وظائف المستقبل
وظائف المستقبل


مصر تُسابق الزمن لتأهيل أجيال قادرة على مواكبة السوق العالمي

وظائف المستقبل «شكل تاني».. تقارير دولية: 85% من وظائف 2030 لم يتم اختراعها

أميرة شعبان

الخميس، 20 يناير 2022 - 07:36 م

«المواءمة بين المُخرجات التعليمية ومتطلبات سوق العمل» قضية كبيرة ظلت الدولة لسنوات محاولة تطبيقها لتهيئة الشباب لسوق العمل وتحفيزه على التفكير فى العمل غير التقليدي، إلا أن الأمر خلال الآونة الأخيرة أصبح ضرورة ملحة خاصة بعد التغيير التكنولوجى بشكل عام والرقمنة على وجه الخصوص، والذى أدى إلى تغير هيكلى فى أسواق العمل، وفى عملية الإنتاج والتخصصات المطلوبة.

وبالتالى فإن تقليل الفجوة بين متطلبات سوق العمل والتعليم والمهارات التى يكتسبها الطلاب والشباب، أصبحت الشاغل الحالى كل قطاعات الدولة، ومنها وزارة التعليم التى أصدرت مؤخرا «كتيب وظائف المستقبل» لتعريف الطلاب منذ المرحلة الإعدادية على طبيعة الوظائف الجديدة المفروضة على العالم ككل.

وفى هذا التحقيق تسرد «الأخبار» الوضع الحالى وتناقش الخبراء حول متطلبات تلك «الوظائف المستقبلية»، وكيف يمكن إكسابها للطلاب.
 

لم تكن فكرة اختفاء الوظائف التقليدية واستحداث أخرى لم يرها سوق العمل من قبل،  بعيدة عن دراسات الشركات الكبرى طوال السنوات الماضية، ففى عام 2017 أصدرت شركة Dell للتكنولوجيا تقريرا يؤكد أن 85٪ من الوظائف التى ستكون متاحة فى عام 2030 لم يتم اختراعها حتى الآن وأنه من المقرر أن يصبح المشهد التكنولوجى غير معروف على مدى السنوات الـ 13 المقبلة، وأن الاستعداد  لتغيير المهن سيكون سمة مهمة فى سوق العمل فى المستقبل.


أما فى عام 2019 فوجد فريق من الاقتصاديين فى معهد ماكينزى العالمى أن الآلات الذكية ستصبح أكثر انتشارًا فى كل عمل وأن ما يقرب من 40٪ من الوظائف من المحتمل أن تتقلص بحلول عام 2030، وتظهر وظائف أخرى تستفيد من التقنيات الجديدة مثل مطورى البرمجيات والمتخصصين فى أمن المعلومات، بينما تختفى أخرى كالمحاسبين فيجدون أن وظائفهم قد ألغيت تدريجياً.


وهى ذات الفكرة التى أشارت لها مؤخرا د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط، حينما أوضحت أن تقرير منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية أوضح أنه بناء على عملية الأتمتة التى تحدث فهناك 14% من الوظائف معرضة للخطر، وهناك 32% من الوظائف تحتاج إلى تكثيف الجهود لتغيير المهارات ليستطيعوا مواكبة سوق العمل الجديد.


جهود مصرية


من أجل الاستعداد لمواكبة هذا التغير الكبير فى متطلبات سوق العمل، بدأت مصر جاهدة فى تهيئة الشباب منذ خطواتهم الأولى فى التعليم، فقد أكدت د.هالة السعيد فى تصريحاتها أنه يتم ربط التعليم الفنى فى المدارس بالمشروعات القومية، مثل ارتباط عدد من المدارس التطبيقية بالمناطق الصناعية مع وزارة الصناعة، كما أنه ولأول مرة فى مصر ستكون هناك مهارات قطاعية، ومجالس تشرف على المهارات المطلوبة فى كل قطاع، بهدف ضمان الحصول على خريجين ملائمين لسوق العمل.


أما الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، فقد أعلن مؤخرا عن إدخال كتيب جديد لطلاب المرحلة الإعدادية تحت عنوان «وظائف المستقبل»، وعقب انتشار الجدل حوله خرج الوزير ليوضح طبيعة تعريف الطلاب على وظائف المستقبل، وذلك فى منشور على صفحته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» قائلا: «لن يحدث تغيير فى مناهج المرحلة الاعدادية، وموضوع «كتيب وظائف المستقبل» هو مجرد كتيب وليس منهجًا جديدًا كى يتعرف الطلاب على هذه الوظائف قبل اتخاذ قرار بعد الثالث الاعدادى فيما إذا كانوا يريدون الاستمرار فى التعليم العام أم فى  التعليم الفني».


وأوضح أن ذلك ليعرف كل طالب أن للمستقبل وظائف أخرى غير الموجودة حاليا تماما، وتفكير الوزارة فى هذا الشأن يستهدف الحد من بطالة الخريجين، ليختار كل منهم وظيفة تتناسب معه مستقبلا، ويعرف ماذا يحتاج ليفعله، سيجعل طالب الإعدادية يحدد مسار التعليمى قبل المرحلة الثانوية، ليعرف مستقبله الوظيفى وينمى نفسه بما يتناسب مع الوظيفة التى يحلم بها، على أن يتم شرح وظائف المستقبل بشكل علمى وبالتفصيل لتوسيع مدارك الطالب وعقليته تجاه كل وظيفة منها.


مهارات جديدة


فى إطار ذلك تواصلت الأخبار مع مجموعة من الخبراء لمناقشة تلك الخطوة الهامة فأكدت الخبير التربوى، د.بثينة عبد الرؤوف أن إتاحة الفرص لطلاب المدارس للتعرف على المهارات المطلوبة لسوق العمل فى المستقبل خطوة مهمة جدا وكان ينبغى أن يتم اتخاذها منذ أعوام مع أولى خطوات تطير المناهج، كما أنه لا يوجد مانع من دمجها داخل المنهج ذاته وليس فقط ك «كتيب جانبي» لأن هناك فرقا كبيرا بين تلقى المعلومة فى منهج دراسى وبين الاكتفاء بالاطلاع عليه.


وأشارت إلى أن أهم مهارة على الطلاب اكتسابها منذ الصغر هى «السعى للمعرفة والابتكار»، لأن العالم فى تطور وتغير كبير وربما يكتسب الطالب أو الشاب مهارة محددة الآن، إلا أنها بعد 10 سنوات لن تكون مطلوبة، مثل الذى يكتسب مهارة تصنيع السيارات الكهربائية ثم يجد العالم بتجه إلى العمل بالطاقة الشمسية، وهنا مهارة المعرفة وحب الابتكار هى ما ستدفعه إلى مواكبة هذا التطور وتعلم كل ما هو جديد فى مجال التصنيع ككل، لذا على الشباب المصرى أن يعى أن المهارات الفكرية هى أساس نجاحه فى أى مجال مستقبلا.


وأوضحت د.بثينة أن الأهالى فى الوقت الحالى لازالت مرتبة بفكرة المناهج التقليدية ونمط التعليم القديم لذا نجد عدم استيعاب للتطويرات، وهو الأمر الذى لابد أن تدركه الدولة بكافة قطاعاتها التوعوية لكى يتم بث الأفكار الجديدة فى كل أسرة مصرية بطريقة مبسطة من خلال التوعية المباشرة، وأضافت قائلة «إذا أردت إقناع الأهالى بنمط تعليمى جديد ومناهج مطورة، واعلامهم بضرورة اكتساب أولادهم مهارات جديدة، علينا اذا استغلال أماكن تواجدهم مثل سيارات حملات الكشف المبكر ومثل أماكن التجمعات فى الهيئات، لإن المواطن يثق بشكل كبير فى التعامل المباشر الذى يتيح له الاستفسار والنقاش، فلا يوكن مجرد قرار فوقى وعليه تنفيذه».


التعليم والعمل


أما الخبير الاقتصادي، السيد خضر، فأوضح أن الوظائف فى المستقبل تحتاج بشكل كبير وضرورى إلى الربط بين التعليم وبين سوق العمل، وهذا لن يحدث إلا منذ البداية بتعريف الطلاب أولا على سوق العمل الجديد والمهارات التى يتطلبها، موضحا أنه مع التحول الرقمى والتوسع فى التجارة الالكترونية هناك العديد من الظائف التى ستختفى على مستوى العالم، وسيستقطب قطاع التجارة الالكترونى عمالة كبيرة جدا سواء مباشرة أو غير مباشرة..

وأضاف أن عدم اكتساب الشباب للمهارات الجديدة هو سبب وجود خريجين مهاراتهم غير مواكبة لسوق العمل تماما، خاصة وأن الشباب فى الآونة الأخيرة يفضل الربح السريع وتحقيق الشهرة والثراء عن طريق صناعة الاعلان والمحتوى الفاسد الذى يقوم على تصدير شخصيات غير مؤهلة تزرع داخل الشباب عدم ثقة فى التعليم ككل، لأنه حقق أرباحا سريعة دون الحاجة لشهادة أو مهارة، وهذا أمر كارثى علينا ان نواجهه مبكرا عن طريق تسليح الشباب بالمهارات التى يستطيعون من خلالها المنافسة فى سوق العمل.


تحديات وحلول


أوضح خضر أيضا أن الاقتصاد المصرى مختلف عن بقية الاقتصادات فهو يتميز بالتنوع، فلدينا قطاعات عديدة مختلفة كما أن لدينا مساحات جغرافية سيتم استغلالها فى قطاعات الانتاج الزراعى والحيوانى والاسماك، وهو يحتاج إلى عملية تنسيق متطلبات تلك القطاعات لكى يتم تسليح الشباب بها وإعطاؤهم منح وحوافز تجذبهم إليها.


وأشار إلى أن القطاع الخاص على وجه التحديد من أهم القطاعات التى سيكون لها دور كبير فى توفير فص عمل جديدة فى المستقبل، فهو قطاع مشارك داعم للتنمية الاقتصادية، ولكن الشباب منذ القديم يفتقد عنصر الأمان به والاستقرار الوظيفى به، فالبتالى الاتجاه إليه يكون بها مخاوف وتحديات، لذا هناك نسبة كبيرة من الشباب لازالوا يرتكزون على العمل فى القطاع الحكومي.


وأكد أن الحل يبدأ من التعليم قبل خطوة التخرج، فيتم عمل بروتوكولات تعاون بين القطاع الخاص والمدارس فى مصر، خاصة وأن الدولة تدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة لإنها عصب الصناعات الثقيلة وتستقطب عمالة كبيرة ومنتشرة فى كل مكان فى مصر.


تهيئة الشباب


من جانبها أكدت د.غادة خليل، مدير مشروع رواد 2030 أن مصر حاليا تشهد اهتمام كبيرا بالشباب وتهيأتهم لسوق العمل وتدريبهم على التسلح بالمهارات الجديدة التى ستساعدهم مستقبلا،  موضحة أن ذلك ما دفع مصر إلى الوصول  للمرتبة الثانية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث الاستثمار فى الشركات الناشئة، وهذه الشركات لا تقوم إلا بأفكار الشباب مما يعنى أن الشباب المصرى يخرج منه أفكارا متعددة مدروسة بشكل كبير وقابلة للتنفيذ، لهذا يقبل المستثمرين عليهم.


وتوضح أن المفهوم التقليدى للعمل لابد أن يتغير فالمستقبل لن يعرف الموظف التقليدي، بل الفرصة ستكون لمن يتسلح بمهارات رقمية وتكنولوجية قادرة على التطور والمواكبة مع الجديد بشكل مستمر، وهو ما ادركته الدول الغربية ولحقتها مصر والدول فى الشرق الأوسط.


وأشارت إلى أن مبادرة مثل 2030 هى مثال بسيط لما يمكن أن يكون عليه الشباب مستقبلا من حيث اكتساب مهارات البحث عن الأفكار ثم تطويرها وتنفيذها على أرض الواقع بمستوى عالمي.

اقرأ أيضاً | التخطيط: نسعى لزيادة الملتحقين بالمدارس الفنية لـ70% وفق خطة الإصلاح

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة