إنتصار دردير
إنتصار دردير


صباح الفن

سيرة ياسر رزق

إنتصار دردير

الجمعة، 28 يناير 2022 - 04:42 م

لم تبارح صورته عينى منذ صدمنى خبر وفاته، نفس الصورة التى رأيته عليها للمرة الأولى بصالة تحرير الأخبار، كان يجلس فى تركيز شديد وسط ضجيج الصالة، منهمكاً فى مراجعة صفحات الجريدة، يشطب نصف العناوين، ويضع غيرها أكثر جاذبية وسلاسة، يجرى تعديلات على خبر، أو يضيف صورة، تلتقط عينه الأخطاء بمهارة، والسيجارة لا تفارقه، ينسى خلال وجوده فى الجورنال كل شئ حتى نفسه، ينخرط بمجرد دخوله مبنى أخبار اليوم فى عمل دائم، لا يلتقط أنفاسه إلا بعدما يراجع طبعات الجورنال ليعود إلى بيته فجراً بعد أن يطمئن أن كل شئ على ما يرام.

هكذا رأيته منذ كان صحفياً فى بداية مشواره، وظل على نفس الصورة حتى وهو رئيسا  لتحرير الصحيفة ورئيسا لمجلس إدارة أخبار اليوم، لم ينس فى ظل منصبه كونه صحفياً، كان يتجه أول ما يتجه إلى صالة التحرير، وقد ظل مخلصاً أشد الإخلاص لمهنة الصحافة، وتوسم فيه أساتذته الكبار الذين عمل معهم موهبته وكفاءته وعشقه لعمله، فأسندوا إليه أكبر المهام منذ التحق بالجريدة، عمل محرراً عسكرياً ومندوباً لرئاسة الجمهورية وطالما تصدرت عناوينه المانشيت الأول، وأثارت حواراته الجدل، وجاءت تحليلاته السياسية تحمل رؤية ثاقبة واعية، بأسلوب يكشف عن فهم وثقافة وحس وطنى وانتماء كبير لمصر.

قبل أيام، احتفى ياسر رزق بصدور كتابه الهام «سنوات الخماسين» الذى يطرح فيه رؤيته وشهادته على فترة من أخطر الفترات فى تاريخنا المعاصر، بدءاً من ثورة يناير وحتى ثورة يونيه التى أزاحت نظام الإخوان.

كان ياسر رزق فى كل ما تقلده من مناصب وما حققه من نجاحات، متواضعاً للغاية، يتمتع بإنسانية كبيرة، لذا لا عجب فى طوفان الحب الذي أحاطه حتى مثواه الأخير، وبرحيله يترك سيرة طيبة سيظل يتذكرها الجميع، لروح طاهرة عاشت داخل دهاليز الصحافة خادمة لوطنها ومقاتلة شرسة من أجل مصر .
أفنى ياسر رزق نحو40 عاماً من عمره فى بلاط السلطة الرابعة، وخاض منازلات صحفية من أجل نشر الوعى والتنوير، واستطاع بموهبته وتميزه أن يصبح واحدًا من أهم الصحفيين بمصر والوطن العربي.
يرحل الناس وتبقى آثارهم، وستظل سيرة ياسر رزق وآثاره مثالاً لصاحب القلم الحر والصحفى المخلص لمهنته والمحب لوطنه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة