صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


نيوس.. بحيرة أنهت حياة آلاف البشر والماشية

هناء حمدي

السبت، 15 يناير 2022 - 03:21 م

تبدو من الخارج بحيرة طبيعية تتمتع بهدوء مياهها الصافي الأزرق ومناظرها الخلابة التي تحيط بها وسط طبيعة مميزة ولكن لا تقترب منها فهي بحيرة رغم هدوئها الخارجي إلا أنها تمتلك بداخلها سبب موت مؤكد ففي لحظة لا تتوقعها قد تجدها غيرت ألوانها وأعلنت عن غضبها لتنهي حياة الآلاف من البشر وكل ما هو حي حولها.

لا تمتلك تماسيح فتاكة ولا ثعابين مميتة بها ولكنها تعد من أخطر البحيرات على وجه الأرض لأسباب تمكنت من إنهاء حياة أكثر من 1500 شخص ونفوق أكثر من 3 آلاف ماشية في واقعة قد تكون الأغرب.. نتحدث عن بحيرة "نيوس" أكثر البحيرات القاتلة في العالم لما تمتلكه من ظاهرة عرفت باسم" انقلاب البحيرة".

تعد بحيرة "نيوس" والتي تقع في الكاميرون أحد أهم مصادر المياه للعديد من القرى الكاميرونية أهمها قرية "نيوس" وقرية "كام" ورغم الاعتماد عليها لعشرات السنين كمصدر أولي للحصول على المياه اللازمة للزراعة والشرب إلا أنها في لحظة غير متوقعة في يوم 21 أغسطس من عام 1986 أعلنت عن ما في جوفها من حقد وغضب في حادثة هي الأغرب.

اقرأ أيضا| مأدبة الموتى .. عندما يقضي الأحياء أوقات تنزههم في القبور

فمع بداية يوم طبيعي سمع سكان القرى صوت انفجار ضخم يأتي بالقرب من البحيرة مع وصول لرزاز خفيف إلى أقدام السكان المندهشين من سبب هذا الصوت ولكن ما هي إلا لحظات وقبل أن يستجمع السكان تفكيرهم وجدوا سحب بيضاء بدأت في التجمع والتكثيف فوق البحيرة وعلى ارتفاع 100 متر بدأت هذه السحب تقترب تدريجيا إلى القرى ومنها حدث ما م يخطر على بال أي شخص.

بدأ سكان القرى المجاورة للبحيرة السقوط واحدا تلو الآخر ما بين فاقد للوعي وميت تملك الرعب على قلوب الجميع فلا أحد يعلم مصيره وسط مشاهد أقل ما يقال عنها أنها موت جماعي مباشر واستمرت هذه السحابة في التمدد حتى تمكنت من تغطية مساحة تزيد عن 25 كيلومتر ومع صباح اليوم التالي لم يجد ممن تمكن من الاستمرار على قيد الحياة سوى الصمت والسكون الذي خلفته سحب البحيرة الغامضة.

فهي ليست طبيعة القرية المزدحمة المليئة بالحياة فمع هذه السحب انتهت حياة تلك القرى مع إعلان وفاة أكثر من 1500 شخص ونفوق ما يزيد على 3 آلاف ماشية حتى أن البحيرة قد تغيرت طبيعة الحياة فيها فأصبحت ضحلة أكثر وظهرت النباتات والأوراق الموجودة في باطنها على سطح المياه التي تبدلت لونها من الأزرق الصافي إلى لون الصدأ البني.

ووسط التكهنات بوجود سلاح بيولوجي فتاك أو على الاقل انتشار فيروس مفاجئ هو ما أدى إلى كل هذه الضحايا إلا أن التحقيقات ودراسات العلماء تمكنت من كشف حقيقة لغز هذه الحادثة الغريبة والتي كان سببها هو تلك السحب البيضاء التي كانت تحتوي على تركيز عالي من ثاني اكسيد الكربون اطلقته البحيرة بقوة اتجاه القرى فسقط الناس نتيجة استنشاقه ما بين فاقد للوعى أو متوفى.

فمع زيادة تركيز ثاني اكسيد الكربون في الهواء بنسبة 15% أو اقل يؤدي إلى فقدان الوعى ومع أعداد الضحايا تم إثبات أن تركيز الغاز كان أعلى من هذه النسبة ولكن ظل غموض واحد يسيطر على العلماء وهو السبب الدافع للبحيرة لتضخ هذه الكمية الكبيرة من الغاز وبعد العديد من النظريات والتحليلات توصل العلماء إلى فك طلاسم هذا الامر.

فطبيعة البحيرة تعمل على حبس غاز ثاني أكسيد الكربون لفترة طويلة حتى تزداد نسبته بشكل كبير لدرجة أن ضغط الغاز يصل إلى درجة أكبر من ضغط المياه عليه فلا تستطيع البحيرة تحمله ومع سقوط بعض الصخور أو حدوث صدع في الجدار الصخري للبحيرة يندفع الغاز للخارج مسببا انقلاب للبحيرة وسحب كثيفة تتجه بسرعة نتيجة الضغط نحو الوادي وكأنها وحش يستعد لالتهام فريسة سهلة.

في ظاهرة تعرف بـ " انقلاب البحيرة" ولذلك قام المسئولين بوضع نظام لتفريغ الغاز من قاع البحيرة تدريجيا حتى لا يتراكم وتحدث هذه الكارثة مرة أخرى مع وضع قياسات لنسبة ثاني اكسيد الكربون في الهواء وتصميم نظام انذار للتحذير من زيادة نسبته في محاولة لعدم تكرار هذه المأساة مرة أخرى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة