عاطف زيدان
عاطف زيدان


أستاذ .. من يومه

عاطف زيدان

الأربعاء، 26 يناير 2022 - 08:29 م

رأيته للمرة الأولى ، فى صالة تحرير الأخبار بالدور الخامس ، منذ 37 عاما ، شابا جميلا أنيقا . كنت أعمل ضمن سهرة الكاتب الكبير الراحل جلال عيسى ، عندما شاهدت ذلك الشاب الجميل ، بالبدلة والكرافت يقرأ إحدى برقيات وكالات الأنباء ويضع عنوانا للخبر . وبعد أن انتهى ، ألقيت نظرة على الخبر الذى أعده وانبهرت من عنوانه الذى يتكون من ثلاث كلمات . سلمت الخبر لمدير التحرير وأنا اسأله : الشاب ده موهوب أوى ياريس ، شوف العنوان اللى عمله ؟ ابتسم الأستاذ جلال إعجابا وقال : ابن الوز... . سألت مين ده ياريس ؟ فأجاب بصوت عال ، وكأنه يريد أن يسمعه : انت مش عارفه ، ده ياسر ، طالب فى كلية الاعلام ، ابن عمك فتحى رزق . قلت: ده أستاذ موهوب .


منذ ذلك اليوم بدأت بينى وبين ياسر رزق علاقة الحب والصداقة التى استمرت حتى الآن . سافرت بعد تلك الواقعة إلى الخارج لمدة ثمانى سنوات ، وكنت أتابع بزوغ نجم ياسر رزق ، سواء فى القسم العسكرى أو متابعة أخبار رئاسة الجمهورية . وكنت على يقين أن هذا الصحفى الموهوب سيكون يوما ما رئيسا لتحرير الأخبار . وهو ماحدث فعلا . 


كتبت مقالا فى زاويتى بالأخبار بعنوان « الموهوب « أثناء رحيل ياسر رزق إلى المصرى اليوم . استعرضت فيه بعض ملامح موهبته الفذة فى الكتابة والصحافة . وما إن عاد إلى أخبار اليوم فى ولايته الثانية ، وكنت أتولى الإشراف على التحقيقات الصحفية ، عقد اجتماعا لمديرى التحرير . وتحدث البعض بشيء من السلبية عن الفترة السابقة وحاولوا الإيحاء بانتماء رئيس التحرير السابق محمد حسن البنا لجماعة الإخوان .

فبادرت بحكم معرفتى القوية والوثيقة بالبنا ، لرد غيبته والدفاع عنه . وقلت لياسر بالحرف الواحد : أقسم لك إن البنا مثلى ومثلك وأصحاب الأصول الريفية مجرد شخص ملتزم ، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بجماعة الإخوان وأفكارها . ابتسم ياسر رزق وقال بعيون لامعة مصدقة ووجه بشوش : تعرف ياعاطف ، أنا بحبك جدا جدا جدا . شكرته على مشاعره . 


طلبنى ياسر رزق بعد الاجتماع لعرض مالدىّ من تحقيقات صحفية جاهزة للنشر . أثنى خلال اجتماعى معه على عملى ومايقدمه أعضاء القسم من تحقيقات متميزة ، وطالب بمواصلة الجهود باعتبار التحقيقات والملفات الصحفية من أهم العناصر التى سيعتمد عليها فى التطوير الذى ينوى تنفيذه .واتفقنا أن أقوم بعرض أفكار التحقيقات والملفات عليه قبل عقد اجتماع القسم .

وأن أعرض عليه التحقيقات بعد تنفيذها . ووعدنى بكل الدعم والمساندة . وهو ماحدث فعلا . وأشهد الله إنه لم يرفض أى طلب مكافأة لزميل أو اعتماد مالى لإجراء مايلزم للتحقيقات الاستقصائية .


كانت عيونه تلمع إعجابا ، عندما يلحظ عنوانا صادما لأحد التحقيقات التى أعرضها عليه ..وكنت أندهش عندما يشير إلى خطأ مطبعى فى صفحة ما بالتحقيقات التى أعرضها عليه ، بينما يفر صفحات كل تحقيق سريعا . حيث كانت عيناه تكتشفان الخطأ بلمحة سريعة . 


وعندما أسند لى الكاتب الكبير خالد ميرى رئيس تحرير الأخبار الحالى مهمة المراجعة النهائية للبروفات . كنت أستمتع بمقال الكاتب الكبير ياسر رزق  الذى يشغل غالبا صفحة كاملة . لدرجة أننى كنت أعيد قراءة المقال عدة مرات ، وأستمتع بمفرداته الحلوة المنتقاة بعناية ، واهتمامه بالوصف البديع لتقريب أفكاره إلى قرائه ، ناهيك عن التحليل المستند لوقائع عاشها بنفسه ، وهو ماتجلى فى كتابه الرائع الأخير « سنوات الخماسين « الذى أعتبره وثيقة تاريخية لثورتى 25يناير و30يونيه وتوابعهما .رحمك الله ياصديقي بقدر ماقدمت لوطنك ومهنتك وما تميزت به من إنسانية رائعة  وقلم متفرد  . 
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة