محمود عطية
محمود عطية


يوميات الأخبار

اهدأ واسترح

د.محمود عطية

السبت، 15 يناير 2022 - 07:33 م

«أما مصيبة المصائب حين ضحك عليها بدعوى جمالها الفتاك ودشن لها أعبط مسابقة عرفها التاريخ باسم «ملكة جمال الكون»

اسمع منى ولا تتعصب وتهرى وتَنكت فى نفسك وتعيد وتزيد فى كلامك وتشرح وتؤكد لهم وتقسم بأغلظ الأيمانات.. استرحْ واهدأ فلا أحد يسمع ولا أحد ينصت ليستوعب ما تقول ويفهم وجهة نظرك وما تريده بالضبط.. فالكل مشغول بنفسه وبما عنده، والكل مهموم بمحاولة إثبات أنه مظلوم وأنه حسن النية وعمل كل شىء لكن «مفيش فايدة»..!


 ولا تظن أن هزة رأسه من فوق لتحت تعنى أنه فاهم وسامعك ويستوعب ما تقوله بالأدلة والبراهين.. لا تظن  ذلك؛ لأنه غالبًا مشغول بتجهيز رده عليك وعلى ما تقول.. وهزة رأسه هى حركة عصبية للتركيز والاستعداد للحديث فور أن تصمت وينتظر الفرصة لتأخذ نفَسك من الكلام لينقضَّ سريعًا بردِّه  على ما قلته.. مع أنه لم يستمع جيدًا ولم يستوعب كل ما قلته.. وفى أفضل الأحوال هو استمع لبداية حديثك وعض على كلمة أو كلمتين ولم يلتفت لبقية كلماتك وراح بينه وبين نفسه يتعجب من كلماتك وحديثك دون أن يركز معك على بقية ما قلته..!  ألم تلحظ فمه المفتوح المتحفز فى غير وقته وهو علامة استعداد ليخطف الحديث منك ويلقى عليك وجهة نظره وبوضح لك ويتكلم ويعيد ويزيد ويبرر ويشرح بإسهاب لا خائفا ولا وجلا وكأنه استوعب كل حديثك وعجَنه وخبَزَه. وفجأة يقاطع حديثك قبل أن تتمه قائلًا: بدون قطع كلامك..!


ومرة ثانية لا تنزعج.. فهو غارق دائمًا فى نفسه باكٍ عليها متذمر على حاله وما آل اليه.. ولم يتعب نفسه يومًا ليدرك أنه كان أحد أهم أسباب بؤسه وعدم رضاه وما يعانيه من شظف العيش ومن ظلم وغبن فى العمل والبيت وفى الشارع بل وفى المنزل أيضًا..!
 ولا تتعب نفسك بالسؤال المنطقى: لماذا لم يدفعه عدم رضاه وأسفه على حاله ليجتهد يومًا لتغيير واقعه؟!.. ولماذا يستمر فى الشكوى ولوم الزمان ويطرب لسماع الأغانى الشعبية المليئة بالصعبنيَّات من غدر الزمان وعدم وفاء الأصدقاء وخيانة الرفقاء والأصدقاء وعدم لعب الزهر له ولعبه لغيره دون أسباب إلا نكالًا فيه ورميه بعيدًا مع قلة حيلته وضياع المروءة..؟!


الخميس:
حسن نية
حاول «البنى آدم» منذ أن وعى نفسه وحيدًا العثور على من يؤنس وحشته ويلين الصعاب ويسانده على  نوائب الأيام ويسرِّى عنه.. فظهرت له حواء.. سلوته وحضنه الرطيب وجنته الموعودة.. وصارت حبيبته التى يلتصق بها التصاق الوليد بأمه ولا يطيق الابتعاد عنها ويبكى إذا رحلت عنه أو هجرته.. ويسوق عليها طوب الأرض لترجع إليه ويهدأ وترضى به.. حتى أطاعا الشيطان وأكلا من الثمرة المحرمة ونزلا إلى الأرض.. ثم قتل أخاه للفوز بها.


ولحسن نية البنى آدم - المشكوك فيها كثيرًا - ما زال يتوهم أن المرأة خلقت لمتعته الشخصية وعونًا له على مصائب الأرض وتبدلها.. فى الوقت الذى أصبحت هى بلوته الأزلية وهمه وغمه وسعادته وهناءه من جراء تخيلها لغزًا له.. ومع ذلك نراه فى أغلب الأحوال متعلقًا بها.. إذا رضيت عنه بات قريرًا مسرورًا.. وإذا غضبت عليه بات ملومًا محسورًا لا يعرف ليله من نهاره ولا يمينه من شماله.
باختصار بقيت حواء حالة تستحق الوقوف أمامها فى حياة الرجل.. فلا هو يطيق البعد عنها ولا يرتاح فى القرب منها.. وتحولت لديه إلى عقدةٍ من عقد الزمان.. ولغزًا ربما لا يريد حله أو معرفة سره.. وأنشد وأبدع فيها المعلقات والقصائد والروايات محاولًا رصدها لا تفسيرها.. وأصبح يخشى أن تتحكم فيه وتهجره وتزدريه، ولذلك أطلق على نفسه ألقابًا حتى يخيفها منه، مثل: «عدو النساء».. وألف روايات لنفيها من الوجود من عينة «عالم بلا نساء».. وحتى يخلى مسئوليته عن المعاصى التى يرتكبها للوصول إليها قال: «النساء حبائل الشيطان»، لكنه ثاب لرشده أخيرًا وأدرك أنه صار ضحية لها.. فقرر الانتقام وسرقة مميزاتها.


وفى رحلة انتقامه وسرقتها بعد أن «اندلق عليها أوى» حاول أن يهبلها بشتى الطرق ويجعلها مسخة أمام كل الخلق.. فاخترع بخبثه ما جعلها فرجة بين الناس.. وبكل طيبة قلب صدقت أن نيته صافية فى كل ما دبر لها بليل.. فمثلا تفنن الرجل فى إبعادها عن صناعة ملابسها.. وأنشأ بيوت أزياء أصحابها رجال لعمل ملابس على الموضة خاصة بها ولكل المناسبات السعيدة، والتعيسة أيضًا.. ملابس صنعها الرجال غالبًا تكشف ما تريد ستره.. وتستر ما تريد كشفه.. ملابس أشبه بالهلاهيل القماش.. تتسع وتنكمش وتضيق وتتحزق وترسم معالم جسدها ليلًا ونهارًا.. وأقام «ديفيلهات» عروض أزياء وتركها - يا عين أمها - تسير على ترابيزة طويلة والرجالة قاعده بتبحلق فيها وهى ترتدى كل ما هو عجيب وغريب من الملابس ويفطس من الضحك.. وجسدها قد ضمر تمامًا من الريجيم اللى اخترعه حتى ينهى عليها، وباتت «عضم على عضم» تتمايل وتترنح وهى تمشى كالسكران أو كمن يشكو وجعًا قديمًا فى رجله.. ولا نراها أو نحس بها تمشى فوق ترابيزة عرض الأزياء إلا من خلال الملابس المبهوقة التى ترتديها لتعرضها لنا على أنغام الموسيقى.. واللى ما يشترى يتفرج عليها والغلبانة بتتمختر  قدامنا.. ويا ريت عاجب.


أما مصيبة المصائب حين ضحك عليها بدعوى جمالها الفتاك ودشن لها أعبط مسابقة عرفها التاريخ باسم: «ملكة جمال الكون»، وجعلها - يا كبدى - تقف شبه عارية أمام تليفزيونات ودشات العالم.. علشان يختار أجمل الجميلات - أو أعبط العبيطات - فى سوق النخاسة الجديد المدار بالريموت كنترول.. ويعلن مقاسات صدرها وخصرها وطولها.. وتقف تبتسم كالأهبل فى الزفة.. ولا تدرى أنها أصبحت «جُرسة» قدام ملايين من عيون الخلق فى كل بقاع العالم.. حتى وإحنا قاعدين على القهوة بنتفرج عليها فى الدش وعنينا ح تاكل منها مية حتة.. وبمضى السنين سرق منها شهرتها فى العديد من الأعمال مثل الطبخ.. وصار أشهر الطباخين رجالة.. وكمان صناع ماكياجها ومصففو شعرها رجالة.. حتى المغنون المحدثون ينافسونها فى التقصّع وترقيص الجسد.. وتتم خطة سرقة المرأة علنًا وتتضح عبر تاريخ الرجل معها.. حتى شواذ أوربا وأمريكا يسهمون فى سرقتها.. لعنهم الله فى كل كتاب!
الثلاثاء:
لماذا نحن هكذا؟!
يقلقنى دائما تخيلنا أننا متأخرون لأننا بعدنا عن الدين وعن الله.. ونحن من أكثر شعوب الأرض صلاة ودعاء واحتفالا بالمواسم الدينية وإحياء للسنن.. ولا ندرك أننا متأخرون لعدم أخذنا بأسباب الحضارة، وأخذنا بأسباب الخطاب الدينى السلفى الذى يصور لنا أننا بمجرد تمسكنا بالدين نسيطر على أبواب العالم والعلم.. وننسى أن علماء الإسلام: ابن سينا والكندى والفارابى وغيرهم تمسكوا بالدين ولم يتركوا معامل العلماء، وبحثوا ونقَّحوا واجتهدوا فى الأرض حتى انفتحت لهم مغاليق العلم، ولم يكتفوا بالدعاء وصاحبوه بالعلم والعمل...ولا أستوعب كيف يُطربنا سماع أننا خير أمة أخرجت للناس.. ولا نفهم أننا نكون خير أمة أخرجت للناس حين نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.. والمعروف يمكن أن يكون بالحضِّ على العلم والعمل، والنهى عن المُنكر يكون بالبعد عن كل ما يقتل وقتنا، وبالتصدى لمافيا المخدرات، والحضِّ على عدم التهرب من الضرائب.
  وبأفكارنا الخبيثة ننزعجُ لشفافية فستان الفنانة إياها وصدر الفنانة الناهد البضِّ خلف الثوب الأحمر.. وتتعالى أصواتُ السلفيين والسوشيال ميديا وأدعياء الفضيلة والشرف، ولا يزعجهم ما يقومون به من مخالفات البناء وتبوير الأرض الخضراء، ولهف ميراث الأنثى، وتقاتل العائلات الغبي، والرشوة، وعدم احترام المرور، وإلقاء القمامة وسط الطريق.. ويأخذ ضميرُهم إجازةً مفتوحةً أمام مستشفى الأطفال الذى يصرخ طالبًا التبرع لنقص أدوات العلاج وأسرَّته..
الإثنين:
قانون الفوضى
يبدو أن ميادين «الجلاء رمسيس الموسكى» لها قانونها الخاص وأصبحت عصية على أن تصبح من مدن القرن الواحد والعشرين.. علاة على انها تخرج لسانها لما يجرى من محاولة ترتيب وتنظيم القاهرة.. وما ينظمها هو قانون الفوضى واحتقار كل انواع القوانين.. ويصدمك حين تسمع ان من يتحكم فيها مجموعة من البلطجية وهى سُرة القاهرة وتضم  مبانى تاريخية اثرية وهى من أهم ميادين القاهرة وأكثرها حيوية.. لكنها ترزح  تحت سطوة اللامبالاة وسير المارة بها يشعرك كأنهم مخمورون من الازدحام العشوائى وسرقة الباعة الجائلين لأرصفة المارة والمواقف العشوائية.. ويصبح السير هناك كابوسا مخيفا خاصة فى أوقات الذروة وتفشى الجلطات المرورية التى تسيطر بلا رحمة وضوضاء الكلاكسات وعوادم السيارات والأتربة التى تتطاير مشكّلة شبورة رمادية تلوث المكان وتؤزم المارة. ووسط كل هذه الملوثات السمعية والبصرية ومسببات الحساسية قد تستغرق مدة المرور بالسيارة من المكان ما لا يقل عن نصف ساعة مسببة العطلة والضغط النفسى والعصبى للمواطنين وهدرا بلا داع لوقود السيارات.
من أمثالنا:
• الراجل الخايب خلفته كتير، والبطيخة القرعة لبها كتير.
• عيوبى مش شايفها وعيوب الناس أجرى وراها.
• اللى ملكش فيه ما تنحشرش فيه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة