د. محمد غنيم خلال حواره مع «الأخبار »
د. محمد غنيم خلال حواره مع «الأخبار »


د.محمد غنيم: مفوضية للتعليم تتبع رئاسة الجمهورية ضرورة حتمية | حوار

حازم نصر

السبت، 18 ديسمبر 2021 - 06:00 م

- تكدس الفصول ونقص المعلمين يرفع نسبة التسرب وينعش الدروس الخصوصية

- مشروع التعليم المأمول يمنح الدولة المصرية القوتين الناعمة والصلبة
 

يواصل عطاءه اللامحدود للوطن بعقلية الحكيم وفكر العالم ورؤية المثقف وبحماس يضاهى حماس الشباب.. يتطلع لمستقبل أكثر إشراقا للوطن موقنا بأن التعليم والبحث العلمى هما أقصر الطرق لهذا المستقبل المأمول.. عندما حدث لبس مؤخرا بعد وفاة أحد عمداء جامعة طنطا السابقين يتشابه اسمه معه لم يتوقف طويلا أمام ما حدث وكتب جملة واحدة: «لكل أجل كتاب .. فلا تستعجلوه».. وواصل على الفور برنامجه اليومى حيث توجه لمحرابه الفريد وهو مكتبه بمركز الكلى لمتابعة أبحاثه العلمية المتقدمة مع تلاميذه والتواصل مع المنتديات العلمية العالمية ومتابعة كل ما هو متعلق بالشأن العام.. العالم المصرى الكبير د. محمد غنيم مؤسس مركز الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة ورائد زراعة الكلى بالشرق الأوسط وعضو الهيئة الاستشارية العلمية لرئيس الجمهورية.

فى هذا الحوار يؤكد على ضرورة إنشاء مفوضية للتعليم كهيئة مستقلة تتبع رئيس الجهورية على أن تعنى بتطوير التعليم من حيث أهدافه ومحتواه ومؤسساته وطرقه وأساليبه على نحو ينقل التعليم المصرى من وضعه الراهن إلى وضع يجعله أكثر جودة وفعالية.

فى البداية كيف ترصد واقع التعليم فى مصر؟

لا أدعى أننى ملم بكافة التفاصيل أو أننى على علم بكل المشاكل المتعلقة بالعملية التعليمية لكن ما أذكره هو من مصرى مهموم بشئون الوطن .

دعنا نتفق أولا على أمرين هما: أن التعليم هو المدخل الأساسى للتنمية البشرية والاقتصادية فى أى مجتمع.

والثانى: أن التعليم حق وليس خدمة وهذا الحق يكفله الدستور ..لأننا إذا اعتبرنا أن التعليم خدمة فأى خدمة لها مقابل.. أما إذا اعتبرناه حقا ففى هذه الحالة يكون هناك التزام من الدولة بإتاحة هذا الحق من خلال إتاحة نسبة معينة من الناتج الإجمالى القومى للإنفاق عليه وهذا ما قرره الدستور وما طرحه عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين منذ 60 عاما.

وماهى أهم مشاكل هذا التعليم؟

مشاكل التعليم الأساسى متراكمة ومتشابكة منذ أمد ليس بقريب لكن أهم هذه المشاكل: مشكلة تكدس الطلاب فى المدارس خاصة الابتدائية منها مما أدى إلى أن تكون الدراسة بها على فترات بل وصل الأمر إلى وجود 3 فترات ببعض هذه المدارس وزمن الحصة تم اختصاره إلى 30 دقيقة!

أما المشكلة الثانية فهى نقص المعلمين والذى بلغ ما يزيد على ربع مليون معلم وفق تصريح وزير التربية والتعليم.

وماهى انعكاسات هذه المشاكل؟

هاتان المشكلتان التكدس ونقص المعلمين أديتا إلى خلق مشاكل كثيرة وأهمها أولا : الازدياد المطرد فى التسرب من التعليم.

ثانيا: لجوء الطبقات المتوسطة للدروس الخصوصية كما أديا أيضا إلى انتشار وبائى للمدارس الخاصة فى المرحلة الأساسية ..

هذا علاوة على تعددية أنماط التعليم الأساسى .

وماذا عن هذه التعددية؟

هناك تنوع معيب فى أنماط التعليم فهناك المدارس الحكومية وهناك المدارس الخاصة للغات وهناك المدارس الدولية والتجريبية وأخيرا التعليم الأزهرى الدينى بما يؤدى فى النهاية إلى إفراز أجيال ذوى ثقافات مختلفة وانتماءات متباينة ومشتتى الهوية لأن اختلاف انتمائها الوطنى خطر على الهوية .

وماذا عن مشروعات تطوير التعليم التى نشهدها فى الوقت الراهن ؟

لا يمكن لأى منصف أن يرى أن هناك مشروعا لتطوير التعليم تحت هذه الظروف أو المسميات أو الأطر وأن تطوير المناهج مهما كان جيدا أو مواكبا للعصر لا يمكن أن يؤدى بمفرده إلى تعليم أو تعلم .

فقد تعاقب على وزارة التعليم وزراء كثر فلا يكاد أحدهم يستقر فى منصبه حتى يلغى ما أقره سلفه فيطرح نظاما تعليميا جديدا .

وما هو الحل لهذه المشكلة ؟

الحل لهذه المشكلة سبق وأن طرحه منذ ما يزيد على نصف قرن الدكتور طه حسين عندما قال : الخطوة الأولى للإصلاح : أنشاء المجلس القومى الأعلى للتعليم من مختلف التخصصات ومن المفكرين والعلماء على ألا يكون من بين أعضائه أيا من العاملين بوزارة المعارف ـ التعليم حاليا ـ. وهذا المجلس الأعلى يضع السياسات ويراقب التنفيذ وقد تم مؤخرا طرح فكرة موازية اتساقا مع فكر العميد العظيم .


مفوضية للتعليم

وماهى هذه الفكرة المتسقة مع فكرة طه حسين ؟

المعارف العلمية والإنسانية فى تطور مستمر مما يؤكد على ضرورة التطوير المستمر للمناهج والمعلمين وآليات التدريس ونظم الامتحانات خلال مراحل التعليم المختلفة .. وهذه المهام لا يستطيع أن يقوم بها فرد واحد «الوزير» مهما بلغت قدرته وخبراته ..لذا يتحتم إنشاء مفوضية للتعليم الأساسى للقيام بهذه الأعباء الهامة وهى التى تتسق مع فكر العميد د. طه حسين .
هيئة مستقلة

وما هى طبيعة هذه الهيئة المأمولة ؟

يجب أن تكون هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية تتكون من رجالات الفكر والتربية والثقافة والمتخصصين فى المعارف وممثلين للشعب.. تتبع رئيس الجمهورية على أن تعنى بتطوير التعليم من حيث أهدافه ومحتواه ومؤسساته وطرقه وأساليبه على نحو ينقل التعليم المصرى من وضعه الراهن إلى وضع يجعله أكثر جودة وفعالية .

وماهى أهدافها ؟

وضع استراتيجيات عامة تلتزم وزارة التعليم بتنفيذها ومراجعة المناهج والكتب المدرسية دوريا وافتراح آليات جديدة للتعليم قابلة للتنفيذ وأيضا اقتراح أنماط جديدة للامتحانات المدرسية والعامة.. وهذه الفكرة مطروحة حاليا على لجنة التعليم بمجلس النواب لمناقشتها بعد أن وافق عليها أكثر من 60 عضوا وآمل أن يتحمل ممثلو الشعب مسئولياتهم فى هذا الشأن بعد أن فاض الكيل وارتبكت منظومة التعليم .

ألا يعد التطوير الحادث حاليا فى التعليم مماثلا لما يحدث فى دول العالم المتقدم ؟

لا يمكن القول بأن هذه المقررات مماثلة لما يدرس أو يؤخذ به فى الولايات المتحدة أو غيرها فليس لديهم المشاكل التى لدينا خاصة مشكلتى التكدس فى الفصول ونقص المعلمين .

إذن فماهى أهم ملامح التطوير من وجهة نظركم ؟

كما سبق وأن ذكرنا أن التطوير و المعارف والعلوم الإنسانية فى تطور مستمر مما يتحتم معه تطوير المناهج وطرق التدريس ونظم الامتحانات والتدريب المستمر للمعلمين مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية وترسيخ المنهج العلمى فى التفكير والكشف عن المواهب وتنميتها والاهتمام بالقيم الحضارية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز .


آفات التعليم الجامعي

وماذا عن التعليم الجامعى ؟


لقد امتد نهج وآفة تعدد أنماط التعليم من التعليم قبل الجامعى للتعليم الجامعى فلدينا جامعات حكومية وبرامج خاصة فى الجامعات الحكومية وانفتحت شهية المستثمرين للتوسع فى إنشاء الجامعات الخاصة ونافستها مؤخرا الحكومة بإنشاء جامعات حكومية بأجر أو مصاريف أطلق عليها خطأ اسم الجامعات الأهلية علاوة على إنشاء ماتم توصيفه بالجامعات الدولية وتعكس هذه المنظومات أو الأنماط المختلفة التفاوت الطبقى المتسارع مما أهدر مبدأ هام فى مجال التعليم وهو تكافؤ الفرص .. فالحد الأدنى للقبول بالجامعات فى هذا العام اختلف اختلافا شديدا بينها ..

أى أنه أصبح من الممكن الالتحاق بكليات القمة بالرغم من الحصول على درجات متدنية بالثانوية العامة .


فمن سيقوم بالتدريس فى الجامعات الـ 6 آنفة الذكر ؟!


إنهم أعضاء هيئة التدريس بجامعة المنصورة الحكومية أى إنه استنزاف مدمر لها .

 

لكن أليس هناك ضوابط للحد من تلك الظاهرة ؟

ما حدث هو العكس ..فقد سهل التعديل فى قانون تنظيم الجامعات الاستمرار فى تلك الظاهرة حيث سمح بالإعارة والانتداب لمدة 10 سنوات كاملة مع إمكانية الترقى فى ذات الوقت .


فالقانون يسمح بعدم تفرغ أعضاء هيئة التدريس يتيح أيضا الترقى بالزحف وليس بالإعلان المفتوح كما فى كل الجامعات الكبرى بالعالم حيث أن الإعلان المفتوح يؤدى للتنافس فى مجال البحث العلمى والنشر العلمى فى مجلات علمية عالمية مفهرسة .. والمحصلة لكل ذلك هو ترهل وتراجع التعليم بالجامعات الحكومية بشكل عام .

وكيف يمكن مواجهة ظاهرة ترهل التعليم الجامعى ؟


لابد من التقليص التدريجى لعدد الطلاب المقبولين بالجامعات الحكومية بالتوازى مع التوسع فى التعليم الفنى .. كما ينبغى تفرغ أعضاء هيئة التدريس حتى يتمكنوا من أداء واجباتهم المنوط بهم أداؤها ألا وهى التعليم حتى درجة البكالوريوس والإشراف الدقيق على درجات الماجستير والدكتوراه .
تطبيق متوازن

لكن هل تلك المقترحات قابلة للتطبيق على أرض الواقع ؟

بالتأكيد أن تطبيق تلك المقترحات بأثر رجعى سيكون غير مناسب والأنسب أن يتم التطبيق بعد إصدار قانون جديد أو إنشاء جامعات أو مراكز بحثية جديدة على أن يتم وضع أجور مناسبة فى إطار هذه المتطلبات .


ليست أهلية

وهل كان إنشاء الجامعات الأهلية بمثابة علاج لهذا الواقع وإعادة للتوازن فى التعليم الجامعى ؟

إطلاق اسم الجامعات الأهلية على تلك الجامعات التى أنشئت مؤخرا تحت هذا المسمى هو خطأ فى التعريف .


فالصحيح أن الجامعات الأهلية يتبرع لإنشائها الأثرياء و لا يكون لهم أى دور على الإطلاق فى الإدارة أو التوجه العلمى ولا تجنى أرباحا فى نهاية العام .
 

لكن ألا ينطبق ذلك على الجامعات الأهلية بمصر ؟


الحكومة هى من أنشأت تلك الجامعات وليس الأفراد والإنفاق عليها كان من أموال دافعى الضرائب فالتسمية الصحيحة إذن هى جامعات حكومية بمصاريف .. وستتسبب تلك الجامعات فى سلبيات مماثلة لتلك التى سببتها الجامعات الخاصة حيث ستساهم أيضا فى استنزاف أعضاء هيئة التدريس ومزيد من الاستقطاب الطبقى .

ولو أنفقت تلك الأموال على الجامعات الحكومية


لكانت النتيجة إيجابا لتحسين الأداء كما ونوعا .

اقرأ أيضاً|إطلاق جوائز التميز الحكومي في بعض الجامعات المصرية

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة