يسري الفخراني
يسري الفخراني


فنجان قهوة

للحب حكايات أخرى !

أخبار اليوم

الجمعة، 07 يناير 2022 - 06:03 م

بقلم/ يسري الفخراني

فقد ابنها الصغير بصره قبل عيد ميلاده السادس ، فقررت الأم أن تكون عينيه ليرى الدنيا بهما ، اعتذرت عن عملها فى أحد البنوك الكبيرة وتعاهدت أمام الله ألا تحرم طفلها من رؤية كل مايحبه مهما كلفها ذلك من جهد !

كان طفلها مُغرما بمباريات كرة القدم ، عندما يرى الكرة تجرى أمامه فى التليفزيون يترك ألعابه كلها ويظل يتابع المباراة باهتمام ، فحصلت له على مواعيد من لاعبى كرة القدم لكى تدخل فى قلبه البهجة والسعادة ، لاحظت حبه لفريق كرة قدم فحجزت تذاكر مبارياته لمدة سنة ، تجلس فى المدرجات معه تصف له ما يحدث على أرض الملعب بكل التفاصيل كأنه يرى ، ولا يصدق من يرون تشجيعه لفريقه حين يقدم لعبة حلوة أو يحرز هدفا أن هذا الطفل كفيف لا يرى سوى بقلبه الذى يسكن فى جسد الأم المكافحة !

شعرت بحبه للأفلام .. فخصصت يوما فى الاسبوع لترى له الأفلام فى السينما وتجلس بجواره تحكى له كل لقطة وكل صورة ، والطفل يرسم على ملامح وجهه الحزن أو الفرح .

كانت تقرأ له دروسه حتى يفهمها وتذهب معه إلى المدرسة لكى تترجم له كل ما لا يراه وتساعده فى كتابة الإجابات فى الاختبارات وينجح بتفوق .
لم تحرمه من الذهاب إلى الملاهى ليلعب وهى تتشبث به حتى لا يقع ، وتطبخ وتصف له كل ألوان وأشكال الطعام حتى يراها وهو يأكلها، امتلكت قدرة مذهلة على الصبر وعلى الأمل وعلى الوصف وعلى الحكايات، وعندما أصبح شابا ساعدته على أن يجد من يحبها حتى لو كان من طرف واحد فقط، حتى لو دق قلبه هو فقط، واقتربت به من فتيات الجامعة لكى يجد صديقة تحترم فقدانه لبصره لا أن تعطف عليه لفقدانه البصر !
وأهداه القدر فتاة جميلة رقيقة رأت فيه شابا وسيما مولعا بالفنون ويحب كرة القدم فأحبته وقررت أن تكون عينيه مثلما فعلت الأم لسنوات طويلة ، وكانت تساعده فى مشاهدة المباريات والأفلام ورؤية الزهور الجميلة والفراشات الملونة فى الربيع !

وأصبح الفتى محظوظا بالعيون التى ترى الحياة من أجله ، وعندما أخبرته أمه أن هناك أملا ضئيلا بأن يرى بجراحة جديدة على يد طبيب تخصص فى حالات تشبه ما فيه ، لم يتردد فى الرفض ، وقرر أن يعيش عمره وأن يرى حياته بعيون الأم وعيون الحبيبة التى طلبت يده للزواج لكى تؤكد لها أنها تحبه !
أصبح الطفل الكفيف صاحب مصنع كبير لصناعة لعب الأطفال التى يراها فى وصف أمه وعين حبيبته .
ومازال وليم يعيش فى إحدى ضواحى انجلترا سعيدا بالعهد الذى قطعته أمه أمام الله أن تكون عينيه .

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة