سبيدرمان
فوضى بيتر باركر «سبيدرمان»
الأحد، 02 يناير 2022 - 01:57 م
إنجي ماجد
مع النجاح الجماهيري الساحق الذي حققه أحدث أجزاء السلسلة السينمائية الأشهر “Spider Man”، يتضح بشدة أن الفيلم - والذي يحمل اسم “لا طريق للوطن” - جاء شديد التميز مقارنة بالأجزاء السابقة من السلسلة، والمثير للدهشة أن شخصية نجم السلسلة الحالي، توم هولاند، هي الشخصية الأكثر شعبية لدى جمهور السلسلة من المراهقين، على الرغم من قوة موهبة من سبقوه في أداء الشخصية، وأتحدث هنا عن النجم توبي ماجواير،ولعل السبب في ذلك هو “التيمة” الجديدة التي انتهجتها السلسلة مع اسناد البطولة إلى هولاند منذ عام 2017، وبتوقيع المخرج الشاب جون واتس،حيث قدم الفيلم عالما يشهد غزو الكائنات الفضائية، واندلاع حروب من قبل الجنود الخارقين، ويقف أمام كل ذلك الجحيم فتى مراهق يتمتع بالقوة الكافية للقتال إلى جانب الأبطال الأكبر سنا، وهي التيمة التي يبدو أنها خطفت إعجاب الصغار والمراهقين - الجمهور الأساسي للسلسلة.
وبالحديث عن الفيلم الجديد “Spider-Man: No Way Home”،نجح جون واتس في تقديم عمل فني متكامل الأركان في كل شيء، بدءا من الأداء التمثيلي والكيمياء التي تجمع بين أبطال العمل، إلى القصة والمؤثرات البصرية ومشاهد الأكشن، مرورا بالموسيقى التصويرية وإنتهاء بالإخراج،لأجد نفسي أمام عمل نجح في إرضاء المعجبين مع نهاية سنوات الدراسة الثانوية لبيتر باركر.
تبدأ أحداث الفيلم مباشرة بعد نهاية أحداث الجزء السابق “Spider-Man: Far From Home” حيث يتم الكشف عن أن “بيتر باركر” هو الفتى وراء قناع “سبايدر مان”، ليصبح باركر أشهر مراهق على هذا الكوكب، وهو ما يجعله يصاب بالذعر، محاولا العودة إلى المنزل بأمان مع صديقته “أم جي”، وسط هجوم إعلامي مفاجئ.
وبالطبع كان للشهرة المفاجئة مختلف أنواع العواقب بالنسبة لـ”بيتر” وأصدقائه، لدرجة أن فقدانهم للخصوصية كان أقل العيوب خطورة بالنسبة لهم، حيث وصل الأمر إلى النظر لـ”باركر” وأصدقائه على أنهم مشتبه به محتمل في هجوم إرهابي، مما يعرضهم للتحقيق من جانب الجهات القانونية ويعرض مستقبلهم للخطر.
بعد أن يشعر “بيتر” بأن هذا الثمن باهظ للغاية بالنسبة لأصدقائه، يضطر إلى اللجوء إلى “دكتور سترينج” للمساعدة، ويطلب منه تعويذة لجعل العالم ينسى أن “بيتر” هو “الرجل العنكبوت”، وبالفعل يوافق الطبيب الحنون، ليبدأ بعدها “بيتر” في القيام بطقوس معينة،لكنه قام بها بشكل خاطئ جعلها تأتي بنتائج عكسية، ترتب عليها كسر الحدود بين الأكوان، وجلب الأشرار من العوالم السينمائية السابقة لـ”Spider-Man” إلى عالم “MCU”،من بين هؤلاء الأشرار”نورمان أوزبورن” و”الدكتور أوتو أوكتافيوس” من أول جزئين من السلسلة للمخرج سام رايمي، وكذلك “إلكترو” من فيلم “The Amazing Spider-Man 2” للمخرج مارك ويب.
ومع ازدحام الأحداث بالمزيد من الشخصيات، وهو ما سيؤدي لبطء القصة إلى حد كبير، فإن النقطة الرئيسية بالفيلم باتت واضحة بما فيه الكفاية، لقد تسبب “بيتر” في فوضى، وعليه الآن أن ينظف تلك الفوضى ويرسل هؤلاء الأشرار إلى حيث أتوا.
يكمن خطر قصة كهذه في مدى سهولة إفساح المجال للأحداث، بتحمل المزيد من الشخصيات والخلفيات الدرامية، وهو ما قد يصعب السيطرة عليه على طول الخط الدرامي للعمل،خاصة أنه صار جليا أن هم صناع الفيلم الشاغل هو إرضاء الجمهور فحسب، من خلال الإستعانة بالمزيد من الشخصيات الخارقة الشريرة،لكن كاتبي السيناريو كريس ماكينا وإريك سومرز يبذلان جهدا شجاعا لمنح الفيلم قلبا نابضا، من خلال منح “بيتر” هدفا أكثر إنسانية، فعندما علم “بيتر” أن هؤلاء الأشرار الغازيين قد أنتزعوا من أكوانهم قبل معارك مميتة مع “سبايدرمان” الخاص بهم،أتخذ قرارا بأنه غير راغب في إعادتهم إلى وفاتهم، وبدلا من ذلك يحاول إيجاد طريقة “لعلاجهم” من تحولاتهم الشريرة، وإعادتهم بفرص ثانية في حياة جيدة.
إنه هدف مناسب لنسخة عالم “مارفل” السينمائي من شخصية “سبايدر مان”،الذي تميز دائما بالسذاجة النبيلة والإصرار العنيد على أنه يمكن أن يفعل شيئا جيدا بقدراته،حتى عندما يخبره الآخرون بأن تلك السذاجة قد تزيد الأمور سوءا، وهؤلاء الأشرار الثلاثة الرئيسيون في الفيلم هم أهداف مناسبة لتحقيق نظريته، فشخصية “إلكترو” هي لمحتال بسيط يحفزه الجشع، أما”أوتو أوكتافيوس”فهو أقرب إلى القدوة اللامعة التي تراجعت بسبب الغطرسة والغرور، في حين تأتي شخصية “نورمان أوزبورن” بمثابة ضوء مرشد في مواجهة الشيطان، عندما تتحول إلى نقيضها “جرين جوبلين”،وبالحديث عن تلك الشخصية، لا يمكن المرور دون التأكيد على توهج العظيم ويليام دافو في تجسيد ذلك الدور، حيث نجح في استحضار كل جزء من كيانه إلى هذا الدور، ليصبح الممثل الأعظم فى تجسيد أدوار الشر غير التقليدية.
المخرج جون واتس في ثالث أفلامه مع السلسلة نجح في التأكيد على زعامة شخصية “سبايدر مان” في عالم “MCU”، فما هي أفضل طريقة لتأكيد ذلك من جعله لا يهزم فقط أعداء أسلافه الأعظم،لكن أيضا قدرته على علاجهم؟، ومع النجاح الجماهيري منقطع النظير للفيلم بوصول الإيرادات لما يقرب من مليار دولار حتى الآن، وهو ما جعل استوديوهات “مارفل” و”كولومبيا” المنتجتان له تعلنان عن التحضير لجزء جديد، يبدو أن مخرجه واتس قد كسب الرهان بأن القصة المشتتة المزدحمة في بعض الأحيان قادرة على الاكتساح والفوز، بإضافة بعض “التوابل” التي تسيل لعاب المشاهدين وراءها.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة