فرفش كده
فرفش كده


فرفش كده | شحتوت

الأخبار

الخميس، 20 يناير 2022 - 08:22 م

كتب: عبدالصبور بدر

الحكاية - بدون اختصار - أن والدى أنجب سبعة ذكور لم يسمح لهم الموت بأن يظلوا على قيد الحياة أكثر من عامين أو ثلاثة، ولكن حدث شىء عجيب حين دفن آخرهم عبد الصبور.

ذهب أبى إلى مكتب الصحة ليستخرج شهادة الوفاة وهو فى قمة الحزن، معتقدا أن اسمه ضاع إلى الأبد، ولن يحمله ابن من صلبه، وعندما شاهده الموظف بتلك الحالة، أشفق عليه، ورفض استخراج الشهادة، وطلب منه أن يعود إلى البيت وهو يقول له: زى ما ربنا خد منك عبصبور هيديك عبصبور غيره قريب!
وتحققت النبؤة العظيمة، وشرّفت أنا بعد سنتين تقريبا، وحملت اسم أخى وشهادة ميلاده، ودخلت المدارس وتعلمت وتزوجت وأنجبت ودخلت فى معارك كثيرة هزمت فيها بالنيابة عنه.. ولكن ما الذى حدث وجعلنى أنجو من مصير اخواتى السبعة؟

تقول أمى: إن حريم النجع تجمعوا حولها لحظة ميلادى، ونصحوها بأن «تشحتنى» من الله حتى يكتب لى الحياة ويحمينى من عيون الحساد: «عشان تعيش كان لازم اسميك اسم يكسف، وأرضّعك من لبن «مسلوبة»، وألف بيك سبعة بلاد بعدد اخواتك اللى ماتوا، حفيانة بهدوم مهلهلة أشحت العيش، وألبس فى رجلى حجل «خلخال حديد» ماقلعهوش واصل طول منا على وش الدنيا».

إقرأ أيضاً | فرفش كده | البحث عن «رأس السنة»

ارتدت أمى جلابية «مبهدلة» ثالث يوم ولادتى، وحملت فوق رأسها قفة كبيرة تكفى لجمع كميات الخبز، وانطلقت تجوب بى البلاد السبعة فى صحبة جدتى سعيدة.

قالت وهى تشير لوالدي: أبوك كان رافض، أسأله.. أهو قدامك.. قالى ماتطلعيش الشمش هتهلكك.. كان عايز يموتك!.. بس انا مسمعتش كلامه، وخبّطت على بيوت 7 نجوع وكلت اللقم اللى كانوا بيرموهالى، ولولا كده.. مكنتش عشت.

أما الاسم الذى أطلقته أمى على فهو «شحات» والدلع «شحتوت»، وأما السيدة العظيمة التى منحتنى بكل كرم لبنها فقد كانت «ست اخوات» والتى كلما كنت أصادفها أحس أنها أمى الحنونة، أصافحها، وألقى بنفسى فى رحم حضنها، وهى تطبطب عليّ وتقبل رأسى وتقول لي: شحات.. ابني!..
آخر مرة رأيت فيها أمى «ست اخوات»، طلبت منى أن أحضر لها كسوة «جلابية وشال»، قلت لها: من عنيا.. أنتى تأمرينى ياما.. ولكن الأيام لهتنى، ونسيت الندر، وشعرت بأنى ابن عاق حين خطفها الموت، ولم أوف بوعدى معها.

تاريخ ميلاد عبد الصبور يوافق الثانى من سبتمبر وكنت أحتفل به حتى وقت قريب، ولكنى قررت أن أتمرد عليه منذ ما يقرب من ثمانى سنوات لسببين، الأول: محستش إن برج العذاراء بيعبر عنى، والسبب التانى مش فاكره.
- أومال أنا اتولدت امتى؟

هذا هو السؤال الذى وجهته إلى أبى وأمى، ولأن «مخهم مش دفتر»، والسؤال بالنسبة لهم تافه ومالوش أى لازمة، لم يهتم أحدهما بالإجابة عليه ويعطينى «عُقاد نافع».. فكررت المحاولة مرة واتنين وتلاتة إلى أن قالت لى أمى، وهى تقلب السكر فى كوب الشاى، وتقدمه لوالدي:
- باااس.. افتكرت!
- امتى بقا؟
صمتت حتى تنصت إلى شفطة الشاى الأولى من كوب والدى وحين انتهى منها قالت:
- بالظبط بالظبط فى حصاد القمح!

فضلت أودى واجيب فيهم يمين شمال.. فى أول الحصاد، ولا فى نصه، ولا آخره؟.. إلى أن توصلت لنتيجة ليست سيئة، أن ولادتى تمت فى النصف الأول من أبريل، وحتى لا أرهقهم أكثر من ذلك، أخذت قرارا - مش فاهم دوافعه - إنه يوم 12، وبالفعل قمت بتغير يوم ميلادى على صفحتى الشخصية من 2 سبتمبر إلى 12 أبريل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة