صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


قاتل .. والمتهم الرئيسي المرض النفسي

أخبار الحوادث

الأحد، 09 يناير 2022 - 11:51 ص

محمد طلعت ــ مصطفى منير - محمود صالح

ليس كل قاتل يستحق العقاب ، فهناك عشرات الجرائم البشعة ارتكبها أشخاص وهم في غيبة من العقل بسبب أمراض نفسية دفعتهم لارتكاب هذه الجرائم مما يجعلهم يستحقون العلاج وليس العقاب.
ولكن هذا ينطبق على المرضى الحقيقيين الذين يعانون من اضطرابات نفسية فعلا وليس من يدعون الاصابة بالمرض النفسي هربا من المساءلة الجنائية.
وللتفرقة بين المرضى الحقيقيين ومدعي الاصابة بالمرض النفسي لابد ان يخضع المتهمين للفحصوالمراقبة الدقيقة قبل اصدار القرار النهائي بواسطة لجنة طبية على أعلى مستوى للجزم بمسئولية «المتهم المريض» عن افعاله من عدمها.
وفي هذا الملف نستعرض بعض الجرائم التي ارتكبها مهتزون نفسيا أو هكذا زعموا .. وروشتة التعرف على المرضى النفسيين والمدعين.

قتل والدته وشرع في قتل والده


بشهادة أصدقائه ومعارفه شخصية ملتزمة، أخلاقيًا ودينيا، مستواه التعليمي متفوق، فهو خريج كلية الصيدلة وكان يعمل منذ فترة ليست بالبعيدة في بعض الصيدليات القريبة من منزله في منشية الزهراء بالمحلة الكبرى، قبل أن ينقطع عن العمل لأسباب غير مفهومة، وحتى قتل والدته خنقًا وحاول قتل أبيه أيضًا.


 تفاصيل تلك الجريمة البشعة التي شهدتها محافظة الغربية في السطور التالية.


منذ أن خرج والده الطبيب، والذي كان يعمل في إحدى مستشفيات طنطا، على المعاش، وحالة ابنه خريج كلية الصيدلة تزداد سوءً بعد سوء، الفكرة ليست في خروج والده على المعاش، الفكرة أن هذا جعل والده مراقبًا له أكثر في تصرفاته، وهذا الأمر كان يُغضب الشاب، خصوصا أن تصرفاته غير مفهومة والتي كانت محض استغراب وتعجب في الأسرة كلها، لأنهم، حسب ما ورد من أقوال الجيران والأهل، أسرة مستقرة ومسالمة وليس لها أى عداوات ولا أحد يعرف عنهم شيء، في حالهم وفي عملهم دون أى احتكاك بأحد يذكر.


في الساعات الأخيرة من تلك الجريمة، كان «حسام» ينام على سريره عندما حضرت والدته من عملها في إحدى المدارس القريبة كمعلمة للغة الإنجليزية، أيقظت ابنها وسألته عن سبب نومه إلى هذه الساعة المتأخرة، فأجابها متعصبًا أنه كان يسهر طوال الليل.


خرج من غرفته يستعلم عن الطعام، وعندما وجده أكل بشراهة دون أن يحدث أحد أو يحدثه أحد، خشية منه في المقام الأول وحسرة عليه في  المقام الثاني، وبعد أن انتهى من طعامه دخل غرفته كي ينام مرة أخرى.
هنا دخلت عليه والدته معاتبة له على تصرفاته، وقائلة: «يابني اللي انت بتعمله دا غلط، إنت متعلم ولسه صغير في السن، اللي في سنك شغالين دلوقتي وبيفتحوا بيت ومستقرين، انت تاعبنا معاك ليه».


كان كلامها، والذي هو الطبيعي أن تقوله أى أم لإبنها، سبب في زيادة غضب «حسام»، بل أن غضبه فاق كل الحدود، وقام من مرقده يبادل والدته الكلام بكلام، حتى دخل الأمر بين الشاب وأمه حيز الشجار بالمعني الحرفي، ولم يتمالك الشاب أعصابه إلا وهو ينقض على والدته ويمسكها من رقبتها بين يديه ويضغط عليها بكل ما أوتي من قوة.


بمجرد أن صرخت الأم، الخمسينية، أفزعت زوجها أثناء نومه، فقام على الفور من على السرير وهب إلى خارج غرفته مسرعًا، وعندما دخل غرفة ابنه الشاب وجد زوجته تصارع الموت بين يدي ابنه، ولم يفلح في انقاذ الموقف إلا بعد أن لفظت الأم أنفاسها الأخيرة.
المشهد كان مفزع، رأى ابنه يقتل والدته هكذا في لمح البصر، وبدون اى سبب غير أن أمه تعاتبه على تصرفاته غير الطبيعية.


بمجرد ما أن ازاح ابنه عن زوجته، وقع الشاب على الأرض والأب ينظر له في حسرة وينظر لزوجته في حزن، واثناء ما كان يحاول الأب أن يطمئن على الأم ماسكًا يدها ليطمئن على النبض، غافله ابنه من الخلف واعتدي عليه بآلة حادة كادت أن تنهى حياة الأب هو أيضًا.
بعدما تلقى والده الضربة خرج على الفور من منزله يصرخ لينجده أحد من بين يدي ابنه، وبمجرد ما سمعه الأهالي والجيران هبوا لنجدته، وبالفعل استطاعوا تقييد نجله قبل أن يحاول قتل أبيه وأبلغوا الشرطة.


تعود البداية عندما تلقى اللواء هاني عويس مدير أمن الغربية، إخطارا من مأمور قسم أول المحلة، بورود إشارة لشرطة النجدة بوقوع جريمة قتل بمنطقة منشية الزهراء. وبانتقال رجال المباحث الجنائية لمكان البلاغ، تبين مقتل ربة منزل وإصابة زوجها بإصابات متفرقة، وقيام نجلهما ويعمل صيدلي، بارتكاب الواقعة، لمروره بأزمة نفسية، فتم ضبط المتهم والتحفظ على جثمان الأم بمعرفة النيابة العامة، وقد أحالت النيابة الشاب إلى إحدى المستشفيات النفسية للإستعلام عن سلامة قواه العقلية والتصريح بدفن الأم عقب بيان سبب الوفاة.
 

قتل والده وشقيقته في نوبة هياج


يعيش «ا» البالغ من العمر 31 عام داخل شقة بسيطة بمنطقة إمبابة، يعرفه الجميع منذ صغره ، فكان دائم الشجار مع الجميع، ولكن الاعتقاد الدائم انها فترة «طيش شباب» وستمر بمرور الوقت، ولكنه استمر فى تلك الحالة الغريبة يعتدي على من حوله دون سبب واضح، سرعان ما تطورت حالته وخصوصاً بعد أن توفي شقيقه الأكبر في حادث سير على كوبري الساحل، وأصبح غير مسئول عن تصرفاته، ففجأة يفرض الإتاوات على أصحاب المحلات بمنطقة سكنه، الغريب في أنه قام بالتعدي على مدرس وتسبب له بعاهة مستديمة في عينه وسجن 3 سنوات، ليعود بعدها ويعيش مرة أخرى لمنزله، فكان يثير حالة من الرعب لمن حوله، وأصبحت المشاكل تزداد يوماً تلو الآخر، وقتها زادت الأمور تعقيداً وأصبح كالمجنون وسط البشر، يتعدى على الأشخاص دون سبب، يتناول المخدرات، حتى فقد عقله تماماً ووصل به الأمر ليقرر طرد أفراد أسرته من الشقة ليعيش بمفرده وعلى حريته.


بالفعل قام بطرد والده و أشقاءه من الشقة، بعد تهديدهم بسلاح أبيض، فخاف الأب على نفسه وخصوصاً أنه رجل مسن تعدى الـ 70 عام من عمره، وأصبح لا يستطيع مواجهة ابنه وردع أفعاله، فخاف وقرر أن يترك الشقة وبالفعل ظل يعيش وحيداً لا يمتلك المال فقرر أن يفرض الإتاوات على أصحاب المحلات، وكانوا يدفعون له خوفاً من تصرفاته غير المسئولة وخوفاً على حياتهم فكان دائماً يظهر سلاح ابيض في يده.
استمر على هذا الحال لأكثر من أسبوعين، ولكن والده كان يشعر بالتعب أثناء جلوسه عند ابنته الكبيرة المتزوجة فقرر العودة للمنزل والحديث مع ابنه لتهدأة الأمور .. ولكن الكارثة كانت في انتظار الأب والأسرة بأكملها، عادوا لمحاولة الحديث معه ولكنهم فوجئوا بتصرفاته المجنونة، حيث قام “ا” بالتعدي على شقيقته بسلاح أبيض وطعنها عدة طعنات متفرقة فى الجسد حتى فارقت الحياة، وقتها كان الأب المسن يحاول الخروج من غرفته لمعرفة ما يدور بالخارج وصراخ الابنة، ليتفاجأ بابنه يقوم بخنقه وسحبه على سلالم المنزل ونزل به بتلك الطريقة الوحشية من الطابق الثالث حتى الأرض وقام بطعنه 5 طعنات متفرقة فى الجسد، ليعود للشقة ويقوم بسحب جثة شقيقته بجوار جثة الأب .. وجلس بجوار الجثث يدخن السجائر، وقتها قام الأهالي بإبلاغ الشرطة لحظات وكانت قوات الشرطة حاضره ليتم القبض على المتهم، وبمناظرة الجثث تبين وفاتهم أثر الطعنات المتفرقة بأجسادهم، ليتم تحرير محضر بالواقعة، وبالعرض على النيابة أمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق ، كما أمرت بعرضه على مستشفى الأمراض العقلية لبيان حالته النفسية والعقلية .

 

طفلان ضحية لمجنون أسيوط
 

فى أسيوط وتحديداً بمركز شرطة القوصية، كان يجلس شخص يرتدي الجلباب و بيده سلاح أبيض، وقتها تصادف وجود طفلين من المنطقة يلهوان سوياً، لم يتوقع الطفلان أن الجالس على بعد أمتار منهم والذى يحدق النظر فيهم، قرر أن يقتلهم!
 فوجئ الطفلان بقيام المتهم من مكان الجلوس والتوجه نحوهم، وفى لحظات معدودة قام بإشهار سلاحه الأبيض دون مقدمات وكان وقتها على بعد خطوات معدودة، انقض على الطفلان وقام بإصابتهم ، وقتها تجمع الاهالي مسرعين حول الطفلين وقامت مجموعة أخرى  بالسيطرة على المتهم  الذى أصابته حالة هياج عنيفة، ونجحوا فى السيطرة على حركاته وقاموا بإبلاغ الشرطة، كما نجح مجموعة من الأهالي بنقل الطفلين إلى المستشفى خلال دقائق معدودة، ليتم علاجهم كما قام المستشفى بإخطار الشرطة بوصول الطفلين مصابين بجروح متفرقة فى جسدهم.
وقتها كانت قوات مباحث المركز تتواجد بمحل البلاغ وتتمكن من السيطرة على المتهم المهتز نفسياً، وبسؤال والديهما اتهموا المختل بالجريمة، ليتم ضبطه .
وبمناقشته أمام النيابة تبين أن المتهم مهتز نفسياً، وظل يهزى بكلمات غير مفهومة، ليتم تحرير محضر بالواقعة، وبعرضه على النيابة ظل المتهم يتحدث عن أشياء لا علاقة لها بالواقعة ، كما تبين انه يهزى فى حديثة، فتم تحويله لمستشفى الأمراض العقلية للكشف عليه وبيان صحته النفسية و العقلية .

 

حاول قتل العريس ليحصل على عروسته
 

يعيش «م» فى نهاية العشرينيات من عمره وسط أسرته بمدينة الفيوم، حياة قد تبدو هادئة، ولكن بداخله بركان من الغضب يظهر على فترات بسبب اهتزازه النفسي، ولكن وقتها قررت الأسرة، أن تغير حياته وتجعله يقبل على الزواج من إحدي فتيات العائلة، وبالفعل نجحوا في خطوبة فتاة تصغره بسنوات معدودة، معتقدين فى ذلك أن مشاكله ستنتهي ويتغير حاله بمجرد الارتباط بفتاة تشغل باله سيتحسن ويصبح فى أفضل حالاته، ولكن لم تمر سوى شهور معدودة من الخطوبة واكتشفت الفتاة التقلبات المزاجية والاهتزاز النفسي الواضح فى كل تصرفاته.
 حاولت إنهاء الخطوبة بينها وبينه، ولكنها فوجئت برد فعله العنيف، وتهديدها إن حاولت الابتعاد عنه، لتخاف وقتها الفتاة وتقرر أن تهدئ الأمور ولكن بدأت وقتها الحديث مع أسرتها واثبات ما تقوله عن اهتزازه النفسي، ليتم الحديث مع أسرته وتتم فسخ الخطوبة فى هدوء دون الحديث عن السبب لمن حولهم، وكانت الجملة الوحيدة «مفيش نصيب بينهم .. مش متفاهمين مع بعض» لتمر الأيام والليالي ويقرر أحد شباب العائلة خطبة العروسة المعروف عنها الهدوء والاحترام، وبالفعل تم إعلان الخطوبة وسط حفل عائلي صغير، ولكن لم يعلم «ا» العريس أن خطبته للفتاة التى أعجب بها ستكون بداية المشاكل بالنسبة له .


فوجئ العريس بـ «م» بمحاولة التشاجر معه، ولكن كانت الظروف دائماً تنقذه فى آخر اللحظات، وقتها كان يجلس «ا» ويفكر في طريقة لإعادة حبيبته التى أصبحت «مخطوبة» لشخص أخر، حتى شاهدهم سوياً فى أحد الشوارع، جن جنونه وقتها وقرر الانتقام من الشخص الذى تقدم لها ووافقت عليه بعد ان فسخت خطوبتها معه، وكأنه يتعامل معها على انها شئ أصبح يمتلكه، فقرر وقتها الانتقام ومراقبة العريس فى كافة تحركاته حتي يستطيع التخلص منه .
حتى جاء الفرصة المناسبة له وقام بالتعدي عليه بسلاح ابيض «كتر» وإصابته بجرح قطعي في الرأس، وسرعان ما انتشر فيديو يوضح تفاصيل الاعتداء على المجني عليه، على صفحات السوشيال ميديا، ليتم رصده من قبل قوات الأمن، وبالفحص تبين صحة الفيديو كما تبين ان المجني عليه قام بتحرير محضر بقسم شرطة الفيوم ثان، وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط الطرفين والسلاح الأبيض «كتر» المستخدم في ارتكاب الواقعة، وجاري العرض على النيابة لمباشرة التحقيق .

 

د. حاتم ناجي مدير مستشفي الصحة النفسية :المتهم «مريض» حتى يثبت عكس ذلك

هناك نوعية خاصة من المتهمين يتم إيداعهم مستشفى الامراض النفسية بأوامر قضائية, وهذا يحدث في حالات معينة عندما يرتكب المتهم جريمة ما وأثناء إجراءات المحاكمة يشك القاضي بان المتهم غير متزن نفسياً, فيأمر بإيداعه مستشفى الصحة النفسية, وذلك تحت تأمين وحراسة مشددة من الداخلية, حتى يتم البحث وصدور التقرير الطبي, فاذا تبين ان المتهم غير مريض وانه يدعي المرض النفسي, في هذه الحالة يرجع إلى السجن ويستكمل إجراءات محاكمته, أما إذا تبين أنه مريض غير مدرك لافعاله يتم بقاءه في مستشفى الصحة النفسية من اجل العلاج, وذلك بعد الامر القضائي, و يخرج بعد ان يتم شفاؤه, وتتم متابعته بشكل شهري بعد خروجه حتى لا يتعرض لانتكاسه .
 

روشتة التعرف على المريض النفسى الخطر
 

وبالحديث مع الدكتور على عبدالراضى استشارى التأهيل النفسى أكد أن المشكله الرئيسيه مع المرضى النفسيين هو تأخير العلاج، فالاضطرابات التى قد تصيب الأشخاص «عقليه أو شخصية أو نفسيه» فمن الممكن أن يعيش الانسان كله مضطرب شخصي ويعيش عمره كاملاً دون أن يشعر، وهناك من يتعرض لصدمات ويتحول لمريض باضطرابات نفسية، وهنا لابد من تدخل المقربين له، لحمايته وعدم وصول الأمر لكارثة و تحوله لمريض عقلي، ولكن للأسف يعتقد الأهل والمقربين أن المريض «محسود أو معمول له عمل سفلى» ويتم التوجه للدجالين والنصابين، وهنا تتضخم الأمور وتأتى الكارثة، ويصبح المريض النفسى قنبلة موقوتة، كما أكد أن «اضطراب الفصام العقلى» والذى يغيب فيه المريض تماماً عن الواقع ويعيش فى هلاوس سمعيه وبصرية، و»اضطراب الشخصية الاضطهاديه» والذى يشعر بأن كل من حوله يحملون له الكره والتمنى بالفشل والاضطهاد، و»السيكوباتى» والذى يحمل الكره لأفراد أسرته والمجتمع، و”الوسواس القهري” أخطر الأمراض النفسية التى قد تؤدي لإرتكاب جرائم بشعة .


وفى نهاية الحديث أكد “على” أن هناك علامات للأمراض النفسية تعتبر الروشته لكشف المرضى النفسيين، لو تواجدت فى أحد أفراد الأسرة أو المقربين، لابد من التوجه لطبيب نفسى “العزله، والانطوائية، وعدم المشاركه الاجتماعية، عدم الرغبة فى الحوار، اضطرابات النوم، واضطرابات الأكل» .
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة