منذ أكثر من أربعين عاماً صدر قانون تنظيم الجامعات رقم ٤٩ لسنة ١٩٧١ الذي ينص علي أن تبدأ الدراسة في الجامعات في الأسبوع الثالث من سبتمبر من كل عام ولمجلس الجامعة أن يقرر غير ذلك للضرورة والصالح العام. أي أن الدراسة هذا العام كان يجب أن تبدأ يوم السبت ٢٠ سبتمبر الحالي. وإذا كانت إحدي الجامعات تري أن هذا الموعد غير مناسب فعلي مجلسها أن يقرر التأجيل أو التبكير طبقاً للوضع في هذه الجامعة وهذا شئ من استقلال الجامعات الذي ينادي به الكثيرون ممن لا يعرف بعضهم معناه. اجتمع المجلس الأعلي للجامعات بمقر جامعة الاسكندرية يوم السبت ٢٣ أغسطس الماضي وأعلن علينا أنه قرر تأجيل الدراسة أسبوعاً لتبدأ ٢٧ سبتمبر بدلاً من ٢٠ سبتمبر وهذا طبعاً ليس من صلاحيات المجلس الأعلي للجامعات طبقاً لما ذكرنا سابقاً مما نص عليه قانون تنظيم الجامعات. و في الأيام القليلة الماضية قرأنا في الصحف وعلي شريط الأخبار بقنوات التلفزيون تصريحات أخري منسوبة إلي السيد وزير التعليم العالي تفيد أنه قرر تأجيل دخول الجامعات إلي ١١ أكتوبر القادم بدلاً من ٢٧ سبتمبر التي قررها المجلس الأعلي للجامعات قبل ذلك بأيام. ثم قرأنا تصريحات أخري علي لسان بعض المسئولين أن مجلس الوزراء هو الذي قرر تأجيل دخول الجامعات هذه المرة. ولا نعرف بالضبط من الذي قرر ذلك وهو علي كل حال ليس مجلس الجامعة صاحب الاختصاص طبقاً للقانون. صحيح أن هناك أسباباً قد يراها المجلس الأعلي للجامعات أو مجلس الوزراء أو المسئول الذي قرر ذلك التأجيل ولكن كان يجب عليهم علي الأقل (إذا صح ما نسب إليهم من تصريحات) أن يوصوا الجامعات بأن تدرس هذه الأسباب وتتخذ ما تراه مناسباً حيال ذلك. فنحن الآن ندعو أكثر من ذي قبل ويطالب الجميع بأن نحترم القانون ونلتزم بصحيحه. وهناك دائماً اختلاف في وجهات النظر بين مؤيدي تأجيل الدراسة ومعارضيها إلا أن التأجيل لابد أن يؤدي إلي قصر العام الدراسي (مهما إدعينا استمرار الدراسة والحفاظ علي عدد أسابيعها) وهو ما يؤدي بالضرورة إلي ضعف تحصيل الطلاب وانخفاض مستواهم العلمي وبالتالي سوء مستوي الخريجين. وهذا طبعا ينعكس علي العمل والإنتاج  في جميع مجالاته وفي النهاية علي مستقبل الوطن كله بالسلب. .   كل ذلك يمكن أن يكون مقبولا في إطار عدم التنظيم والتنسيق الذي إعتدنا عليه. ولكننا أيضا قرأنا في الصحف يوم الإثنين الماضي تصريحات منسوبة للسيد الأستاذ الدكتور السيد عبد الخالق وزير التعليم العالي في لقائه بطلاب الجامعات في معسكر مدينة جمصة بمحافظة الدقهلية يقول فيها : إن سبب تأجيل الدراسة بالجامعات هو عدم انتهاء ثلاث جامعات من الاستعداد للعام الدراسي الجديد رغم الذي أوضحناه  سالفا من أن هذا التاريخ معلوم منذ أكثر من أربعين سنة. ولو علمنا أيضا أن رؤسا هذه الجامعات الثلاثة كانوا بالضرورة هم أو نوابهم حاضرين إجتماع المجلس الأعلي للجامعات الذي أشرنا إليه والذي أجّل الدراسة حتي ٢٧ سبتمبر، فلماذا لم يعلنوا في حينه أن جامعاتهم غير مستعدة لبدء الدراسة. وهل ثلاث جامعات تؤجل الدراسة لعشرين جامعة وقانون تنظيم الجامعات أعطي لمجلس الجامعة الحق في تغيير موعد بدء الدراسة لمواجهة مثل هذه الظروف. الأهم من ذلك هل درس المجلس الأعلي للجامعات الأسباب التي أدت إلي  عدم قدرة هذه الجامعات علي بدء الدراسة في موعدها. وهل تبين له أن هناك تقصيرا من المسئولين بهذه الجامعات أم هي ظروف قهرية خارجة عن إرادتهم. وهل أتخذ أية إجراءات حيال المقصرين إذا كان هناك تقصير فعلا. فقد خلت تصريحات السادة المسئولين من أية إشارة إلي هذا رغم أنه من صميم دور هذا المجلس.  الثواب والعقاب ياسادة هما الحل الوحيد لخروج مصر من الحالة الرخوة التي نعيشها ومن التسيب وعدم الإنضباط الذي أصبح سمة غالبة لكل حياتنا رغم أن الجميع يشتكي منه ولكن لا أحد يواجهه. وعلي كل حال التأجيل فرصة لبعض رؤساء الجامعات المنتخبين ونوابهم أن يسافروا إلي الخارج فبعضهم ،كان الله في عونه، مر عليه الآن   في مصر عدة أيام لم يغادرها.    وللحديث بقية بإذن الله.