائعة‭ (‬حياة‭ ‬محمد‭) ‬الذى‭ ‬ظل‭ ‬فى‭ ‬خانة‭ ‬الأكثر‭ ‬مبيعا‭ ‬لسنوات‭ ‬وسنوات،‭ ‬وفتح‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬نافذة‭ ‬عبر‭ ‬دراسة‭ ‬لم‭ ‬تفقد‭ ‬قيمتها‭ ‬عن‭ ‬فيلسوف‭ ‬عصر‭ ‬الأنوار‭ ‬جان‭ ‬جاك‭ ‬روسو،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أدواره‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬والصحافة‭ ‬المصرية،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬منه‭ ‬ظاهرة‭ ‬تستحق‭ ‬الاحتفاء‭ ‬وتسليط‭ ‬الأضواء‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬ذكرى‭ ‬رحيله‭ ‬التى‭ ‬تهل‭ ‬علينا‭ ‬فى‭ ‬8‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الأجيال‭ ‬الشابة‭ ‬تخلط‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬سميه‭ ‬الأصغر‭ ‬الصحافى‭ ‬الكبير‭ ‬محمد‭ ‬حسنين‭ ‬هيكل‭ ‬والذى‭ ‬سطع‭ ‬نجمه‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬فى‭ ‬النصف‭ ‬الثانى‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬حصر‭ ‬حسين‭ ‬هيكل‭ ‬فى‭ ‬خانة‭ ‬إبداعية‭ ‬واحدة،‭ ‬فهو‭ ‬جم‭ ‬النشاط‭ ‬ومبدع‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كتب،‭ ‬ساعده‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬خلفيته‭ ‬العلمية‭ ‬الواسعة،‭ ‬فالرجل‭ ‬الذى‭ ‬ولد‭ ‬فى‭ ‬20‭ ‬أغسطس‭ ‬1888،‭ ‬بقرية‭ ‬كفر‭ ‬غنام‭ ‬بمركز‭ ‬السنبلاوين‭ ‬بالدقهلية،‭ ‬درس‭ ‬القانون‭ ‬وتخرج‭ ‬فى‭ ‬مدرسة‭ ‬الحقوق‭ ‬الخديوية‭ ‬بالقاهرة‭ ‬عام‭ ‬1909،‭ ‬ثم‭ ‬سافر‭ ‬على‭ ‬نفقة‭ ‬والده‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬فى‭ ‬الحقوق‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬السوربون‭ ‬العريقة‭ ‬عام‭ ‬1912،‭ ‬ليعود‭ ‬بعدها‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬وهو‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬روح‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬تأثر‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬محمد‭ ‬عبده‭ ‬وجمال‭ ‬الدين‭ ‬الأفغانى‭ ‬وأحمد‭ ‬لطفى‭ ‬السيد،‭ ‬وتوطدت‭ ‬علاقة‭ ‬الأخير‭ ‬بهيكل‭ ‬بسبب‭ ‬علاقة‭ ‬نسب‭ ‬تجمعهما،‭ ‬ما‭ ‬يسر‭ ‬له‭ ‬النشر‭ ‬فى‭ ‬صحيفة‭ "‬الجريدة‭" ‬لسان‭ ‬حزب‭ ‬الأمة،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1907،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬يتأثر‭ ‬هيكل‭ ‬بأفكار‭ ‬أستاذ‭ ‬الجيل‭ ‬لطفى‭ ‬السيد،‭ ‬التى‭ ‬تنادى‭ ‬باستقلال‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬البريطانى‭ ‬والتبعية‭ ‬العثمانية‭.‬

ولدت‭ ‬فكرة‭ ‬رواية‭ (‬زينب‭) ‬من‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬الريف‭ ‬المصرى‭ ‬والفرنسي،‭ ‬بعين‭ ‬ناقدة‭ ‬مثل‭ ‬عين‭ ‬هيكل،‭ ‬الذى‭ ‬يقول‭ ‬فى‭ ‬مذكراته،‭ ‬عن‭ ‬مقارنته‭ ‬لأوضاع‭ ‬الريف‭ ‬الذى‭ ‬زاره‭ ‬فى‭ ‬أثناء‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬من‭ ‬دراسته‭ ‬فى‭ ‬فرنسا‭ ‬وأوضاع‭ ‬الريف‭ ‬الفرنسي‭: "‬لقد‭ ‬حز‭ ‬فى‭ ‬نفسى‭ ‬ما‭ ‬رأيت‭ ‬من‭ ‬حال‭ ‬ريفنا‭. ‬فكم‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬عمدة‭ ‬دخلناه‭... ‬فإذا‭ ‬البيت‭ ‬أدنى‭ ‬إلى‭ ‬منازل‭ ‬أشد‭ ‬الطبقات‭ ‬فقرًا‭... ‬والطرق‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬القر‭ ‬لا‭ ‬تتسع‭ ‬لأضيق‭ ‬العربات‭ ‬تسير‭ ‬فيها‭... ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬نتيجة‭ ‬الفقر،‭ ‬بل‭ ‬نتيجة‭ ‬الجهل،‭ ‬ونتيجة‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الظلم‭... ‬آلمنى‭ ‬ما‭ ‬شهدت‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله،‭ ‬وزاد‭ ‬فى‭ ‬إيلامى‭ ‬أننى‭ ‬كنت‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬بأشهر‭ ‬قد‭ ‬ذهبت‭ ‬مع‭ ‬صديقى‭ ‬شهدى‭ ‬بطرس‭ ‬نزور‭ ‬منطقة‭ ‬اللوار‭... ‬فإذا‭ ‬وقعت‭ ‬أعيننا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يؤذى‭ ‬العين‭ ‬لمنافاته‭ ‬مقتضيات‭ ‬النظافة‭ ‬أو‭ ‬الذوق‭ ‬عددنا‭ ‬هذا‭ ‬استثناء‭... ‬أما‭ ‬والاستثناء‭ ‬فى‭ ‬فرنسا‭ ‬هو‭ ‬القاعدة‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬أشد‭ ‬حزنى‭ ‬وألمي‭". ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المقارنة‭ ‬التى‭ ‬خرج‭ ‬بها‭ ‬هيكل‭ ‬هى‭ ‬ما‭ ‬دفعته‭ ‬لكتابة‭ ‬روايته‭ (‬زينب‭) ‬بعنوانها‭ ‬الفرعى‭ (‬مناظر‭ ‬وأخلاق‭ ‬ريفية‭)‬،‭ ‬والتى‭ ‬كتبها‭ ‬عام‭ ‬1913،‭ ‬ونشرها‭ ‬دون‭ ‬كتابة‭ ‬اسمه‭ ‬واكتفى‭ ‬بالتوقيع‭ "‬فلاح‭ ‬مصري‭" ‬ربما‭ ‬لأنه‭ ‬وهو‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬من‭ ‬السوربون‭ ‬فى‭ ‬موضوع‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬لمصر،‭ ‬أن‭ ‬تلحقه‭ ‬مذمة‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬شرعية‭ ‬وجودها‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬بعد‭.‬

لم‭ ‬يتوقف‭ ‬هيكل‭ ‬عند‭ ‬محطة‭ (‬زينب‭) ‬كثيرا‭ ‬بل‭ ‬انخرط‭ ‬فى‭ ‬حياته‭ ‬العملية‭ ‬كمحام‭ ‬لكنه‭ ‬عاد‭ ‬ودخل‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬أبوابه‭ ‬بعد‭ ‬ثورة‭ ‬1919،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬عضوا‭ ‬فى‭ ‬لجنة‭ ‬الثلاثين‭ ‬التى‭ ‬صاغت‭ ‬دستور‭ ‬1923،‭ ‬والذى‭ ‬يعد‭ ‬أعظم‭ ‬الدساتير‭ ‬المصرية،‭ ‬ثم‭ ‬التحق‭ ‬بحزب‭ "‬الأحرار‭ ‬الدستوريين‭"‬،‭ ‬الخصم‭ ‬الرئيس‭ ‬لحزب‭ "‬الوفد‭" ‬برئاسة‭ ‬سعد‭ ‬زغلول،‭ ‬وأصبح‭ ‬هيكل‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬جريدة‭ "‬السياسة‭" ‬الأسبوعية‭ ‬لسان‭ ‬حزب‭ "‬الأحرار‭ ‬الدستوريين‭"‬،‭ ‬وقد‭ ‬تولى‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬المعارف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬كما‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬الحزب‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬1943،‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬رئيسا‭ ‬لمجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬بين‭ ‬سنوات‭ ‬1945‭ ‬و1950،‭ ‬وترأس‭ ‬وفد‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬كما‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬اتحاد‭ ‬البرلمانات‭ ‬الدولي‭.‬

هذه‭ ‬الحياة‭ ‬الصحفية‭ ‬والسياسية‭ ‬الحافلة‭ ‬لم‭ ‬تمنع‭ ‬الدكتور‭ ‬هيكل‭ ‬عن‭ ‬القلم‭ ‬ولم‭ ‬تبعده‭ ‬عن‭ ‬الورق،‭ ‬ففى‭ ‬عام‭ ‬1935،‭ ‬نشر‭ ‬أهم‭ ‬كتبه‭ ‬وأكثرها‭ ‬انتشارا‭ ‬وذيوعا؛‭ "‬حياة‭ ‬محمد‭"‬،‭ ‬وهو‭ ‬محاولة‭ ‬لدراسة‭ ‬سيرة‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭)‬،‭ ‬وكانت‭ ‬محاولته‭ ‬تلك‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬رده‭ ‬وتفنيده‭ ‬لآراء‭ ‬بعض‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الذين‭ ‬درسوا‭ ‬حياة‭ ‬نبى‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬متعصب‭ ‬ضيق‭ ‬فأخذ‭ ‬يرد‭ ‬عليهم‭ ‬بمنهج‭ ‬عقلانى‭ ‬الحجة‭ ‬بالحجة،‭ ‬ويفند‭ ‬أوهامهم‭ ‬وأخطاءهم،‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬حقق‭ ‬نجاحا‭ ‬ساحقا‭ ‬كان‭ ‬محل‭ ‬غيرة‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬أمثال‭ ‬عباس‭ ‬محمود‭ ‬العقاد،‭ ‬الذى‭ ‬بدأ‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬سلسلة‭ ‬العبقريات‭ ‬بعدها،‭ ‬واستثمر‭ ‬هيكل‭ ‬نجاحه‭ ‬فكتب‭ "‬فى‭ ‬منزل‭ ‬الوحي‭"‬،‭ ‬وعن‭ ‬أبى‭ ‬بكر‭ ‬الصديق‭ ‬وعمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب،‭ ‬والكثير‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬فى‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬وظل‭ ‬يكتب‭ ‬حتى‭ ‬وفاته‭ ‬فى‭ ‬ديسمبر‭ ‬1956‭.‬

ويحلل‭ ‬حلمى‭ ‬النمنم،‭ ‬الكاتب‭ ‬والناقد‭ ‬ووزير‭ ‬الثقافة‭ ‬الأسبق،‭ ‬لـ‭"‬آخرساعة‭"‬،‭ ‬الأوجه‭ ‬الإبداعية‭ ‬المتعددة‭ ‬لهيكل،‭ ‬قائلا‭: "‬هو‭ ‬أحد‭ ‬رواد‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬بحق،‭ ‬وعلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬سواء‭ ‬إبداعيا‭ ‬أو‭ ‬فكريا‭ ‬أو‭ ‬صحفياً‭ ‬أو‭ ‬سياسيا،‭ ‬وقد‭ ‬سافر‭ ‬هيكل‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬وتعلم‭ ‬على‭ ‬حسابه‭ ‬الشخصي،‭ ‬بما‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬نهم‭ ‬للمعرفة‭ ‬والتعلم،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الطلاب‭ ‬المصريين‭ ‬الذين‭ ‬ابتعثتهم‭ ‬الحكومات‭ ‬المصرية‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الرغبة‭ ‬فى‭ ‬التعلم‭ ‬هى‭ ‬ما‭ ‬قادته‭ ‬إلى‭ ‬السفر،‭ ‬وانفتح‭ ‬فى‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬المنتج‭ ‬الثقافى‭ ‬الغربي،‭ ‬ما‭ ‬مكنه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الفكر‭ ‬والإبداع‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المجالات‭".‬

وتابع‭:" ‬فى‭ ‬الرواية‭ ‬كان‭ ‬هيكل‭ ‬مجددا‭ ‬عبر‭ ‬روايته‭ (‬زينب‭)‬،‭ ‬فصحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬روايات‭ ‬سبقتها‭ ‬لكنها‭ ‬تعد‭ ‬أول‭ ‬رواية‭ ‬أدبية‭ ‬مكتملة،‭ ‬الأولى‭ ‬التى‭ ‬تجعل‭ ‬موضوعها‭ ‬عن‭ ‬الريف‭ ‬والواقع‭ ‬المصري،‭ ‬فهو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬تستطيع‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬مصَّر‭ ‬فن‭ ‬الرواية،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الكتابة‭ ‬والشكل‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬التمصير‭ ‬فى‭ ‬الموضوع،‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬الريف‭ ‬المصرى‭ ‬والفلاحة‭ ‬المصرية‭ ‬والقضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬فى‭ ‬القرية‭ ‬المصرية‭ ‬موجودة‭ ‬داخل‭ ‬عالم‭ ‬الرواية،‭ ‬وله‭ ‬الفضل‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭".‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هيكل‭ ‬ممن‭ "‬فتحوا‭ ‬عيونا‭ ‬على‭ ‬الفكر‭ ‬الغربي،‭ ‬فله‭ ‬كتاب‭ ‬مهم‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬عن‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الفرنسى‭ ‬جان‭ ‬جاك‭ ‬روسو،‭ ‬وأنا‭ ‬ذهلت‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬فى‭ ‬زيارة‭ ‬إلى‭ ‬جنيف،‭ ‬وذهبت‭ ‬لزيارة‭ ‬متحف‭ ‬جان‭ ‬جاك‭ ‬روسو،‭ ‬بهرت‭ ‬أن‭ ‬وجدت‭ ‬صورة‭ ‬لهيكل‭ ‬باشا‭ ‬ضخمة‭ ‬جدا‭ ‬وهو‭ ‬بملابس‭ ‬التشريف،‭ ‬لأن‭ ‬الأدب‭ ‬الفرنسى‭ ‬والقائمين‭ ‬على‭ ‬المتحف‭ ‬يعتزون‭ ‬بشدة‭ ‬بدراسة‭ ‬هيكل‭ ‬عن‭ ‬روسو،‭ ‬ويعتبرون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬المبكرة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الدراسات‭ ‬عن‭ ‬روسو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬حسن‭ ‬الحظ‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يطبع‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬لم‭ ‬يحظ‭ ‬بالشهرة‭ ‬والاهتمام‭ ‬المستحق‭ ‬بعد‭".. ‬ولفت‭ ‬النمنم‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬جوانب‭ ‬إبداع‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬هيكل‭ ‬تجديد‭ ‬النظر‭ ‬فى‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي،‭ ‬عبر‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬السيرة‭ ‬النبوية‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬الأشهر‭ (‬حياة‭ ‬محمد‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬أعقبه‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ (‬الصديق‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭)‬،‭ ‬وكتابه‭ ‬الآخر‭ (‬الفاروق‭ ‬عمر‭)‬،‭ ‬وكان‭ ‬فى‭ ‬طور‭ ‬إعداد‭ ‬كتاب‭ ‬عن‭ ‬الخليفة‭ ‬الراشد‭ ‬الثالث‭ ‬عثمان‭ ‬بن‭ ‬عفان‭ ‬لكن‭ ‬العمر‭ ‬لم‭ ‬يسعفه‭ ‬لإنهائه،‭ ‬فتم‭ ‬نشر‭ ‬ما‭ ‬ألفه‭ ‬منه‭ ‬بعد‭ ‬وفاته،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬جمع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬دراساته‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬والحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬كتب‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬والتى‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬نفس‭ ‬باحث‭ ‬قدير‭".. ‬ومن‭ ‬الأدوار‭ ‬الثقافية‭ ‬التى‭ ‬لعبها‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬هيكل‭ ‬الدور‭ ‬الصحفى‭ ‬باعتباره‭ ‬من‭ ‬مؤسسى‭ ‬جريدة‭ ‬االسياسةب‭ ‬الأسبوعية،‭ ‬وكان‭ ‬رئيس‭ ‬تحريرها،‭ ‬ويقول‭ ‬عنها‭ ‬حلمى‭ ‬النمنم‭: "‬هى‭ ‬جريدة‭ ‬مهمة‭ ‬فتحت‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬وأجيال‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬الكبار‭ ‬والعظام‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر،‭ ‬فكان‭ ‬يكتب‭ ‬فيها‭ ‬الشيخ‭ ‬مصطفى‭ ‬عبد‭ ‬الرازق‭ ‬والشيخ‭ ‬على‭ ‬عبد‭ ‬الرازق‭ ‬والدكتور‭ ‬طه‭ ‬حسين،‭ ‬وعشرات‭ ‬الأسماء‭ ‬غيرهم‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة