نجيب محفوظ
نجيب محفوظ


جدل حول تنقيح ومراجعـة أعمال نجيب محفوظ

آخر ساعة

الأحد، 26 ديسمبر 2021 - 10:43 ص

حسن حافظ 

فى الذكرى الـ110 لميلاد أديب مصر الحاصل على جائزة نوبل فى الآداب نجيب محفوظ، دار جدل كهدير البحر، حول مصير أعمال صاحب الثلاثية، بعدما أعلنت دار النشر الجديدة المسئولة عن نشرها بداية من مايو المقبل، تشكيل لجنة لمراجعة أعمال محفوظ للوصول إلى أصح شكل لها وإخراجها كما أراد صاحبها، بدعوى أن بعض أعماله الأدبية تعرضت لمقص الرقيب، وآن الأوان لنشرها دون أخطاء، لكن هذه الخطوة كانت كحجر ثقيل ألقى فى مياه محبى صاحب الحرافيش، فبين مؤيد للفكرة ومعارض لها انشغلت وسائل التواصل الاجتماعى بمصير أعمال أهم روائى مصرى وعربى فى القرن العشرين.

جاءت البداية من إعلان مكتبة "ديوان" حصولها على الحقوق الحصرية لنشر الأعمال الكاملة للأديب العالمى نجيب محفوظ، وذلك لمدة 15 عاماً تبدأ من مايو المقبل، وهو الخبر الذى أنهى حالة الترقب وبورصة التوقعات حول الدار التى ستحصل على حقوق النشر الورقى لأعمال محفوظ بعد انتهاء مدة التعاقد مع دار الشروق، لكن الذى أثار الجدل هو تصريح "ديوان" بأنها ستعمل على "إعادة إحياء تراث نجيب محفوظ وتقديم أعماله المنقحة والمراجعة بأحدث تقنيات النشر الورقى والرقمى والصوتى، والعمل على تمديد أثره الفكرى وحفظ إرثه الأدبى الفريد"، هنا دار الجدل حول المقصود بعملية التنقيح والمراجعة وسط مخاوف من التدخل فى النص المحفوظى وفتح الباب لكل من يريد أن يتلاعب بنصوص صاحب الثلاثية.. من جهته، عبر الدكتور حسام عقل، أستاذ الأدب العربى بجامعة عين شمس، عن مخاوفه من فكرة المراجعة، قائلاً لـ"آخرساعة": "لا أعتقد أن أعمال نجيب محفوظ باعتباره كاتبا مركزيا، والتى روجعت عشرات المرات بها هنات أو أخطاء لغوية، فالرجل تعامل مع كبريات دور النشر فى مصر والعالم العربى، فمن أين يأتى الخطأ اللغوى؟ ولماذا نحتاج إلى المدقق؟ لذا فى النفس شيء من فكرة المراجعة، فنحن فى حاجة لمعرفة أبعادها وحدودها، لذا أنا ضد التدخل فى أى نص أدبى خصوصا أعمال نجيب محفوظ، فيجب أن نعرف حدود التدخل فى النص لأننا ضد التدخل فى النصوص من غير أصحابها أصلا".

ولفت إلى أنه لا يطمئن إلى ما يعرف بالإعداد التربوى للنصوص، لأن البعض قد يتخفى تحت هذا المصطلح لحذف بعض المشاهد الروائية بحجج معينة، على الرغم من أن أدب نجيب محفوظ، المكون من 52 كتابا مقسمة بين 37 رواية، و15 مجموعة قصصية، يخلو تماما من مفهوم (البورنو)، لذا ليس هناك أى حاجة لفكرة الإعداد التربوى لأعمال محفوظ من قبل أى جهة داخل مصر أو خارجها.

من جهته، شن الروائى يوسف القعيد، عضو مجلس الشيوخ، هجوما على فكرة المراجعة، وقال فى تصريحات إعلامية: إن أعمال نجيب محفوظ لا تحتاج إلى تنقيح أو مراجعة، أو أى تدخل من أى جهة على الإطلاق، وشدد على أن نصوص نجيب محفوظ يجب أن تظل كما هى أعماله التى تعبر عنه، وأن نصوص صاحب الثلاثية أصبحت ملكا للتاريخ الأدبى لكتابة الرواية العربية والعالمية، لافتا إلى أنه ليس من حق الورثة التدخل فى أعمال المبدع بعد رحيله، وأنه يرفض العبث بتراث نجيب محفوظ تحت أى مسمى، كونه أصبح جزءاً من تراث الرواية فى أدبنا العربى المعاصر.

بدوره قال حلمى النمنم، وزير الثقافة الأسبق: إنه بمجرد الإعلان عن نية الدار الجديدة التى حصلت على حقوق نشر أعمال نجيب محفوظ، حتى ثارت موجة من الجدل، لافتا إلى أن العدوان على أى نص فى غيبة مؤلفه جريمة، لكنه تابع: "بحسب ما فهمته من بيان دار ديوان، فإن ما سيتم هو تدقيق الطبعة الجديدة لأعمال محفوظ من أجل تفادى أخطاء التصحيح والأخطاء المطبعية"، وأستبعد أن تقوم أى جهة بتغيير عنوان من عناوين محفوظ لأن "لا أحد يملك هذا الحق، إلا المؤلف فقط طالما حيا أو كتب وصية بتغيير عنوان أحد أعماله، وهو حق لا ينتقل إلى الورثة أو الناشر". 

ذهبنا بكل هذه الاعتراضات إلى اللجنة التى شكلتها دار "ديوان" والتى ستقوم بعملية مراجعة أعمال أديب نوبل، إذ قال محمد شعير، الكاتب والناقد الصحفى عضو اللجنة، لـ"آخرساعة": إن لا أحد يستطيع أن يمارس رقابة على أعمال نجيب محفوظ، وأن مهمة اللجنة هو مطابقة الطبعات المختلفة لأعمال محفوظ لتحديد ما تم حذفه فى السابق. لافتا إلى واقعة خطيرة تتعلق بأعمال صاحب الثلاثية، قائلا: "أيام المقاطعة العربية لمصر، لم تكن الكتب المصرية تدخل إلى السعودية، لكن بعد انتهاء المقاطعة تم السماح فى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى، بدخول الكتب المصرية إلى السعودية، لكن حصلت رقابة على أعمال يوسف إدريس وإحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ، وظهر العديد من المقالات والموضوعات الصحفية التى تندد بهذا الأمر".

وتابع شعير:"اللجنة هنا ستعمل على إصدار الطبعات الأصلية دون رقابة عليها، وطبعات (مكتبة مصر) فيها مشكلة كبيرة، تتعلق بحذف بعض الجمل، لكى تدخل هذه الطبعات عدة دول عربية، لذا لن يكون للجنة أى دور رقابى، بل ستعمل على مطابقة كل طبعات نجيب محفوظ السابقة، وتحديد ما تم حذفه من قبل، وبالتالى إعادة الأعمال إلى الصورة التى كان يريدها نجيب محفوظ". وشدد على أن أعمال اللجنة لن تكون سرية بل ستعمل على نشر نتائج أعمالها، لذا من حق أى شخص إذا ارتأى أن هناك تشويها لحق بالطبعة الجديدة لأعمال نجيب محفوظ أن يتخذ الإجراء المناسب.

وأعلن الروائى أحمد القرملاوي، مدير النشر فى دار ديوان، أسماء اللجنة التى ستقوم بمراجعة أعمال نجيب محفوظ، والتى تم الحرص على أن تضم مجموعة من المتخصصين فى أدب محفوظ، وفى مقدمتهم الدكتور محمد بدوى، أستاذ الأدب العربى، والدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى رئيس تحرير مجلة فصول، والروائى مصطفى بيومى، والشاعر أحمد شافعى، والكاتب الصحفى محمد شعير.

بدورها، صرحت أمل محمود، المدير التنفيذى لدار ديوان، بأن ما قصدته الدار من تنقيح أعمال نجيب محفوظ، هو تشكيل لجنة من المثقفين وكبار الكتاب والمهتمين بأدب نجيب محفوظ، لإعادة النسخة الأصلية لأعمال نجيب محفوظ، وتنقيح النسخ الموجودة مما طالها من تعديل وأخطاء مطبعية، تسربت لأعمال نجيب محفوظ على مر الزمن، فضلا عن التدخل الرقابى بالحذف فى أحيان أخرى، مؤكدة أن الدار تعمل على استرداد النصوص الأصلية كما كتبها نجيب محفوظ.

بتوضيح الدار واللجنة المشكلة لمراجعة أعمال نجيب محفوظ، يكون القارئ المصرى والعربى قد اطلع على حقيقة ما يجرى حول أعمال نجيب محفوظ، ويبقى القراء والنقاد والكتاب فى انتظار صدور الطبعة الجديدة من أعمال أديب نوبل، التى ستحظى بمراجعة من قبل الجميع، للتأكد من أن تراث النجيب "محفوظ".


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة