الشيخ أحمد ممدوح
الشيخ أحمد ممدوح


الشيخ أحمد ممدوح: الضرائب واجب للوفاء بمصالح الوطن ولا تغني عن الزكاة

سنية عباس

الخميس، 13 يناير 2022 - 05:45 م

مع مطلع هذا العام بدأ تحصيل الضرائب إلكترونياً ضمن جهود الدولة لتطوير طرق التحصيل ورفع كفاءة تقديرها بدقة ، ورغم ذلك لا تتوقف محاولات البعض للتهرب الضريبى ،ما يؤثر سلباً على الاقتصاد وخطط التنمية والارتقاء بمعيشة المواطنين ، ويستندون فى هذا السلوك اللا مسئول إلى عدد من الفتاوى المغلوطة التى تحرم تحصيلها وتدعى الاكتفاء بدفع الزكاة المفروضة ، ولإنارة الطريق للمواطنين الذين تختلط لديهم بعض المفاهيم المشوهة بالصحيحة.

يتحدث فى هذا المجال الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن مشروعية فرض الضرائب والفرق بينها وبين الزكاة وموقف الإسلام من التهرب الضريبى والتحايل فيه .

يقول الشيخ أحمد ممدوح : الضريبة مقدار محدد من المال تفرضه الدولة فى أموال المواطنين دون أن يقابل ذلك نفع مخصوص لتنفقها فى المصالح العامة، وولى الأمر يجوز له فرضها شريطة أن تكون عادلة فى تقديرها وفى جبايتها وتؤدى على الدخل والممتلكات والأعمال للوفاء بالحاجات اللازمة للأمة كإنشاء المرافق وصيانتها وتطوير التعليم والصحة والخدمات المعيشية بصفة عامة وغيرها باعتبار ولى الأمر هو القائم على مصالح الوطن التى تستلزم نفقات تحتاج إلى مورد ثابت لاسيما فى هذا العصر الذى كثرت فيه مهام الدولة واتسعت مرافقها وفى عصرنا وفقا للنظام الحديث ، ولى الأمر هو مجموعة من المؤسسات التشريعية ، وكان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه أول من اجتهد فى فرض أموال تؤخذ من الناس من غير زكاة أموالهم لتحقيق المصالح العامة كالخراج ويعنى مؤنة الأرض الزراعية وكانت تحصل من المسلمين وغير المسلمين ولمصالح أخرى ظهرت له ولم تكن ضريبة الخراج مفروضة فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفعل عمر بن الخطاب رضى الله عنه ذلك بعد استشارته لكبار الصحابة من المهاجرين والأنصار .


ويتابع: وهذا هو المعنى الحقيقى للتكافل والتضامن الاجتماعى، فليس المراد منهما مواساة الفقراء والمحتاجين فقط بل ما هو أعم لأداء حق المجتمع على الفرد فى التعاون على إقامة مصالح الأمة كافة ، ومما لا شك فيه أن أخذ الضريبة من الأفراد فيه استيلاء على جزء من مالهم وحرمان لهم من التمتع به وهذا الحرمان إنما رخص فيه لأن الضرورة قضت به إذ لا يمكن القيام بالمصالح العامة بدونه والمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة والواجب الذى يحتمه الإسلام أن تفرض الضرائب فى أموال الأغنياء بما يحقق المصلحة العامة وتحقيقها واجب على ولاة الأمر وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب درءاً للمفاسد والأضرار والأخطار التى تؤدى إلى خلخلة اقتصاد الدولة وضعف كيانها عملاً بالقاعدة الفقهية ( الضرر الخاص يتحمل لدفع الضرر العام) .


ويضيف : أقر جماعة من فقهاء المذاهب المتبوعة الضرائب ولم تكن تسمى بالضرائب فسماها بعض الحنفية (النوائب ) جمع نائبة وهى اسم لما ينوب الفرد من جهة السلطان بحق أو بباطل ، أما ما ورد من أحاديث فى ذم (المكوس) ويعنى الجباية والضريبة يأخذها الماكس من بائع السلع فى الأسواق فى الجاهلية وكان يظلم فى عمله ويعتدى على أرباب الأموال ليأخذ ما ليس من حقه بغير رضا منهم لمصلحته الخاصة لا لمصلحة المسلمين ، أو هى الضرائب الجائرة التى كانت تسود العالم قبل ظهور الإسلام ولا تؤخذ من المواطنين حسب قدرتهم على الدفع ولا توزع أعباؤها بالعدل ولا تنفق فى مصالح الشعوب بل فى مصالح الملوك والحكام وشهواتهم وأتباعهم وكثيراً ما أعفى الغنى محاباة وأرهق الفقير عدواناً ، ثم جاء الإسلام وفرض العشور وهى ما يأخذه العاشر من أموال وتفرضه الدولة على أموال التجارة الصادرة من البلاد والواردة إليها .


ويؤكد : التهرب من الضرائب والجمارك وهى نوع من الضرائب تفرض على البضائع التى تدخل البلاد، أو الرشوة والتحايل للتلاعب فى قيمتها محرم شرعاً ومجرم قانوناً ولا يجوز، وفى الوقت ذاته لا تغنى الزكاة عن تسديد الضرائب، فالزكاة حق الله فى المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول فيؤخذ منه ربع العشر وينفق فى مصارف محددة معلومة، وذهب جمهور الفقهاء إلى عدم احتساب الضريبة من أموال الزكاة روى عن ابن عمر رضى الله عنهما فيما يأخذه العاشر من ضريبة العشور( لا تحتسبه من زكاة مالك ) وعليه فلا تداخل بين الضريبة والزكاة ولكل مصادره ومصارفه ، فالزكاة تختلف باختلاف مقدار المال الذى تجب فيه وتصرف لأهل بلد المزكى إن كان بها مستحقون وهى تزكية للنفس وتطهيرها من البخل والشح ومواساة للمعوذين وجاحد أدائها خارج من الملة ،أما الضريبة فمقدارها ثابت فى حق من تفرض عليهم ويفيد منها أهل بلد دافعها وغيرهم والقصد منها المساهمة فى التكاليف والأعباء بصفة عامة وجاحد تسديدها لا يخرج من الملة ولكنه آثم لحاجة المجتمع إليها قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له) .
 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة