صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


رفعت الجلسة| ليغفر لي أولادي

الأخبار

الخميس، 23 ديسمبر 2021 - 08:23 م

كان فقدانها لذلك الشاب بمثابة الصاعقة التى أصابت عقلها وجسدها معاً، تحولت فى ليلة وضحاها إلى امرأة تحمل شخصيتين متناقضتين لكل منهما عقل وتصرفات وتبريرات مختلفة ، فسيدة الليل ، تختلف كليا عن سيدة النهار .. لم يتحمل عقل تلك الفتاة صدمة موت صديقها الشاب، أصابها الجنون والمرض النفسى، صرخت، وبكت ليلاً نهارا، بعدها اعتزلت الجميع، لتتحول فجأة إلى نقيضين يسكنان عقلها وتصرفاتها، ويكتبان فى نفس الوقت نهاية حياتها الأسرية.

كثيراً ما أخفت الزوجة ماضيها «الحرام» عن زوجها، عندما كانت طالبة فى الجامعة ، وقتها عجزت عن الوفاء بالتزامات الدراسة ، بعد موت والدها «العامل البسيط»، فوقعت ضحية لرجل ثرى ، عاشت معه أشهرا من المحادثات الحرام عبر الهاتف، أدمنت ذلك الأمر ، حتى جاء الشاب « الريفى « لينتشلها من أنياب هذا الذئب ويبدأ فى وضعها على الطريق الصحيح .

التقت الفتاة بهذا الشاب على قارعة الطريق وهى ذاهبة إلى الجامعة، خفق قلبها عندما رأته، كان النور يفيض من وجهه، فينشر طمأنينة على من ينظر إليه هكذا وصفته.

إقرأ أيضاً | مدير إدارة التوريدات بمجلس الدولة في اتهامه بالزنا: رباب ضحكت عليا

اقتربت منه سألته على استحياء أين سيارات الجامعة؟ أجابها بصوت خافت دون النظر إليها ، تأتى فى هذا المكان، لم تكن تريد الفتاة أن تغادر المكان الذى يقربها من هذا الفتى، هناك شىء جذبها إلى ذلك الملاك البشرى الذى يقف خجولاً عن النظر إليها ، لذلك بادلته بالحديث مرة أخرى ، سألته عن الجامعة وهل هو طالب بها أم لا؟ ، ليبدأ الشاب التجاوب معها رويداً رويداً ، ويخبرها أنه طالب فى كلية دار العلوم ويحضر يومياً إلى الجامعة، حيث يسكن فى المدينة الجامعية المواجهة لكليته.

ارتسمت السعادة على وجه الفتاة، لقد أدركت أن هناك من لاينظر إلى جسدها الممشوق أو عينيها الخضراوين أو صوتها الدافىء الذى يذيب جليد الأعصاب.

وجدت أخيراً من يتحدث إليها بلطف واحترام، كانت تفتقد تلك النظرة وذلك الاهتمام منذ أن وطأت قدماها الجامعة، فالجميع يحاولون استغلال ظروفها وفقرها لنهش جسدها ونهم جمالها الأخاذ .

لم تنجذب الفتاة إلى ذلك الشاب لوسامته، لكن هناك سر جعلها تأبى ألا تفارقه، لقد أخبرته أنها ستنتظره غداً على باب المدينة الجامعية ليذهبا معاً إلى الجامعة لكنه اعتذر ، هو لايريد تكرار هذا الأمر مرة أخرى ، تربيته الريفية وأخلاقه التى استمدها من حفظه القرآن كاملاً فى «الكتاب» ، تحتم عليه التركيز فى دراسته فقط، وأى طارئ تكن النساء فيه طرفاً عليه أن يؤجله إلى مابعد التخرج .

رفض الشاب طلب الفتاة ، اعتذر لها بلطف، تقبلت اعتذاره ثم غادرته بابتسامة على أمل اللقاء مرة أخرى ، بعدها بدقائق تلقت اتصالاً من ذلك الثرى الذى يستغلها لإشباع رغباته الحرام مقابل حفنة من الجنيهات ، لكنها لأول مرة لم تجبه ، بل أنها أغلقت الهاتف فى وجهه .

أدركت الفتاة أن هناك سراً لدى ذلك الشاب «الريفى « ، هناك راحة نفسية ورغبة فى كشف مأساتها له ، اعتبرته رغم المقابلة القصيرة بينهما، أنه من جاء لينقذها من براثن الحرام ، ورغم رفضه مقابلتها ثانياً، إلا أنها قررت أن تنتظره صباحاً على باب المدينة الجامعية ، وعندما شاهدته خارجاً منها توجهت إليه بسرعة ، توسلت إليه أن يعطيها دقائق من وقته لتحكى له مأساتها ، فهى تشعر أنه نقى من الداخل ،وأن النور يفيض من وجهه ، وماسيفعله معها سيكون فى ميزان حسناته .

لم يتردد ذلك الشاب فى الإنصات إلى تلك الفتاة ، قصت له مأساتها مع الفقر بعد موت أبيها العامل البسيط فى السكة الحديد ، ومرض أمها تلك السيدة التى أصابها الشلل بعد 5 أعوام من زواجها ، وأشقائها البنات الثلاث اللاتى يدرسن فى مراحل تعليمية محتلفة .

وسعت الفتاة من مأساتها لتكشف لأول مرة عن استغلالها من ذلك الشاب الثرى الذى حاول إغراءها مقابل حفنة من الجنيهات ، لتخبره أنها لم تسلم جسدها له، لكنها تركته يشبع شهوته عبر صورها وصوتها على الهاتف فقط، مقابل إرسال بضعة من الجنيهات عبر خاصية بالهاتف، بعدها تقوم بتحصيلها من محلات الهواتف والانفاق بها على أسرتها.

توسلت الفتاة لذلك الشاب أن يكون شقيقها الذى لم تلده أمها ، وناصحاً لها ، ومنقذاً لها من براثن ذلك الثرى ،وغيره من الذئاب التى تنتهك حرمة جسدها كلما ذهبت إلى مكان ما

تأثر ذلك الفتى بكل ماقصته له الفتاة ، أدرك أنها صادقة فيما تقول ، لكنه وضع لها حدوداً عندما يلتقيان ليقدم لها النصيحة ، بدأ الشاب بطلب الفتاة تغيير ملابسها «الضيقة « ثم مكياجها الزائد عن اللزوم « .

اتفق معها على أن تنسى ذلك الثرى المستئذب ، وأن تهدده إذا حاول الاتصال بها ، وطلب منها أن تداوم على الصلوات الخمس ،وأن تلتزم بالحضور إلى الجامعة ،وألا تحمل هم مصروفاتها الدراسية وكذلك مستلزمات شقيقاتها .

وافقت الفتاة على كل طلبات ذلك الشاب ، أغلقت هاتفها أمام من يستغلها ،وبدأت فى الالتزام بالصلوات ، وتغيير نمط ملابسها ومكياجها وحياتها بصفة عامة .
تحولت إلى فتاة أخرى، حيث أثارت بملابسها وهيئتها الجديدة استغراب زميلاتها فى الكلية، أما ذلك الشاب فقرر العمل بجانب الدراسة ، فقد اعتبر أن إنقاذ هذه الفتاة من استغلال هذا الذئب الثرى هو باب من أبواب الجنة ، لذلك تحمل كل شىء من أجل ألا تلجأ إليه وتعود إلى حياتها البائسة مرة أخرى، فكان يمنحها راتبه شهرياً للانفاق على أسرتها.

مر عام الدراسة بسرعة فقد التقيا وهما فى السنة الرابعة ، تخرج الشاب والفتاة من الكلية، غادر الفتى إلى الأرياف حيث عمل مدرساً بإحدى المدارس، فى حين تقدم أحد الشباب للزواج من الفتاة.

رغم بعد المسافات لم ينقطع اتصالهما، كانت تشاركه فى كل اختياراتها، لم يكن بالنسبة لها صديقا أو ناصحا، بل أخ لم تلده أمها.
تزوجت الفتاة وحضر ذلك الفتى عرسها، سنوات مرت وحياتها تسير إلى أفضل، عملت فى وظيفة مرموقة، وأنجبت طفلين.
لكن الأمور لم تجر كما أرادت الفتاة، تعب ذلك الشاب، أصابه مرض نادر لحق بقدميه ثم انتقل بعدها إلى باقى جسده، حتى جعله قعيداً لعدة أشهر بعدها غادر الحياة بهدوء.

لم تصدق الفتاة وفاة ذلك الشاب، صرخت، اعتزلت الجميع، تولدت إليها رغبة فى الانتحار، لكن زوجها أنقذها أكثر من مرة، دون أن يدرى ما سبب هذا التحول المفاجئ لزوجته.. ظلت الزوجة على وضعها، شاردة، لكنها بعد أشهر من العلاج النفسى عادت إلى إتزانها مرة أخرى، وقررت استكمال حياتها.

وسط كل ذلك غادر زوجها إلى رحلة عمل طويلة فى الخارج، تجددت الرحلة من شهر إلى شهرين ثم عام وأخيرا ٣ سنوات، فى هذه المدة التقت الفتاة بذلك الذئب الثرى الذى كان يستغلها عندما كانت طالبة.

هددها بصورها العارية التى مازالت بحوزته، طلب منها الصمت مقابل العودة إلى إشباع رغباته الشاذة عبر الهاتف ، لم تستطع الفتاة الهروب، انصاعت له مرة واحدة مقابل حذف كل الصور التى يمتلكها، تحقق مرادها وحذف الثرى الصور، لكنها أصبحت ضائعة، اعتادت على فعل هذا الأمر مع زملائها فى الشغل، حتى بعد أن عاد زوجها.

كانت تشعر الفتاة أنها تمتلك شخصيتين، أم ملتزمة وزوجة مخلصة بالليل، وبالنهار تترك جسدها لزملائها للتحرش بها، حتى علم زوجها، الذى تلقى اتصالات عديدة بماتفعله زوجته فى العمل.. لم يصدق الزوج ما أخبره به زملاؤها، كاد يجن جنونه، ظل يردد للجميع، زوجتى ملتزمة تصلى طوال الليل ودائمة تتلو القرآن.. راقب الزوج زوجته لأيام، استمع أخيرا إلى مكالمة ومحادثات غير أخلاقية مع زميل لها، جن جنونه، واجه الزوجة بما اكتشفه، لكنها لم تستطع الدفاع عن نفسها فهى عاجزة فى تفسير مايحدث لها .

كانت ترى الفتاة أن مايحدث لها، سببه هما نقيضان يسكنان عقلها، لكن الزوج لم يتحمل ذلك، أقام دعوى زنا ضد زوجته، قدم المستندات التى بحوزته، حصل على حكم بحبسها عاما، ثم ألقى عليها يمين الطلاق وانتزع منها أبناءها بحكم رؤية نهائى استند فيه إلى قضية الزنا.

تقول الفتاة، لا أعرف وقتها ماذا يحدث كنت أعيش بشخصيتين فى اليوم، أدمن الحرام عبر الهاتف نهاراً، وليلاً اسجد وابكى لربى على أمل أن يهديني.. اعلم أن سبب هذا هو فقدان القدوة التى كانت تحمينى بعد موت ذلك الصديق الوفي.

لكن الحمد لله بعد أن طلقنى زوجى وحرمنى من أولادي، ولم يعد لى أحد فى هذه الدنيا.. رجعت إلى الله بتوبة صادقة.

تركت عملى وعزلت نفسى فى منزل أبى القديم، لكن أولادى هم ماتبقى لى فى الحياة، لذلك أقمت دعوى رؤية على أمل أن اجتمع بهم واشرح لهم حقيقة ماحدث، لعلهم يغفرون لي، كما غفر لى ربى ومنحنى توبة صادقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة