د.شريف مختار خلال حواره مع «الأخبار»
د.شريف مختار خلال حواره مع «الأخبار»


مؤسس طب الحالات الحرجة بمصر: الإصابة بـ«كورونا» تؤثر على القلب | حوار

غادة زين العابدين

السبت، 15 يناير 2022 - 06:16 م

- سرعة نشر الأبحاث اتجاه عالمى لكشف أسرار الفيروس

- اللقاح ضرورى ولا طريقة أخرى للمواجهة حتى الآن

- «الأدرينالين» واللهاث وراء المال من أهم أسباب الموت المفاجئ

علاقة كبيرة بين القلب وكورونا ، حقيقة كشف عنها واقع الإصابات، وأعلنتها الدراسات العلمية التى تمت حتى الآن فى كل أنحاء العالم، هذا ما يؤكده د.شريف مختار ،أستاذ القلب ومؤسس طب الحالات الحرجة فى مصر ، والذى يتحدث لأول مرة عن الفيروس ، من واقع علمه وخبرته ، وتجربته الخاصة كمريض كورونا سابق..

يؤكد د.شريف أن الفيروس أرهق العلم بتحوراته السريعة و المتلاحقة ، ورغم لهاث العلماء بحثا عن اللقاحات والعقاقير ، لايزال الفيروس العنيد يسبقهم ، بل أنه ترك بصمته على نظم الأبحاث العلمية فى العالم ، وبعد أن كان البحث يستغرق شهورا طويلة لقبول نشره بالمجلات العلمية الكبرى ، أصبحت هذه المجلات تكثف جهودها لسرعة مراجعة أبحاث كوفيد -19 ، وسرعة نشرها فى أقصر وقت، حتى يستطيع العلم اللحاق بالفيروس المراوغ ..

ود.شريف مختار ، هو رائد طب الحالات الحرجة فى مصر والوطن العربى، وأحد أهم المتخصصين فى أمراض القلب فى العالم العربى ، وهو مؤسس أول وحدة بمصر والشرق الأوسط لطب الحالات الحرجة ، أو وحدة شريف مختار التى أصبحت منذ تأسيسها قبل 40 عاما ،وحتى الآن ، علامة مسجلة يفخر بها قصر العينى بل ومصر كلها.. وحتى الآن لا يزال د.شريف مختار هو الأب الروحى للوحدة ، يتواجد بها يوميا ،يعالج مرضاه، ويعلم الأطباء، وينقل خبرته وعلمه لتلاميذه، كما أسس أيضا الكلية المصرية لأطباء الرعاية الحرجة بهدف المساهمة فى إنقاذ حياة المصريين من خلال التوعية بأسباب ومخاطر أمراض القلب وكيفية الوقاية ..

وبعيدا عن الطب فالدكتور شريف مختار حكيم وفنان وعازف بيانو ، وصاحب شخصية موسوعية ورؤية فلسفية بعيدة النظر، تجعلك تستمتع بالحوار معه ، وتتعلم منه الكثير .
 

وأبدأ حوارى بالطب ، لأسأل د. شريف مختار عن الكائن العنيد المراوغ الذى شغل العالم وحير العلماء ، أسأله عن فيروس كوفيد-19 الشهير بكورونا ، من واقع تخصصه كطبيب أمراض قلب؟

لحظة صمت ينتقى خلالها كلمات، ليجيبنى بدقة العلماء: نعم هناك علاقة مؤكدة بين فيروس كوفيد-19 والقلب ، فهناك تأثير مباشر ، حيث يمكن أن يسبب الفيروس التهابا فى عضلة القلب،او اضطرابات فى نظم القلب او هبوطا فى الدورة الدموية،أو صدمة قلبية ، ولكن لحسن الحظ فهذه النسبة ليست كبيرة لا تتجاوز 4%-5% ، أما التأثير غير المباشر فهو ما يمكن أن يسببه الفيروس فى زيادة قابلية الدم للتجلط ، وهوتأثير يستمر حتى بعد التعافى لعدة أسابيع وربما شهور وقد يستمر لعام كامل عند بعض الحالات،ولحسن الحظ أيضا أننا نجحنا إلى حد كبير فى مواجهة هذه المشكلة من خلال بروتوكول العلاج الذى يشمل إعطاء مضادات التجلط لمدة ستة أسابيع على الأقل من بدء الإصابة..

ومن بين الآثار التى تؤثر على الرئتين أيضا ظاهرة سيتوكاين ستورم المصاحبة للإصابة بالفيروس، وهى بروتينات ضارة بالجسم تخرج أولا بهدف حماية الجسم ثم تتحول لعبء عليه، ونتعامل معها أيضا من خلال البروتوكولات العلاجية، ولكن فى بعض الحالات قد تتحول الإصابة فى الرئتين إلى درجة التليف وتزداد خطورة الحالة.

العلم يسابق

يعاود د.شريف الصمت قليلا، ثم يضيف مؤكدا: يجب أن نعترف أننا مازلنا نجهل الكثير عن فيروس كورونا، وهذا ما جعل العلماء يسابقون الزمن، فى إنجاز أبحاثهم العلمية ، ودفع المجلات العلمية العالمية لسرعة النشر، حتى يستطيع العلم اللحاق بسرعة تطور الفيروس وتحوره، فبعد أن كان البحث ينتظر ستة أو سبعة شهور وربما أكثر حتى تتم مراجعته بالمجلات العلمية والسماح بنشره، فإن الأبحاث الآن أصبحت أكثر سرعة فى القبول والمراجعة والنشر من خلال خبراء متخصصين بهذه المجلات العلمية يكثفون جهودهم لسرعة مراجعة الأبحاث وقبولها خلال شهر أو شهرين أحيانا.

وماذا عن دور اللقاحات؟

يجيب بسرعة : ضرورى جدا،وحتى الآن لا توجد لدينا طريقة أخرى للمواجهة سوى اللقاحات التى تقلل بالفعل من حدة الإصابة فى نسبة كبيرة من الحالات،وأهميتها تزداد لدى مرضى الأمراض المزمنة لضعف مناعتهم وخطورة الفيروس عليهم.


سر النجاح

بعيدا عن فيروس كورونا ، نعود إلى وحدة شريف مختار التى أسستها وافتتحتها أوائل الثمانينيات ، ومازالت تحافظ على سمعتها ونجاحها وتفوقها طوال هذه السنوات، فما السر فى ذلك ؟

يبتسم بتواضع قائلا: النجاح بصفة عامة له شروط وعوامل كثيرة، أولها وأهمها أن تؤمن بالفكرة وتتفرغ لتنفيذها وتتحمل المخاطر وتكون قدوة لتلاميذك ، وهذا ما فعلته، فمنذ إنشاء الوحدة قررت أن أكرس لها كل وقتى ، ولا أعمل بمستشفيات خاصة ، فكنت أتواجد بها يوميا من 9 صباحا وحتى 6 مساء ،مع المتابعة الدقيقة لكل شىء وعدم ترك أى شىء للصدفة ، أيضا الاهتمام بالتفاصيل يعد أحد أسرار النجاح والتميز ،فإلى جانب التجهيزات الطبية والكوادر البشرية ، كان هناك اهتمام فائق بشكل المكان ونظافته ،بل وديكوراته ، حتى أننى اتفقت مع الفنان إبراهيم عبد الملاك على رسم أبواب الوحدة كلمسة جمالية داخل الوحدة.

والحقيقة أن الأهم من النجاح ، هو استمرار النجاح ، فدائما ما نرى مشروعات ومبادرات كثيرة تبدأ ناجحة قوية، ثم تفقد هذا النجاح تدريجيا، فالحفاظ على النجاح يحتاج جهدا مستمرا، وحرصا على التطوير الدائم ومواكبة الجديد ، بالتعليم المستمر، واكتساب المهارات الجديدة،والانتماء الحقيقى للمكان .

والحمد لله استمر نجاح الوحدة ، وكنا فى البداية نعتمد على الدولة ، ثم أدخلنا العلاج بأجر بنسبة 45% ، بينما 55% مجانى.


مبررات اليأس

ضعف الإمكانيات وصعوبة الظروف فى الدول النامية ،قد تصيب البعض باليأس وتدفعهم للهجرة أو بالأصح الهرب ، فكيف تعاملت مع هذه الظروف خاصة أنك درست وعشت فترة من شبابك بأمريكا ؟

النجاح الحقيقي هو الذى يتحقق فى وجود الصعوبات والتحديات، والشجاعة الحقيقية هى استمرار القدرة على العمل رغم وجود مبررات اليأس،ولذلك فقد اعتدت دائما أن أنحّى المتاعب جانبا ولا أفكر فيها،وأنظر أمامى فقط حتى أستطيع مواصلة العمل،

ما علاقتك بالمركز حاليا ؟

تركت رئاسة القسم عام 2000، وظللت مديرا للوحدة حتى عام 2007،وبعدها تركتها إداريا، لكنى لم أتركها فنيا،فما زلت الأب الروحى للوحدة ،أتواجد بها 3 أيام أسبوعيا،وألتقى بتلاميذى ومرضاى وأنقل خبرتى للجميع، ونتابع ونناقش كل المستجدات الطبية والعالمية معا، ومنها مستجدات فيروس كوفيد 19، وغيره،.

وبعد لحظة صمت يضيف: قصر العينى جزء مهم من حياتى، لا أستطيع الغياب عنه، وحينما أصبت بفيروس كورونا منذ عدة شهور،كانت معاناتى النفسية أكبر من الجسدية لأنى انقطعت عن الذهاب للوحدة فترة طويلة، فأنا لا أحتمل التوقف عن العمل.


مواجهة السكتة القلبية

أسست الكلية المصرية لأطباء الرعاية الحرجة، ومن بين أهدافها مواجهة حالات الموت المفاجئ، فكيف تقومون بذلك؟

بعد أن أسست تخصص طب الحالات الحرجة وأنشأت الوحدة ، انتشر التخصص وأصبح له تلاميذه،فوجدت ضرورة وجود رابطة علمية تجمعهم لتبادل الحوار والتواصل مع نظرائهم فى العالم، وبالفعل أسست الكلية المصرية لأطباء الرعاية الحرجة،والتى تبنت عدة مشروعات من أهمها المشروع المصرى لمواجهة مخاطر السكتة القلبية،بهدف إنقاذها فى الوقت المناسب،أو الوقاية منها.

وما السبب فى انتشار حالات السكتة القلبية بين كل الأعمار،وحالات الموت المفاجئ بين الرياضيين فى الملاعب وصالات الجيم ،وكيف تتم الوقاية؟


أولا هناك عدة أسباب للظاهرة، أولها أسباب معروفة مثل انتشار أمراض السكر والضغط،والقلق المستمر وزيادة افراز هرمون الأدرينالين ، نتيجة اللهاث الدائم والمحموم وراء المال،والذى يدفع الإنسان ثمنه من صحته،وبالطبع التدخين وما يفعله بجسم الإنسان تدريجيا دون أن ندرى، خاصة أننا من أوائل الدول فى انتشار التدخين.


أما التفسير الآخر فيرتبط ببعض الأمراض الأقل شيوعا،التى لم يكتشفها أصحابها وتجعل القلب عرضة للتذبذب البطينى،مثل التضخم الوراثى فى عضلة القلب،أو تمدد كهف البطين نتيجة التهاب فيروسى أو اضطرابات كهرباء القلب.


الإنقاذ والوقاية


وما الذى تقدمه كلية أطباء الحالات الحرجة لمواجهة هذا الخطر؟

أولا ننظم دورات إنقاذ لتدريب أكبر عدد من الأطباء والتمريض والأفراد العاديين على أساسيات إنعاش القلب الأساسي والمتقدم،لإنقاذ حالات السكتة المفاجئة قبل وصولها للمستشفى،كما نقدم جهودا فى الوقاية،بعمل قوافل طبية بالمحافظات لفحص 200 مريض يوميا،ونبحث من خلالها عن الأشخاص المعرضين للخطر ،بالكشف عن التاريخ الأسرى لأمراض القلب والموت المفاجئ،وعمل الموجات فوق الصوتية والرنين المغناطيسي والمسح الذرى والقسطرة القلبية،والتعامل المبكر بالعلاج، أو تركيب منظمات القلب المبرمجة إلكترونيا والتى تتعرف على التذبذب البطينى وتنهيه فورا بالنبضات المبرمجة، وأذكر أننا اكتشفنا شابا عمره 15 سنة، توفيّ جميع أخوته بشكل مفاجئ، بسبب أمراض وراثية بالقلب، واكتشفنا أن الشاب نفسه يحمل نفس المرض ومعرض للسكتة القلبية فى أى وقت ،وسارعنا بتركيب جهاز صدمات له كأحد الحلول الطبية الوقائية، وآخر قافلة قمنا بها كانت بمرسى مطروح الأسبوع الماضى، وكل ذلك يتم بامكانياتنا وبالعائد البسيط من دورات التدريب.

هل هناك تعاون بين هذه الكلية وبين الجهات الحكومية؟

هناك تعاون، لكنى أتمنى تحقيق ما طالبت به كثيرا،وهو تغيير النمط المتكرر فى شهادات الوفاة،والذى يكتفى بذكر»هبوط حاد فى الدورة الدموية»،وأن يتم تحديد أسباب الوفاة بدقة،كنوع من الإحصاء لحالات السكتة القلبية واكتشافها ،واكتشاف غيرها من الأمراض والتواصل مع الأهل بعد الوفاة لمعرفة التاريخ المرضى للأسرة،ونحن ندعو الأسر التى تكررت فيها حالات الموت المفاجئ للاتصال بالكلية المصرية لطب الحالات الحرجة من خلال رقم 23641459 ، لإجراء الفحوص إذا لزم الأمر.


جائزة النيل

الطبيب والرائد والمؤسس د.شريف مختار بكل إنجازاته للطب والعلم والمرضى ،لم يفز بجائزة النيل ،ألا يحزنك هذا؟


بعد لحظة صمت يقول: أولا وقبل أى شىء، أؤكد أن كل ما حصلت عليه من تقدير أدبى من أساتذة معاصرين ومرضى يكفينى جدا .


أما بالنسبة لجائزة النيل، فقد رشحتنى الكلية لها أكثر من مرة،ولكن هناك معيار للاختيار للجائزة تم وضعه منذ سنوات، وهو ارتباط الجائزة بمعيار النشر الدولى،وأنا شخصيا نشرت أكثر من 400 بحث،معظمها كان محليا،لانشغالى فترة طويلة من حياتى بإنشاء وتأسيس الوحدة الأولى من نوعها، والوصول بها إلى ما وصلت إليه،وهو ما تطلب وقتا وجهدا وتفرغا،والحمد لله أنا سعيد بكل تقدير حصلت عليه ، وكل جائزة فزت بها، فقد حصلت على جائزة الدولة التقديرية وجائزة الأيسيسكو وجائزة الجامعة التقديرية وجائزة التميز العلمى (الأستاذ المتميز)، وغيرها.


أعرف انك من عشاق القراءة وتهوى الفن وتعزف البيانو،فكيف تجد الوقت لكل ذلك ؟

يبتسم قائلا : الأسرة والبيئة التى نشأت فيها كان لها دور كبير فى ذلك ، فقد ولدت أثناء الحرب العالمية الثانية،وكانت مصر تعيش ظروفا صعبة،فتفتحت مداركى على حب القراءة والمتابعة والاطلاع، وكنت طوال طفولتى وشبابى «رايح جاى على سور الأزبكية»..وأذكر أننى أنفقت نصف راتبى الأول على شراء الكتب الأدبية التى لا علاقة لها بالطب. أما بالنسبة للموسيقى، فقد كان أبى مهندسا معماريا..يعشق الفن والتراث المعمارى،ويرسم ويعزف العود، وأمى أيضا كانت خريجة مدارس فرنسية تحب الموسيقى وتعزف البيانو،وكان البيانو جزءا أساسيا من أثاث بيوت كثيرة فى ذلك الوقت،فكان طبيعيا أن أرث النزعة الفنية،وبدأت أعزف البيانو من سن 12 عاما وحتى الآن.


الثقافة تشكل الفكر

كيف يمكن أن تكون القراءة وسيلة للتغيير وليست مجرد هواية؟

الثقافة والمعرفة ليست مجرد قراءة كتب،فالأهم من القراءة هو مدى تأثرنا بما قرأناه وما يحدثه من تغيير فى تشكيل الفكر والوجدان،وقد كنت بعد قراءتى للكتب أخرج منها ببعض الحكم والمعانى وأظل أرددها حتى تصبح جزءا من قناعاتى.. وأشعر الآن بمنتهى الحزن حينما أجد دور المكتبة اختفى ولم تعد مصدر ثقافتنا..

بل أصبحنا نستقى ثقافتنا من الفيسبوك..وهى ثقافة سطحية تهدد الفكر والوعى، ولا تترك الأثر الإيجابى الذى يحدث التغيير فى الفكر.


كثيرا ما نجد أطباء مبدعين ومفكرين ، أولديهم هوايات فنية وأدبية، فما هو السر ، وهل هناك علاقة بين الإبداع الفنى والعلمى؟

بابتسامته الهادئة يقول: رأيى الخاص أن الطبيب بطبيعته فنان ،لأن مهمته الأساسية البحث عن الكمال والجمال من خلال مداواة الجراح ورأب التصدعات وإصلاح التشوهات، والإبداع الفنى يساعد على الإبداع العلمى، والأطباء كانوا فى الأصل طلابا متفوقين دراسيا ، ولهم اهتمامات ثقافية وفنية ،وهناك نماذج عديدة عالمية ومحلية للأطباء المبدعين،مثل ألبرت شفايتزر الذى كان طبيبا وفيلسوفا وموسيقيا وحصل على جائزة نوبل ، ودكتور إبراهيم ناجى ودكتور مصطفى محمود ، ودكتور يوسف إدريس، ودكتور كامل حسين طبيب العظام الشهير الذى كان أديبا أيضا وحصل على جائزة الدولة عن كتابه العظيم «قرية ظالمة»، ولديه أيضا كتابه الرائع وحدة المعرفة ، وغيرهم الكثير محليا وعالميا.


أرى فى شخصيتك جانبا مثاليا لا يمكن إغفاله ، فما السر فى ذلك؟

نعم أعترف أننى أحن كثيرا لزمن المثاليات ، وأؤمن بأن المتعة الحقيقية فى الوصول إلى حالة السعادة الأبدية التى يتخلص فيها الإنسان من كل رغباته وأطماعه، والحقيقة ان أمى هى صاحبة الفضل فى هذه الرؤية ، فقد توفى أبى مبكرا فى سن 35 عاما..وكنت وقتها فى الثالثة وأخى الوحيد فى التاسعة،وكان على أمى رغم صغر سنها تحمل مسئوليتنا،وقد كانت بالفعل شخصية قوية وتحب الكمال فى كل شىء ،فحرصت على تربيتنا على المثاليات،وهى صاحبة الفضل فى تشكيل شخصيتى وساعدتنى هذه التربية على محاولة التمسك بالكمال طوال حياتى..ومعرفة أن قيمة الإنسان الحقيقية ترتبط بإيمانه بالمثل العليا..وهو ما سعيت لتطبيقه طوال حياتى الخاصة والعملية.


دولة عظيمة


من واقع خبرتك وقراءاتك ، ما الذى طرأ على الشخصية المصرية ؟

بداية تغير الشخصية المصرية حدث مع الانفتاح ، الذى سهّل الحصول على المال وجعل المصرى يتحول من مبدع فى عمله، إلى شخص يسعى وراء المال ويستطيع تحقيقه بلا مقومات ،فتراجعت قيمة العمل والإبداع، هناك أيضا أخلاقيات الزحام والمنافسة،التى أدت لتضاؤل فرص العمل والحياة،فتحول التنافس الشريف إلى تنافس شرس وصراع بقاء.


ويضيف قائلا: أنا مؤمن أن مصر بها كل الامكانيات التى تجعل منها دولة عظيمة حتى وإن لم تكن عظمى،وشعبها لديه القدرة على الإبداع،والدليل أن محمد على أنشأ جيش مصر بالفلاحين، وهدد الامبراطورية العثمانية، فكان لابد من التآمر عليه،أيضا ثورة يوليو ألهمت ثورة كوبا وكل ثورات الشمال الأفريقى فكان لابد من حصار مصر ،والحقيقة أن العالم «مش عايز مصر تغرق ولا تئب»، فصعودها معناه خطورة على المنطقة،وسقوطها أيضا خطر،لأنها عامل استقرار وعمود الخيمة للأمة العربية. مصر ستتقدم كثيرا ،ويسعدنى أن أجد الآن اتجاها لتنفيذ مشروعات ضخمة كان الكثيرون يرونها مستحيلة لكن إصرار الرئيس السيسي على تحقيق أحلامه يثير إعجابى .


لم أورث الطب

دائما ما نجد كبار الأطباء يحرصون على توريث المهنة لأبنائهم، فماذا عن أبناء د. شريف مختار؟


يبتسم قائلا: قد تندهشين حينما تعرفين أن ابنتىّ ريم ونورهان لم تفضلا دراسة الطب،ودرستا الاقتصاد والإعلام بالجامعة الأمريكية ، وحتى زوجتى ليست طبيبة بل مهندسة زراعية ، وأنا سعيد بهذا التنوع العلمى داخل بيتنا.


أشعر بالحزن


عطاؤك لا يتوقف ، فما هى أحلامك الآن؟

الحقيقة أننى اشعر بالحزن وأنا أرى شباب الأطباء لا يشغلهم إلا الطموحات الشخصية، ونسبة كبيرة منهم تفكر فى الهجرة خاصة مع فتح الأبواب للأطباء المصريين فى دول عديدة مثل انجلترا،وكل ما أرجوه أن يتجاوز الشباب طموحاتهم الشخصية لطموحات أرقى وأكبر فى تقديم إضافة داخل بلدهم وهو ما سينعكس عليهم أيضا على المستوى الشخصي،فلابد من تقوية الشعور بالانتماء،لأن مصر بلد كبير وصاحبة تاريخ عريق وتستحق بذل الجهد.

أتمنى أيضا أن تستمر «الكلية المصرية لطب الحالات الحرجة» فى العمل ولا ترتبط بوجودى فقط. أما على المستوى الشخصى،فأنا لا أستطيع الحياة بدون عمل،فالعمل هو حياتى وقصر العينى بيتى.


ويسرح قليلا ثم يبتسم قائلا: أشعرأننى مثل راكب الدراجة،لو توقفت عن التبديل سأسقط فورا.

اقرأ أيضاً|الصحة العراقية: موجة كورونا الجديدة تسهدف غير الملقحين

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة